كتاب الانتروبولوجيا البنيوية للمؤلف كلود ليفي ستروس الجزء الأول أونلاين بصيغة PDF.
معلومات عن الكتاب :
العنوان : الأنثروبولجيا البنيوية.
الجزء :الأول.
المؤلف : كلود ليفي ستروس.
ترجمة : د. مصطفى صالح.
الناشر : وزارة الثقافة والإرشاد القومي - دمشق.
سنة النشر: 1977.
عدد الصفحات: 466.
الحجم: 12.8 ميجا بايت.
صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
مقتطف من الكتاب :
"مفهوم القديم في الاتنولوجيا
يبدو أن لفظ « بدائي » قد اتخذ مكانه نهائيا في المعجم الاتنولوجي والسوسيولوجي المعاصر ، على الرغم من عيوبه وانتقاداته المنصفة ، لعدم وجود لفظ احسن. نحن ندرس، اذا، مجتمعات بدائية. ولكن ماهو المقصود بذلك ؟ إن التعبير اجمالا لعلى درجة كافية من الوضوح. من المعلوم أن كلمة ( بدائي » تدل على مجموعة واسعة من الشعوب تجهل الكتابة، الأمر الذي أبقاها خارج نطاق بحث المؤرخ الصرف، أو تأثرت مؤخرا بانتشار الحضارة الآلية، فظلت بعيدة، ببنيتها الاجتماعية و مفهومها عن العالم، عن بعض المفاهيم الاساسية في نظر الاقتصاد والفلسفة السياسيين عندما يتعلق الأمر بمجتمعنا. ولكن أين يمر خط الحدود ؟ ان المكسيك القديمة تستجيب للمعيار الثاني، فيما تتلاءم مع الاول تلاؤما ناقصا جدا. وتنفتح مصر والصين القديمتين أمام البحث الاتنولوجي، لا لجهلهما الكتابة بالتأكيد، بل لأن الوثائق المحفوظة لا تكفي لجعل استخدام المناهج الأخرى عديم الجدوى؛ وهما لاتقعان خارج منطقة الحضارة الآلية : بل تقدمتا عليها في الزمن. وبالعكس، أن يقوم الفولكلوري بعمله في الحاضر، وفي داخل منطقة الحضارة الآلية، ليس شانه ان يعزله عن الاتنولوجي. يشهد المرء، منذ عشر سنوات، تطورا مثيرا في الولايات المتحدة، يظهر، اولا، الازمة الروحية التي يعانيها المجتمع الامريكي المعاصر (وقد راح يشك في نفسه واصبح لا يتوصل الى فهمها الا من خلال تأثير الغربة المتزايدة في نظره ) ولكنه، إذ يفتح للاتنولوجيا أبواب المصانع، والمصالح العامة الوطنية والبلدية، وحتى رئاسات الاركان أحيانا، يؤكد ان الاختلاف بين الاتنولوجيا وعلوم الانسان الاخرى هو في المنهج لا في الموضوع.
بيد ان الموضوع هو الذي نريد دراسته هنا لان الاتنولوجيا الامريكية إذ تفقد الشعور بالموضوع الخاص بها، تتحول عن المنهج التجريبي الذي سلحها مؤسسوها به - وهو منهج تجريبي الى حد كبير ولكنه دقيق ومدقق - الى ميتافيزياء اجتماعية تبسيطية في الغالب، وطرق بحث متغيرة. ان توطد المنهج ومن ثم اتساعه متعذران بدون معرفة موضوعه الخاص وخصائصه النوعية وعناصره المميزة معرفة تزداد دقة على الدوام. ونحن بعيدون عن ذلك. في الواقع، يبدو لفظ « بدائي » أنه قد أصبح نهائيا في مأمن من البلبلات التي استتبعها معناه الاشتقاقي، وحافظت عليها نشوئية بالية. الشعب البدائي ليس شعبا متأخرا او متخلفا؛ بل ينم في هذا المجال أو ذاك عن روح ابتكار وتنفيذ تتقدم اشواطا بعيدة على نجاحات المتحضرين. من ذلك، « علم الاجتماع المخطط » الحقيقي الذي تكشف عنه دراسة تنظيم المجتمعات الاسترالية العائلي، وتكامل الحياة العاطفية في منظومة معقدة من الحقوق والواجبات في ميلانيزيا، واستخدام الشعور الديني كل مكان تقريبا لانشاء ترکيب من الاماني الفردية والنظام الاجتماعي، يكون قابلا للاستمرار ان لم يكن متناسقا على الدوام.
كما أن الشعب البدائي ليس شعبا بلا تاريخ، على الرغم من عدم معرفة تعاقب احداثه غالبا، تظهر ابحاث سيليجمان عن اهالي غينيا الجديدة كيف ان بنية اجتماعية، منهجية جدا في الظاهر، قد تحررت تارة، وحفظت طورا، وسط سلسلة من الاحداث المحتملة، كالحروب والهجرات والخصومات والفتوحات. ويصف شتانر المناقشات التـ تدور حول اصدار تشريع يتعلق بالقرابة والزواج في المجتمع المعاصر : عناصر الشباب « المصلحون، الذين تحولوا الى مذاهب قوم مجاور، يناصرون تبسيط المؤسسات القديمة، فيما لا ينجح عدد من الاهالي، ابتعدوا عن قبيلتهم طوال سنوات، في التآلف مع النظام الجديد، عند عودتهم. وفي امريكا، لم يحافظ عدد عشائر هوبي وتوزعها وعلاقاتها المتبادلة اليوم، على ما كانت عليه قبل قرنين. نحن نعرف ذلك كله، ولكن ما الذي استخلصناه منه ؟ تمييزا، مشوشا من الناحية النظرية ومتعذر التنفيذ في الواقع، بين ( بدائيين ) مزعومين، اتفق على تسميتهم كذلك ) مشتملين تقريبا على مجموع الشعوب التي درسها الاتنولوجي )، وبعض ( البدائيين الحقيقيين ) النادرين، الذين ردهم مارسيل موس الى الاستراليين والفويجيين وحدهم. لقد تقدم الرأي الواجب تكوينه عن الاستراليين. اذا، هل يعتبر الفويجييون ) وبعض القبائل الامريكية الجنوبية التي يقرنها بهم عدد من المؤلفين الوحيدين، الى جانب بعض جماعات الاقزام ، الذين تمتعوا بمزية البقاء غير المألوف وبدون تاريخ ؟ يستند هذا الزعم الغريب الى حجة مزدوجة. اولا، جهلنا بتاريخ هذه الشعوب جهلا تاما، وبقاؤه كذلك الى الابد، بسبب غياب التقاليد الشفهية والاثريات أو فقرها وهذا لا يستتبع بأية حال عدم وجود هذا التاريخ. ثانيا، تثير هذه الشعوب، بقدم تقنياتها ومؤسساتها، ما يتيسر لنا تشكيله ثانية من الحالة الاجتماعية لا قوام قديمة جدا، عاشت قبل عشرة آلاف سنة أو عشرين ألفا؛ ومن هنا استنتاج بقاء هذه الاقوام اليوم كما كانت عليه في ذلك العصر البعيد. ونترك للفلسفة أمر الاهتمام بتفسير سبب حصول شيء ما، في بعض الحالات، وسبب عدم وقوع اي شيء في هذه الحالات. "
رابط تحميل الكتاب:
