تحميل مقال المصادر الغربية لتاريخ المغرب الحديث بصيغة إلكترونية بدف pdf
معلومات توثيقية
مقتطف من المقال
"إن الباحث في تاريخ المغرب الأقصى في العصر الحديث يلاحظ أنه يحظى بكم وافر من المصادر المحلية تفوق تلك التي كانت من نصيب الجزائر أو حتى تونس، ويبدو أن ذلك يعود إلى الظروف السياسية التي مر بها هذا البلد في العصر الحديث والتي تختلف تماما عن تلك التي كانت في بقية بلدان المغرب. ورغم أنه لم يدخل تحث عباءة العثمانيين، إلا أن علاقته مع الدول الأوربية لم تتميز كثيرا عن بقية جيرانه، فقد كان في أتون الصراع المرير بين الدول المغاربية ودول غرب أوروبا المسيحية. ورغم كل ذلك، فقد كتب عن المغرب الكثير من الأوربيين سواء كانوا تجارا،ديبلوماسيين، رحالة، أو حتى أسرى.
ولهذا فإن المصادر الغربية تعتبر من الوثائق التي لا بد من العودة إليها لكتابة تاريخ المغرب الحديث، ذلك أن كتابها عرفوا المنطقة وكتبوا عنها وتطرقوا إلى الكثير من النقاط لم يكتب عنها المؤرخون المحليون، ولكن رغم أهميتها إلا أن لها حدودا لا يمكن تجاوزها لأن لكل عصر ظروف وإلتزام.
إن الذين كتبوا في هذه الفترة كانوا جلهم رهبانا أو أسرى أو تجارا لم تخرج كتباتهم عن مضمون الآدب الملتزم. كما كانت كتاباتهم تحمل العداء الشديد للمغرب، ورغم هذا فإننا نعتبرها مفيدة جدا، ذلك أنها كانت تسلط الضوء على نقاط لا نجدها في المصادر المحلية، كروض القرطاس لإبن ابي زرع الفاسي، أو مناهل الفشتالي، أو تاريخ الدولة السعدية التكمدارتية. ومع ذلك فقد كانت هذه المصادر تدعوا بشكل صريح إلى محاولة القضاء على نشاط البحارة المغاربة، وإن المتصفح لهذه المصادر يجد كتابها يحملون نظرة مسبقة سلبية عن المغرب لا تخلو من التعصب الديني، والنظرة اللا موضوعية إلى القضايا المطروحة.
ويبدو أن أغلب مؤلفي تلك الكتب اتخذوا لها عناوين توهم تتضمن عروضا لأطوار تاريخ المغرب، ولا شك أن طائفة منهم استقوا خلال مدة إقامتهم بالمغرب معلوماتهم التاريخية عن المغرب إما بطريق السماع المباشر للشهادات والروايات الشعبية، وإما بنقل ما ورد في كتب من تقدمهم من الغربيين، ولم يشر أي منهم بأنه استفاد من مصادر محلية. بيد أن محتوى تلك المؤلفات ينم عن جهد كبير بدله هؤلاء، حيث لا يزال البعض منها يعد من المصادر المهمة لكل من يبحث في تاريخ المغرب.
امتازت فترة القرن السادس عشر بالصراع بين الإسلام والقوى المسيحية،. بالمواجهة بين دول المغرب ودول أوروبا المسيحية، كما امتازت هذه المرحلة بظهور تيار ديني متعصب والذي أثر على إيديولوجيات الآدب والكتابة التاريخية الغربية عموما. إضافة إلى أن الايديولوجيات التي ظهرت استمدت جذورها من الأحداث الصاخبة في الصراع بين الإسلام والمسيحية. فظهر التزام بضرورة مواجهة أوروبا للغزاة المغاربة، والقضاء على خطر الإسلام على المسيحية.
إن المغرب الأقصى قد أخذ حضه الوافر من المصادر التاريخية الغربية، مثلما هو الشأن مع المصادر المحلية، وهذا ما أماط اللثام عن كثير من المحطات الهامة في تاريخه الحديث. ورغم تنوع هذه المصادر وثراء مادتها إلا أن الباحث يجب أن ينتبه إلى أنها عن نظرة الاخر إلى المغرب. وإن كانت هذه المصادر تعتبر من الوثائق التي لا غنى عنها في التاريخ المغربي الحديث، إلا أنه يجب أن تؤخذ بعين بحذر ولا بد من مقارنتها بالمصادر المحلية لتحري المصداقية والمطابقة للواقع.
Lien de téléchargement en PDF
تعليقات
إرسال تعليق