كتاب الزاوية الشرقاوية زاوية أبي الجعد - دورها الاجتماعي و السياسي - أحمد بوكاري أونلاين بصيغة PDF.
معلومات عن الكتاب :
عنوان الكتاب : الزاوية الشرقاوية زاوية أبي الجعد - دورها الاجتماعي و السياسي.
الجزء : الثاني.
المؤلف : أحمد بوكاري.
الناشر : مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء.
الطبعة : الأولى - 1989.
عدد الصفحات : 263.
حجم الكتاب : 4.49 ميجا بايت.
صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
مقتطف من الكتاب :
"القبائل كمورد اقتصادي للزاوية
يصعب تحديد مقدار مداخيل الزاوية ومواردها المادية، بسبب انعدام سجلات خاصة بذلك، أو وجود تنظيم مالي واضح؛ ذلك أن وظيفة الزاوية الدينية تفرض عليها عدم الاهتمام الكلي بـ «متاع الدنيا الزائل» باعتباره وسيلة لا غير للقيام بوظائفها الدينية والاجتماعية المتعددة إزاء روادها من «خدام» وفقهاء وطلبة.. بل إن ما يقدم إلى الزاوية لم يكن بالشيء القار والمحدد، فهو يرتبط بطبيعة المواسم الفلاحية والأوضاع الاجتماعية والسياسية السائدة، كما أن ما يدفعه الأتباع لم يكن يخص شيخ الزاوية وحده، بل يتعداه إلى باقي أبناء الزاوية من سائر الفروع.. الا ان هذا لم يمنع من وجود شكل معين للتنظيم المالي والاقتصادي للزاوية، من ذلك منصب «المقدم» الذي كان مكلفا بالائتمان على ما يصل إلى الزاوية من حبوب وغلل وماشية، ثم تصريفها بعد ذلك في أوجهها، خاصة ما يتعلق بالاطعام بالاضافة إلى مقدم آخر ينظم علاقات الزاوية الاقتصادية الخاصة مع بعض الأصحاب والخدام في إطار المشاركة.
أولا : أنواع الموارد :
عندما زار الشيخ محمد المعطى دكالة؛ أقبلت عليه عباد الله بالزيارات والهدايا والفتوحات والصدقات . . ».
إن أنواع هذه الموارد، بالرغم من اختلافها، لا تعدو في نهاية الأمر أن تكون ترجمة لما يقدم للزاوية كمدخول نقدي أو عيني. ومع ذلك فهناك فروق - مهما كانت بسيطة - في التصور والتبرير لدى الخدام يستمد منابع من العلاقات الدينية التي نسجت منذ أمد بعيد بين الاتباع والصلحاء.
أ - «الفتوحات» :
ففي زمان أبي عبيد الله الشرقي، كان یرد عليه من «الفتوحات» ما لا يعلم عدده إلا الله .. وأنه وردت عليه مرة من ناحية دكالة وحدها «سبعون قنطارا من السمن مما يفيد أن هذه الفتوحات تعني كل ما له علاقة بالزيارة أو الهدية أو الصدقة مما يجعلنا نتصور مقدار ما كان يصل إلى الزاوية من المواد الأخرى، مثل الحبوب وغيرها.. سواء من دكالة وباقي المناطق التي تدخل تحت نفوذ الزاوية في كل من الشاوية وتادلا.. إذ يعبر الأتباع بواسطتها عن اعترافهم وتعلقهم بالشيخ وإقرارهم لبركته في الحرث والماشية ..
ب - الصدقة :
تعني الصدقة الزكاة، كما تفيد كل عمل له طبيعة إحسانية وخيرية إلا أنه بالنسبة لمصادر الزاوية قد جاء يفيد أيضا معنى يشبه الندر أو «الوعدة».
«لكن ترفدون عشرين كبشا صدقة، فتطوعوا له بذلك ..». ولاشك ان تصدق الاتباع وغيرهم بأموالهم للزاوية ما هو في الحقيقة الا تصدق لصالح المساجد وحلقات العلم وللطلبة والمساكين وعابري السبيل.. باعتبار ما تمثله الزاوية من تجسيد لذلك من خلال نشاطاتها الدينية والاجتماعية المتعددة.. وبذلك كثرت إشارات المصادر إلى أنواع هذه الصدقات والهبات في مناسبات عديدة مثل تقديم دواب من أجل أعمال الزاوية الفلاحية، أو تحبيس أرض أو عين أو أشجار مثمرة لمساعدة الزاوية في مهامها، وهو ما يعرف بـ «الوقف» في الاسلام.
ج ـ الهدية :
عندما خرج الشيخ محمد المعطي إلى ورديغة بطلب من تجار بني عمير بسبب ما أصاب قافلتهم العابرة لبلادهم من نهب وسلب، تعرض له في طريقه القائد الرضي» بثور مليح وأهداه إليه، مما يفيد أن الهدية يقصد منها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة الاعتراف بمكانة الشخص المقدمة إليه، أو طلب عفوه وصفحه أو تجنب غضبه، وذلك فهي في الغالب تتم من الأسفل إلى الأعلى ولا يكون العكس، واذا حدث فهو يقدم في شكل «انعامات وجوائز التي منها ظهائر التوقير والاحترام التي يمنحها الملوك والسلاطين إلى شيوخ الزوايا أو لبعض أصحابها المقربين، كما قدمت الهدايا إلى الزاوية بغرض الحصول على عفو من المخزن أو تجنب انتقام منتقم وأحيانا لتيسير الحصول على منصب ما، مثل «المشيخة أو القيادة» أو على الأقل تزكيتها من طرف شيخ الزاوية.
د - «الزيارة» :
تمثل «الزيارة» النموذج المثالي لهذه العلاقات المادية بين الزاوية وخدامها .. بل ان اسم «الزيارة» اخذ شيئا فشيئا يطغى على سائر المعاني السالفة، ويظهر أن أصلها الديني والصوفي يرتبط بطبيعة العلاقة بين المريد والشيخ، إذ يحرص كل منهما على استمرار التواصل والتزاور، لكي يستمر مفعول وقبس شيخه النوراني فيه وقد اتسع هذا المدلول، ليعم طبيعة العلاقة بين الزاوية واتباعها في شكل تقديم قدر من المال سواء كان نقدا أو مواد أخرى، التماسا لبركة الشيخ وقدسيته.
فقد كان محمد الحفيان الرتبي السجلماسي، أحد تلامذة الشيخ الشرقي قد حج أكثر من عشرين حجة.
«وكان إذا قدم لزيارة الشيخ يقدم بهدية عظيمة من كل ما يحتاج الشيخ وأهل داره حتى أنه يقدم بالمغازيل.. ».
وعندما قدمت جماعة من طلبة «آيت عتاب لزيارة الشيخ محمد الصالح، كانت قد جمعت دراهم لزيارة الشيخ ـ قدرها خمس وعشرون أوقية، ثم أعطانا بعض من له تصرف في الأحكام المخزنية ثلاث أواقي قال : هذه زيارة الشيخ..
ان الزيارات ترافق الشيخ أينما حل وارتحل.. ولذلك كان يوجد من بين أعضاء الوفد المرافق له باستمرار «المقدم»، وتنقل الشيخ يكون دائما لغرض ما.. كما حدث أثناء زيارة الشيخ المعطي لبلاد دكالة وعبدة.
وعادة خروج أبناء الزاوية إلى مجال نفوذهم أمر شائع منذ وقت بعيد وإلى الان وهو ما عبرت عنه المصادر بـ «التقاط المعروف»، وغالبا ما يتم ذلك في موسمي الربيع والصيف، ويكون للمناطق التي لا يتمكن أهلها في الغالب من الوفادة على الزاوية لتقديم زيارتهم»، فيحل «الفقير» بأحد الدواوير، وينزل ضيفا عند أحد أعيان القبيلة، ويجتمع عليه الأهالي، فيشرع في تلاوة القرآن وأحزاب الزاوية وأذكارها، كما يحدثهم بسير اشياخها وكراماتهم ويختم ذلك بالدعاء لهم ليبارك الله لهم في نسلهم وحرثهم.. بعدها يشرع الخدام في تقديم أنواع «الزيارات» من نقود وسائر أنواع منتجات الماشية من زبدة وسمن وصوف وغير ذلك؛ هذا في فصل الربيع، أما في فصل الصيف فاغلب ما يقدم يكون من الحبوب والماشية.
وتكتسي زيارة الخدام للزاوية أهمية قصوى من حيث العدد والامكانيات المادية، بعد الانتهاء من الأعمال الزراعية، بغرض تقديم واجبات وحقوق الزاوية عليهم في شكل اعتراف ضمني بدور «بركتها» في ضمان الموسم الفلاحي وانجاحه، وتقترن بهذه المناسبة بعض مظاهر الفرح والاحتفاء في شكل «موسم» تقدم فيه الذبائح، وهو ما يعرف بـ «التعركيبة» تتخلله العاب الفروسية ومختلف أنواع الرقص والأغاني الشعبية)."
رابط تحميل الكتاب :
