لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب الهوية والزمان (تأويلات فينومينولوجية لمسألة النحن) فتحي المسكيني PDF

 تحميل كتاب الهوية والزمان (تأويلات فينومينولوجية لمسألة النحن) فتحي المسكيني PDF






معلومات عن الكتاب :


العنوان : الهوية والزمان (تأويلات فينومينولوجية لمسألة النحن).


المؤلف : فتحي المسكيني. 


الصفحات: 172.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).


Ebook download PDF 





مقتطف من الكتاب :


"الزمان هو نحن أو الزمانية والحداثة


«ما هو الوطن؟». هذا سؤال لم يصبح لدينا سؤالاً فلسفياً بعد، نعني لم يصبح بعد استشكالاً جذرياً لضرب العناية بالعالم الذي يخصنا. أما المعنى البدائي والمؤقت الذي يمكننا أن نجازف به منذ الآن فهو هذا إنّ الوطن هو نمط الإشارة الراهن إلى منطقة النحن التي لنا في كلّ مرة. لكنّ الراهن ليس الإمكان الوحيد للوطن. لنقل إن الوطن ضرب جذري من احتمال الراهن بوصفه نمط الوجود الذي هو نحن. إن ذلك يعني للتو أن النحن ليست ملة ولا ينبغي لها بل هي إمكان راهن ليس الوطن غير أحد معانيه الأولية وربما المؤقتة. إن الوطن هو نمط العناية بالراهن الذي هو نحن نحن إذن لا توجد "في" الراهن، بل نحن بنية الراهن أو نحن الراهن فحسب. وهكذا بدأ ينكشف للتو أن النحن إنما هي إذن في أصلها إمكان زماني، وليست ضميراً لأحد.


إن السائل ما هو الزمان؟» لا يسأل إذن إلا بقدر ما يحتمل راهنيته، أعني نمط وجود النحن الذي يخصه من حيث هو ضرب جذري من العناية بالوطن ونحن لا نفكر إلا بقدر ما نضطلع بمعنى ما من الوطن على أن معنى الوطن لم يكن إلى حد الآن سوى كسل الروح في ثقافة ما؛ والحال أن الوطن هو اختراع عسير لإمكانية العالم في كل مرة. ولكن ما هي إمكانية العالم في كل مرة؟ إنها ليست شيئاً آخر سوى ما نشير إليه بعبارة " العصر " إن العصر هو في كل مرة أفق الراهن الذي تستمد منه منطقة النحن نمط وجودها الخاص.


وإنه في هذا السياق الطريف يجدر بنا أن نستشكل هاتف "الحداثة" فينا؛ ربّ استشكال نحن نجد أنه يزداد تعذراً طالما ظلّت مساءلتنا لظاهرة " الغرب " انفعالية. فبين الغرب والحداثة ليس فقط ثمّة تزامن في الظهور كمصطلحين بل هناك اقتران جذري بينهما لا يبدو أننا الآن مهيأون لاستبصاره من فرط الاحتكام إلى نموذج الملة.


نحن نفترض أنه يمكننا أن نقطع شوطاً مهماً في الاستفهام عن ثنائية الغرب والحداثة إذا نحن حدّقنا إليها من زاوية ثنائية الوطن والعصر، وليس من زاوية الأنا والآخر. لنقل بشكل أولي إنّ "الغرب" هو ضرب من النحن وجه الطرافة فيها أنّها أفلحت في التحوّل إلى نمط وجود النحن الإنساني بعامة إنّ طرافة واقعة الغرب أنّه لم يعد ينظر إلى نفسه كملة وذلك منذ قرن على الأقل. وذلك يعني أنه قد نجح فيما تفشل فيه الثقافات الأخرى إلى حدّ الآن، أي في بناء إمكانية العالم انطلاقاً من ضرب من "الإنسانوية الأساسية. هذا " النحو من الإنسانوية الأساسية هو بديله عن أفق الملة. وبعبارة أدق، إنه في أفق هذه الإنسانوية الأساسية انما خاض الغرب معركة إعادة رسم معنى الوطن بلا رجعة. وإنه في خضم مسألة الوطن هذه ينبغي أن نستبصر. مسألة الحداثة : أجل إنّ الحداثة عصر بعينه ؛ لكن هذا العصر قد أصبح تقنية الغرب في التحوّل إلى وطن. الحداثة انما هي "عصر" وجه الطرافة فيه أنّه أصبح نمطاً جذرياً من الوطن لم تعد أي ملة بقادرة على معاندته.


 إن ذلك يعني بالنظر إلى سؤالنا عن الزمان أنّ الحداثة هي العصر الذي صارت فيه الإنسانية تؤرّخ لنفسها لأوّل مرّة بواسطة "الزمان". والغرب هو اليوم الأفق الأساسي لهذه الإنسانية، وذلك يعني أنه يوفر بوجه ما للإنسانية الحالية نمط العناية بالعالم أي نمط الاضطلاع بمعنى الوطن. إنّ الغرب في معناه الجذري هذا انما. "عصر" وليس "ملة" هو ما. ولكن لهذا السبب بخاصة هو يفرض علينا وجهاً غريباً من الوطن. إنّ الغرب هو نمط الوجود الخاص بهذا العصر. إنّه نمط العناية بالوطن بعامة. فإذا كان الوطن هو السكن الخاص بإنسانية ما داخل إمكانية العالم التي بحوزتها، فإن ذلك هو خطة الحداثة : إنها محاولة التحوّل إلى عصر جذري للجميع.


لنقل إن طرافة الغرب هي أنه قد اخترع معنى طريفاً للوطن لم يعد يستمد قوامه من أي جهاز روحي تقليدي. وذلك أنه قد صار يشتق من الزمان وجوده الخاص. إن معنى الوطن هو العصر. وهذه واقعة طريفة في تاريخ الإنسانية. نحن ننتمي اليوم إلى العصر وليس إلى ملة ما. إن الفرق بينهما هو كالفرق بين فضاء تجربة " لم يعد يمد النحن بإمكانيتها الراهنة و " أفق انتظار صار هو المصدر الوحيد لاستمرارها. وإن الحداثة لا تعني أكثر من التفاوت المتزايد بين ذلك الفضاء وذلك الأفق. هل الوطن غير أفق انتظار أساسي لظهور معنى الإنسان؟


لذلك فإنّ كلّ من يتفلسف من خارج الأفق الغربي للإنسانية الحالية انما يدعو نفسه سلفاً إلى ضرب من مواطنة العالم لا يبدو أننا نملك الآن قدرة فلسفية على استشكالها. بيد أنه لئن كان التفلسف بمعنى ما نمط العناية بالعصر بوصفه الضرب الأقصى من معنى الوطن، فإنّ ذلك لا يعني أبداً نمط العناية بالغرب أجل إن الغرب هو الأفق الحالي : للإنسانية، لكنه ليس الوحيد المعاصر لها. وإنّ المعاصرة لهي تقنية المقاومة الجذرية للغرب، وذلك يعني أنّها تقنية الوطن المتبقية للعناية بالعالم في منطقة النحن التي بحوزتنا. إن الوطن هو العصر». هذا إقرار يعني أنّ الزمان قد أصبح المقام الجذري لاحتمال السكن الحالي في العالم. وإنه في هذا السياق الطريف يجدر بنا أن نكف. عن مساءلة الزمان من جهة ما هو ؟ . إنّ سؤال ما هو ؟ لا يطالب إلا بماذا يكون الزمان، أي هذا الموجود أو ذاك. فليس الزمان الذي يهمنا موضوعاً ما ؛ بل إنّه نمط وجود النحن التي لنا في كل مرة. نحن في كل مرة زمان ما، زماننا نحن زماننا في كل مرة أي نحن نمط وجودنا في عصر ما بوصفه الوجه الأقصى من الوطن الذي يخصنا.


ولكن من أجل أن سؤال من نحن؟ ما يزال عندنا عرقيّاً جداً ودينياً جداً، فإنّه لا بد من اشتغال عليه، مضن وطويل حتى يصبح من بعد فلسفياً. من نحن؟ قد. هو الزمان الذي هو نحن؟». وذلك أنه إذا كان العصر هو اليوم المعنى الأساسي للوطن فإنّ معنى الوجود الذي هو نحن لن يكون إلا زمانياً. ولكن ما معنى الزمان؟ زمن المرء يعني أصلاً في العربيّة أصابته "الزمانة"، أي العاهة الشديدة؛ ولكن الزمانة قد تعني أيضاً " الحب " ! الزمين هو المُصاب بالزمانة. ونحن زمانيون أي مصابون بالزمان. لنقل إن الزمان ضرب من الإصابة الجذرية بالزمانة أي بنمط من الوجود يشبه أن يكون مرضاً وما هو بمرض إذ هو نحو من فرط الحبّ. إنّ علينا إذن أن نسائل الزمان بوصفه " أثراً" affect جذرياً يجعل نمط الوجود الذي هو نحن زمانياً. هذا السياق المنطمس ربما كان إحدى الأمارات المحجوبة عن نزعة العرب القدامى إلى التوجس من الزمان والتجديف عليه. 


إن عداوة الزمان تكاد تكون خاصية انثروبولوجية لدينا. لكن التفكير فيها لم يتعد التعليق الأخلاقي عليها. لم ظل الزمان في الأفق الروحي للعرب وحتى عندما كانوا يوجهون قبلة الإنسانية منظوراً إليه دوماً من جهة الزمانة التي تهدّده في كل مرة؟ نحن ثقافة لم تفلح أبداً في اختراع مفهوم موجب عن الزمان وإنّ علينا أن نستفهم يوماً ما عن ذلك.


من هو الزمان الذي هو نحن؟». بالنظر إلى المعنى الأصلي للزمان بما هو زمانة قد صار يعني ذلك هذا أنّ منطقة النحن اليوم ليست زمانية إلا بقدر ما هي زمينة أو مزمنة، أي بقدر ما هي لا تنتج زمانها وإنما يصيبها من خارج كالمرض المزمن أي الذي يحتاج دواؤه إلى زمن طويل. ولكن ما هي هذه الزمانة التي أصابت منطقة النحن فباتت زمينة بلا رجعة؟ لو استشرنا الملة لكان الجواب هكذا : إنّ هذ الزمانة الحادة. هي الحداثة. وإنه في نطاق هذا السياق المنطمس انما أتى محمّد عبده إلى عنوان الردّ على «الدهريين». إن الحداثة ضرب طريف من الدهرية، أي من الزمانة التي أصابت منطقة النحن بلا رجعة.


وإن علينا الآن أن نحاول الإجابة عن السؤال الأخير من هذا البحث، ألا وهو: «هل نحن محدثون أم فقط معاصرون؟»."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

لمحات من تاريخ المغرب هي منصة إلكترونية رائدة متخصصة في نشر كتب التاريخ والجغرافيا وعلم الاجتماع والفلسفة. ويتيح للقراء الوصول إلى تشكيلة واسعة من مصادر ومراجع هذه العلوم ...

جميع الحقوق محفوظة

لمحات من تاريخ المغرب