لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

المدينة والسلطة بالمغرب خلال العصر الوسيط - الحسين أسكان PDF

 تحميل وقراءة مقال المدينة والسلطة بالمغرب خلال العصر الوسيط - الحسين أسكان PDF






معلومات عن المقال :


العنوان : المدينة والسلطة بالمغرب خلال العصر الوسيط.


المؤلف : الحسين أسكان.


المصدر : أعمال ندوة تكريم الأستاذ إدريس العمراني الحنشي: قضايا في تاريخ المغرب الفكري والاجتماعي.


الناشر : كلية الآداب والعلوم الانسانية - جامعة الحسن الثاني.


عدد الصفحات : 9.


صيغة المقال : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).


Ebook download PDF





مقتطف من المقال :


"العلاقة بين السلطة والمدينة:


من المعلوم أن المدن كانت تظهر بالمغرب خلال العصر الوسيط بشكل تلقائي كنتيجة لعوامل متعددة منها عوامل جغرافية، مثل الموقع الجغرافي والموضع وعوامل تاريخية، وقلما تظهر المدن بكيفية إرادية وسياسية. لكن كيفما كان سبب ظهور المدينة، فإن للسلطة السياسية دور كبير في تطورها، إما بشكل مباشر أو غير مباشر.


وكان ابن خلدون قد حدد العلاقة بين المدن والسلطة السياسية في أمرين، إذ يرى أن الدولة تنزل الأمصار والمدن لسببين لحط الأثقال، والثاني للتحصن بأسوارها من الثوار الذين قد ينازعونها الملك . وأضاف أن عمر المدينة مرتبط بعمر الدولة، وحسب عمر الدولة يكون مقدار عمرانها مثل مدينة بغداد. وعند انقراض الدولة إما أن يكون للمدينة ظهير من الجبال والبسائط فيستمر عمرانها كفاس وبجاية وإذا لم يكن لها تنقرض بانقراض الدولة. هذا بالنسبة لعلاقة السلطة بالمدينة، أما بالنسبة لعلاقة السلطة برعية المدن وعلاقة الرعية بالمدينة، فيوضح أن سكنى المدن إضطراري للرعية يكرههم السلطان عليه أو رغبة في الأجر.


 رغم وجاهة آراء ابن خلدون حول علاقة السلطة السياسية بالمدينة وبسكانها من الرعية، فهي لا تحيط بكل جوانب هذه العلاقة المتميزة، إذ تبين الأحداث والوقائع التاريخية أنها جد معقدة ومتغيرة في الزمان والمكان؛ حسب عمر الدولة وقوتها العسكرية. ويمكن التمييز فيها بين ثلاثة مراحل أساسية مرتبطة بعمر الدولة وبتماسك عصبيتها أو بتفككها، وهي:

 ‏

 ‏المرحلة الأولى، تصادف مرحلة تأسيس الدولة وتوسعها. في هذه المرحلة، لا تهتم الدولة بسكنى المدن، وإنما تتخذ في الغالب مخيما تقيم فيه عصبيتها التي تشكل العمود الفقري لجندها، لذلك تساهم في ظهور المدن بشكل تلقائي. ومن الأمثلة على ذلك ظهور القيروان، فهي لم تتأسس بقرار سياسي وإرادي، بل كان مكانها مخيم، كما يدل عليها اسم القيروان الذي يعني بالفارسية المخيم اتخذه جند المسلمين عربا وموالي من الأمازيغ لحط أثقالهم وخزنها ابتداء من سنة 50هـ . وبمرور الوقت وتقدم الفتوحات، وتزايد الجند من الموالي الأمازيغ ،بالخصوص تحول المخيم تدريجيا إلى مدينة مبنية عوض الخيام، فظهرت القصبة والمسجد أول الأمر. وبما أن الدولة كانت تمثل أكبر سوق أو هي السوق الأعظم حسب تعبير ابن خلدون، بما تمتلكه من ثروات وقوة استهلاكية كبيرة للسلع المختلفة والخدمات والصنائع بما فيها صناعة العلم، فقد التجأ إليها الصناع والتجار والعلماء من كل حدب وصوب. وسرعان ما "شدت إليها المطايا " من طرف الرعية حسب تعبير المصادر، فأخذت بدورها تبني الدور ومختلف المرافق، لكن تبقى دون سور أول الأمر.

 ‏

وبنفس الطريقة ظهرت كذلك كل من مدينة سجلماسة 140هـ وفاس مراكش وغيرها. فتأسيس مراكش مثلا، لم يكن قرارا سياسيا واعيا كما تحاول المصادر المتأخرة أن توهمنا ،به مثل رواية صاحب الحلل الموشية التي تبرر تأسيسها بشكوى سكان أغمات لأبي بكر بن عمر اللمتوني من الجند المرابطي. وعندما طلب منهم أن يعينوا له موضعا يبني فيه المدينة دلوه على موضع مراكش وقالوا له: "نفيس جنانها، وبلاد دكالة فدانها وزمام جبل درن بيد أميرها". لكن الدراسة النقدية لهذه الرواية المتأخرة ومقارنتها بمصادر أخرى، تبين أن المدينة ظهرت بكيفية تلقائية، إذ يخبرنا ابن زرع مثلا، أن يوسف ابن تاشفين سكن موضع مراكش "بخيام الشعر، وبنى فيه مسجدا للصلاة، وقصبة لاختزان أمواله وسلاحه، ولم يبن على ذلك سورا". والقصبة المذكورة هي التي بنيت في ثلاثة أشهر وسميت قصر الحجر، وتكمي في العصر الموحدي. ومع مرور الوقت استبدلت خيام الشعر تدريجيا بمباني قارة، إذ يخبرنا ابن عذارى أن الناس اشتغلوا ببناء الديار كل على قدر جهده واستطاعته، فذكروا أن أول دار بنيت بمراكش من ديار لمتونة هي دار تورزجين بن الحسن، الكائنة بموضع أسدال، وقد بناها بالطوب..." وهذا البناء التدريجي هو الذي يفسر إلى حد ما تضارب الروايات حول تاريخ بناء المدينة وحول بانيها فالبعض منها حدد تاريخ بنائها في سنة 454 وحدده بعضها في 462، والبعض الآخر في 470هـ، كما نسب بناؤها لأبي بكر بن عمر، والبعض الآخر ينسبه ليوسف بن تاشفين.


في هذه المرحلة من عمر الدولة غالبا ما لا تحتاج الدولة إلى بناء سور حول دار ملكها بعد تحولها من مخيم إلى مدينة كما رأينا في مدينة مراكش التي لم تسور إلا سنة 519هـ عند ظهور ابن تومرت بتينمل، أي بعد حوالي 65 سنة من نزول رحبة مراكش. لأن الدولة تكتفي، عموما في هذه المرحلة الأولى، بسيف عصبيتها وعدلها النسبي تجاه الرعية للحفاظ على الأمن والاستقرار. فعندما فتح عبد المومن سنة 541هـ مدينة فاس هدم جزءا من سورها مبررا عمله هذا بقوله: "إنا لا نحتاج إلى سور، وإنما الأسوار سيوفنا وعدلنا". وفي إطار هذه السياسة هدم الموحدون سور جل المدن الأخرى بعد احتلالها مثل هدم سور كل من مدينة سلا ،وسبتة، وسور سجلماسة. وفي الحقيقة، كانت الدولة الجديدة تخاف من تحصن الثوار بالمدينة حيث لم تكن الأمور قد استنيت لها بعد، وعرفت في أول أمرها كثرة ثورات سكان المدن عليها.


 تصادف المرحلة الثانية الجيل الثاني أو الثالث، وفيها حاولت الدولة أن تساهم في تعمير مدن مملكتها، لكن ليس بهدف تنميتها لذاتها أو لصالح الرعية، بل أحدثت بها بعض المنشآت لخدمة أهداف عسكرية وأمنية بالدرجة الأولى، مثل ما فعله الناصر الأموي عند بناء مدينة الفتح في جبل جرنكش سنة 318هـ، إذ "أمر بنقل الأسواق إليها والتمدين لها لتكثر مرافق أهل العسكر بها " . وفي هذا السياق يدخل بناء الدولة للقيساريات والأسواق ومختلف المرافق بالمدن الخاضعة للدولة. كما حاولت أن تجلب الرعية لسكنى المدن طوعا، أو بواسطة إغراءات مادية. فعندما بنى المنصور ابن أبي عامر سنة 368هـ مدينة الزاهرة وانتقل إليها سنة 370هـ، "قامت بها الأسواق وكثرت فيها الأرفاق، وتنافس الناس النزول بأكنافها، والحلول بأطرافها، للدنو من صاحب الدولة، وتناهى الغلو في البناء حوله حتى اتصلت أرباضها بأرباض قرطبة، وكثرت بحوزتها العمارة ". وقد ذكر الحسن الوزان الكيفية التي عمرت بها الرباط بعدما بناها يعقوب المنصور الموحدي، أراد" الملك أن يستوطن المدينة عدد من الصناع والعلماء والتجار، فأمر بأن يمنح كل ساكن تعويضا علاوة على ما تدره عليه مهنته من ربح، وقد أدى انتشار هذا الخبر إلى اجتذاب أناس كثيرين من كل الأصناف ومختلف المهن، بحيث أصبحت الرباط بعد قليل من أشرف المدن وأغناها في إفريقية كلها، إذ كان لسكانها دخل مزدوج التعويض المقرر، وما يربحونه في معاملتهم مع العسكريين ورجال الحاشية الملكية". ويذكر هذا بالطريقة التي تأسست بها الصويرة في عهد محمد بن عبد الله، إذ يقول الناصري: "لما تم أمرها، جلب إليها التجار النصارى الذين في فونتي، بقصد التجارة بها وأسقط عنهم وظيفة الأعشار ترغيبا لهم فيها، فأعر هوا إليها من كل أوب".

 ‏

 ‏يأتي إذن اهتمام الدولة بتعمير مدنها في هذه المرحلة الثانية من رغبة البيت الحاكم في توفير البضائع والسلع لنفسه أولا ولجيش الدولة بعد ذلك، عن طريق جلب التجار والصناع. ويؤكد ابن خلدون هذه المسألة في المقدمة خلال حديثه عن أصناف الناس الذين ينبغي إكرامهم من طرف أهل السياسة، إكرام "التجار للترغيب حتى تعم المنفعة بما في أيديهم". كما ان الماوردي يوصي الحاكم أن ينقل إليها من أعمال أهل العلم والصنائع ما يحتاج إليه حتى يكتفوا به، ويستغنوا عن غيرهم". وفي إطار هذه السياسة قامت الدولة الموحدية بتهيئة السواحل المغربية الشمالية، من خلال إعادة تعمير مدن الرباط كقاعدة لتجميع العساكر ،سلا، المعمورة، القصر الكبير، قصر مصمودة...، واتخاذها محطات لمرور الحركات العسكرية للأندلس، وكذلك بناء مدينة الفتح بجبل طارق سنة 555هـ."


رابط التحميل


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

لمحات من تاريخ المغرب هي منصة إلكترونية رائدة متخصصة في نشر كتب التاريخ والجغرافيا وعلم الاجتماع والفلسفة. ويتيح للقراء الوصول إلى تشكيلة واسعة من مصادر ومراجع هذه العلوم ...

جميع الحقوق محفوظة

لمحات من تاريخ المغرب