لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب قيام دولة المرابطين: صفحة مشرقة من تاريخ المغرب في العصور الوسطى - حسن أحمد محمود pdf

كتاب قيام دولة المرابطين: صفحة مشرقة من تاريخ المغرب في العصور الوسطى ل الدكتور حسن أحمد محمود - أونلاين بصيغة إلكترونية online PDF







معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : قيام دولة المرابطين: صفحة مشرقة من تاريخ المغرب في العصور الوسطى.


مؤلف : حسن أحمد محمود.


عدد الصفحات: 504. 


حجم الملف: 10.64 ميجا بايت. 


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).


 



مقتطف من الكتاب :


"أثر قيام دولة المرابطين في الحياة الاقتصادية:


وقد تركت الأوضاع التي تمخضت عن قيام دولة المرابطين آثارا بارزة في الميدان الاقتصادي، ولانكون مغالين إذا قلنا إن الأحوال الاقتصادية في البلاد كانت أكثر تأثرا بالظروف التي أدت إلى قيام الدولة من أى ناحية أخرى من نواحى الحياة في المغرب فى القرن الخامس الهجرى وأوائل السادس فقد كان التوحيد بين السودان والمغرب والأندلس ذا نتائج بعيدة الأثر في تاريخ التجارة الداخلية والخارجية، فقد عرفنا كيف أن تجارة السودان كانت تمر بديار الملثمين، وكيف أن هؤلاء الملثمين كانوا يجنون من وراء هذه التجارة أرباحا ضخمة، حاولت القبائل الزناتية الضاربة في المغرب الأقصى والمسيطرة عليه أن تقتسم هذه الأرباح، وأن تأخذ نصيباً. من هذه التجارة الرابحة، لأن طرق القوافل كان لابد لها من أن تسلك المغرب الأقصى، إذا أرادت أن تبلغ الموانى الساحلية، وكانت زناتة تتحكم في هذه الطرق، وفي هذه التجارة المارة بالمغرب الأقصى، فكان ذلك من أسباب العداء العنيف الذي ثار بين صنهاجة الصحراء، وبين زناتة المغرب الأقصى، ذلك العداء الذي أدى إلى تدفق الملثمين صوب المغرب الأقصى، والاستيلاء عليه، وطرد الزناتيين إلى المغرب الأوسط، فكان معنى ذلك أن طريق المغرب الأقصى قد فتح أمام تجارة السودان على مصراعيه، وأصبحت القبائل الملثمة حرة طليقة، تستطيع أن تنقل متاجر السودان إلى موانى البحر الأبيض دون رقيب أو حسيب، وأن يشتد تدفق متاجر السودان إلى أسواق المغرب، وأن تقوم في هذه البلاد حركة تجارية نشيطة، وأن تتضاعف بذلك أرباح الملثمين ويعظم ثراؤهم.


ثم تدفق الملثمون إلى الأندلس على النحو الذي تقدم وتمخض ذلك كله عن فتح أسواق الأندلس أمام تجارة السودان كما فتحت أسواق المغرب من قبل، وأصبحت هذه التجارة تستطيع أن تتدفق إلى الأندلس كما طاب لها، تحميها الدولة وتشد أزرها مادامت بلاد الأندلس أصبحت خاضعة لحكومة مراكش، وغدت في الواقع مجرد ولاية من الولايات التابعة للمرابطين كما أن فتح أسواق الأندلس أمام تجارة السودان معناه تمهيد الطريق إلى أسواق أوروبا عن طريق مواني شرق الأندلس، إذ أصبح بمقدور السفن أن ترد موانى الشرق وأن تحمل من تجارة المغرب والسودان ما شاء لها أن تحمل.


وكان من أثر هذا النشاط الجم الذى تمتعت به التجارة في عهد المرابطين أن ظهرت في بلاد السودان والمغرب والأندلس أسواق ذات شهرة طبقت الآفاق، قصدها تجار العالم من كل صوب، فقد أصبحت سجلماسة مركزا من أهم مراكز التجارة عند أطراف الصحراء، قصدها التجار من البصرة والكوفة وبغداد، وكانت تجارتها تحمل إلى الشرق عن طريق موانى المغرب، أو تحمل عبر الطريق البرى المؤدى إلى إفريقيا كما برزت مدينة أو دغشت عند الطرف الجنوبي من الصحراء کسوق تجاری عظیم نافست سجلماسة في هذا المضمار، وحفلت بطائفة من التجار المياسير، وأصبحت تجارة مدينة نول لاتقل عن سجلماسة أو أودغشت، إذ أضحت سوقا تجارية عظيمة تمد أسواق المغرب بكثير من السلع الهامة، فقد كانت تشتهر بصناعة درق اللمط ونسيج الكتان ،والصوف ولعل مما يدل على أهمية هذه المدينة في ذلك العصر أنها أصبحت دارا لسك النقود بسبب وفرة التبر الذي تجلبه القوافل من بلاد السودان.


أما في بلاد الأندلس فقد نهضت مدينة المرية لتنافس أسواق المغرب في ميدان التجارة الدولية، قصدتها مراكب التجارة من الإسكندرية والشام، فلم يكن بالأندلس أكثر منها مالا، بل أصبحت في أيام الملثمين مدينة الإسلام)، حيث ازدهرت فيها صناعات الحرير وآلات النحاس والحديد، كما كانت فواكهها تحمل إلى بلاد إفريقية والمغرب.


ولعل مما ساعد على ازدهار التجارة الخارجية فى عهد المرابطين نمو البحرية المرابطية، وظهورها في ميدان الصراع الدولى حتى أصبحت تنافس جمهوريات إيطاليا، كما أصبحت تنافس النرمان واستطاع المرابطون بعد استيلائهم على موانى شرق الأندلس وجزر ميورقة ومنورقة أن يبسطوا حمايتهم على الحوض الغربي من البحر المتوسط، وقام أسطولهم بدور عظيم في تأمين تجارة المغرب الذاهبة إلى الأندلس، أو إلى الأسواق العالمية الأخرى، ذلك لأن البحرية القوية كان في مقدورها أن تعلن على القراصنة حربا ،شعواء، فكانت تؤمن الطرق البحرية وتسهر على حراستها.


وهنالك عامل آخر ساعد على نمو تجارة المغرب الأقصى وازدهارها، وهو أن بلاد إفريقية في ذلك العصر منيت بغارات عرب بني هلال الذين نشروا الرعب والفزع في البلاد وهددوا السبل، فأصبحت القوافل المسافرة بين السودان وبين موانئ البحر الأبيض المتوسط، لاتكاد تسلك سبيلا غير هذه السبيل التي تحف بالبحر المحيط، والتي تمر بديار جدالة ولمتونة فى طريقها إلى إقليم الريف. 


استطاعت الدولة بعد أن نجحت فى التوحيد بين أقاليم المغرب الأقصى أن تقر الأمن والسكينة فى ربوعه وأن تسهر على حماية الطرق، وتأمين المسالك، والضرب على يد العابثين بالأمن، فأمن التجار على أنفسهم، واطمأنوا، وأقبلوا بتجارتهم على أسواق البلاد فى طمأنينة وثقة، وخصوصا أن الحكومة الجديدة التي نهضت الحماية تراث الإسلام وبسط سلطان الدين بإحياء السنة القويمة، وبسط لواء العدل والقانون على الناس على سواء قد كسبت ثقة الناس في جميع البلاد، وعرف ملوكها بالأمانة والاستقامة والعدل، وإذا وثق التجار بحكومة بلد أقبلوا عليه لايخافون ،ظلما، ولا يخشون عدوانا.


وهنالك عامل آخر بعيد الأثر في تشجيع التجارة الداخلية على الخصوص، هو أن دولة المرابطين قد ألغت المكوس  التي كانت حكومات زناتة تفرضها على المتاجر التي تسلك أقاليم المغرب الأقصى، والتي أثقلت بها على الناس، حتى أدى ذلك إلى كساد سوق التجارة وانصرافها عن بلاد المغرب الأقصى ملتمسة موانى أخرى، وكانت الحال في بلاد الأندلس فى عهد ملوك الطوائف لاتكاد تختلف عنها في المغرب فى عهد دولة زناتة، ذلك أن ملوك الطوائف أثقلوا على الشعب، وفرضوا المكوس الجائرة على التجارة الداخلية حبا فى المال وحبا في الترف ، وإرضاء لنزواتهم الخاصة، وقد ألغى المرابطون هذه المكوس في المغرب والأندلس على سواء. وأصبح في مكنة التاجر أن يحمل تجارته من إقليم إلى آخر، لا يخشى إرهاقا ولا عسفا مادام يؤدى عن أرباحه ما يفرضه الدين من زكاة، فكان طبيعيا أن تؤدى هذه السياسة الحكيمة إلى التخفيف عن كاهل التجار وتشجيعهم على المغامرة والمخاطرة وارتياد الأسواق عن طيب خاطر، كما أن شيوع الاستقرار في البلاد، وانصراف الناس إلى الهدوء والطمأنينة والإنتاج قد رفع من المستوى المادي لأفراد الشعب، وليس من شك فى أن ارتفاع المستوى المادى للناس يمكنهم من أن يقبلوا على الشراء، وإذا كثر الإقبال على الشراء راجت التجارة فلا تتكدس في الأسواق.


ويبدو أن التجارة الدولية فى عهد المرابطين بلغت شأوا عظيما، وازداد إقبال أوروبا على تجارة المغرب وليس أدل على ذلك من شيوع الثقة بالدينار المرابطي، فطار ذكره في الآفاق في المغرب والأندلس والشرق وليس من شك أيضا في أن إقبال الناس على نقد الدولة إنما يدل على حسن ثقتهم بها، كما يدل كذلك علي ارتفاع قيمة هذه العملة بسبب كثرة المعاملات والتداول، حتى لقد قيل إن الدينار المرابطى وصل إلى القسطنطينية، وكاد أن يصبح عملة دولية، بل أصاب من الشهرة مثلما أصابه الفلورين عملة مدينة فلورنسا فيما بعد."


رابط تحميل الكتاب 


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب