لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب تاريخ البشرية - أرنولد توينبي pdf

 تصفح وتحميل كتاب تاريخ البشرية - أرنولد توينبي - أونلاين بصيغة إلكترونية Pdf








معلومات عن الكتاب :


اسم الكتاب : تاريخ البشرية. 


 المؤلف : أرنولد توينبي.


ترجمة : د. نقولا زياده.


الناشر : الأهلية للنشر والتوزيع.


عدد الصفحات : 640.

 

حجم الكتاب : 5.46 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).


Ebook download PDF






مقتطف من الكتاب :


"تحذر الانسان


ثمة على الأقل ثلاثة معان يمكن أن تستعمل لكلمة ( نحذر : بالنسبة الى كلمة الانسان. فقد هبط أسلافنا من العيش عاليا على الأشجار الى الأرض، وهذا هو المعنى الطبيعي الحرفي للكلمة. وهم متحدرون أيضاً،  من حيث الأصل الحيوي، من أشكال من الحياة هي سابقة للبشر. وهناك من يرى أيضاً ( مع ان هذه الفكرة موضع خلاف ) انهم انحطوا خلقياً لما استيقظ الوعي فيهم. 


من المؤكد انه ليس ثمة ما يبرر الاستعمال الثالث لكلمة : تحذر » صحيح ان الكائن الواعي يمكن ان يكون شريراً، بينما لا يمكن للكائن غير الواعي ان يكون كذلك. لكن العجز عن ان يكون الكائن شريراً لا يقابله بالضرورة ان يكون فاضلاً، والكائن الواعي يمكن ان يكون فاضلاً، إضافة إلى احتمال ان يكون شريراً، والكائن غير الواعي يمكن ان يكون فاضلاً، أو شريراً، إذ بالنسبة الى الكائن غير الواعي ليس ثمة تمييز خلقي بين الشر والخير، ولا يمكن أن يوجد، فالأخلاق ظهرت في المحيط الحيوي لأول مرة مع الوعي،

والوعي والأخلاق يكونان ،مجتمعين نمطاً للوجود - النمط الروحي - لم يكن ممثلاً المحيط الحيوي من قبل. ومن ثم فليس ثمة أساس للمقارنة بين الانسان وأسلافه غير الواعين من حيث النواحي الأخلاقية من الممكن المقارنة بين الانسان وأسلافه على المستوى البيولوجي، وعلى هذا المستوى من الممكن التعرف الى انتسابه اليهم وتتبع ذلك، ولكن ليس ثمة أساس مشترك بينه وبينهم على المستوى الخلقي لأن هذا المستوى موجود بالنسبة الى الكائنات الواعية فقط.


على المستوي الخلقي نجد أن أبرز ناحية وأكثرها إبهاماً في الطبيعة البشرية . امتداد في السلسلة الخلقية عند الانسان. فمجال إمكاناته الخلقية بين القطبين الممثلين للسلوك الشيطاني والقداسة هي ناحية من الحياة البشرية لا تقل غرابة عن البعد الخلقي ذاته.


والناحيتان كلتاهما خاصتان بالانسان من دون جميع المخلوقات الموجودة في المحيط الحيوي. أما وقد امتلك الانسان القدرة على تحطيم المحيط الحيوي، فليس لدينا ما يؤكد انه لن يقترف هذا الجرم الانتحاري؛ إننا لا نستطيع أن نجزم أيضاً أنه لن ينقذ المحبط الحيوي من حالة الطبيعة التي يقوم فيها حتى الآن خلاف بين المحبة والصراع وهو خلاف لا ينتهي الى نتيجة. من المعقول ان الانسان بدل أن يحطم المحبط الحيوي ان يستعمل سلطته على المحيط الحيوي لتبديل الحالة الطبيعية هذه بحالة النعمة حيث تعود المحجبة. إن شيئاً كهذا ينقل الحياة من جحيم الى مجتمع قديسين.


عندما نتناول كلمة تحدر بمعناها الحيوي فإنه تجابهنا بسؤال حول عمر الجنس البشري من حيث الظاهر ثمة فكرة مقبولة وهي ان الانسان مجابل لكل الأنواع الاخرى من الكائنات الحية التي لا تزال باقية، بل وفي الواقع فإنه مجايل للحياة نفسها، لأنه مع ان التطور بدأ بالتباين، فإن الأنواع المختلفة التي أنتجها هذا التباين مرتبطة بعضها بالبعض الآخر مثل أغصان شجرة واحدة وكلها تستمد من جذر مشترك. وإذا بحثنا في تاريخ تكوين الانسان بشكل متميز، فإننا سنفرد جانباً التاريخ الذي تفرعت فيه فصيلة الاحياء الشبيبة بالانسان عن غيرها من الفصائل في رتبة الحيوانات العليا من الثديات. هذا التفرع في الطرق الحياتية يعين نقطة اللارجوع فبالنسبة للأحياء الشبيهة بالانسان فقد قطعت عليها الطريق لأن تصبح من نوع الهيلوباتيد (hylobatidae) ( مثل الغيون ) او من نوع البونغيدا (pongidae) ( مثل الأوران - أو تانغ أو الشمبانزي أو الغوريلا ). فلما تجاوز الأب الأول للأحياء الشبيهة بالانسان نقطة التفرع هذه، وتجاوزها باتباعه طريق الأحياء الشبيهة بالانسان لم يبق أمام هذه الأحياء إلا أحمد احتمالين بديلين: فأما ان تصبح بشرية او انها تعجز عن البقاء. وفي واقع الأمر فإن الصنف الوحيد الذي استمر في البقاء من فصيلة الأحياء الشبيهة بالانسان هو الانسان. والنوع الوحيد الذي استمر من الجنس البشري هو الانسان العاقل ) وهي تسمية فيها الكثير من المديح المبالغ فيه وقد ألصقها بنفسه هذا النوع الوحيد المستمر من الأحياء الشبيهة بالانسان وفيها الكثير من خداع النفس الساذج ). فإذا حسبنا ان الانسان قديم قدم الزمن الذي أصبح فيه متعذراً على أجدادنا ان يصبحوا شيئاً آخر سوى بشر، هذا اذا ارادوا ان يستمروا في البقاء، فإن هذا يعني ان الانسان قد نشأ على شكل متميز من أشكال الحياة، في الحقبة الوسطى، ومعنى هذا هو أن الانسان قد مر على وجوده حتى اليوم، بين عشرين مليونا وخمسة وعشرين مليوناً من السنين.


هل من الممكن ان تعين تاريخ البشرية بشكل أدق عن طريق واحدة أو أكثر من خصائص الانسان التشريحية المميزة أو عاداته وانجازاته المتميزة؟ هل يمكن القول بأن أجدادنا أصبحوا بشراً لما انحدروا من الأشجار الى الأرض؟ أو لما اكتسبوا القدرة على المشي والركض معتمدين على زوج واحد من الأطراف للحركة، وبذلك حرروا الزوج الآخر لاستعمال الأدوات؟ أو لما تمت أدمغتهم لا من حيث انها أصبحت أكبر حجماً من بقية الأحياء الشبيهة بالانسان فقط، بل أصبحت أكثر تنظيماً : ان عدد الأساليب بمعني البديلة التي يمكن لخلايا الدماغ ان تستعملها في الاتصال فيما بينها ازداد زيادة كبيرة؟ أو هل بإمكاننا ان تؤرخ لتكون الطبيعة البشرية بالنسبة الى الوقت الذي حققت فيه إنجازات معينة مثل التجمعات أو مثل اللغة ( أي نظام للأصوات يحمل في طياته معاني يفهمها جميع أعضاء الجماعة مغايرة لمجموعة من الهتافات التي تدل على التأثر )؟ أو هل ان بروميثيوس جمل من أجدادنا بشراً إذ عليهم كيف يحتفظون بالنار مشتعلة وكيف يستعملونها في التدفئة والطبخ وذلك دون ا أن يحرقوا أصابعهم، وكيف يمكنهم ان يشعلوها بدل ان يرتعبوا من هذه القوة التي بالامكان ان تكون نافعة، لكن بإمكانها ان تكون أيضاً خطرة ومخربة؟


 والجواب، بالتأكيد هر أن الحادثة التي تؤرخ لظهور الطبيعة البشرية في المحيط الحيوي لیست تطور خاصية تشريحية ولا هي تحقيق إنجاز ماء الحادثة التاريخية هي اتيقاظ وعي الانسان، وتاريخ هذه الحادثة يمكن ان ينتج فقط من البقايا المادية التي خلفها أجدادنا ( مثل العظام والأدوات .. وليس هناك، ولم يكن من الممكن ان يوجد، إدراك معاصر لهذه التجربة، ومن ثم فلم يكن من الممكن أن تدون فالكائن البشري يدرك انه مستيقظ عندما يكون مستيقظاً فعلاً، ولكنه لا يستطيع أن يحس بنفسه إحساساً واعياً إما أنه في سبيل اليقظة او في طريق النوم. وإذن فليس بإمكاننا أن نفعل شيئاً سوى ان نخمن تاريخ يقظة الوعي في الانسان في حدود تطوره التشريحي واكتسابه منجزات اجتماعية وتكنولوجية معينة.

 ‏

وإذا أخذنا بالاستنتاج من استمرار جدادنا بالبقاء بعد نزولهم من ملجأهم على الأشجار إلى الأرض الخطرة نسبياً، فقد نختن أنهم في ذلك الوقت كانوا قد أصبحوا حيوانات اجتماعية أو أنهم كانوا على الأقل في سبيل ان يصبحوا كذلك أثناء عملية تغيير مسكنهم ذلك بأن الأحياء الشبيهة بالإنسان إذا كانت متفرقة تكون معرضة، على سطح الأرض، لأن تصبح فريسة سهلة للمفترسة من الأحياء غير الشبيهة بالانسان، والتي لم يكن أجدادنا عندها قادرين على مقاومتها إن لم يتحدوا، ومن المؤكد ان الانسان قد أصبح حيواناً اجتماعياً قبل ان يخترع اللغة؛ ولكن اختراعه للغة قد يكون حادثة أحدث عهداً من اكتسابه للتجمع؛ ذلك بأنه ثمة أصناف أخرى من الحيوانات الاجتماعية ( مثل الحشرات الاجتماعية ( التي تتواصل فيما بينها بصورة مجدية للحفاظ على التعاون الاجتماعي اللازم دون ان يكون لها لغة صوتية. فالنحل، على سبيل المثال، يبدو وكأنها توصل الأخبار والتعليمات واحدها الى الآخر بتهريج طبيعي، الأمر الذي يمكن ان نصفه بأنه رقص، فيما لو كان النحل أحياء بشرية.


 أما فيما يتعلق بتحرير الأيدي بحيث يمكن استعمالها لغير حاجة الحركة، واستكمال الدماغ فلنا ان نخمن ان تطور اليدين والدماغ كانا متعاصرين وأنه في كل مرحلة، كان هناك تفاعل بينهما، الأمر الذي أعان على تطور كل منهما. ويجوز لنا ان نحسن أيضاً أن تطور هذين المضرين المتفاعلين معاً كان الوضع التشريحي الذي يتر للانسان ان يستيقظ وعيه فالانسان كان ولا شك واعياً لما تغلب على الخوف من النار، وهو الخوف الذي لا يزال يساور أنواعاً عدة من الحيوانات غير البشرية اللامدجنة. وما كان الانسان يخشى النار التي تشتعل تلقائياً لما كان قد اكتشف كيف يحتفظ بها مشتعلة، وأن يستعملها، وأخيراً أن يشعلها صناعياً."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

لمحات من تاريخ المغرب هي منصة إلكترونية رائدة متخصصة في نشر كتب التاريخ والجغرافيا وعلم الاجتماع والفلسفة. ويتيح للقراء الوصول إلى تشكيلة واسعة من مصادر ومراجع هذه العلوم ...

جميع الحقوق محفوظة

لمحات من تاريخ المغرب