لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب الانتربولوجيا والتاريخ - حالة المغرب العربي - عبد الأحد السبتي وعبد اللطيف الفلق PDF

كتاب الانتربولوجيا والتاريخ - حالة المغرب العربي من تأليف عبد الأحد السبتي وعبد اللطيف الفلق أونلاين بصيغة PDF.










معلومات عن الكتاب :


العنوان : الانتربولوجيا والتاريخ - حالة المغرب العربي.


ترجمة : عبد الأحد السبتي وعبد اللطيف الفلق.


الناشر : دار توبقال للنشر.


الطبعة : 1 - سنة 1988.


عدد الصفحات : 132.


حجم الكتاب : 2.61 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).






مقتطف من الكتاب :



"في مَدْلُولِ « القَبِيلة » بِشَمَالِ افْرِيقْيَا


ينبغي نقوم بكتابة تاريخ كلمة « قبيلة »، وأن نتتبع استعمالاتها في الوثائق الرسمية أو الخصوصية التي تتصل باحتلال الجزائر ... إلى حد الآن لم يحاول أحد القيام بهذا العمل. لنفترض مؤقتا أنه في سنة 1830، كان المصطلح - وهو أيضا صورة وبرنامج ـــ يلخص عند الفرنسيين ثلاثة جوانب : التصور الحدسي بأن البلد المعني يثير في الذاكرة إرث الانجيل، وتركة الادارة التركية، والتصنيفات السريعة التي كانت سائدة لدى الأهالي، وهي تضع تحت تسمية « عرش » و « قبيلة » تشكيلات شديدة التنوع.


لكن سرعان ما خبر باحثونا التمييز بين مصطلح تبسيطي ووقائع مختلفة. فقد سجل الفنتان الفرق بين «القبائل الكبرى » التي تقطن الهضاب العليا والجنوب، و « القبائل الصغرى » التي تعيش في الساحل، أي في المنطقة التي أحس فيها المؤلف بوجود أوضاع تتلاءم أكثر مع أنماط العيش والمصائر المتوسطية. ومنذ دوماس الذي يرجع إليه فهم الحياة القبلية ووتائرها وألوانها، لم يحصل أي تقدم جدير بالذكر. لكن دوماس يعرف أيضا المدشر القبايلي. ثم تنوع مضمون ذلك المفهوم مع تجربة « المكاتب العربية »، ومع المناقشات العديدة التي أدت إلى الإصلاح العقاري لسنة 1863. فالمشروع اختار عن قصد أن يضع الاطار الترابي مكان الاطار السلالي الذي تعبر عنه صيغة « أولاد فلان ». إن هذا الاختيار لا يقتضي التحليل الدقيق فحسب، بل ينطوي كذلك على حكم وتقييم.


لقد شهد هذا التحليل تحسنا ملحوظا فيما بعد. فقد أصدر مسكري كتابه الهام حول « تكوين الحواضر » (1886)، حيث أعاد تركيب بنية المجموعات المستقرة في القبايل والأوراس والمزاب على النمط الذي عرفته روما وأثينا في تاريخهما المبكر. أما القبيلة التي سميت على سبيل التمييز » بالقبيلة العربية »، فإن دراستها حققت خطوة حاسمة عند مطلع القرن العشرين.


لقد انتبه باحث حاذق الى أن التسمية المشتقة من الجد المشترك تخفي تنوعا كبيرا في أصول السكان ومن تم عبر نفس المؤلف عن تشككه إزاء التفسير الذي يعتمد على عامل السلالة الواحدة. فاتضح إذن أن الالتجاء الى الجد الذي ينتمي إليه اسم السلالة هو في الواقع مجرد وهم، إذ يتقاطع عبره عدد لاحصر له من الأصول. وتبين أن تفسير هذه الظاهرة يكمن في الانتشار المبكر لفروع أساسية رمت بأغصانها صوب كل الاتجاهات. هكذا نفهم التناثر المدهش الذي شهدته بعض المجموعات التي تتحدث عنها الكتابات الاخبارية : لنأخذ مثال لواته الذين كانوا بليبيا خلال العصر الوسيط، فلا زالت مجموعتان منهم تحملان هذا الاسم بجوار بن تكرير في المغرب، أو مثال رحل الجنوب الجزائري الذين يوجد بعض حفدتهم على امتداد طريق الانتجاع التي كانوا يمرون بها. لا غرابة إذن في أن « نجد أينما كنا في المغرب الكبير المعاصى كل أسماء القبائل ».


من الاستعارة النباتية الى الفرضية التاريخية


يبدو إذن أن المسألة أخذت طريقها في اتجاه الوضوح. فالحتمية التاريخية الحديثة حلت محل التصور العتيق الذي يتبنى السببية الوراثية لدى الساميين. ومن المحتمل أن تكون لبنية المجموعات الحالية - وهي بنية تتسم بالتجزؤ . علاقة بعدد من الظواهر التي يزخر بها ماضي افريقيا الشمالية : الانتصارات أو الهزائم، تنقلات الغزاة أو تيهان الهاربين الحيوية تبعث على الانتشار أو الضعف الذي يقترن بالتشتت حركات التوسع أو الانكماش التي يعرفها الاقتصاد الفلاحي وعلى الأخص الاقتصاد الرعوي، تكاثر أو اختلاط المجموعات.


لذلك كتب إ. دوتي في سنة 1903 بعد أن قام بدراسة المجموعة غير المتجانسة التي تقطن بفيكيك : « إن تقسيمات المجموعات الحالية من السكان لا تشكل على العموم، فروعا تنحدر من نفس الأرومة، بل هي عبارة عن براعم وتطعيمات ألحقت بفرع أصلى يستحيل تمييزه في بعض الاحيان ». وبعد بضع سنوات، أكد أغوستيس برنار أن القبيلة « لا تنمو فقط عن طريق الاندماج، بل كذلك عن طريق التجميع ».


وإذ أصبحت مثل هذه الصيغ كلاسيكية في هذا النوع من الدراسات، فإن أكثر من نصف قرن من الملاحظة لم يؤد إلى تفنيدها بشكل جدي، بل إن تحليل مجتمعات الاطلس الكبير أكد من جديد إجرائيتها، فإذا تجرأنا على متابعة الاستعارة النباتية التي اعتمدها دوتي، سوف نقول أن مجموعة « الشلوح » تظهر تعقيدا يذكرنا بالغينة المتشابكة التي تتكون من زغف صغيرة، والتي تمتد جذورها صوب كل نقط الأفق. ليس هذا التغاير مجرد واقع بل هو بمثابة القاعدة، كما أن القاعدة تكمن كذلك في الاختلاف الصريح الموجود بين هذا النسق وبين شخصية المجموعة وهوية الاسم. لكننا نلمس هنا مشكلة مورفولوجية لم تنل، على ما يبدو، اهتمام كبار الباحثين من أسلافنا مع أنهم كانوا على وعي أسلافنا مع أنهم كانوا على وعي بأهميتها. لا توجد بين أيدينا إلى حد الآن مادة وقائعية تفوق بشكل ملموس ما كان يتوفر عليه أولئك الدارسون، بل إن الدراسات المونوغرافية قد تراجعت منذ ذلك الحين في عدد من المناطق.


لم تتنبه أية دراسة إحصائية حول مجموع شمال افريقيا، لجرد أصول أهم المجموعات، أو على الأقل تلك الأصول التي ترعاها ذاكرة هذه المجموعات. ولا يوجد كذلك، على سبيل التجربة المضادة، جدول جغرافي يحدد مواقع تكرار الأسماء، أو على الأقل أشهرها، ومع ذلك من يُنكر فائدة بحث في مثل هذه الدقة، وغير قابل لأن ينازع حتى فيما يتسم به من جفاف لانه سيؤدي الى اكتشاف التواترات ! ولا أدل على ذلك من الفهرس المتواضع الذي تنشره من حين لآخر « مصلحة الشغل » بالمغرب. لنتصفح هذه النشرة. سوف تجد أن المجموعات التي تحمل اسم هوارة تتوزع بالشكل التالي : فهي توجد « كقبيلة » في موقعين، و « كفرقة » في ثلاثة مواقع، و « كتجمع سكني » في خمسة مواقع. كيف سيكون الأمر إذا ما استطعنا أن ننزل الى أدنى مستويات المجموعة السلالية، حيث يتم عادة اندماج الفئات، وحيث تحتفظ الذاكرة بروايات الأصل. كما أن قابلية كافة المجتمعات المغربية للتفتت تتجلى فيه أكثر مما تتجلى في غيره من المستويات وإذا ما اقتصرنا على المغرب وحده، يُتيح لنا أبسط فهرس تحديد ما لا يقل عن خمسة مواقع بالنسبة لكل مجموعة من المجموعات التي ساهمت بشكل فعال في تاريخ البرير خلال العصر الوسيط : زناتة مصمودة، الخ. ويشير هذا التواتر الى وحدات تتفاوت فيما بينها تفاوتا شديدا، وإلى أماكن متباعدة كل التباعد. من الأكيد أننا لسنا أمام مجرد صدفة.


من هذا المنظور، نجد أنفسنا أمام استعارة كلاسيكية أخرى توحي بصورة الفسيفساء للتعبير عن حركة تعمير المغرب الكبير. لكن هذه الفسيفساء تتكون من عناصر في منتهى الدقة وتنتمي ألوانها - بالرغم من كثرة عددها - إلى سلّم واحد يتشكل من الأسماء الكبرى التي تتخلل تاريخ المنطقة. إن المسألة المثيرة لا تنحصر في دقة التركيب، بل إن ما يثيرنا كذلك هو عودة نفس اللوينات، والعدد المحدود للألوان المستعملة. لا شك أننا لم نتمكن بعد من فك ألغاز هذه الفسيفساء، لكن أليس التمييز بين خطوطها عملية تحفز عليها أبسط ضرورات المنطق وأبسط متطلبات العقل ؟ هذا ما قام به باحثونا فقد اعتمد بعضهم على الوهم النسبي الذي ينتشر الأبناء بمقتضاه بعيدا عن الأب، بينما اعتمد البعض الآخر على التفسير التاريخي الذي يقوم على تناثر المجموعات هكذا كل بطريقته الخاصة هذه التكرارية الغريبة التي تعرفها أسماء المجموعات.


لكن دراسة « جمهوريات » الأطلس توحي بوجود ظواهر أخرى. ونتوفر بصدد هذه الجمهوريات، على عدة معطيات تؤكد قدمها على الاقل فيما يتعلق بالاطار الاجتماعي. هنا استقر الاسم في مكان واحد ولا تستند مجموعات كثيرة الى أي انتماء سلالي. لقد تمت عملية اندماجية من نوع مغاير وهي عملية تتجاوز القرابة الحقيقية، ولا تمنح أية أهمية للقرابة الوهمية كعامل تفسيري عندما نتمعن في تحليل هذه المجموعات، تتأكد بصورة جزئية فرضية الباحثين الفرنسيين، بل ينكشف جانب المغالاة في تطبيق تلك الفرضية. لكن من جانب آخر، يتعارض ذلك التحليل مع المبدأ الذي تقوم عليه نظرة هؤلاء العلماء، وهي نظرة تؤطرها السهولة التي تم بها التغلب على النسق النسبي المحلي.


ليس هذا النسق بطبيعة الحال، سوى محاولة أدبية لتفسير تحولات قديمة، غير أن قيمته لا تقل عن قيمة التفسير « التاريخي » الذي لا يحيد عن صورة التشتت الذي حصل انطلاقا من مراكز أصلية، أو صورة البتائل التي تتفتق بعيدا عن الجذع الأصلي. ألسنا هنا أمام نفس التخمينات التي يتضمنها التصور التقليدي ؟ إن التصور الذي يقوم على فكرة مجموعات متنقلة وسريعة الحركة، لكن شديدة التعلق بهويتها النسبية يكاد لا يكون أكثر إرضاء من الافتراض الذي يعتمد على فكرة الجد ذي الذرية المتناثرة."


رابط تحميل الكتاب:


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب