تحميل كتاب حياة ابن خلدون ومثل من فلسفته الاجتماعية بصيغة إلكترونية بدف pdf
معلومات توثيقية
مقتطف من الكتاب
" نشأ ابن خلدون وكانت رياض العلم في مدينة تونس زاهية، وسوق الآدب نافقة، فاستظهر بالقرآن، وتلقى فن الآدب عن والده ثم أقبل ثمار العلوم بشغف، ويتردد على مجالسة العلماء الراسخين مثل قاضي القضاة محمد بن عبد السلام، والرئيس أبي محمد الحضرمي، والعلامة الابلي. ولم يكد يستفوي سن العشرين حتى تجلت عبقريته، واستدعاه أبو محمد بن تافركين المستبد وقتئد إلى كتابة العلامة عن السلطان أبي إسحاق وهي الحمد لله والشكر نكتب بالقلم الغليظ ما بين البسملة وما بعدها من مخاطبة أو مرسوم وهذا مبدأ دخول ابن خلدون في حياته السياسية.
تولى هذا العمل وهو يطوي ضميره على الرحلة من إفريقية لوحشة أثارها فب نفسه ذهاب معظم شيوخه، وانطواء مجالس كانت أنهار علومها دافقة، وقطوف آدابها دانية، ويمكنك من هاهنا أن تعرف لابن خلدون وهو في شرخ شبابه مبدأ من مبادئ الفطرة السليمة، والهمة الشامخة، وهو الاستخفاف بالمقام الوجيه، وإيثار ما فيه كمال نفسي ولذة روحية على مظاهر الأبهة ومواطن الراحة والنعيم.
لبث إبن خلدون بعد تقليده رسم العلامة أمدا غير بعيد حتى أمكنته الفرصة من أمنيته، وغادر تونس سنة 753 إلى قفصة تم إلى بسكرة ونزل فيها ضيفا مكرما لدى صاحبها يوسف بن مزني. ثم خرج منها قاصدا السلطان ابي عنان وهو يومئد بتلمسان، فلقيه على الطريق ابن أبي عمرو صاحب بجايا آبيا من تلمسان، فصرفه عن قصد ابي عن، وحمله على المسير معه إلى بجابية ليغتبط بصحبته، وتزدهي بمثل إبن خلدون أيام دولته
لم يكد ابن خلدون يقضي في كنف صاحب بجاية برهة حتى طار صيته، وعبق ذكره في حضرة السلطان أبي عنان، وقد جعل هذا السلطان بعد عودته إلى فاس يؤلف من جلة العلماء مجلسا حافلا، فاستدعاه من بحاية سنة 700هجرية فأكمل به نظام مجلسه العلمي، واختاره للكتابة والتوقيع بين يديه. قال ابن خلدون فتحملت هذا العمل على كره مني، إذ كنت لم أعهد مثله لسلفي.
حظي ابن خلدون لدى ابي عنان وإرتقى في دولته مكانا عليا، فأخذ حر الحسد يلفح قلوب بعض منافسيه، فأخذوا يبنون له المكاييد، وينصبون له شرك السعاية، حتى استطاعوا أن يدخلوا إلى إفساد قلب السلطان عليه من باب السياسة إذ راموه بالدخول في مؤامرة مع الأمير محمد صاحب بجاية. ولتهمة الإئتمار على نقض الشيئ بما تبنيه يد الدولة سهام لا تكاد تخسأ، إذ لم تصب المقاتل أوهت العظم وقلقلت الحشا وسلبت الأجفان نومتها الهادئة. "
Lien de téléchargement en PDF