لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الكتابة التاريخية بين الاحتراف والهوية - كرزيستوف بوميان PDF

مقال الكتابة التاريخية بين الاحتراف والهوية - كرزيستوف بوميان - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF







معلومات عن المقال :


العنوان : الكتابة التاريخية بين الاحتراف والهوية.


المؤلف : كرزيستوف بوميان.

 ‏

ترجمة : عبد الأحد السبتي.

 ‏

الناشر : ‏مجلة فكر ونقد.

 ‏

 ‏العدد : 34.

 ‏

تاريخ النشر : ‏ديسمبر 2000.


عدد الصفحات : 11.


الحجم : 0.5 ميجا بايت.


صيغة المقال : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).






مقتطف من المقال :


"عندما نتصفح الفهارس واللوائح البيبليوغرافية، فإننا نلاحظ أن الكتب المصنفة في خانة "التاريخ" تتوزع على عدد كبير من الفروع والأصناف فما هي يا ترى في وقتنا الراهن الانتماءات المهنية للمؤلفين الذين وضعوا كل هذه الكتب التي يتم إحصاؤها ؟ إن غالبيتهم تنتمي إلى أوساط الأساتذة والباحثين، ومحافظي الخزانات ودور الأرشيف، وكلها فئات تشغل مهنا لها صلة بعمليات تحقيق المصادر، ونشر المقالات والمونوغرافيات، والدراسات التركيبية ، والمؤلفات المدرسية ، والكتب التعميمية التي تتحدث عن الماضي البعيد أو القريب وتتناول أحيانا قضايا الحاضر. وقد ينتمي المؤلفون إلى عالم الصحافة، فيتناولون في كتبهم أحداثا ،راهنة أو أحوال الأحزاب السياسية، أو وقائع الحملات الانتخابية، وقد يحكون حياة شخصيات بارزة على الساحة العمومية وهناك أيضا الأدباء الذي تستهويهم بشكل خاص الكتابة البيوغرافية أو التأليف حول بعض الحقب أو الأحداث المثيرة التي شهدها الماضي. وفي الأخير، هناك الهواة الذين يؤثثون أوقات فراغهم بدراسة مواضيع مثيرة مثل أسرار طائفة الهيكل، أو ألغاز الحرب العالمية الثانية، أو قضايا التجسس، أو بعض القصص الغرامية من الماضي، أو بعض القضايا الشهيرة.. التاريخ، الصحافة، والأدب.


من السهل على المرء أن يتذرع بمقتضيات الاحتراف، فيعلن أن كتابات المؤرخين الجامعيين تنتمي دون غيرها إلى مجال التاريخ، وأن ما عداها مجرد كتابات صحفية أو أدبية لا تستحق الاحترام، وتجوز الاستهانة بها، بل وربما جاز احتقارها لكن هذا الموقف لا يخلو في الواقع من تعسف وهو يفتقر إلى الفعالية ففي مجتمعاتنا المعاصرة، لا يحتكر المؤرخ المحترف مهمة تحديد مضمون التاريخ ورسم حدوده. فالرأي العام يدلي هو كذلك بمواقفه في هذا الميدان. فهو يقيم علاقة تفاوض دائم مع المؤرخين المحترفين، ويمارس علیہم مختلف أشكال الضغط ، كي يوجههم الوجهة التي توافق ميوله وفي المقابل، يضطر المؤرخون إلى إقناع الرأي العام بمشروعية التصورات التي ينطلقون منها لإنجاز أبحاثهم. ومن المستبعد أن يجمع المؤرخون المحترفون أنفسهم على إقصاء الكتابة الصحفية والأدبية من مجال التاريخ، بل إن كثيرا منهم على وعي بأن إقصاء غير المحترفين موقف يتسم بالتعسف.


يستحيل علينا أن نقيم، في الوقت الراهن جدارا سميكا بين نموذج "مؤرخ الزمن الحاضر"، وبين نموذج الصحفي الذي يدرس الوثائق العمومية والخصوصية، ويبحث بدقة في صحافة الفترة المدروسة، ويغوص في المذكرات والنشرات الإحصائية وغيرها من الإصدارات الرسمية، ويسجل الاستجوابات مع الأشخاص الذين ساهموا في الأحداث. ففي الحالتين معا، يتم البحث بطرق مماثلة، ولو أن هناك اختلافا في أسلوب تقديم النتائج، مع أن هذا الاختلاف ليس أمرا واردا في جميع الحالات. ومعلوم أنه خلال القرن التاسع عشر كان التاريخ الجامعي يحيط نفسه بسور منيع، ويعتقد أنه يرتبط ارتباطا وثيقا بالأرشيف العمومي، وبالتالي فكل تاريخ يمنع فيه الاطلاع على الأرشيف المذكور، أي خمسين سنة على العموم، هو عمل يعتبر من قبيل الممارسة الصحفية والسياسية. غير أن القرن الفارط لم يكن يعرف تاريخ الزمن الحاضر"، وهو مجال تم ابتكاره في فترة متأخرة.


والواقع أن كتابة مثل هذا التاريخ لم تكن بالأمر الممكن. فمنذ قرون عديدة، تعود الجامعيون على دراسة الماضي بواسطة المصادر ، وهي مصادر مكتوبة بالأساس، بينما اعتاد الصحفيون أن يتحدثوا عما شاهدوه أو سمعوه، واعتاد الكتاب والهواة أن يحكوا أحداث الماضي كما رسخت في ذاكرة الأفراد. لذلك كان هناك اختلاف شاسع من الوجهة الإبستمولوجية بين كتابات المؤرخين الجامعيين وكتابات غيرهم. فالتأليف الجامعي يتولد عن معرفة غير مباشرة بفضل وساطة الأرشيف، وتأليف الصحفيين والأدباء والهواة يرتبط بالمعرفة المتداولة والذاكرة وهذا الاختلاف كان يؤدي إلى اختلاف آخر في مستوى المكانة الاعتبارية، فالتاريخ كمعرفة غير مباشرة لم يكن يرقى دائما إلى مكانة العلم بكل ما لهذه الكلمة من أبعاد ومع ذلك فقد كان تخصصا أكاديميا يحترم قواعد المجتمع العلمي، خاصة في مستوى الإدلاء بالحجج، لذلك كان أصحاب هذا التاريخ وأتباعه يرفضون أن يعترفوا بالصفة "التاريخية" للماضي الذي يقوم على المعرفة المتداولة والذاكرة، وكان هذا الصنف من الكتابة يطمح أن يعترف به داخل عالم "الآداب"، لذلك يبذل المؤلفون قصارى جهودهم ليستجيبوا لرغبات قراء من نوع معين لا يهمهم الإدلاء بالحجج بقدر ما يهمهم أن يستمتعوا بنصوص سردية تتوفر على حد أدنى من الجودة الفنية ومن ثم نشأ صراع حول تحديد مضمون كلمة "تاريخ". هل هو علم أم فن؟ ومن له أحقية الحسم في هذا الإشكال؟


خلال المائة سنة الأخيرة، تضاءلت هذه الفوارق نتيجة لعدة عوامل فقد دخلت المعرفة الغير مباشرة الحياة اليومية وممارسات مهن عديدة، ولا سيما مهنة الصحافة، وعرف التاريخ الجامعي من جهته عدة تحولات. فقد انفتح على الحاضر دون أن يتخلى عن مبادئه المنهجية، حيث أصبحت أرصدة حديثة من الأرشيف في متناول الباحثين. وفي آن واحد، أصبح المؤرخ يتوفر على كمية هامة من المصادر التي تساعد على دراسة مواضيع معاصرة، من بعض الجوانب على الأقل، وبشكل غير مباشر. ويتعلق الأمر بأنواع مختلفة من الوثائق العمومية، وبالمعطيات الإحصائية، والصور الثابتة والمتحركة، والاستجوابات التي تم تسجيلها مع شخصيات بارزة أو مع أفراد مغمورين. إن الحدود الفاصلة بين كتابات الجامعيين وبين كتابات معظم الهواة لا زالت حدودا تطابق الخط الذي يفصل بين المعرفة العلمية وبين المعرفة المتداولة التي تستكمل معطياتها بواسطة الذاكرة. غير أن الأمر يختلف فيما يخص الصحفيين، والأدباء في معظم الأحيان. ففي هذه الحالات يحصل التمايز داخل المعرفة غير المباشرة ذاتها، إذ تظهر حدود تفصل بين الصيغ المختلفة لهذه المعرفة وهي قضية سوف نعود إليها في وقت لاحق.


من الجائز أن نحكم بالتعسف على كل محاولة تسعى لإقامة تعارض بين تاريخ المؤرخين المحترفين، وبين تاريخ الأدباء أو الهواة، على أساس الاهتمام الذي يوليه هؤلاء للكتابة البيوغرافية، أو للأحداث الطريفة، أو للحوادث غير ذات الشأن الكبير، أو لكل أنواع الأحداث مهما كان شأنها. ذلك أن التاريخ الجامعي لم يسبق له أن أعرض عن الاهتمام بسير الشخصيات، بل إن أعمالا شهيرة اهتمت بمواضيع من هذا النوع، سواء في القرن التاسع عشر أو في القرن الحالي، وقد وضع مثل هذه الأعمال مؤرخون شهد لهم بدور هام في تجديد الكتابة التاريخية. وفي مستوى آخر الحدث نلاحظ أن التاريخ الجامعي أعاد الاعتبار للحدث بعد ما ظل هذا الأخير موضوع إهمال، وينبغي أن نذكر بأن النظرية البروديلية منحت للحدث مكانته إلى جانب البنيات والسياقات. ثم إن التاريخ ظل يقصي الحدث الطريف خلال مدة طويلة، وبعد ذلك أعاد إليه الاعتبار، حيث ظهر أن هذه الأحداث تساعد أكثر من غيرها في الكشف عن سلوكات بعض الفئات الاجتماعية وعقلياتها.


وباختصار فخلال القرن التاسع عشر ، ظل المؤرخون الجامعيون يرفضون أن يمنحوا صفة التاريخ لمؤلفات توضع خارج نطاق مهنتهم، لأن جل هذه المؤلفات لا تنتمي إلى المعرفة العلمية، ولا تستجيب للمعايير التي تميز من الناحية المبدئية، بين التاريخ الجامعي الذي يحتكر المشروعية العلمية، وبين ما عداه من الخطابات التي تتناول الماضي كموضوع للدراسة. وهكذا فالتاريخ باعتباره تخصصا معرفيا، وعلما قائما بذاته، ظل فيما مضى يتعارض مع التاريخ كجنس أدبي، وهو تعارض قام، منذ القرن السابع عشر، على مستويات إبستمولوجية ومؤسساتية واجتماعية وجمالية والواقع أن عددا كبيرا من المؤرخين أنتجوا أعمالا تنتمي بصورة واضحة، إلى عالم الآداب ،الراقية، لكن هذا الإنجاز لم يكن جزءا من متطلباتهم المهنية. هناك إذن بين التاريخ والأعمال الأدبية الفنية حاجز يعاد فيه النظر ويعاد بناؤه باستمرار غير أن المؤرخين الجامعيين لم يعد لهم ما يكفي من المبررات الإبستمولوجية ليرفضوا الاعتراف بالصفة التاريخية لتلك الأعمال العديدة التي ينتجها مؤلفون لا ينتمون إلى دائرة التاريخ الجامعي."


رابط التحميل


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب