لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب المكان والتاريخ في صدر الإسلام؛ مقاربات في الجغرافيا التاريخية - حسن سلهب PDF

 تحميل كتاب المكان والتاريخ في صدر الإسلام مقاربات في الجغرافيا التاريخية حسن سلهب، بصيغة إلكترونية PDF






معلومات عن الكتاب :


العنوان : المكان والتاريخ في صدر الإسلام؛ مقاربات في الجغرافيا التاريخية.


تأليف : د. حسن سلهب.


تاريخ النشر: 20/04/2017


تقديم : د. أحمد حطيط.


الناشر : دار روافد للطباعة والنشر والتوزيع.


حجم الكتاب : 34 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).


Ebook download PDF





مقتطف من الكتاب :


"آراء في علاقة الإنسان بالمكان


1 - الجاحظ والمسعودي


إعترض الجاحظ على مقولة الناس بأزمانهم أشبه منهم بآبائهم ونسيان عمل البلدان وتصرُّف الأزمان وآثارهما في الصور والأخلاق ، ولم يكتف بهذا التعميم، بل ذهب بعيداً في التفاصيل فأضاف «وفي الشمائل والآداب، وفي اللغات والشهوات، وفي الهمم والهيئات، وفي المكاسب والصناعات.


لم ينكر الجاحظ مقولة العنصر الزمني، وتعاقب الأجيال، والمراحل التاريخية، ولكنه أكد على أهمية نفوذ البلدان إلى جانب مفاعيل الأزمان، وإذا كان كتابه هذا موسوماً بالبلدان، وغايته الأولى البحث في هذا الميدان، فإن مقصوده بتصرف الأزمان لا يقلل من مركزية عمل البلدان التي أرادها الجاحظ نقطة محورية، وما الزمان سوى العنصر الضروري لمزاولة البلدان ،دورها، وبالتالي توالي المشاهد و النتائج.


إن فكرة أن الزمان هو زمان البلدان تبدو أكثر وضوحاً من فكرة أن البلدان هي بلدان الزمان، أو هكذا نفهم فكرة الجاحظ على الأقل.


لقد ربط الجاحظ الشمائل والآداب بطبائع البلدان، وعلى الأرجح كان يقصد السجايا البعيدة عن ترف المدن وإسراف الأمصار ، كما كشف عن علاقة البلدان باللغات، و أشار بذلك إلى أثر الإختلاط والتمازج العرقي في تشوه اللسان، بينما تحافظ البيئة النقية والصافية على نقاوة لسانها وصفائه.


هكذا نفهم ظهور الشهوات في ضوء مفاعيل المناخات المؤاتية مباشرة، أو عن طريق نفوذها في التربة والحيوان، وفي مقابل ذلك تبدو «الهمم» واحدة من إنجازات البيئات الصعبة والمناخات القاسية، أما المكاسب والصناعات فهي لصيقة بأماكن تحققها، حيث تتوافر مرافقها أو موادها الطبيعية والأساسية.


أما المسعودي (ت 346هـ / 956م) فقد وجد علاقة بين نمو وإستقرار العراق بل بين أمزجة أهله ولطف أذهانهم ) وبين تحادر المياه إليه، وإتصال النضارة به، ووقوف الاعتدال عنده، وقد نجم عن ذلك أن احتدت خواطرهم، واتصلت مسراتهم، فظهر منهم الدهاء، وقويت عقولهم ، إنه الانعكاس المباشر لغنى المكان في نمو الإنسان وارتقائه في مدارج الحضارة، وبالتالي تحسين النوع البشري.


لقد احتلت خواطرهم فغدت كالنسيم العليل في أفيائهم، واتصلت مسراتهم كاتصال الخير في بقاعهم ونواحيهم، فظهر الدهاء، كما ظهرت الألوان الساحرة في حقولهم وبساتينهم وقويت العقول، كما قويت طاقة العطاء والإنبات في تربتهم وسوادهم وما ثبات بصائرهم إلا كثبات إستقرارهم وتواصل إقامتهم. والعراق قلب الأرض المكان المحور، وخيراته كانت مركز الجباية منذ قديم الزمان».


لقد وجد المسعودي في كل ميزة من ميزات العراق، وفي كل مفردة من مفردات مدنيتة وحضارته، جذراً مكانياً وأصلاً جغرافياً، وما كان دوره إلا ربط هذه الميزات بجذورها، وتلك المفردات بأصولها.


ويتابع المسعودي فيرى في العراق مفتاحاً للشرق، ومسلكاً للنور، ومسرحاً للعينين. ثم يتوغل في فعل المكان في الإنسان ولأهله أعدل الألوان، وأنقى الروائح، وأفضل الأمزجة، وأطوع القرائح »، ها نحن أمام أنموذج آخر للنفوذ المكاني والبيئي بعد الأنموذج البدوي، ولكنه معكوس في الاتجاه، أصيل في مرا هواء الد المصري / هر ينطق المنهج الواحد. 


هنا تترك قساوة المناخ المسرح لمصلحة اللطافة والاعتدال، فتتحول الخشونة والغلظة إلى ألوان معتدلة وزاهية، وأمزجة طيبة وفاضلة، ولم تقف الأمور عند هذا الحد، بل توغلت في الجو والهواء الذي يرافق الإنسان ويحوطه من كل جانب، فإذا بالروائح «أنقى الروائح»، أما القرائح فهي «أطوع القرائح» . في عراق المسعودي غابت صلابة الموقف، وما ينجم عنها من صعوبة الإنقياد أو إستحالة الإنصياع، كما سنلاحظ عند ابن خلدون في أخلاق قبائل العرب والبربر في شبه الجزيرة العربية وشمال أفريقيا. لقد اعتدل مناخ المكان فاعتدلت مواقف الإنسان، ولانت أرضه وترطبت نواحيه فلانت ردات فعله وترطبت إستجاباته.


 وقيمة هذه السجية لا تقف عند حدود التفاهم والتسالم، بل تذهب بعيداً في تنقية المجتمع وترتقي به إلى مستوى بناء الدول وإعمار الكون، ما يعني في المفروض على الأقل إرتداد الفعل المكاني والجغرافي على المكان نفسه، والجغرافيا نفسها، بما يزيد من تدخلها وإلتصاقها بالسلوك الإنساني بعد تحديدها لمزاجه وطبيعة انفعاله وتفاعله.

 ‏

وأخيراً يلتفت المسعودي إلى المكان من جهة طيب نسيمه و اعتدال تربته» لتفسير وجود جوامع الفضل وفوائد المبرات»، لقد فرض المكان أخلاقيته الخاصة، ووقف خلف أجمل ما تضمنته الفضائل وأعمال البر. بهذه الحال بتنا أمام إرادة مفتوحة للمكان في كل ميدان من ميادين الإنسان. لقد ظهر ارتباط هذا المخلوق بمسرح حياته، وفضاء وجوده، عميقاً وشاملاً بطريقة يظن فيها الباحث أن قدر الإنسان محبواً بخيوط من أشعة الشمس، ونسائم الهواء، ومعجون بماء الأرض، ومُخمر في تربتها، ومحدد بمناخها.


ختاماً لابد من الإشارة الى أنه لا يمكننا إختزال الاختلاف بالمكان، فثمة إنسان يختلف عن كل إنسان كائناً ما كان هذا الإنسان، وبأي نوع من الأنواع كان الاختلاف. فبذور التعدد والتنوع، وبالتالي الإختلاف، تبدأ بالظهور مع الولادة قبل أي شيء آخر، ثم إننا نرى الاختلاف في الإقليم الواحد، والبيئة الواحدة، والمناخ الواحد والتربة الواحدة، والموقع الجغرافي الواحد، فالاختلاف تكويني في منشئه الأول، إذاً، ليس فعلاً مكانيا بالضرورة.


وإذا كنا نوافق على نفوذ المكان، بدرجات مختلفة، قبل عملية تكون الإنسان، لكن العملية، عملية تكون الإنسان نفسها، ليست عملية مكانية، وإن أحاط بها المكان، وتمت في أرجائه."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

لمحات من تاريخ المغرب هي منصة إلكترونية رائدة متخصصة في نشر كتب التاريخ والجغرافيا وعلم الاجتماع والفلسفة. ويتيح للقراء الوصول إلى تشكيلة واسعة من مصادر ومراجع هذه العلوم ...

جميع الحقوق محفوظة

لمحات من تاريخ المغرب