القائمة الرئيسية

الصفحات

تحميل كتاب المتوسط والعالم المتوسطي pdf

تحميل كتاب المتوسط والعالم المتوسطي، لفرنان بروديل بصيغة إلكترونية بدف pdf


معلومات توثيقية

العنوان: المتوسط والعالم المتوسطي
المؤلف: فرنان بروديل
تعريب : مروان أبي سمرا
الناشر : دار المنتخب العربي للدراسات التاريخية
صيغة الكتاب : pdf
عدد الصفحات: 161ص

مقتطف من الكتاب

" حين بدأ فرنان بروديل في عام 1923 في إعداد أطروحة جامعية لم يكن يعلم أنه سيمضي ما ينف عن عشرين سنة في إعدادها، كان موضوع الاطروحة التي نال موافقة أساتذته أنذك هو سياسة ملك إسبانيا فليب الثاني في النصف الثاني من القرن السادس عشر ، فأدرجوه في خانة التأريخ الدبلوماسي الذي لم يكن يبالي بالوقائع الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية ولا بالديانات ولا بالحضارات والآداب والفنون، بحسب إشارة بروديل نفسه في مقدمته للمتوسط. فقيام بدراسة سياسة فيليب الثاني وتفسيرها كان ينصبان على تحديد المسؤوليات والأدوار الرئيسية والثانوية للملك ومستشاريه في صياغة تلك السياسة وتقريرها، تمهيدا لرسم لوحة عامة للسياسة الإسبانية التي لم يكن المتوسط إلا وجها ثانويا من وجوهها، لكن بروديل وجد نفسه شيئا فشيئا يتجه وجهة أخرى في بحته، فحين تنبه إلى أن الإمبراطورية الإسبانية المترامية الأرجاء قد اتجهت في التمانينات من القرن السادس عشر دفعة واحدة وبحركة جارفة من المتوسط إلى الأطلسي، اتجه إلى البحث عن الفيزياء العميقة للسياسة الإسبانية متسائلا عما اذا لم تكن هذه الحركة تشي بوجود تاريخ عميق يتخطى حقل المسؤوليات الفردية، أي عن تاريخ لا واع لم يكن الملك الاسباني أكثر من صنيعته وأسيره، ثم لم يلبث هذا التساؤل أن قاده إلى تساؤل آخر : أليس للمتوسط تاريخه الخاص وحياته وقدره الفريدان؟

في أثناء سيره قدما لإجابة عن هذين السؤالين اكتشف بروديل أنه يسير في اتجاه قطيعة مع المقاربة التاريخية التي كانت سائدة في النصف الأول من هذا القرن. فالانتقال من تتبع سياسة فيليب الثاني المتوسطية إلى البحث في الأصول الفيزيائية العميقة لتلك السياسة لم يكن مجرد استبدال الموضوع بآخر، بقدر ماكان يحمل على التحرر من قيود التأريخ التقليدي وعلى إرساء أسس جديدة للبحث التاريخي. هذا فضلا عن أن ذلك الانتقال فتح أمام نظرة المؤرخ أفقا كان مغفلا على نحو تام قبله. لماذا لا تتصدى المعرفة التاريخية لدراسة حيز بحري؟ هذا السؤال الأخير حمل بروديل على الشروع في تلمس شخصية متوسطية شديدة التركيب والتعقيد وتتداخل فيها حياة اليابسة بحياة البحر التي هي من القوة بحيث كانت تجذب اليابسة إليها وتتيح انتقال البشر وتبادل السلع وتداخل الحضارات وتمازجها، على نحو لا يمكن معه الفصل بين تاريخ البحر وتاريخ اليابسة التي تحتضنه. هكذا يمكن للمؤرخ أن يكشف عن الفيزياء العميقة للتاريخ الذي يرينا فينيقيا في شمال إفريقيا وإسبانيا ورما في لبنان واليونان في مصر والإسلام في كل من الأندلس والبلقان... فالمتوسط التاريخ، أي متوسط بروديل ليس متوسط الجغرافيين أو الجيولوجيين، ولا يمكن استشراف حدوده المتحركة المتهاوجة ولا السيرورات التي تعتمل فيه من دون إعادة رسم النسيج الفني والمعقد من العلائق التي تجمع الزمان إلى المكان إلى التاريخ، أي من دون بناء فلسفة جديدة للتاريخ.

كان التخلي عن افتراض قطيعة بين الماضي والحاضر القاعدة الأساس التي أرسى عليها بروديل فلسفته الجديدة، فالتأريخ التقليدي بافتراضه هذه القطيعة، كان يصبوا إلى بعث الماضي وإحيائه. وما كان يستحوذ على اهتمام المؤرخ مما فات وإنقضى هو ما يتغير ويتبدل، أي الأحداث الفريدة أو المفارقة التي كان يتم إدراجها في سلسلة متعاقبة ومتتالية، وفي مجرى زمني خيطي يسير قدما في اتجاه واحد ووحيد، والحقيقة أن ما كان هذا السرد الحدثي ينتزعه من لجة الماضي وظلامه هو الحياة السياسية التي كانت تدور في أورقة ولم يكن الفعل فيها يتخطى الأفراد من حكام وزعماء وملوك.

             Lien de téléchargement en PDF

تعليقات