لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب الرواية وتأويل التاريخ: نظرية الرواية والرواية العربية - فيصل دراج pdf

كتاب " الرواية وتأويل التاريخ: نظرية الرواية والرواية العربية " للمؤلف فيصل دراج بصيغة إلكترونية online PDF


 




 



معلومات عن الكتاب :

 

العنوان : الرواية وتأويل التاريخ: نظرية الرواية والرواية العربية.


المؤلف : د. فيصل دراج.


الناشر : المركز الثقافي العربي – الدار البيضاء – المغرب.


الطبعة الأولى : 2004.


عدد الصفحات : 374 ص.


حجم الكتاب : 8.8 ميجا بايت.


 صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).





مقتطف من الكتاب :

 

"الكتابة الروائية وتاريخ المقموعين


موضوع التاريخ ليس ما يريد

الإنسان، بل تصوّرنا لما يريد»


تولستوي


تدلّ كلمة التاريخ، وهي يونانية الأصل على استقصاء الإنسان واقعة إنسانية منقضية سعياً إلى التعرّف على أسبابها وآثارها. وهذا المعنى قصده هيرودوت (القرن الخامس قبل الميلاد) في تاريخه الشهير حين استقصى أعمال البشر، وأعرض عن أساطير الآلهة، أخذاً بمبدأ العلة والمعلول يكشف البحث عن العلة وآثارها عن الفرق بين الأسطوري الذي يحيل على الآلهة والتاريخي، الذي يكتفي بأخبار البشر. الأول حقيقته فيه ولا يحتاج إلى اختبار، والثاني حقيقته مجزوءة تتطلب المساءلة والبرهان. وفي هذا الفرق بين حقيقة ثابتة مكتفية بذاتها وأخرى متحوّلة متعددة المراجع، يتعين التاريخ علماً بالمتحوّل الإنساني، خلافاً لأسطوري متعال سرمدي البداهة، كأن «مادة التاريخ» غايته، ينفتح إن تأنسن، وينغلق ويتوثن إن تقدس لكنه، إن حقت به القداسة ارتد إلى حكاية، أو أسطورة، لأن الأساطير تجيب عن الأسئلة ولا تطرحها.


يتعامل المؤرخ مع إنسان متبدل الأحوال، ويستولد النقد التاريخي من تمييز الأزمنة المتغيرة، فلا معرفة إلا بالمتغيّر، ولا نقد في مجتمع يتجانس فيه الرجال والأزمنة. وعن النقد، الذي يميز زمناً من غيره، تصدر وحدة المعرفة والحرية، ويولد عقل تاريخي يتكوّن في قراءة الاختلاف، وما المعرفة التاريخية إلا مقارنة عارفة تفصل بين الأسطوري والتاريخي، وبين الماضي والحاضر المختلف عنه. ولهذا يصبح الماضي، في الوعي التاريخي، وعياً بالحاضر، على خلاف الوعي ا الأسطوري، الذي يجر الحاضر إلى الماضي ويعطف الزمنين، بعد إضعافهما على أصل قديم. وقد يخالط الأسطوري، في جميع الأزمنة، التاريخي، دون أن يمنعه عن البدء من الفعل الإنساني والتمسك بأسئلته.


يؤكد المؤرخ، الذي يلمح الحقيقة في ثنايا التاريخ المعتمة، حقيقة «الإنسان التاريخي» مرتين مرة أولى وهو ينشئ منهجاً خاصاً به لا يُختصر إلى منهج سبق، ومرة ثانية وهو يرصد حقيقة متنامية، نتجت عن مناهج مختلفة متتالية. يخبر المؤرخ في الحالين عن نسبية المعرفة، وعن تطلع الجهود المتلاحقة إلى حقيقة موضوعية، وهذا التصور، الذي يعترف بسيرورة المعرفة قبل أن يفتش عنها، يأمر المؤرخ بتصحيح حقيقة بأخرى، وبمقارنة منهج بغيره، تطلّعاً إلى ثالث أكثر دقة. يصحح المؤرخ ويقارن مؤمناً بأن التاريخ علم بين العلوم الأخرى، يقرأ الماضي معتمداً الوثيقة المحددة والاستدلال العقلاني، وبأن هذا العلم يظل موضوعياً، كما هو حين يلجأ إلى «الخيال الإبداعي»، الذي يجعل الواقعة المكتشفة قريبة من الواقعة - الأصل، التي حدثت في الماضي.


يبدو التاريخ، لدى المدافعين عنه أو المنتسبين إليه، علماً موضوعياً مبراً من الأهواء والمصالح له أسانيده ووثائقه والجهود المتعددة التي أنجزت مناهجه، بل أن له من الهيبة والوقار ما ينصبه «علماً شريفاً»، في بعض التصورات، كما ألمح صاحب «حديث عيسى بن هشام، لكن هذا المنظور الذي يريد أن يكون موضوعياً، يصيبه الارتباك لأكثر من سبب إن التاريخ، غالباً، علم سلطوي وعن السلطة، يدور حول مقولتين سلطويتين، هما الانتصار والهزيمة، يُنتَج ويعاد إنتاجه في مؤسسات سلطوية، لا تقتصر في الرقابة حاذفة ما لا تريد ومبرزة ما تشاء وترغب. وبداهة، فإن ثنائية النصر والهزيمة، وهي سلطوية المنظور والغايات تفضي، لزوماً، إلى تاريخين متعالقين متنافيين، يحدث أحدهما عن منتصر جدير بنصره ويسرد ثانيهما سيرة مهزوم لا يليق النصر به. تبدل هذه الثنائية، التي لا يقوم التاريخ إلا بها العلم التاريخي الموضوعي إلى «قصة» بين الأقاصيص الأخرى، ذلك أن المنتصر يرى إلى انتصاره بطريقة تخالف نظرة المهزوم إليها، مثلما أن هزيمة المهزوم، الذي لا يعترف غالباً بهزيمته، تضع على لسانه قصة تخفّف من غُلبه، وتعده بانتصار قادم. تتراجع كثيراً ثنائية الأسطوري والتاريخي، التي يفصل بينها المؤرخ الحالم بعلم محض، وتتقدم ثنائية الهزيمة والانتصار، التي تنصر وثيقة تاريخية وتتلف غيرها. ولعل الثنائية السلطوية هي التي تجعل المنتصر يرى إلى الماضي باستعلاء واستكبار، مطمئناً إلى حاضره الوثير، وتأمر الأرواح المهزومة بالتطير من الحاضر والالتفات إلى الماضي البعيد بحنين كبير.


يكتب المنتصر تاريخ انتصاره ويكتب فيه تاريخ الطرف الذي هزمه، كما لو كان المنتصر خالقاً للأزمنة والحقائق والكتابة. ومن سخف القول، بداهة، أن يلتمس الإنسان حقيقة العصر الأموي في كتابات عباسيّة، أو أن يقرأ التاريخ العربي في أطروحات صهيونية ترى فلسطين يهودية منذ زمن سحيق»، أو أن ينقب عن حضارة هندية في دراسات أمريكية انتصارية، لم تكتشف أن للهنود أرواحاً إلا بعد استقرارهم في قبور جماعية. كتب «هولي إيغل»، من نشطاء هنود شعب سو في أمريكا»: «تاريخنا مكتوب بالحبر الأبيض، إن أول ما يفعله المنتصر هو محو تاريخ المهزومين، ويا الله ما أغزر دموعهم فوق دماء ضحاياهم، وما أسهل أن يسرقوا وجودهم من ضمير الأرض؛ هذه واحدة من الإبادات الكثيرة التي واجهناها وسيواجهها الفلسطينيون. إن جلادنا المقدس واحد .... يكتب الأمريكي المنتصر تاريخ الهندي الأحمر بحبر أبيض، يكتبه كي يلغيه ويقطع رأس المهزوم من جديد، مقرراً النصر والهزيمة معطى إلهياً. فقد انتصرت الأرواح الخيّرة على أشرار، لم تعترف الكنيسة بأن لهم أرواحاً إلا في عام 1537 . المنتصر، عند المؤرخ المنتصر وكنيسته، هو الصوت الذي يعلو حين يشاء والمهزوم هو الصدى المنقشع حين يغفو الصوت المنتصر. يغدو الانتصار، في الحالات جميعها، معيار الحقيقة، وتصبح الهزيمة مرادفاً للضلال.


وقد يأخذ المهزوم، في شروط سلطوية بائسة بثنائية النصر والهزيمة، متوسلاً عدواً يسيراً قابلاً للهزيمة، مختاراً مؤرخاً يكتب انتصاره السخيف، ومقرراً معنى النصر والهزيمة أيضاً. ولعل علاقة الكتابة بالسلطة هي التي تقرر الكتابة، في أزمنة الانغلاق فعلاً سلطوياً، يبرّر ويخترع ويسجل أحوال المهزومين في «أرشيف» لا نهاية له. وبسبب هذه الكتابة الموزّعة على المدح والتزوير و«الأرشيف»، تكون المكتبات الرسمية سلطوية، تبني ذاكرة وتئد أخرى تاركةً من لا سلطان لهم ينتظرون مكتبات لا تجيء، ومعطيةً المؤرخ النزيه فَرَجاً حزيناً، ينشر فيه حقيقة عاجزة، بعد فوات الأوان.


 يساوي المؤرخ السلطوي الانتصار بالحقيقة، والحقيقة بالمنفعة، والسلطة بالحقيقة والمنفعة فالعلم الصائب ما يسهم في توطيد السلطة، وما ينقدها معرفة زائفة ينقدها العلم ولا يقبل بها . وما مجد الفن الحقيقي إن كان للتعبير من معنى، إلا نقضه للمتسلّط وللقول السلطوي، ذلك أنَّ له، رسماً وشعراً وعمارة ورواية، صوته الحر وأصداءه الطليقة، اللذين يعارضان أهواء السلطة الزائلة، بإشارات تحتفي بها أزمنة متبدلة، وهذا الصوت الذي يرفض أن يكون صدى لغيره، يقترح رواية تكتب تاريخ المقموعين الذين لا يكتبون تاريخهم، روايةً تنأى عن ثنائية النصر والسلطة، وتذهب إلى ثنائية: الاغتراب الإنساني والبحث عن المعنى، كي تحاور الممزق والمتداعي والمعنى المرغوب الهارب أبداً. كأن المعنى، الذي تقصده الرواية، هو بحث الإنسان عن معنى لا يصل إليه، ذلك أن البحث في ذاته هو الهدف الأخير.


الحديث عن الرواية، التي يقصد إنسانها المغترب معنى لا يروّض، حديث عن مبدع يرجو الصحيح ويزهد بالمفيد، فكما يوجد الشعر الحقيقي بالشعراء الذين يخلقونه، تتعين الرواية بمن يحققها لا بمن ينتسب إليها، ذلك أن الكتابة الروائية كما غيرها عرفت كلمات مطمئنة متقاطعة تتوهّم الإبداع وتنحاز إلى الخواء."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب