لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الأنثروبولوجيا التاريخية : الأسس والمجالات في ضوء مدرسة الحوليات الفرنسية - جعفر نجم نصر

 الأنثروبولوجيا التاريخية : الأسس والمجالات في ضوء مدرسة الحوليات الفرنسية - جعفر نجم نصر







معلومات عن الكتاب :


عنوان الكتاب : الأنثروبولوجيا التاريخية : الأسس والمجالات في ضوء مدرسة الحوليات الفرنسية .


المؤلف : نجم نصر، جعفر


دار النشر : مؤسسة الانتشار العربي


السنة : 2013.





مقتطف من الكتاب :


"الأنثروبولوجيا التاريخية ومرحلة التأسيس


أولاً: عصر الحوليات / والتاريخ الجديد:


لقد مرت الدراسات التاريخية بثورتين منهجيتين : الأولى بعد عام 1870 حيث تميّزت بظهور الوضعانية المتأثرة بالمنهجيات الألمانية في حقل التأليف التاريخي. ودشنت هذه المرحلة بتأسيس المجلة الألمانية 1876 التي توجت بإصدار كتاب : المدخل للدراسات التاريخية للأنغلوا وسينيويوس. والثانية قام بها L.FEBVRE لوسیان فافر و M.BLOCH ومارك بلوخ عندما عينا في جامعة

ستراسبورغ 1919 بعد استردادهما من الألمان، وتوجت بتأسيس مجلة الحوليات 1929 فهنالك إجماع بين المؤرخين على أن هذين الأخيرين يعزى لهما الفضل في وضع لبنات وقواعد التأسيس لما سُمي بـ (التاريخ الجديد عبر تأسیس نموذج في الكتابة والبحث التاريخيين، الذي شكل حلقة أساسية بل مركزية ضمن النسق الأسطوغرافي الفرنسي، الذي يعطي الأولوية والأهمية للبنيات الاقتصادية والاجتماعية التي ظلت سجينة الإهمال والتهميش. ولقد تجسّدت مكونات هذا الطرح في افتتاحية العدد الأول من المجلة والتي سطرت مجموعة من الأهداف : القضاء على عقلية التخصص، وتسهيل وحدة العلوم الإنسانية، الاهتمام بقضايا أساسية وجديدة تمس التاريخ السوسيو - اقتصادي، والديموغرافي، والذهني، إفراز أسلوب جديد في طرح الإشكاليات التاريخية وتصور جديد لزمن التاريخ الانتقال من مرحلة المجادلات النظرية التي ميزت التركيب» إلى مرحلة الإنجازات «التفكيك».


ولقد كان للتاريخ الجديد تقاليد خاصة به، وهي التقاليد التي أرساها مؤسسو مجلة حوليات التاريخ الاقتصادي والاجتماعي عندما بعث لوسيان فافر ومارك بلوخ مجلة : الحوليات في ستراسبورغ سنة 1929، وهي إحياء مع بعض التعديل لمشروع قديم للوسيان فافر يهدف إلى تأسيس مجلة عالمية للتاريخ الاقتصادي، كانت دوافعها متعددة أولها : هو إخراج التاريخ من بؤرة العادات القديمة، وخاصة تحريره من انغلاقه على ذاته، وهو ما عبر عنه لوسيان فافر سنة 1932 بـ إسقاط الجدران العازلة التي تجاوزها الزمن وأكداس المسبقات التي تعود إلى عصر بابل من الملل والأخطاء في التصور والتفهم). ثانيها : هو الرغبة في التأكيد على اتجاهين مجددين مضمنين في صفتين لعنوان المجلة : التاريخ الاقتصادي» و«الاجتماعي»، فبالصفة الأولى الاقتصادي» كان القصد هو دفع البحث التاريخي في مجال يكون مغيبا كليا من طرف التاريخ التقليدي.


أما الصفة الثانية (الاجتماعي)؛ فلقد أغراهما هذا الجانب بطابعه الفضفاض الذي يسمح بالحديث في كل شيء، لأن الهدف هو تحطيم الجدران العازلة والقضاء على الفرقة التي تقصي التاريخ عن العلوم الشبيهة، وخاصة علم الاجتماع، وقد وجد مارك بلوخ ولوسيان فافر، تحت مظلة الاجتماعي»، الإلهام اللامحدود الذي تجلى بصيغ تنظيمية

عدة عبرت عن عمق اهتمامها المفرط بالجانب الاجتماعي.


ويرى جاك لوغوف والذي يُعد أحد أعمدة ما يسمى بـ«التاريخ الجديد : تبدو عبارة التاريخ الجديد» في حد ذاتها مهينة لدى الكثيرين لأنهم يعتقدون أن هذا التصنيف يتضمن إلغاء لـ «التاريخ كما كتبه السلف وتعتيما عليه. لاشك في أن هناك تجديدا في الكتابة التاريخية في القرن العشرين، ولا ينحصر هذا التجديد في مجلة أو جماعة أو في مؤرخين من جنسية دون غيرها. فقد استفاد رواد التاريخ الجديد من أسلافهم الذين كان بعضهم لامعا وغير منتظر، وأنا مصرّ على التنويه بفضلهم إن هؤلاء، حتى وإن لم يكونوا بالضرورة مجددين، فقد ساهموا بدورهم في استنباط المناهج والتقنيات، وفي تركيز أسس الكتابة التاريخية ونشر المصادر، وهي  أعمال من دونها لا يكون هناك تاريخ جديد.


وبشكل عام يمكن تحديد أعمال المؤرخين الجدد في ظل مدرسة الحوليات على النحو الذي أوجزه الباحث كريستوف فولف :


أولاً: التوجه إلى المشاكل والتاريخ التحليلي بدل القص التقليدي للأحداث.


ثانيًا: تاريخ عمل الإنسان بكل سعته بدل تاريخ سياسي أولي.


ثالثًا : ولتحقيق هذين الهدفين: العمل الجماعي بالاشتراك مع الفنون الأخرى مثل الجغرافيا وعلم الاجتماع وعلم النفس والاقتصاد واللسانيات وعلم اجتماع السلالات الخ).


بشكل عام نظر الثنائي لوسيان فافر ومارك بلوخ إلى الكتابة التاريخية على أنها طرح للمشكلات الكبرى للإنسان في سياق الزمن التاريخي الطويل، وذلك بنية إخراج الكتابة التاريخية من نمطية الحدث السياسي والوقائع الضيقة حيث لم يهتم المؤرخون سوى بكل ما له ارتباط بالأحداث العسكرية من حروب ومعارك وتواريخ قـيـام الـدول وسقوطها، دون الالتفات إلى الإنسان العادي وتاريخه العام على كل الصعد.


وعودًا على الفوارق بين التاريخ التقليدي والتاريخ الجديد والذي يعد مفصلا أو جانبًا يجب أن يولى أهمية كبرى، لأن على أساس هذه الفوارق بين التاريخين سيتضح لنا فيما بعد الصلات الجوهرية التي قامت بين التاريخ والأنثروبولوجيا في ظل التاريخ الجديد ومدرسة الحوليات التي احتضنته.


فلقد اهتم التاريخ التقليدي تقريبا وبصورة خاصة بالأفراد، وبالفئات العليا من المجتمع، وبنخبه (الملوك ورجال الدولة وقادة الثورات وبالوقائع الحروب والثورات) وبالمؤسسات السياسية والاقتصادية والدينية التي تهيمن عليها النخب وعلى عكس ذلك، يهتم التاريخ الاجتماعي (التاريخ (الجديد بالكتل الاجتماعية التي بقيت على هامش السلطة وأولئك الذين يقاسونها؛ وبعبارة أخرى لقد وضحت مدرسة الحوليات الانتقادات الأساسية أو الرئيسة التي هاجمت في ضوئها المدرسة التاريخية التقليدية والتي يمكن إيرادها على النحو الآتي:


أولاً: كانت الهجومات الموجهة ضد المدرسة التاريخانية تؤاخذها على الخاصية السياسية الضيقة لبحوثها . فلقد عرفت الحوليات نفسها على أنها مناهضة للتاريخ السياسي. فقد اقترحت توسيع حقل التاريخ الذي بعد مغادرة أرض السياسة، يحمل اهتمامات المؤرخين نحو آفاق أخرى كالطبيعة والمشاهد والسكان والديموغرافيا والمبادلات والعادات إذ بهذه الصورة تكوّنت أنثروبولوجيا مادية وتحدد مفهوم المادية التاريخية. فمع هذا المفهوم للمادية الذي أصبح مركزيًّا، حدث تحول في مصادر المؤرخ الذي لم يعد قادرًا على الاكتفاء بتأويل الوثائق المكتوبة التي تنتجها الدوائر السياسية، وجب عليه أن ينوّع في وثائقه ومناهجه باعتماد الإحصائيات والديموغرافيا والألسنية وعلم النفس وعلم المسكوكات وعلم الآثار.


ثانيا : أما الهجوم الآخر الذي قامت به الحوليات هو نقدها مسألة تقديس الحدث لدى المؤرخين التقليديين، وحيادية المؤرخ المزعومة في وجه الأحداث التي يمكن له أن ينقلها دون تدخل فيها. فعلى عكس ذلك يرى مارك بلوخ ولوسيان فافر إذ إنهما يلحان على ضرورة أن يتدخل المؤرخ تدخلا نشيطا في الوثيقة وفي الأرشيف. وكما يقول غاستون باشلار بصيغة نجدها في كلمات شبيهة في الخطاب الحولياتي : ليس هناك ما يتحرك بذاته لا يوجد شي معطى كل شي يبنى. ومن منظور الحوليات يبني المؤرخ مواد بحثه.."


رابط التحميل غير متوفر حاليا

عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

لمحات من تاريخ المغرب هي منصة إلكترونية رائدة متخصصة في نشر كتب التاريخ والجغرافيا وعلم الاجتماع والفلسفة. ويتيح للقراء الوصول إلى تشكيلة واسعة من مصادر ومراجع هذه العلوم ...

جميع الحقوق محفوظة

لمحات من تاريخ المغرب