لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب فاس قبل الحماية - الجزء الأول - روجى لوطورنو pdf

 كتاب فاس قبل الحماية. الجزء الأول للمؤلف روجى لوطورنو أونلاين بصيغة PDF




معلومات عن الكتاب :


عنوان الكتاب : فاس قبل الحماية.


الجزء : الأول.


مؤلف : روجي لوطورنو.


عدد الصفحات : 663.


حجم الملف : 19.25 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).



مقتطف من الكتاب :


"فاس في عهد المرينيين


ترتبط مدينة فاس في مخيلة العامة، بذكرى بني مرين؛ ولا بد من الاعتراف بأن قدم الإنسان تتعثر في كل خطوة بذكرى مرينية. ففاس الجديد كله من إنشاء المرينيين، وكذلك المدارس، ومنار جامع الشرابليين الجميل، وعيار مقياس الطول الذي كان معروضاً إلى عهد قريب في السوق المركزية، وحتى تعظيم مولاي إدريس، مؤسس المدينة.


كانت العلاقات الأولى بين الدولة الجديدة وأهل فاس سيئة. فقد دخل الرئيس المريني أبو يحيى إلى فاس عام 645 / غشت 1248؛ وبعد نحو ثمانية عشر شهراً، في شوال 647 / فبراير 1250، اضطر إلى الخروج منها غازياً فاغتنم السكان قرصة غيابه وثاروا لصالح الموحدين، ثم لم يستسلموا إلا بعد حصار دام تسعة أشهر. ونصت الاتفاقية على أن الفاسيين سيدفعون مبلغاً قدره مائة ألف قطعة ذهبية برسم التعويض؛ ولما تأخروا في أداء المبلغ أمر الأمير المريني بإعدام ستة من الأعيان المسؤولين عن الثورة.



فاس الجديد : - لعل هذه الذكرى السيّئة هي التي أوحت إلى السلطان المريني أبي يوسف يعقوب فكرة تشييد مدينة جديدة، متميزة عن الأخرى ومشرفة عليها، لما تمكن أخيراً عام 1276/674 من التفرغ إلى تنظيم فتوحاته. فقد تمّ استئصال من بقي من عقب الموحدين، وانتهت حملة عسكرية ضد نصارى إسبانيا بالانتصار عليهم. فحق للمرينيين أن يتنفسوا الصعداء ويتمركزوا، الشيء الذي لم ينجزوه فعلاً لحد الآن.


وفيما يلي تأسيس هذه المدينة، كما يرويه ابن الأحمر في روضة النسرين :


ركب رحمه الله فرسه من قصبة مدينة فاس القديمة في ضحى الأحد ثالث شوال من عام أربعة وسبعين وستمائة إلى ضفة وادي فاس، يوم ومعه أهل المعرفة بالهندسة والبناء، فوقف حيث حدث وشرع في حفر أساسها. وكان الذي أخذ له طالعها الفقيه المعدل محمد بن الحباك. ولما تم سورها بنى بها قصره والجامع الأعظم والسوق الذي حده من باب القنطرة التي يقال لها الآن باب الوادي المصاقبة إلى باب السبع إلى باب عيون صنهاجة والحمام الكبير. وأمر الوزراء وأشياخ بني مرين ببناء الدور بها، وكلفت همم الملوك من بنيه بها، فشيدوا القصور الضخمة الرائعة المنظر المختلفة الأسماء، وجلبوا إليها الماء العذب من العين المعروفة بعين عمير. وهذه المدينة يأتيها الوادي المسمى بوادي الجواهر..


ويضيف أيضاً بعض المؤرخين أن هذه المدينة سميت المدينة البيضاء خلافاً للمدينة الأخرى التي كان الدهر قد غيّر لون مبانيها. وما أسرع ما أطلق عليها اسم فاس الجديد تمييزاً لها عن فاس البالي. وتجمع كل النصوص التي لدينا، وبعضها متأخر قليلاً عن هذا الحدث كروض القرطاس على التاريخ والتفاصيل التي ذكرناها آنفاً. ويضيف البعض بأن البناء أنجز بنشاط إذ لم تمر سنة على بدء الأشغال حتى تمكن العاهل المريني من الاستقرار في مقامه الجديد. فما هو الغرض من هذا التأسيس ؟.


هناك تفسير أول يعلل ذلك بضيق المكان. فالقصبة الموحدية السالفة الذكر إنما كانت مؤسسة عسكرية. ولم يكن على المرينيين أن يُسكنُوا جنودهم فحسب، لكن كان لا بد لهم أيضاً من. إسكان جميع هيئات سلطتهم السياسية، والأتباع ما داموا قد اتخذوا فاساً عاصمة لهم. وكان بإمكانهم، والحالة هذه، أن يكتفوا بتوسيع القضية الموحدية، إذ المكان فسيح والأرضية مناسبة.


لكنهم، من جهة، كرهوا أن يسترجعوا إقامة أسلافهم، ولو موسعة، وهذا إحساس متكرر عند الدول الإفريقية التي تعتبر من العار، بل من الاعتراف بالفشل، ألا تأتي بجديد؛ ولعلها كانت تخشى أيضاً أن تتعرض لتأثيرات وخيمة إذا أقامت في موقع سبق له ان آوى المغلوبين؛ ولا ننس أن السلطان المريني أمر قبل أن تبدأ أشغال فاس الجديد، باكتشاف الطالع الفلكي ليتيقن أن المدينة الجديدة ناشئة تحت طالع سعيد.


ويمكن بالتالي ان نفترض أن أبا يوسف يعقوب فضل، وهو يتذكر ثورة سنة 1250، أن يأخذ بالاحتياط ضد أية مفاجأة من الفاسيين، ويجعل بينه وبينهم مسافة معقولة مع النهر.


فكانت المدينة التي بناها بنو مرين مدينة إدارية، على حدّ تعبيرنا الحديث، لا يقيم بها سكان المدينة، بل قبيلة بني مرين الذين استولوا على الحكم أخيراً، والخدم الذين يمكن أن يستخدموهم استقبالاً. وها هو تعمير فاس الجديد يُحدّد لعدة قرون : وما زالت هذه المدينة إلى يومنا هذا مدينة المخزن، مدينة الغرباء. وها هي في نفس الوقت الازدواجية الأصلية تعود إلى فاس، متمثلة في مدينتين منفصلتين انفصالاً أكثر وضوحاً من المدينتين الإدريسيتين، مدينتان ليس لهما نفس المصالح، والاهتمامات، ولا نفس الاستجابات والسكان، ولا بد من أن تتعارضا الواحدة ضد الأخرى إن عاجلاً أو أجلا.


ومع ذلك، فإن حكمة مؤسسي فاس الجديد دفعتهم إلى ان يتفادوا على الأقل عنصراً من عناصر النزاع، ألا وهو المتعلق بالماء. فرغم كون هذه المدينة مشيّدة على جانب النهر، فإنها لا تأخذ منه ولو قطرة واحدة، وذهبت تبحث عما تحتاج إليه من ماء في عين عمير، البعيدة من هناك بكيلومترات عدة. لأن مس ماء الفاسيين يدفعهم بجد إلى الدخول في ثورة دائمة، وذلك ما أدركه المرينيون جيداً.


تضم المدينة الجديدة أولاً دار مقام الأمراء التي هي سبب وجودها، ومسجداً بالطبع هو الجامع الكبير، الذي ستُضاف إليه مساجد أخرى كلما اتسعت المدينة، وسوقاً، ومساكن أهم شخصيات الدولة. ولم تذكر النصوص بطبيعة الحال أن فاساً الجديد هو أيضاً معسكر محصن يتوقف فيه الجنود المرينيون؛ لأنه لا حاجة إلى التنصيص على ذلك، فالتحصينات التي ما زالت قائمة تنبئنا عن ذلك بوضوح.


وحيث إن الدولة المرينية، ثم الوطاسية، فرضتا وجودهما بفاس هكذا وهكذا طوال ثلاثة قرون، فمن الطبيعي أن تطرأ على المدينة الجديدة تغييرات في مثل هذه المدة المديدة من الزمان. يدلّ على تطوّر فاس الجديد خلال العصر المريني مساجد الأحياء التي قام بعضها إثر بعض لتضاف إلى الجامع الكبير الذي شُيّد في نفس السنة التي أسست فيها المدينة فالمسجد المعروف بجامع الحمراء ( نسبة إلى المرأة الحمراء أو المنارة الحمراء ) الواقع بجانب المحجة الكبرى لفاس الجديد لم يعرف بالضبط تاريخه؛ إلا أن تنسيقه يذكر بالجامع الكبير، ويحتمل أن يرجع تاريخه إلى السنوات الأخيرة من القرن الثالث عشر، أو أوائل القرن الرابع عشر. وكأن بناءه يبرهن على أن الشارع الأوسط للمدينة كان محاطاً بالدور على طوله وأن الأحياء المجاورة لباب السمارين الحالي كانت مأهولة.


وفي منتصف القرن الرابع عشر عام 759 /1457 شُيّد الجامع المدعو « للا جامع الزهر » غربي الطريق الكبرى في الحي الواقع حالياً بجانب القصر. ومن المحتمل أن يكون جميع الجزء الشرقي لفاس الجديد في ذلك الوقت ما زال موضعاً للمطامير والمخازن، وفضاء فارغاً تعسكر فيه الجنود العابرة.


وأخيراً تحوّلت هذه المنطقة ذاتها إلى حي سكني، كما يبرهن عن ذلك بناء المسجد المدعو « للا غريبة ( الذي أسس عام 1408). والجزء الجنوبي الشرقي لفاس الجديد هو وحده الذي ما زال موضعاً للمطامير قليل المباني.


 إن وصف ابن فضل الله العمري لفاس الذي يلح فيه إلحاحاً على فاس الجديد يساعد على تكوين فكرة عامة لما كان عليه فاس الجديد في ذلك العهد. فكانت المدينة الجديدة مكوّنة من ثلاثة أحياء متميّزة بعضها عن بعض لدرجة أن العمري يسميها مدناً:"


تحميل الكتاب :


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب