لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب الجدلية الاجتماعية - أنور عبد الملك PDF

تحميل وقراءة كتاب الجدلية الاجتماعية للمؤلف أنور عبد الملك أونلاين بصيغة PDF.








معلومات عن الكتاب :


عنوان الكتاب : الجدلية الاجتماعية.


المؤلف : أنور عبد الملك.


ترجمة : د. سامية الجندي - د. عبد العظيم حماد.


الناشر : المشروع القومي للترجمة.


عدد الصفحات : 638. 


حجم الكتاب : 18.2 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).



Ebook download PDF



مقتطف من الكتاب :


"مفهوم عمق المجال التاريخي


۱ - طرح المشكلة


يقتصر تاريخ علم الاجتماع - الذي عاد إلى بؤرة الاهتمام بعد فترة م الإهمال - على وصف وتقييم المراحل التاريخية كما يسعى أحيانا إلى طرح إشكاليات بغرض التنبؤ . وباستثناء بعض النماذج النادرة، فإن تاريخ علم الاجتماع قد ظل منصبا على التأريخ بمعناه الكلاسيكي. وقد تركز اهتمام مؤرخ السوسيولوجيا على رصد كافة العوامل المكونة من وجهة نظرهم لتميز واستمرارية هذا الحقل المعرفي، ولهم فى هذا بعض الحق، خاصة وأن السوسيولوجيا قد تعرضت لانتقادات علوم أخرى أكثر قدما على أن مؤرخي السوسيولوجيا لم يوجهوا الاهتمام الكافي حتى الآن للتفسير السوسيولوجي للسوسيولوجيا. فهناك إدراك واضح للجهد الاقتصادى يذهب إلى حد اعتباره عاملا حاسما ذا تأثير مباشر . كما أن العلوم الاجتماعية تتجه في مجملها إلى الاعتراف بالدور المحوري للبعد السياسي في أية صياغة نظرية. وفي المقابل فإن ثمة أبعاد لم تتضح بعد بالدرجة المطلوبة، ويأتى على رأسها علاقات التفاعل بين مكونات الثقافة الواحدة، ونخص بذلك تلك العلاقات بين السوسيولوجيا التي ينتجها مجتمع ما أو منطق قومية ثقافية ما فى لحظة ما من تطوره التاريخي، وبين خصوصية هذا المجتمع كما تظهر في استمراريته التاريخية واستجابته لصدمة المعاصرة. لكن المثقفين - خاصة الغربيون منهم يحجمون عن تناول هذه الأبعاد. وحتى في حالة سعى بعضهم نحو تحليل نقدى لأسباب ومظاهر التمايز والاختلاف، فغالبا ما يتمسكون بالجانب الشكلى والبنائي، ذلك أن الاقتراب البديل وهو القائمة على التحليل التاريخي النقدى لا يسمح باستبعاد العامل القومي الثقافي – أي بعد الخصوصية، خاصة فى مرحلة بعث الظواهر ذات النوع القومي.


وفي الإطار المحدود لهذه الدراسة، فإن الاقتراب الثقافى من مسألة تمايز السوسيولوجيا النظرية غداة الحرب العالمية الثانية، قد يسمح برصد الانتشار بين التيار البنائي الوظيفى من جانب، والتيار التاريخي النقدى من جانب آخر، أخذا في الاعتبار بالمعنى التنظيرى لهذا التيار الثقافي. إن هذا الانقسام الأساسي لا يتطابق مع الانقسام الأيديولوجي الذي درجنا على إعطائه الأولوية في خضم الحرب الباردة، صحيح أن الاقتراب التاريخي النقدي المتمحور حول الماركسية يتعارض كلية مع المفاهيم السكونية للتيارات المحافظة، إلا أن ثمة بدايات لاتجاه من داخل الماركسية يتبنى الاقتراب البنيوي، سواء لأسباب تتعلق بالحداثة أو بالموضات الثقافية، وعلى الجانب الآخر فهناك من يتجه إلى السوسيولوجيا التاريخية، تأثرا بالميراث الثقافى الأوروبي. ذلك هو باختصار شديد الإطار العام والذي سبق تناوله باستفاضة في أعمال أخرى، والذى يسمح بتناول بعث مفهوم التاريخ كظاهرة بكل ما تعنيه كلمة البحث من معان، فضلا عن المفاهيم المشتقة التى تسهم اليوم في بناء الحقل الإبستمولوجي لمفهوم التاريخ فى القلب من النظرية السوسيولوجية الحالية، على أن إحياء هذا المفهوم جاء على يد التيار التنظيري التاريخي النقدي.


وقد واكب ذلك تحول ثان آثار مخاوف السوسيولوجيا الكلاسيكية. فقد كانت نقطة انطلاق وارتكاز كافة النظريات فى العلوم الاجتماعية، هي العقلانية الكلاسيكية الشكلية خاصة في تنويعاتها الأرسطية والوضعية، وسواء كانت هذه القاعدة ضمنية أم معلنة طرحه، ونقترح تسمية هذه القاعدة بالتعادلية، ذلك أنها تشكل لب العلوم الاجتماعية المتمحورة حول الذات الأوروبية والتي تتميز بالنظرة التجزيئية، فمقتضى هذه النظرة، يفترض أن المعطيات السوسيولوجية متساوية القيمة من الناحية الفكرية والمثالية من حيث قابليتها للتطور والتحول والتقدم على أن التطورات التاريخية المعاصرة تكذب هذه الفرضيات، فأسطورة قفزات التنمية تتراجع أمام احتمالات تنمية التخلف كما أن المفهوم الخطى الاستمراري للتقدم الاجتماعى وتطور الأمم قد تلاشى فى مواجهة المفهوم الجدلي والصراعي لتطور المجتمعات البشرية ومثل هذا التطور القائم على التناقض يتعرض هو الآخر للانكسار والأزمة بل والتراجع، ومن ثم فإن التفسيرات حسنة النية والتي كانت تفسر الظواهر اعتمادا على متغيرات البيئة أو الظروف الخارجية أو على السياق التاريخي تبدأ فى التساؤل : أليس من الأجدى أن نشدد على دور العامل الداخلي وعلى البناء الداخلى للمجتمعات محل البحث، وبصياغة أخرى على خصوصية المجتمعات، عوضا عن افتراضات العالمية والتعادلية؟


إن مثل هذه الأسئلة والقضايا التى لم تكن متوقعة، توضح اليوم حجم المأزق الذى تواجهه العقلانية الميكانيكية الشكلية في مجال التحليل السوسيولوچی وبلورة المفاهيم السوسيولوجية.


إن الواقع يفرض نفسه، ولا يمكن اليوم الاقتراب من المجتمعات البشرية إلا من زاوية بعد الحركة السياسية، ومن ثم فإن السؤال الأساسى المطروح على كافة علماء الاجتماع هو كيفية تفسير عالمنا الواقعي المعاصر وتناقضاته المتعددة.


إن الاقتراب الأول يعتمد على العوامل ذات الطابع العالمي كالإطار الجغرافي في بعده التاريخي، كما يولى هذا الاقتراب اهتمام كبير للعبة القوى السياسية داخل المجتمع محل الدراسة وعلاقاتها بتوزيع القوة على الصعيد العالمي، كما أن تحليل الأبنية الاجتماعية - وخاصة الطبقية - يحتل أهمية كبيرة بتأثير الماركسية، فضلا عن الاعتراف بدور البنية التحتية الاقتصادية التى يذهب البعض إلى حد اعتبارها بمثابة العامل الحاسم.


وبناء على ذلك فإن التفسير السببي اعتمادا على تفاعل هذه العوامل، يسمح بالإجابة عن بعض التساؤلات غير التقليدية حول الاختلاف بين المجتمعات، ولا شك أن هذه التفسيرات أفضل من تلك التي تقدمها التعادلية البحتة.


إلا أن مجمل هذه العوامل لا يكفي .. فهناك ما يستعصى على التفسير، وإن كان متفاوت الأهمية.. إن التطور في أدوات التحليل على مدى قرن مضى لــم يحدث أي تغيير فى طبيعة التحليل ذاته، والذي ظل مستندا منذ عصر الأنوار وحتى اليوم على مبدأ العالمية وفرضية إخضاع كافة الظواهر الاجتماعية في كافة المجتمعات القومية لتصنيف موحد.


إن ما يستعصى على تحليل العوامل السابقة يؤكد توقعات البعض، أو يناقض توقعات البعض الآخر، فالفريق الأول ينتمى إلى التقليد المتمركز حول الذات الأوروبية، الذي يسعى إلى وضع المجتمعات داخل أنماط موحدة ويرفض تمايزها واختلافها. وإذا ما فرض التمايز ذاته فإن هذا الفريق يتشبث بالرفض. كان هذا هو المناخ النفسي والسياسي الكامن وراء أنماط ماكس فيبر التي تأكدت من بعده علـــى يد ألفريد فيبر، فإذا كان ما يستعصى على التحليل أو يشذ حقيقة دامغة، فالسبب في ذلك هو أن المجتمعات القومية المختلفة تنتمى إلى أنماط مثالية مختلفة وسرمدية أي إنها عاجزة هيكليا عن تحقيق أى تطور مغاير للنمط، لأنه بحكم التعريف ثابت وجامد وغير قابل للتحول "كالألماني" أو "المسلم" أو "الصيني"، هنا فإن الاختلاف يتحول إلى هوة سحيقة لا سبيل إلى عبورها ما دامت تتحدد هيكليا بناء على نمط مثالي، كما إنها هوة ثابتة لا تتحرك، ومن ثم يصبح الاختلاف هو نفس التطــور والتحول الذي يقضى على احتمالات الديناميكية الاجتماعية ويصب التاريخ في قوالب جامدة، ويفقد كل من الديناميكية الاجتماعية والتاريخ كل شرعية."


رابط تحميل الكتاب:


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

لمحات من تاريخ المغرب هي منصة إلكترونية رائدة متخصصة في نشر كتب التاريخ والجغرافيا وعلم الاجتماع والفلسفة. ويتيح للقراء الوصول إلى تشكيلة واسعة من مصادر ومراجع هذه العلوم ...

جميع الحقوق محفوظة

لمحات من تاريخ المغرب