لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب تاريخ ابن خلدون - شكيب أرسلان pdf

 تحميل وقراءة كتاب تاريخ ابن خلدون - شكيب أرسلان - أونلاين بصيغة إلكترونية pdf








معلومات عن الكتاب :


عنوان الكتاب : تاريخ ابن خلدون.


المؤلف : شكيب أرسلان.


الناشر : مؤسسة هنداوي.


حجم الكتاب : 6.20 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).


Ebook download PDF





مقتطف من الكتاب :


"الأنساب


تعليق على ما جاء بسطر ٧ صفحة ٢ جزء أول من ابن خلدون


إن علم الأنساب هو العلم الذي يبحث في تناسل القبائل والبطون من الشعوب وتسلسل الأبناء من الآباء والجدود، وتفرع الغصون من الأصول في الشجرة البشرية بحيث يعرف الخلف عن أي سلف انحدر، والفرع عن أي أصل صدر ، وفي هذا العلم من الفوائد النظرية والعملية، بل من الضرورات الشرعية والاجتماعية والأدبية والمادية، ما لا يحصى، فليس علم الأنساب بطراز مجالس يعلمه الناس لمجرد الاستطراف أو للدلالة على سعة العلم، وإنما هو علم نظري عملي معًا. عملي لأنه ضروري لأجل إثبات المواريث التي يتوقف توفيرها لأهلها على ثبوت درجة قرابة الوارث من المورث، وهذا لا يكون إلا بمعرفة النسب.


وكذلك هو ضروري لأجل الدول الراقية المهذبة التي تريد أن تعرف أصول الشعوب التي اشتملت عليها ممالكها، والخصائص التي عرف بها كل من هذه الشعوب بما يكون أعون لها على تهذيبها وحسن إدارتها، فكما أن العالم المتمدن يعنى بتدريس جغرافية البلدان من جهة أسماء البلاد ومواقعها وحاصلاتها وعدد سكانها ومقدار جباياتها، فإنه يجب أن يُعنى بمعرفة أنساب أولئك السكان وطبائعهم وعاداتهم وميزة كل جماعة منهم، وغير ذلك من المعارف التي لا يجوز أن تخلو منها هيئة بشرية راقية، ولما كان من الحقائق العلمية الثابتة المقررة عند الأطباء والحكماء، كما هي مقررة عند الأدباء والشعراء، أن الأخلاق والميول والنزعات المختلفة تتوارث كما تتوارث الأمراض والأعراض الصحية، والدماء الجارية في العروق، فقد كان لا بد من معرفة الأنساب حتى يسعى كل فريق في إصلاح نوعه بطريق الترقية والتهذيب ضمن دائرته الدموية بحسب استعدادها الفطري، لأن الاجتهاد في تنمية القرائح الطبيعية والمواهب المدنية لا يمكن أن يثمر ثمره في قبيل إذا جاء معاكسًا لاستعداده الفطري وهذه الاستعدادات أحسن دليل عليها هو علم الأنساب.


وليس هذا العلم منحصرًا في العرب - كما يتوهم بعضهم ويظنون أن سائر الأمم قليلة الاحتفال به - فإن الأمة الصينية الكبرى هي أشد الأمم قيامًا على حفظ الأنساب، حتى إنهم ليكتبون أسماء الآباء والجدود في هياكلهم، فيعرف الإنسان أصوله إلى ألف سنة فأكثر. وقد تناهوا في الاعتناء بهذا الأمر إلى أن قدسوا آباءهم وجدودهم، وعبدوهم كما يعبدون آلهتهم. وكذلك الإفرنج كانت لهم عناية تامة بالأنساب في القرون الوسطى والأخيرة، وكانت في دولهم دوائر خاصة لأجل تقييدها وضبطها، ووصل آخرها بأولها، وقد بقي ذلك معمولا به إلى أن ساد الحكم الديموقراطي في أوروبا فضعف عندهم الاعتناء بهذا الأمر بإلغاء الامتيازات التي كان يتمتع بها النبلاء، وكانوا يدققون في الأنساب من أجلها، وبقي الاهتمام بالأنساب من الجهة العلمية لا العملية. 


فأما العرب فلا شك في أنهم في مقدمة الأمم التي تحفظ أنسابها، وتتجنب التخليط بينها، فلا تجعل الأصيل هجينا، ولا الهجين أصيلا، ولا تحتقر قضية الكفاءة في الزواج، بل تعض عليها بالنواجذ. ولا يقيم العربي وزنًا لشيء بقدر ما يقيم للنسب لا سيما في البوادي التي اقتضت طبيعة استقلال بعضها عن بعض، وتنافسها الدائم فيما بينها؛ أن كل قبيلة فيها تعرف نفسها وتحصي أفرادها، وتحفظ بطونها وأفخاذها حتى تكون يدا واحدة في وجه من يعاديها من سائر القبائل، فاقتضى ذلك أن يكون العرب علماء بأنسابهم، يحفظون سلاسلهم العائلية بصورة مدهشة لا تجدها عند غيرهم، فتجد البدوي أحيانًا يجهل أقرب الأمور إليه، ولكنه إذا سألته عن أبيه وجده ومنتسبه فإنه يسرد لك عشرين اسما ولا يتتعتع. 


وأما في الحواضر فليس الأمر بهذه الدرجة من الضبط، وذلك لعدم الاحتياج الذي عليه البوادي من هذه الجهة فإن الحواضر مشغولة بصناعاتها ومهنها ومتاجرها ومكفولة بالسلطان الذي يغنيها عن تماسك الفصيلة أو القبيلة، وعن اعتناء كل فريق بجمع أفراده ليقف في وجه عدوه. وكلما استبحر العمران في مصر من الأمصار قل الاعتناء بالأنساب، وصار الناس ينسبون إلى حرفهم ومهنهم، أو إلى البلاد التي جاءوا منها. وكلما قرب المجتمع من حال البداوة اشتدت العناية بالأنساب واستفحلت العصبيات التي هي من طبيعة الاعتناء بالنسب. وقولنا إن البوادي أشد من الحواضر عناية بهذا الأمر لا يعني أن الحواضر العربية لا تقيم للأنساب وزنًا، فالعرب غالب عليهم الاحتفال بالنسب حاضرهم وباديهم، وأبناء البيوتات منهم ، ولو كانوا في أشد الحواضر استبحار عمارة يحفظون أنسابهم ويقيدونها في السجلات، وكثيرًا ما يصدقونها لدى القضاة بشهادات العلماء الأعلام والعدول ويسجلونها في المحاكم الشرعية. وإذا كانوا من آل البيت النبوي وهو أشرف الأنساب بالنظر إلى اتصالهم بفاطمة الزهراء التي هي بضعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أشرف الخلق . حرروا أنسابهم لدى نقباء الأشراف، وكتبوا به الكتب المؤلفة، وهذا أمر بديهي لا نزاع فيه، لأن هذا الشرف هو مما يتنافس به، ومما يستجلب لصاحبه مزايا معنوية، وأحيانًا منافع مادية، فلا يريد منتسب إلى هذا البيت الشريف أن يفقد الدليل على نسبته هذه. ولئن كان البيت النبوي هو أشرف الأنساب بالسبب الذي تقدم الكلام عليه فليس سائر بيوتات العرب من ذراري الملوك والأمراء، والأئمة والعلماء والأولياء بأقل حرصًا على حفظ أنسابهم من آل البيت الفاطمي. وجميع قريش مثلا سواء كانوا من الطالبيين أو من غيرهم يفتخرون بنسبهم القرشي، وكذلك ذراري الأنصار من الأوس والخزرج يفتخرون بأنسابهم القحطانية، وكذلك سلائل الملوك من لخم وغسان، وأمثالهم من العرب القحطانية ليسوا بأقل حرصًا على حفظ أنسابهم من تلك البطون العدنانية الشريفة والعرب بالإجمال سائرون في النسب على مقتضى قوله تعالى ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) فكل قبيلة راضية بنسبها، تحفظ مآثر قومها، وتعتز بالاعتزاء إلى سلفها، مع أن القبيلة الثانية التي تنافسها تحفظ لها عورات ومعرات تعتبرها بها عند المفاخرة والمنافرة.


ولشدة اعتنائهم بالأنساب تجد انتصار بعضهم لبعض على نسبة درجة القرابة، فكلما كانت القبيلة أقرب كانت أولى بنصرها، لا يتخلف ذلك فيهم إلا لعوامل غير معتادة. ومهما اشتدت العداوة بين أبناء فخذ واحد فإنهم يجتمعون بطنا واحدًا على بطن آخر يناوئهم من قبيلتهم، وكذلك تجتمع البطون المنتسبة إلى عمارة لمقاومة عمارة أخرى، وهلم جرا. ولا بد أن ينزع عرق النسب في العربي فيميل به إلى الأقرب مهما كان هذا الأقرب بعيدًا في الحقيقة؛ فالقحطاني ينتسب إلى شعب طويل عريض يحصى بالملايين، والعدناني ينتسب إلى شعب لا يقل عنه في العدد والمدد ، ولكن إذا اختصما في موقف من المواقف وجدت عرق العصبية نزع في كل عربي، فمال القحطاني إلى قبائل اليمن، ومال العدناني إلى قبائل الحجاز ونجد أي مضر وربيعة. وقد يؤاخي الفريق منهم من كان يعاديه بغضًا بفريق آخر أشد عداوة لأنه أبعد نسبًا، وعليه قول شاعرهم:


وذوي ضباب مضمرين عداوة     قرحى القلوب معاودي الأفناد 

ناسيتهم بغضاءهم وتركتهم      وهمو إذا ذكر الصديق أعادي

كيما أعدهمو لأبعد منهم      ولقد يُجاء إلى ذوي الأحقاد


ومن أجل هذا التدقيق في قرب النسب ، وبعده، وترتيب الصداقة والعداوة على درجات هذا القرب وهذا البعد، انقسم العرب إلى ذينك الشعبين الكبيرين: عدنان، وقحطان، وغلب على قحطان اسم اليمن، لأن أكثر منازل العرب القحطانية هي في اليمن، ومن وجد منهم خارجًا عن اليمن كالأوس والخزرج في المدينة، وكطي وغيرها في نجد مثلا، فإنما خرجوا بعد أن انهدم سد مأرب، وتفرقت القبائل في البلدان.


وأشهر القحطانيين حمير. ومنهم قضاعة، ومن قضاعة بلى. ومنهم الآن في شمالي الحجاز، وجهينة. ومنهم على سواحل الحجاز يبلغون ۱۰۰ الف نسمة، وكلب وهم في بادية الشام، ويقال لهم اليوم الشرارات، وعُذرة المشهورون بالعشق، ولهم بقايا بمصر وبقايا بالشام، وبهراء ومنهم ما بين بلاد الحبشة وصعيد مصر ، ونهد، وجرم، وتنوخ وهؤلاء كانوا في شمالي بلاد الشام."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

لمحات من تاريخ المغرب هي منصة إلكترونية رائدة متخصصة في نشر كتب التاريخ والجغرافيا وعلم الاجتماع والفلسفة. ويتيح للقراء الوصول إلى تشكيلة واسعة من مصادر ومراجع هذه العلوم ...

جميع الحقوق محفوظة

لمحات من تاريخ المغرب