تحميل رواية اليتيم لعبد الله العروي بصغة بدف pdf
معلومات عن الكتاب
العنوان : اليتيم ( رواية)
المؤلف : عبد الله العروي
الناشر: المركز الثقافي العربي
عدد الصفحات : 177 ص
مقتطف من الكتاب
" الميادين في البيضاء قليلة أو قل منعدمة، لهذا ساكن البيضاء غير مرتبط بمدينته، الميدان عالم مقفل مثل مراح الدار والبيضاء مدينة مفتوحة على مستقبل غير متناهي. في هذا اليوم المظلم، وفي هذا المقهى الفارغ، أطل على شارع صامت وأتنكر لمدينة المستقبل، آسف لانعدام الميادين فيها . الميدان الوحيد الذي يستحق هذا الاسم أمام مقهى القدح. هناك توقفت علية يوما من أيام نونبر لتكلمني عن حياتها البائسة ثم قطعت زقاق ابن دحان، قائد الصديقية السباق، مرت أمام عمارة الفوكس، اجتزت شارع الصديقية وتابعت السور لتصل إلى دكانها في باب مراكش حيث تبيع العقد والصدف والخيوط. علية إسم رن في أذني لسنوات وسنوات قبل أن يحل في شخص امرأة شاحبة ملتفعة بمعطف مدادي، سمعت وانا طفل العب في صابة، أن الجارة الساكنة في الطابق الأول تدعى علية، وسمعت وانا طالب أن شاعرا أمريكيا ألف دراما في شأن فتاة تمشي فوق الرمال الذهبية على شاطئ المحيط الهادي وتدعى علية، ثم بعد سنوات تتقدم إمرأة صفراء لتقول لي : انا علية وتفهمني أن اسمها كان منبع الاشواق الدافئة.
كنت إذا مررت في الدرب على دار بابها مفروق، وطرحة خبز فوق العتبة، أخذتها وعيني مشدود إلى الأرض، فلم أر قط وجه علية الساكنة في قاع الدرب، المشهورة بمهارتها في الطبخ والطرز وتفصيل الملابس. أما زوجها أصفر البشرة، أمرد، مستطيل الوجه زجاجي المقلة. كان يصلح الساعات وينفق على دارين، سطح الأول يطل على الثانية. من يدري؟ لعل علية كانت تصرخ لأن زوجها تغيب طويلا وتركها وحدها بلا أنيس. لكن الجميع فهموا انها تحتج على هجران الفراش... الشيطانة ما تشبع، نسيت علية الثانية كما نسيت علية الأولى ولم يخطر على بالي أن تكون علاقة بينهما، وأثناء المدة التي نسيت فيها علية رافقت فتاة متقاربة العينين، بين حاجيبيها عرق باد يزيد من حدة نظراتها. قابلتها مرارا في مقاه مختلفة، ذات الطويلات الخشبية المربعة الوسخة وذات مقاعد المدورة الصقيلة الملونة.
حكيت قصة أميلي لتلك الفتاة التي كانت أقرب إلى علية لأني تخوفت من قدرتها على التلذذ بكل خيرات الدنيا، من عيناها الفاحصتين، لو حدثثها عن علية لفهمت حالا كيف ترتدي شالها الأصفر وتسطو على ذاكرتي وتقيدني يقيد لا ينفك الا بإرادتها هي. فهمت تلك الحقيقة بعد أن تجولت في أقطار الدنيا وفكرت مليا في أمري. "
Lien de Téléchargement en Pdf