تحميل كتاب الإمام إدريس مؤسس الدولة المغربية بصيغة بي دي ايف PDF
معلومات عن الكتاب
العنوان : الإمام إدريس مؤسس الدولة المغربية
مجموعة من المؤلفين
الناشر : الجمعية المغربية للتضامن الإسلامي
عدد الصفحات : 122 ص
مقتطف من الكتاب
" لا شك أن دخول المولى إدريس بن عبد الله الكامل إلى المغرب سنة 169 هجرية وتأسيسه فيه بعد ثلاث سنوات لأول دولة مستقلة يعد ثاني حدث مهم في تاريخه الإسلامي، فإذا كان الفاتحون المسلمون الأولون حملوا إليه الإسلام في القرن الأول للهجرة فإن إدريس الأول هو الذي مكن فيه للدين الحنيف بعد ذلك بقرن، ووضع اللبنات الأولى في صرحه السياسي والثقافي والاجتماعي المتميز والمختلف تمام الاختلاف عن الصروح بل عن الصبغات التي اصطبغ بها قبل مجيئ الإسلام والتي لم تثبت على مر الزمان.
وتتجلى عبقرية الإمام إدريس في كونه اضطلع بهذا العبئ الذي ينوء بالعصبة أولي القوة وهو فريد وحيد، بل شريد طريد دخل المغرب فارا من ملاحقة أبناء عمه العباس الذي كانوا يرتابون في أبناء جده علي ولا يطيقون العيش معهم في مكان، ليس له من ظهير الا فتاه رشيد، لكن على وحدته وقلة ذات يده وعدم الاستظهار باية نحلة دينية أو الاعتماد على أي عصبية قبلية أمكنه أن يكسب ثقة رؤساء البربر به ويتزوج إحدى كريماتهم ويضمن التفاف جموعهم عليه، فأنشأ بهم ملكا رحب الأطراف متسع الأكناف، يمتد من المحيط الأطلنطي إلى وادي شلف بقلب المغرب الأوسط، ومن البحر الأبيض المتوسط إلى مشارف الصحراء، ولو طال أمد حكمه ولم يمد إليه خصومه يد الغدر لبلغت دعوته وشمل حكمه الشرق والغرب، ولانحسرت عظمة بغداد وازدهرت في المغرب بغداد أخرى عظيمة.
ولا تنحصر الاء الإمام إدريس رضي الله عنه وأفضاله على الأمة المغربية في كونه أنشأ لها كيانا مستقلا وأقام بها دولة غارت منها الخلافة المشرقية وخشيت ان تنتزع منها زمام الحكم في أقطار أخرى قريبة من مقر سلطتها، بل تتعدى الائه وأفضاله المجال السياسي إلى مجالات أخرى، فهو الذي تمم ما بدأه الفاتحون الأولون من نشر الإسلام وإبلاغ دعوته إلى القرى المنعزلة في فنن الجبال، والحلل النائية في تخوم الصحراء، فالسنوات الخمس الذي قضاها في الحكم أمضاها متنقلا بجيشه بين القبائل داعيا إلى الله مبشرا بدينه القويم منبئا للمساجد التي تقام فيها الصلوات ويجتمع فيها المسلمون لتلاوة كتاب الله وتفقه في احكامه كمسجد حي اجدير بتلمسان التي لا تزال صومعته ماثلة حتى الآن للعيان، كما أن الإمام إدريس هو الذي وضع الأسس الأولى لثقافة المغرب العربية كما تدل على ذلك مخاطباته البليغة الصادرة عن ديوانه الذي لم يكن يستعمل الا العربية، وهو الذي مرج البحرين : العربي والبربري عن طريق التصاهر بين قومه الأصليين الذين وفدت منهم عليه وعلى ابنه وفود، وبين قومه الآخرين الذي عززوه ونصروه واتبعوا الحق الذي جاء يبشر به ويدعوا إليه، فنشأ عن امتزاج الامشاخ جيل قوي صلب جديد.
Lien de téléchargement en PDF