كتاب الاستيطان والحماية بالمغرب 1863 - 1894 للمؤلف مصطفى بوشعراء الجزء الرابع أونلاين بصيغة PDF.
معلومات عن الكتاب:
العنوان: الاستيطان والحماية بالمغرب 1863 - 1894.
المؤلف : مصطفى بوشعراء.
الجزء: الرابع.
الناشر : المطبعة الملكية – الرباط.
الطبعة الأولى : 1984م.
عدد الصفحات: 292.
حجم الكتاب: 6.78 ميجا بايت.
صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
مقتطف من الكتاب:
"العلاج والمواساة.
كانت جميع المستوصفات والمراكز الصحية البروتيستانتية محتوية على أطباء وممرضين، وتقدم بيان مواقعها.
شیدت «نورث» بطنجة سنة 1886 مستشفى وأردفته بثان كان يغشاه المسلمون واليهود من المغاربة مثلما كان يفد عليه الاسبانيون. وكان مشتملا على غرفتين : واحدة للرجال وأخرى للنساء. وكان المرضى يقصدونه من المدينة ومن الآفاق البعيدة والنواحي القريبة.
وبفاس فتحت مركزا طبيا دام عدة سنوات، إلى جانب مستوصف ثانوي بصفرو.
وبتطوان تقاطر المرضى على مستشفى نفس البعثة ومثل ذلك يقال عن العرائش والرباط والدار البيضاء بالنسبة للهيأة المذكورة، وعن الصويرة والجديدة واسفي ومراكش بالنسبة لبعثة «سوذرن» ومكناس بالنسبة لبعثة كوسبل الامريكية. وهكذا لم تخل مدينة ساحلية ولا قاعدة داخلية من أطباء وممرضين ومساعدين، نساء ورجالا، وقد تعاطوا أنواعا مختلفة من النشاط الصحي الممزوج بالتلقين الديني.
فمن حيث أنواع العلاج، بلغت الفحوص بطنجة 2.300 استشارة سنة 1886 ثم ارتفعت إلى 17.000 سنة 1892. وفي سنة 1894 كان عدد الاستشارات 40 ألفا بطنجة والرباط والدار البيضاء وفاس، ثم وصلت إلى 70 ألفا سنة 1900 بمجموع المحطات.
ومنذ فتح المراكز التنصيرية البروتستانتية قدرت الاستشارات بـ 50 ألفا بتطوان و 70 ألفا بفاس و 80 ألفا بمراكش و 60 ألفا بطنجة و 50 ألفا بالرباط، أي أزيد من 300 ألف استشارة، كما أجريت أكثر من 100 عملية جراحية بمراكش، وأزيد من 200 بطنجة سنة 1905.
وينبغي أن يضاف إلى هاته الفحوص والاستشارات والعمليات ما قدموه من تلقيحات عند طروء الاوبئة سنة 1895 و 1901 و 1904 ، أنقذت - بلا ريب - كثيرا من الأرواح من الاخطار. ولربما أخذ الناس يقبلون نوعا ما أن تجرى لهم «الجلبات» الوقائية من الأوباء والأمراض، وكان ذلك لما صار الولاة وأعيان المخزن ينادون على الاطباء لعلاجهم. وعسى أن يكون قد دخل تطور ما على بعض العقول التي كانت تعتصم بان لا عدوى ولا طيرة» في الاسلام.
وخرج بعض المرسلين إلى الاسواق وإلى البوادي مثل لينوكس الذي ذهب لعلاج أحد أبناء المدني الكلاوي بتلوات وريتشموند الذي رحل إلى إيمين تانوت بقصد علاج المرضى.
التطبيب كان مطية للتنصير من مشرق الأرض إلى مغربها حسبما ورد في مختلف الكتب. ومن المؤلفين من زاروا المغرب مثل فرانسيس ماك نيب التي ذكرت أن المنصرين كانوا يستغلون فقر المغاربة لتمسيحهم فإذا لم ينصت المريض الى ما يتلونه من إنجيل، فلا دواء يعطى لهم، بحيث كانت أعمالهم مغطاة كلها بستار الطب. وقد ثبت هذا في شتى المصنفات المكتوبة عن النشاط التنصيري في البلدان الافريقية والعربية والاسلامية والاسيوية.
وبودنا أن نعرف كيف كان يتم ذلك.
وها كيف يصف منصر صباح يوم بمراكش: أمام باب دار البعثة تقبع جماعة من الناس قبل الافتتاح. وفي الساعة الثامنة يفتح المركز، ويدخل النساء والرجال إلى الدار ليستقر كل جنس في بيت... فيعظهم القس ويرد على اعتراضات الجمهور، الذي يظل بعضه صامتا، ويخرج البعض الآخر مغضبا، مفضلا مغادرة القاعة دون دواء على أن يسمع كلام كافر، وبعد نصف ساعة يبدأ العلاج. ويجري نفس الشيء مع النساء في الغرفة الأخرى.
وهكذا كان العلاج الجسماني يبدأ بالوعظ العقائدي، وبمخاطبة الضمائر قبل فحص الابدان، في هاته الصورة التي قدمت على أنها مجرد مثال.
أما المواساة فلم تكن خالصة لوجه الله، ولكنها كانت جديرة بالتنويه. ففي إبان المساغب وعند حلول الكوارث كانوا يسعفون بتقديم الأقوات والادوية إلى المنكوبين، متى كان عندهم فيض منها. فكانت هاته المواد تأتيهم عن طريق الهبة والاكتتاب.
وإلى جانب هاته الأعمال كانوا يوزعون الخبز والالبسة على المساجين، ولاسيما سنة 1894، في كل من تطوان وطنجة. وكان فريق من القساوسة منتميا إلى جمعية هوارد Howard التي كانت تشن حملة من أجل إصلاح نظام السجون.
ومهما يكن من هوى أو مهما يكن من عطف، فقد كان وجود أطباء وطبيبات إلى جانب المرضى في أوقات الحرج والألم مما خفف - نوعا ما. من الكراهية التي كان المغاربة يضمرونها لكل تاجر أجنبي كان همه الوحيد وديدنه الفريد الجشع والتهافت على الربح. وهكذا قدموا بتفانيهم المحمود صورة مغايرة عن الاجنبي الذي لا يسعى إلى ربح مادي.. "
رابط تحميل الكتاب:
