لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب فاس قبل الحماية - الجزء الثاني - روجى لوطورنو pdf

 كتاب فاس قبل الحماية. الجزء الثانى للمؤلف روجى لوطورنو أونلاين بصيغة PDF




معلومات عن الكتاب :


عنوان الكتاب : فاس قبل الحماية.


الجزء : الثاني.


مؤلف : روجي لوطورنو.


عدد الصفحات : 424.


حجم الملف : 28.52 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).



مقتطف من الكتاب :


"مشهد الحياة العائلية


الدار : - إن الدار الفاسية على نفس النموذج العام للدور الحضرية في إفريقيا الشمالية كلها : فهي مؤلفة من ثلاث أو أربع حجرات مستطيلة تحيط بصحن مركزي مربع، مفتوح دائماً تقريباً للهواء الطلق ويجري فيه الماء في فسقيات وسقايات. وهذا التصميم العام قابل لتغيرات حسب ما تكون الدار مُعدة للفقراء أو الأغنياء، واقعة في وسط المدينة أو في الدائرة، أو بفاس الجديد.


وإذا اعتبرنا هذه البيانات، أمكننا التمييز بين ثلاثة نماذج رئيسية لدور فاس، وهي :


1 - دار بدون طابق علوي، مؤلفة من ثلاث حجرات أو أربع رئيسية، ومدخل وعدة خلوات تستعمل كمطبخ ومرحاض، وغرفة المهملات، حول صحن متفاوت الأبعاد. تلك الدار العادية بفاس الجديد وفي الأحياء الفقيرة لدائرة المدينة؛ وتستعمل غالباً لإسكان أسر عديدة تحتل كل واحدة منها حجرة أو حجرتين.


2 - دار ذات طابق أو طابقين ( زيادة على السفلي ) منسقة وفق نفس التصميم العام لسابقتها، لكن غرف المهملات أكثر عدداً بسبب الطبقات، ويظهر الصحن بها أضيق، ولو كان فسيحاً بنفس القدر، بسبب عمقه. ويسلّح أحياناً من فوق بقضبان الحديد ليمكن من التظليل في الصيف بالأقمشة ويمنع كذلك اللصوص من التسرب عبر السطح. ويتم الاتصال بين حجرات الطوابق بواسطة شرفة داخلية تمتد على واجهات الصحن الأربع. ويكون الدرج دائماً ضيقاً، منتصباً، مستقيماً محتلاً أقل مكان ممكن. وهذا النوع من الدور هو الموجود في جميع الأحياء المركزية للمدينة حيث الفراغ قليل، وثمن الأرض مرتفع جداً.


3 - دار غنية مؤلفة أحياناً من عدة صحون أو من صحن واحد فسيح جداً. وقد يحدث غالباً، في الأحياء الدائرية، أن يكون هذا الصحن مسدوداً من ثلاث جهات فقط. ويفضي بجهته الرابعة إلى حديقة مسورة ( رياض ). وإذا كانت الدار واقعة في منحدر إحدى ربى المدينة أشرف الطابق الأول على منظر شامل عجيب : قليل من المدينة في المستوى الأول، ثم ربى مرقطة بالخضرة، ثم أفق من الجبال الثلجية. ومن المعلوم أن في جميع المنازل الغنية سقايات وأحواضاً ونافورات يضج ماؤها، وقد تحتوي أيضاً على حمام خصوصي يغني النساء عن الخروج  للاغتسال.


وسواء كانت كل هذه المباني كبيرة أم صغيرة، حقيرة أم غنية، فإن الأجر والحجر والخشب والملاط والجير هي موادها الفقيرة كانت الدور الفقيرة تكتفي بذلك وببعض مربعات الفخار الغير الملمع لتبليط الصحن والحجرات؛ وكان الصحن في المنازل المتواضعة يبلط بمربعات صغيرة من الفسيفساء الملونة ( زليج ) وكذلك غرف السكنى. وكلما ازداد الرخاء، كثر الزليج، مثلما يكثر عشب اللبلاب في أرضية رطبة : يتسلق الأعمدة، ويغطي الجدران إلى علو طفل، ويزخرف السقايات بألوانه ورسومه اللامتناهية، وتتوج نقوش على الجص أعلى الأعمدة وما فوق الأبواب. وكانت جوائز السقف مصبوغة بألوان ناضرة، ويوضع الرخام بدل الزليج في الصحون وعتبات الحجرات، والماء يجري في أحواض منحوتة بفن. وباختصار كان هيكل الأجر والجوائز يزدان بكثير من الزخارف فيشكل مظهراً ساحراً.


وكيفما كانت هذه الديار، فقد كانت كلها مغطاة بسطوح، تقضي فيها النساء جزءاً من وقتهن؛ وكان لابد للوصول إليها من تسلق سلّم وعر عطي منفذه بشبه محرس مبني بالأجر. وكانت هذه السطوح تزعج المالكين لأن إحكام سدها لا يصمد طويلاً تحت وابل مطر فاس الشديد؛ لذلك كان لابد من طلائها بالجير مرتين في السنة، مرة قبل أمطار الخريف ومرة قبل أمطار الربيع.


 وكان لجميع ديار فاس مظهر عتيق متجهم إذا شوهدت من خارج : ذلك لأن العادة كانت تقتضي ألا يُعاد ابدأ طلاء الجدران المطلة على الزقاق؛ فكانت لذلك تكتسي لوناً أرمد أسمر تزيده دكنة بيوت العنكبوت المنسوجة في زوايا الظل المثقلة بغبار عتيق؛ ولا توجد نوافذ أيضاً في هذه الجدران المبقعة، ولا حتى تلك الشبابيك التي تضفي على الأقل نغمة. من التنوع على واجهة عارية؛ وإنما توجد فرجات فقط، تكاد تكون كوات رمي معدة لإعطاء شيء من النور إلى حجرة السلّم والتمكن من مراقبة الزقاق بكيفية خفية. وكان باب الدار المؤلف من مصراع واحد ثقيل مصفحاً بمسامير غليظة سوداء، وسرعان ما كانت تقلبات الجو تعطيه مظهر شيء قديم كريه.


لم تكن الحجرات تستمد النور إلا من الصحن المركزي؛ وبديهي أن الواقعة منها في السفلي، في دار ضيقة الصحن، كانت مظلمة جداً حتى في الصيف. وكانت كل حجرة يدخلها الضوء على العموم من باب واسع مفتوح في وسط الحاجز، من جهة الصحن، ونافدتين متناسقتين مع الباب. ولا رجاج لسد هذه الفتحات فإذا أربد الاتقاء من البرد، كان لا بد من إغلاق مصراعي النوافذ ومصراعي الباب الثقيلين، حيث فتح باب صغير إضافي يكفي فقط لمرور إنسان، بمعنى أنه كان هناك اختيار بين البرد والظلام. وإذا كانت هذه الحجرات مستحبة في الصيف، لكونها تعطي الظل والبرودة، فإنها لم تكن معدة للشتاء، لاسيما وأن أية مدخنة لم تكن تمكن من تسخينها.


وكانت هناك مرافق في عدة منازل موسرة، منها الإسطبل لبغلة رب المنزل، وحجرة ذات مدخل منعزل واقع على الزقاق ( مصرية ) حيث كان بالإمكان إيواء الضيوف أو استقبال الزوار دون أن يزعج ذلك الحياة العادية للدار.


الأثاث : - كان الأثاث، كالمنزل، هو نفس الأثاث للجميع في مبدئه، بما فيه من فرش ووسادات، وستائر الباب، وصناديق، ورفوف من خشب ومواقد صغيرة من طين مشوي للفحم، وأدوات المطبخ ( كالمراجل، وأطباق منيعة للنار أم لا،، وأباريق، ولوازم الشاي )، وموائد مستديرة منخفضة لتناول الطعام. لا يوجد شيء أو يكاد مما نسميه بالأثاث : فإن الكراسي، والمقاعد المريحة، والمكاتب، والخزانات، والطاولات والمناضد الصغيرة كانت غير معروفة أو معروفة قليلاً جداً، حت  عند الأغنياء.


كانت الأشياء المذكورة منذ قليل مختلفة كمية وجودة، حسب حالة مالية مالكها. كان الموسرون يضيفون إليها زرابي رباطية حيناً، وزرابي مستوردة في أغلب الأحيان، ولا تكاد توجد زرابي بربرية إطلاقاً. كما كانوا يملكون أسرة للزينة من نحاس أصفر مستوردة من أنجلترا، توضع في طرفي قاعات الاستقبال؛ وكانوا أخيراً مغرمين بالساعات الكبيرة أو الجدرانية لكن كاثاث للتزيين، لا كآلات الحساب الزمن.


قد يتخيل المرء أن هذه الحجرات بدون أثاث، ولا صور، ولا تحف، كانت توحي بالتقشف؛ كلا، فإن النور الخفيف كان يلطف صلابة الجدران البيضاء، والزليج والزرابي التي تغطيه جزئياً، تسلي العين بسرور، لا سيما، الفرش المنضدة إلى عمق الحجرة المرتفعة بثلاثين سنتيماً على الأقل. المحشوة بالصوف المدكوك والمغطاة بأقمشة ظريفة مستوردة، والمحملة بكثير من الوسائد المزخرفة بالطرز الفاسي الدقيق الملون. وغالباً ما كانت توجد أيضاً مرآة مؤطرة تقطع بياض الحيطان الشديد.


اللباس : - لم يكن أي فاسي يغامر بنفسه، قبل 1912، ليرتدي شيئاً آخر غير اللباس التقليدي؛ كان بعضهم ممن سافروا يلبسون الزي الأوروبي إذا كانوا في مانتشيستر أو مرسيليا، لكن لم يكن حتى يخطر ببالهم أن يرتدوا مثل هذ اللباس بفاس."


تحميل الكتاب :


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب