القائمة الرئيسية

الصفحات

تحميل مقال، عبد الله العروي مؤرخ الباطن بصيغة إلكترونية بدف pdf



معلومات توثيقية 

العنوان : عبد الله العروي مؤرخ الباطن
المؤلف : عبد المجيد القدوري
المصدر : مجلة النهضة/ العدد 8

مقتطف من المقال

" المؤرخ في نظر العروي لا يعني ذلك الباحث الذي يجري وراء جمع الأخبار، ويعمل على الماضي ويسعى إلى المحافظة على الآثار الباقية، فإذا كان المؤرخ الباحث من هذا الصنف، فهو في نظر العروي خازن أو حافظ أو قيم. لذا ذهب العروي إلى اختلاف مصطلح خاص بهذا النوع من الباحثين، وهو مصطلح الأراخ الذي يجري وراء محاربة النسيان. ومن ثم، فالباحث الذي يتحرك في نظر العروي بدون وعي يكون مجرد وسيط، أو خبير بدون خبرة لأنه يتصرف في التاريخ باعتباره مادة دون أن ينفذ إلى ما هو أعمق.

يعتبر العروي التاريخ عملية معقدة تتم على مراحل، يحتل الأراخ على المرحلة الأولى، بينما ينادي العروي ويطالب من المؤرخ أن يكون صاحب نظر لأن التاريخ كما يتصوره مجاله الحرية، اذ على المؤرخ ان يربط التاريخ، أي الوقائع بالوعي ما دامت مادته هي الواقعة، أما عمله فينبني في جوهره على الوثيقة.

لقد ناقش العروي هذا النهج الساعي إلى بناء العملية التاريخية بهدف إبراز قناعاته الأساسية التي ترتهن بأن المؤرخ صاحب نظر باعتبار هذا البناء الذي يسعى إليه لا ينفصل عن الوعي التاريخي لا عند المؤرخ وحده، بل عند العموم كذلك، ومن هنا يستعمل مقولة سائدة في أوروبا والتي تميز بين وجود مجتمعات لها تاريخ واخرى لا تاريخ لها.

استنادا إلى هذا الادعاء المبني على تمايز المجتمعات في امتلاك التاريخ يصرح العروي قائلا: "لا الأمر بالتاريخ باعتباره وقائع، لأن هذه تحدث بدون انقطاع، ولكن يتعلق الأمر بوجود أو عدم وجود وعي تاريخي، وهذا بدوره يتعلق بذهنية العموم لا بانتاج المؤرخين المحترفين. " إن التسائل حول صناعة المؤرخ هي المساهمة في الوعي لا عند المؤرخ بل عند المواطن، وعن هذا الوعي نراه يتحدث عن أحداث الصخيرات 1971، اذ يقول تذكرني هذه الأحداث بما قاله الحجوي والمشرفي عند وصفهما الأحداث 1908، تعارض آنذاك بين أنصار فرنسا وبين أنصار  إنجلترا، واليوم يتواجه أصحاب فرنسا وأصحاب أمريكا، ماذا يقول كل فريق ماذا يقرر المعني بالأمر؟ هكذا تجري الأمور في الماضي والقريب تجري في قصبة او قصر أو في ساحة فاصلة بينهما، ويبقى المسجد والزاوية والسوق، الكل في صمت وترقب  يخمن ويتوقع ويبارك.

يتميز عبد الله العروي في أعماله بين التاريخ العام والتاريخ المحفوظ. إن التاريخ العام هو مجموع الأحوال التي عرفها الكون إلى حدود اللحظة المعاشة، وأما التاريخ المحفوظ فهو عند العروي مجموع ما استطاع المؤرخ أن يكشف  عند إلى حدود اللحظة المعاشة، إن الفرق بين الاثنين يظهر في أن التاريخ الكوني يكون محفوظا في وعي لا بشري طبعا، إلا أنه يكون في متناول البشر اذا ماتم اسكتشافه. ومن هذا المنطلق يكون التاريخ كونيا في مضمونه وبشريا وفي حفظه. بغرض مقاربة هذا المقصد نرى عبد الله العروي يركز اهتمامه على مفهوم التاريخ الذي هو الماضي الحاضر،  اذ يكون حاضرا بشواهده، أي بكل الآتار الموروثة عن الماضي والتي ما تزال قائمة. بالرغم  من ذلك فالتاريخ يكون حاضرا وبشكل مبني في ذهن المؤرخ.

انطلاقا من هذا المسعى يقول العروي أن المعرفة التاريخية تكون دائما نسبية، لأنها تكون مشيدة بإرادة المؤرخ، ومن ثم فإنها تستجيب غالبا لمتطلبات الوضع القائم مادام المؤرخ لا يستطيع مهما فعل أن يتدرج من عصره لهذا يحاول أن يجيب عن أسئلة راهنة. وهذا يعني في نظر العروي أن الماضي التاريخ عالم الذهني، ليبقى موضوع التاريخ هو الماضي الحاضر، أي التاريخ المحفوظ ولعل مفهوم الايستحضار هذا مفهوم حياتي ومنهجي في آن واحد.

             Lien de téléchargement en PDF


تعليقات