تحميل كتاب دور العنف في التاريخ بصغة بدف pdf
معلومات عن الكتاب
العنوان : دور العنف في التاريخالمؤلف : فريدريك إنجلز
ترجمة: فؤاد أيوب
الناشر : دار دمشق للنشر والتوزيع
عدد الصفحات : 162 ص
مقتطف من الكتاب
" في نظامي تتقرر العلاقة بين السياسة العامة وأشكال القانون الاقتصادي بطريقة حاسمة جدا، وفي الوقت ذاته بطريقة فذة جدا، بحيث لا يكون من النافل الإشارة بصورة مخصوصة إلى هذه النقطة بغية تسهيل الدراسة. إن تشكل العلاقة السياسية هو تاريخيا العنصر الأساسي، وليست أمثلة التبعية الاقتصادية إلا نتائج او حالات خاصة، وبالتالي فهي على الدوام حقائق من المرتبة التانية، وإن بعض الانظمة الاشتراكية الحديثة تجعل من الفكرة السطحية لعلاقة معكوسة كليا المبدأ الموجه لها، بمعنى انها تفترض أن الظواهر السياسية تنشأ عن الشروط الاقتصادية وتكون منقادة لها، وصحيح أن هذه النتائج من المرتبة التانية موجودة بصفتها هذه، وهي ملموسة على أوضح صورة في الوقت الحاضر، بيد أن من واجبنا أن نبحث عن العنصر البدئي في العنف السياسي المباشر، وليس في اية قوة اقتصادية غير مباشرة.
تلك هي نظرة الهر دوهرنغ، إنها تنصب بكل بساطة، ترسم اذا جاز التعبير، في هذا المقطع وفي مقاطع عديدة أخرى. ولا نجد في اي موضع من المجلدات الثلاثة السمينة حتى أوهى محاولة من أجل البرهان على بطلان وجهة النظر المضادة، وحتى إذا كانت الحجج المؤيدة لها بخسة مثل التوت العليق، فإن الهر دوهرنغ لا يعطينا ايا منها، ذلك أن القضية كلها قد اتبتت مسبقا بواسطة الخطيئة الأصلية الشهيرة، حين جعل روبنسون كروزو من فرايدي عبدا له. كان ذلك فعلا من العنف، ونتيجة ذلك فعلا سياسيا. وبقدر ما يشكل هذا الاستعباد منطلق التاريخ الماضي برمته وحقيقته الأساسية، وبقدر ما يحقنه بخطيئة الظلم الأصلية، بحيث لم تفعل المراحل سوى التخفيف منه وتحويله إلى أشكال اكثر التواء من التبعية الاقتصادية، وبقدر ما تستند الملكية المؤسسة على العنف التي استمرت حتا وقتنا الراهن، إلى ذلك الفعل الأصلي من الاستعباد أيضا، فإنه من الواضح أن مختلف الظواهر الاقتصادية يجب أن تفسر بالاسباب السياسية، يعني العنف، وليس كل ما لا يرضيه ذلك الا رجعيا مقنعا.
ويجب أن نشير بادئ الأمر إلى أنه لا يمكن سوى لرجل مفتون بنفسه قدر افتنان الهر دوهرنغ ان يعتبر هذا الرأي فذا حتى تلك الدرجة، بينما ليس هو كذلك في حال من الأحوال. إن الفكرة القائلة إن الأفعال السياسية وأفعال الدولة هي العناصر الحاسمة في التاريخ لا فكرة قديمة قدم التاريخ المكتوب نفسه، وهي السبب الرئيسي في أنه لم يتبق لنا إلا القليل مما يتعلق بتطور التقدم الفعلي للشعوب، هذا التطور الذي حدث في هدوء، في الكواليس، وراء تلك المشاهد الصاخبة الجارية على المسرح، وقد سادت هذه الفكرة مافيهم التاريخ في الماضي، ولم يوجه إليها الضربة الأولى سوى المؤرخين البورجوازين الفرنسيين في عصر عودة الملكية، وهو الشيئ الفذ الوحيد الذي لا يعرف الهر دوهرنغ عنه، مرة أخرى اي شيئ على الإطلاق.
حتى لو افترضنا أن مؤقتا أن الهر دوهرنغ على حق في قوله إن كل التاريخ الماضي يمكن ان يرد إلى استعباد الإنسان للانسان، فإننا لا بعيدين جدا عن بلوغ لب المسألة، ذلك أن هذا السؤال يطرح علينا اذن، كيف حدث أن كروزو استعبد فرايدي المجرد اللذة في ذلك؟ لا شيئ من هذا القبيل. إن الأمر على النقيض من ذلك اذ نحن نرى فرايدي مضطر إلى تقديم الخدمة الاقتصادية بوصفه عبدا او بوصفه مجرد أداة وهو لا يحافظ عليه إلا بوصفه هذه الأداة.
لقد استعبد كروزو فرايدي لغرض واحد، الا وهو أن يعمل فرايدي لمصلحة كروزو، وكيف يستطيع أن ينتفع من عمل فرايدي؟ لا يستطيع ذلك الا اذا انتج فرايدي من عمله مقدار من الوسائط المعيشة أعظم مما يتوجب على كروزو اعطاءه اياه من أجل المحافظة عليه في حالة صالحة للعمل، وهكذا فيظإن كروزو منتهكا صفة الهر دوهرنغ الصريحة، يأخذ التجمع السياسي الناشئ عن استعباد فرايدي، ليس لذاته على اعتباره نقطة انطلاق بل كمجرد وسيلة لضمان غذائه. "
Lien de téléchargement en PDF