ظاهرة استبداد الدولة في العصر المرابطي، مساهمة في استحضار أسباب تراجع الغرب الإسلامي pdf

تحميل مقال ظاهرة استبداد الدولة في العصر المرابطي، مساهمة في استحضار أسباب تراجع الغرب الإسلامي بصيغة بدف pdf

معلومات عن المقال

العنوان : ظاهرة استبداد الدولة في العصر المرابطي، مساهمة في استحضار أسباب تراجع الغرب الإسلامي
المؤلف : القادري بوتشيش
الناشر : مجلة أمل / عدد 7/ مجلد 21
عدد الصفحات : 15 ص

مقتطف من المقال

" يرى أحد الباحثين في عودة ابي بكر من الصحراء نحو شمال المغرب مبادرة لتأكيد سلطة ابن عمه وتقديم النصح له، غير أن النصوص تكشف عكس ذلك، فإن ابن زرع يقول أن ابا بكر لما سمع بضخامة ملك يوسف اقبل إليه من الصحراء ليعزله ويولي غيره. والحقيقة أن يوسف بن تشافين تمكن من اغتصاب السلطة من أبي بكر وفرض الأمر الواقع عليه بالترغيب والتهديد، عن طريق تقديم الهدايا وإظهار القوة في نفس الوقت، ووظف الأموال الباهضة التي امدته بها زوجته ليحقق هذا الهدف وفي هذا الصدد يقول ابن عذاري: وتزوج يوسف بن تشافين زينب النفزاوية ودخل بها وسر بها، واخبرته انه يملك المغرب كله، فبسطت أماله وأصلحت أحواله واعطته الأموال الغزيرة، كما استمال اليه أنصار أبي بكر بأن أمر لهم بالكسوة الفاخرة والخيول الموسومة والاموال الجمة.

ومن القرائن التي تنهض حجة على فكرة اغتصاب السلطة منه أن ابنه ابراهيم عاد من الصحراء سنة 469 هجرية واتصل بيوسف بن تشافين لمطالبة بإمارة أبيه، غير أن سياسة الترغيب والترهيب تلك أجبرته على العودة من حيث أتى جارا معه الخيبة والفشل، مفضلا قبول الهدايا على قساوة السجن والكبل. ومنذئذ تحول نظام الحكم في الطور الثاني من عصر المرابطين إلى نظام الوراثة خاصة عندما اكتملت هياكل الدولة وتم توحيد المغرب والاندلس وحاول الأمير المرابطي أن يجد مبررا لهذا التحول، فزعم أنه أراد المحافظة على الوحدة التي أنجزها، وحسم داء الخلاف حتى لا تعود البلاد إلى سابق عهدها من الفوضى والقلاقل، وهو ما يتضح من وثيقة ولاية العهد.

وعلى كل حال، هل بقيت التقاليد القبلية سائدة في تعيين الأمراء بعد حقبة الشورى التي جائت متوافقة مع المرحلة الصحراوية؟. يذكر المؤرخون ان يسوف بن تشافين اخذ البيعة لابنه علي بن يوسف سنة 496 هجرية ثم بايعه بعد ذلك أمراء لمتونة واشياخ البلاد وفقهاؤها. غير أن ذلك لم يمنعه من استشارة اهل الحل والعقد الذين زكوا قراره كما تؤكد ذلك وثيقة بيعة علي بن يوسف.

وتتأكد ظاهرة الاستشارة كذلك في اختيار علي بن يوسف ابنه تشافين، إذ تم اختياره في مسجد الجامع بحضور الاشياخ وجمهور الناس، بينما تمت بيعة ابراهيم بن تشافين دون استشارة نظرا للظروف العصيبة التي اجتازتها الدولة المرابطية وهي في طور الاحتضار، لذلك بايع تشافين ابنه ابراهيم وهو مقيم وهران يقاوم الجيوش الموحدية، إلا أن إسحاق بن علي شق عليه عصا الطاعة ودعا لنفسه، مما أدى إلى نشوب نزاع بين الجانبين.

من الرواية الأخيرة، يتأكد ان مشكل السلطة لم يحسم حتى في ظل نظام الوراثة، رغم الطابع الاستشاري الشكلي احيانا، وعلى الرغم من وجود معايير لاختيار من يتولى أمور الدولة كما تحددها وثيقة ولاية العهد، فانها لم تحترم وتعرضت للكثير من التجاوزات، ولم يكن ثمة قانون ثابت ينظمها، الشيئ الذي يفسر الثورات التي قامت ضد وصول بعض الأمراء إلى السلطة، ومن هذا القبيل نذكر معارضة يحيى بن ابي بكر لعمه علي بن يوسف وخلاف اسحاق بن علي مع ابراهيم بن تشافين  والدعوة لنفسه بالإمارة ناهيك عما تذكره المصادر ضروب الحسد والمناورة التي أبداها الأمير سير بن ابي بكر اتجاه أخيه تشافين بن علي. ويخيل إلينا أن للعسكر  المرتزقة يد في المؤامرات والدسائس التي حبكت داخل البلاط من أجل تنصيب هذا الأمير او ذلك، وهو ما اسفر عن تدهور رسوم الإمارة، وإفراغها من محتواها القانوني ثم التعجيل بسقوطها في نهاية المطاف. 

ومما زاد من الطين بلة تدخل النساء في أمور البيعة، ويخيل إلينا أن مثل هذه التجاوزات جعلت الحسن الوزان يقول ( لا يوجد من بين كافة ملوك المغرب من ولى الملك أو الإمارة بانتخاب من الشعب، ويعطي نموذجا لذلك من المرابطين والموحدين. 

نستنتج مما سبق أن الدولة المرابطية تحولت سياسيا من إطار المشاركة القبلية والتسيير الجماعي في بداية تكونها إلى احتكار السلطة من طرف العصبية المؤسسة خاصة عندما غزتها مدينة الأندلس ودخلت في حضارة ترفية استهلاكية تمخض عنها دخول الدولة في مرحلة الهرم والضعف مما سهل على القوى المسيحية الإجهاض على منجزتها العسكرية. "

                  Lien de téléchargement en PDF