لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب الأنثربولوجيا وأزمة العالم الحديث - رالف لنتون pdf

 كتاب الأنثربولوجيا وأزمة العالم الحديث pdf - رالف لنتون






معلومات عن الكتاب :


عنوان الكتاب : الأنثربولوجيا وأزمة العالم الحديث.


المؤلف : رالف لنتون.


ترجمة : عبد الملك الناشف.


الناشر : منشورات المكتبة العصرية.

 

سنة النشر : 1967.


حجم الكتاب : 7.65 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).






مقتطف من الكتاب :


"عمليات التغير الثقافي


ملفيل ج. هيرسكو فتز


التغير ظاهرة تشمل جميع المجتمعات : الصغيرة منها والكبيرة، والمنعزلة منها والمنفتحة. وقد تكون التجهيزات التكنولوجية لاحد المجتمعات بسيطة غاية في البساطة، وقد هذا يتسم المجتمع بولاء وتمسك شديدين لطريقته في الحياة. وعلى الرغم من ذلك، فانه يتعرض للتغير جيلا بعد جيل، وما ذلك الا لان اعضاءه دائبون على البحث عن افكار جديدة تبنونها، أو مبادىء جديدة ينحازون اليها، أو اساليب جديدة يطبقونها. فما من ثقافة حية تظل ساكنة او مجمدة.


وما أكثر البينات التي تقيم الدليل على شيوع ظاهرة التغير الثقافي وتتخذ هذه البينات اشكالا متنوعة، مثل التحليل الموضوعي للتباين المحلي في العادات عند المجتمعات التي يمثل كل منها اتجاها ثقافيا واحدا، او الاقوال التي نسمعها من شيوخ اي مجتمع عن اوضاع الماضي. وقد توافرت لنا بينات من النوع الثاني نتيجة للدراسات الكثيرة التي اجراها الباحثون على جماعات امية منعزلة، اذ كثيرا ما أسر اليهم الشيوخ في هذه الجماعات انهم غير راضين عن تصرفات ابناء الجيل الجديد. ومن الشكاوى الدارجة على السن الشيوخ في معظم هذه الجماعات : عندما كنا شبابا، كانت الاوضاع تختلف عما هي الآن. فابناء جيلنا كانوا يحترمون شيوخهم ويعرفون التقوى ويعبدون الآلهة. أما اليوم فقد تغير كل شيء، فابناء الجيل الجديد يعرضون عن تعلم تقاليدهم او اتباعها ». وقد تبدو هذه التغيرات للمراقب الغريب طفيفة حقا، اذ قد تقتصر احيانا على ادخال رقصة جديدة او صيغة معدلة أو تنويع في الازياء القبلية المعتمدة.


وكذلك الحال بالنسبة للدراسات المقارنة التي اجريت على فئات محلية تنتمي الى شعب واحد، فهذه ايضا تقيم الدليل على شيوع ظاهرة التغير الثقافي. ومن الامثلة البارزة على ذلك البحث الذي نشره بواس قبل عدة سنوات، هذا مع العلم بان هذا العالم الانثربولوجي الأمريكي كان معنيا بمشكلة نظرية مختلفة. عالج بواس في بحثه التصاميم المختلفة للمأبرة التي تستعملها قبائل الاسكيمو، وهي عبارة عن علبة مصنوعة من العاج المتحجر ينتهي كل من طرفيها العلويين بنتوه ليتسنى ربطها بخيط وشدها الى زنار صاحبها. ولاحظ بواس ان هذه التصاميم تتباين عند الاسكيمو من فئة لاخرى، كما انها تتباين ضمن الفئة الواحدة بسبب اختلاف اذواق الصناع الذين ينحتونها ويزخرفونها. ان هذا التباين في التعبير الجمالي الذي نجده في المجتمعات الصغيرة والمنعزلة من شأنه ان يكون اوسع واوضح في المجتمعات التي تكون اقل تمسكا بتقاليدها من مجتمع الاسكيمو. ويكتسب المثال الذي أوردناه عن قبائل الاسكيمو اهمية خاصة نظرا لان خشونة الاحوال القطبية تتضافر مع عوامل اخرى على تشجيع هذه القبائل على التمسك بشدة بجميع مظاهر طريقة حياتها التي ثبتت فاعليتها ومناسبتها.


ونحن اذ نقر بشيوع التغير الثقافي واهمية تحليله، يجب الا يغيب عن بالنا ان هذه الظاهرة، مثلها كمثل الظاهرات الثقافية الاخرى، لا يمكن فصلها عن اطارها الثقافي او بحثها بمعزل عن ظاهرة الاستقرار الثقافي.


ولهذا السبب لا يمكن لاي بحث في التغير الثقافي أن يكون ذا معنى الا اذا اقترن بمشكلة الاستقرار الثقافي. وفي كل ثقافة هناك علاقة بين ظاهرتي التغير والاستقرار الثقافي، كما ان كلتا الظاهرتين تعتمد على درجة التجرد عند المراقب الذي يقوم استقرار مجموعة معينة من العادات او التغيرات التي تقع ضمنها. فكما ان التغيرات الطفيفة تثير موجة من الاستياء والتشاؤم في اوساط الشيوخ، كذلك الحال بالنسبة للذين تربطهم علاقة وثيقة وطويلة بثقافة معينة، فانهم ينزعون الى النظر الى الابعاد الحقيقية لثقافتهم بمنظار ضيق محدود، ولهذا كان من العسير على اعضاء اي مجتمع ان يقوموا التغيرات المهمة التي تقع في ثقافتهم. والعكس صحيح، اي انه يصعب على الدارس المدرب، لدى احتكاكه لاول مرة بثقافة غير ثقافته، ان يدرك انعكاس التغيرات الجارية على السلوك الفردي.


 وهكذا يمكن القول ان من اهم الجوانب المحيرة للدراسة الثقافية هو تأمل العوامل التي تسهم في الابقاء على المؤسسات البشرية او في تغييرها. فاذا نظرنا الى ثقافات البشر في لحظة معينة، بدا لنا انها تمثل عددا لا حصر له الانماط المختلفة. غير اننا اذا دققنا النظر، تبين لنا ان هذه الانماط الكثيرة انماهي صور منوعة ومعقدة لعدد محدود من العناصر الاساسية التي تتألف منها وحدات الثقافة والخبرة الانسانية. وتشمل هذه الوحدات تلبية الطلبات الجسمية للكائن البشري، وتأمين بقاء الجماعة، وتحقيق النظام المعتمد للحياة، وارضاء الدوافع الجمالية - وهذه كلها الوان. النشاط يقوم بها الانسان بمعونة اللغة التي يستعملها وسيلة للاتصال والتفاهم.


ومهما تعددت المؤسسات التي تنظم حياة المجتمع ومهما تنوعت القوى الاجتماعية والثقافية التي تؤثر في الفرد وتتحكم في مواهبه، فانها تتخذ اشكالها ضمن نطاق الحدود التي ترسمها هذه الجوانب العامة للثقافة. وقد لاحظ البعض، بما اوتي من بصيرة نافذة، ان هذه الجوانب يمكن النظر اليها كما لو انها قائمة محتويات في اي كتاب يبحث في حضارة معينة. ومما لا ريب فيه ان اي وصف لحضارة أي مجتمع لا يمكن ان يفي بالغرض، وبالتالي لا يمكن ان يقدم للقارىء صورة واضحة عن هذه الحضارة، ما لم يتناول جميع هذه الجوانب بالبحث. ولذا يجب تغرب عن بالنا في أية لحظة الخلفية الاجتماعية والسيكلوجية التي يحدث التغير الثقافي في ظلها، وبذلك نضمن ان تكون نظرتنا سديدة ونتائجنا صائبة.


ويمكن القول، بوجه عام، ان الجدل الذي ثار حول الطرق التاريخية وغير التاريخية المتبعة في دراسة الحياة الاجتماعية قد نشأ، في المقام الاول، من التعارض الذي يحدث في الثقافات بين النزعة الى المحافظة والنزعة الى التغير. ويرتبط هذا الجدل، كما بين بنت، بالاتجاه الى التشديد على النظرة الانتقائية، وهو اتجاه ربما تأثر بالتصنيف الذي اقترحه جولد فايسر لدراسة المجتمع. ومن الواضح ان كل ثقافة سوية تمثل وحدة متكاملة فيها من الاستقرار ما يمكن انماطها مـن الاستمرار في الظهور باشكال قابلة للتمييز، وذلك على الرغم من اختلاف الاشخاص الذين يتناقلونها عبر الاجيال. ولكن هذا التكامل لا يحول دون النزعة الدائمة الى اضافة بعض العناصر الجديدة الى مجموعة معينة من التقاليد، او اهمال بعض العناصر الموروثة. فلكل مجتمع ثقافة سوي شديدة التماسك بحيث تدفعه الى مقاومة المحاولات التي تبذل لطمس هويته، وهو لا يستسلم لها الا اذا عانى من ظروف شديدة الوطأة يتعذر عليه احتمالها. واذا ما استسلم المجتمع لمثل هذه المحاولات، فانه يتعرض لانحلال خلقي يستمر حتى ينقرض أو ينجح في اعادة تحقيق تكامله الثقافي.


وتجدد الميل، في السنوات الأخيرة، الى اعادة النظر في اهمية ايفاء الماضي حقه الكامل في دراسة الثقافة. والمشكلة الاساسية تتصل بالطريقة وبخاصة في الحالات التي تنشأ فيها الحاجة الى استنباط اسلوب يمكننا من تحري الجوانب المهمة في تاريخ الشعوب الامية التي لا نملك مدونات تاريخية عن ماضيها. ولا بد من معالجة هذه المشكلة في ضوء طبيعة الاسئلة التي تطرح حول احداث تاريخية معينة، نظرا لان التحليل، في كل يجب حالة، ان يساير السؤال المطروح. ونحن نعلم اننا، في بعض الحالات، لا نستطيع الاهتداء الى اجابات مقنعة عن الأسئلة التي نثيرها. فمن الواضح للجميع، مثلا، اننا لا نستطيع اكتشاف حقائق تاريخية معينة مثل الاصول الاولى للعائلة او اللغة، وان اي بحث نجريه في هذا المجال لن يعود علينا باية فائدة ايجابية. ولا شك في ان بداية ظاهرة مثل ظاهرة العائلة او اللغة كانت حادثا معينا تحدده ابعاد زمانية ومكانية، ولكننا لا نملك سجلات تاريخية - حتى ولا ارخلوجية ـ عن هذا الحادث، و من الطبيعي، والحالة هذه، ان يتعذر علينا استقصاؤه تاريخيا. ويصدق هذا القول حتى على الحالات التي نشأت فيها مثل هذه الظاهرة مــــــن أصول متعددة او عدد من من البدايات المستقلة. وكل ما نستطيع ان نثبته في هذه الحالة هو ان مثل هذه الظاهرات لا بد انها نشأت أصلا في عهد طفولة الانسان على الأرض، وانها تمثل خبرات بشرية عامة وانها يجب ان تدرس في ضوء اشكالها الحالية المتباينة.اما. من الناحية التاريخية، فلا تمكن دراستها الا بشكل ابتر وضمن الحدود التي تجيزها المدونات التاريخية."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب