القائمة الرئيسية

الصفحات

تحميل كتاب ثقافتنا في ضوء التاريخ pdf

تحميل كتاب ثقافتنا في ضوء التاريخ للأستاذ عبد الله العروي بصيغة إلكترونية بدف pdf


معلومات توثيقية

العنوان: ثقافتنا في ضوء التاريخ 
المؤلف: عبد الله العروي 
الناشر: المركز الثقافي العربي 
صيغة الكتاب :PDFelement 
عدد الصفحات: 240 ص

مقتطف من الكتاب

" لقد حاول العديد من المؤرخين أن يتجاوزا سرد الأحداث ليصلوا إلى تحديد الأسباب، منهم المسلمون القدماء ومنهم الغربيون ومنهم المؤرخيون الوطنيون المعاصرين... قد يكون من المفيد أن نتابع تلك التفسيرات رابطين كل تفسير بالظروف التي واكبته.

من الواضح أن مؤرخ الدولة الموحدية لا يرضى أن يكون قيامها نتيجة تفوق عسكري صرف، بل يريد أن يثبت أن انهيار الدولة المرابطية كان مكتوبا في تنظيماتها وسياستها. وكلك مؤرخ العهد الاستعماري يلح على أن المجال المغربي كان فارغا مفتوحا للتوسع الفرنسي لأن العرب أخفقوا في تأسيس دولة قوية الأركان.. لكل عهد نظرة إلى الماضي تتحكم فيه أغراض الحاكمين الجدد، فيمكن أن ندرس ما يقوله كل مؤرخ على الحقبة التي يدرسها لا بالنظر إلى وقائع تلك الحقبة بل أيضا إلى وقائع العهد الذي يعيش فيه المؤرخ ذاته. وهكذا يمكن ربط تعليلات المؤرخين بأعراضهم.

عندما نجمع عددا من الوثائق، بعضها مكتوب وبعضها مادي أثري، بعضها أدبي وبعضها إداري، بعضها يهم الفكر وبعضها يهم الأوضاع المعاشية، ثم عندما ينتهي كل متخصص من استغلال تلك الوثائق في دائرة اختصاصه، ماذا نفعل بها؟  هل نكتفي بجمعها وتلخيصها وترتيبها أم نحاول أن نخطوا خطوة أبعد من ذلك؟ يجمع الناس على أن عمل المؤرخ ليس عمل الإخباري  او الموثق. ينتظر الناس من المؤرخ شيئا اخر غير التحقيق والتلخيص والترتيب.  ما هو الشيئ الآخر؟

هنا نواجه حقيقة لا بد من تأكيدها. إن المؤرخين المرموقين يتجاوزون وصف مكتشفات الحفريات وتحقيق النقوش والرسائل والأشعار والأخبار،  بل يحاولون ربط بعضها ببعض ووضع كل حادثة في إطار عام يستطيع القارئ بمقتضاه أن يميز بين الحدث السابق والحدث الاحق، بين السبب والنتيجة، بين العام والخاص. اذا اقتنع القارئ بما يقرأ وتتابعت لديه الأحداث بكيفية منتظمة مرضية قال عن المؤلف : هذا مؤرخ حق تعدى الأخبار وتوصل إلى إبراز المنطق المتضمن فيها.

لنفترض أننا قرأنا كتاب يؤرخ لحقية من ماضي المغرب الأقصى، وراقنا تفسير المؤلف للأحداث تلك الحقبة،  ثم انتقلنا إلى كتاب يؤرخ لحقبة آخرى من تاريخ تونس.. كل شيئ مختلف، المحيط. الشخصيات. الأحداث. وإذا بنا نلاحظ أن المؤلف الثاني يلجأ إلى التعليلات التي قدمها لنا المؤلف الأول. لنفرض من جهة أننا تركنا موضوعا تاريخيا مدة طويلة تعددت أثناءها الاكتشافات الحفرية وتراكمت النقوش والنقود والتماثيل والوتائق المكتوبة، فكان من المنتظر أن تؤدي الوثائق المكتشفة الجديدة إلى تعليلات جديدة، فإذا بنا نلاحظ أن التعليلات بقيت على حالها. عندئد يحق لنا ان نتساءل هل هناك فعلا علاقة بين مجموعة الوثائق وبين الأفكار العامة التي تستغل لربط تلك الوثائق ببعضها البعض، اي بين الوثيقة والتعليل، أليس هناك أنماط تعليلية قليلة العدد، يلجأ إليها المؤرخون، ربما بكيفية آلية ليعطوا معنى للوثيقة المكتشفة ويربطوها بوتائق آخرى لتفسير أحداث منفردة؟ عندما نقرأ تلك التعليلات لأول مرة نحس بالانشراح كأن لغزا قد إنفك أمام أعيننا، ثم عندما نصادفها مرات ومرات وفي ظروف متباعدة يتداخلنا الشك في قيمتها وتبدو لنا وكأنها مفتاح يدور في كل فعل.

هذه ملاحظة نسوقها لأنها تدل على واقع. وليست بالضرورة شجبا للعمل التاريخي. إن عالم الطبيعة يفعل نفس الشيئ اذ أن القانون الطبيعي هو العلاقة العامة التي تربط بين وقائع طبيعية مختلفة المظهر. يفسر لنا الفيزيائي بقانون واحد سقوط المطر وحركة الباخرة. وكذلك في حياتنا اليومية إننا لا نغير كل يوم القواعد التي نؤول على أساسها حركات الناس. كل ابتسامة تدل لدينا على عاطفة ودية. لولا هذا التعميم الذي هو أساس الاستقرار النفسي والطمأنينة لما أمكن لنا أن نعيش يوما واحدا.

نقول إذن من البداية أن استعمال الأنماط التعليلية ضرورة لا مفر منها في عمل المؤرخ. يبقى فقط أن نتبين ضرورة الوعي بذلك الاستعمال ونناقش ماهية الأنماط المقبولة والانماط المرفوضة"

     Lien de téléchargement en PDF

تعليقات