تحميل مقال الديموغرافيا التاريخية ملاحظات على ضوء كتب الأنساب للأستاذ محمد حبيدة بصيغة إلكترونية بدف pdf
معلومات توثيقية
مقتطف من المقال
" الحديث عن الديموغرافيا التاريخية في المغرب كإجرائية كمية أمر صعب جدا، فغياب التأطير الإداري في مغرب ما قبل الحماية، وخصوصا قبل ترتيبات نهاية القرن 19، جعله يفتقد لسجلات الولادات والوفايات، وسجلات الجبايات، وهي بالتحديد المستندات التي مكنت الأوروبين من إعادة بناء تاريخهم الديموغرافي على نحو كمي هائل، عبر سلسلة من البيانات والجداول والقوائم. فأغلب الدراسات، في المغرب سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي، اصطدمت بمشاكل الأرشيف. فقد اضطرت لتنهل من اللوحات الجغرافية التي رسمها الوزان، من شهادات الاخباريين، من ملاحظات الأوروبين.
فهل لدينا القدرة للخروج عن هذه القاعدة، هل توجد إمكانات مصدرية أخرى. في كتابه الساكنة القروية في المغرب يقول دانيال نوان الذي خصص فصلا كاملا للجانب التاريخي استنادا إلى النصوص الاوروبية : "من غير المستحيل أن تحتوي الوتائق المغربية المغمورة على مفاجئات. " والواقع أن عددا من الإشارات تقدم بعض الارهاصات في هذا للاتجاه، في التأليف الجينالوجي الذي وضعه أحمد بن خالد الناصري عام 1891 تحث عنوان طلعة المشتري في النسب الجعفري استرعت انتباهنا العبارة التالية" وكان الشيخ رضي الله عنه في إشارة الى شيخ الزاوية الناصرية ومؤسسها ، اذ ولد له مولود، ذكر كان أو أنثى، قيد تاريخ ولادته وذكر إسمه واسم أمه."
ونتوفر على اشارات أخرى. لقد ورد في كتاب محمد العربي بن الطيب القادري ما يلي " ولدت لي بنية سميتها فاطمة قبيل الجمعة 24 صفر 1087ه ثم ولدت لي بنية أخرى سميتها الطاهرة يوم 6 ذي القعدة عام 1091 ه ثم ولدت لي بنية أخرى سميتها رقية يوم 17 جمادى الأولى عام 1093 ه". وفي رحلة الوافد، نسجل أيضا فقرة هامة، يقول عبد الله بن إبراهيم التاسفتي وهو يحيل على تاريخ ميلاد والده :" ولادته على ما وقفت عليه مقيدا بخط جدنا سيدي محمد بن عبد الرحمن نصه زاد عندنا المولود المبارك السعيد بجاه النبي عليه الصلاة والسلام ابراهيم بن محمد عشية يوم الأحد الوافي عشرين يوما من الشهر المعظم رمضان 1070ه."
هل كان هذا التقييد أمرا مألوفا؟ وفي أي نطاق كان يثم؟ هل كان يثم في نطاق العائلة فقط أم أيضا في نطاق آخر، لماذا لم يكن يتم في نطاق المدينة والدوار والمداشر تحث إمرة القاضي والقايد والشيخ ليمنح لنا سجلات منسقة ومنتظمة تؤطر البشر وتضبط أسمائهم وأنسابهم، وتواريخ ميلادهم ووفاتهم، زواجهم وطلاقهم، بعض النظر عن الإطار الاجتماعي أو الديني أو المعنوي؟ يبدوا أن القلم ظل حكرا على العائلة، على الأوساط ذات الصلة بالجاه والصلاح والشرف. ذلك ما يفسر، أصلا، وجود كتب التراجم والمناقب والأنساب. أما عامة الناس فقد ظلوا ربما بحكم اسلوب معاشهم على هامش التدوين. ففي البوادي حيث كانت تعيش أغلبية السكان كانت الحياة تحث الخيمة كما يرى مارسيل ليسن، غير ملائمة لحفظ الوثائق المكتوبة، وعليه يكون من الصعب جدا تناول الديموغرافيا التاريخية في المغرب على النحو الذي عولجت به في أوروبا، استنادا إلى الأرشيف الكنيسي وسيرا على نهج التحليل الكمي المجهري. "
Lien de téléchargement en PDF
