لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب التاريخ والتأريخ دراسة في ماهية التاريخ وكتابته ومذاهب تفسيره ومناهج البحث فيه - محمد بيومي مهران pdf

 كتاب " التاريخ والتأريخ دراسة في ماهية التاريخ وكتابته ومذاهب تفسيره ومناهج البحث فيه " للمؤلف محمد بيومي مهران بصيغة إلكترونية pdf.


 




معلومات عن الكتاب :

 


العنوان : التاريخ والتأريخ دراسة في ماهية التاريخ وكتابته ومذاهب تفسيره ومناهج البحث فيه.


 المؤلف : الأستاذ، محمد بيومي مهران.


 الناشر : دار المعرفة الجامعية.


 تاريخ النشر : 1412 هـ - 1992 م.


 عدد الصفحات : 375 ص.


 حجم الكتاب : 6.37 ميجا بايت.


 صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).

 

 ‏

مقتطف من الكتاب :

 

"صفات المؤرخ :


لعل من الأهمية بمكان وقبل دراسة منهج البحث التاريخي، وكيفية التعبير عن الحقائق التاريخية بأسلوب علمي سليم - أن نشير باديء ذي بدء، الى بعض الصفات الاساسية في كاتب التاريخ أو «المؤرخ»، والتي تنقسم الى قسمين أساسيين : خصال خاصة بشخصية المؤرخ، وأخرى خاصة بقدراته العلمية :


1 - خصال خاصة بشخصية المؤرخ :


ولعل مما تجدر الاشارة اليه هنا الى أن البحث موهبة فنية تمنح من الله تعالى لبعض الناس ؛ ولا تمنح الاخرين، ومن ثم فليس الاطلاع، ولا جمع المادة العلمية وترتيبها، بالعناصر الكافية لانتاج بحث أو رسالة ممتازة فى التاريخ، فلابد من توفر المقدرة على البحث عند الباحث أولا، ذلك لأن جمع المادة وترتيبها شيء، وتفسيرها وابراز أهميتها، واستخلاص النتائج منها، شيء آخر بل ان هذا هو الصعب والمهم فى كتابة الرسائل العلمية Writing Thesis والابحاث التاريخية، وهنا يجب أن يعرف الباحث أن هناك أمراً لا يمكن التجاوز عنه أو تجاهله، وهو أن تكون له مقدرة يستطيع. أن يستقل بها في فهم الحقائق وفى تفسيرها، كما أن فهمها وتفسيرها شيء قابل للاختلاف من شخص لاخر، فاذا لم يكن الباحث قد وهب هذه المقدرة، فهو دون المستوى الملازم للمنهاج المعلمي المطلوب.


وعلى أية حال، فليس هناك من ريب فى أن هناك خصالا خلقية معينة يجب توافرها فيمن يتعرض لمهمة البحث العلمي، أهمها : الصدق والامانة والإخلاص والنزاهة والشجاعة، لانه يستحيل على مؤرخ الحقائق أن يكون انسلنا مزورا أو كاذبا، أو غير معبر عما تنص عليه الوثائق  التاريخية.


ولمعل من الاهمية بمكان الاشارة الى أن الثقافة الاسلامية - كما أشرنا من قبل - قد ابدعت في تقويم الرجال فنا قائما بذاته هو «الجرح والتعديل، فقد كان المسلمون يأخذون الاخبار من أفواه الرجال، ومما قيدوه في نسخهم، ناظرين دائما الى هيئة المرجل وصلاحه فهم لم يكونوا يفصلون بين علم الفرد وسلوكه فالفرد – في نظرهم الصائب - وحدة متكاملة، يؤثر فيها سلوكه على عمله، أو العكس، ولا مناص من بحث حاله بحثا متقصيا، يتناول أدق تفاصيل حياته الذهنية والسلوكية، ليمكن قبول نقله أو رفضه، وما نظن أن ثقافة في الارض قامت على مثل هذا الاساس النقدى المنهجى النزيه، فذلك شيء تفرد به المسلمون.


هذا وهناك أمر في غاية الاهمية والخطورة في منهج البحث التاريخي وأعنى به «الوطنية»، اذ أن على المؤرخ أن يهتم كثيرا بهذا الامر، ذلك لان الوطن عنصر أساسى فى حياة الإنسان، وأن الولاء للوطن حقيقة لا مراء فيها على الاطلاق، ومن ثم فينبغي على المؤرخ أن يحاول التعبير عن المحقائق بطريقة مجردة، ووطنية، في نفس الوقت، حتى لا يقع فيما نبه اليه «كار» من : أننا اذا تناولنا عملا تاريخيا فلاينصب اهتمامنا على الحقائق التاريخية فحسب، وانما يجب أن يشمل المؤرخ أيضا ذلك لأن المؤرخ انما هو ابن عصره، بل هو أحيانا ابن طائفته، وأحيانا أخرى ابن مذهبه وحزبه، وهو مقيد بهذا كله بحكم اتجاهاته وانفعالاته وميوله، ومن هنا يمكن القول بأن الحقائق التاريخية والموثائق الأصلية قد تختلط مع الاتجاهات الخاصة للمؤرخ.


وأما الأسلوب العلمى الصحيح الذى يتضح في الخطوات التالية فقد يساعد المؤرخ في التعبير عن الحقائق مجردة ووطنية في آن واحد، فاذا كان المؤرخ معبرا بصدق، وبأسلوب علمى، وبطريقة مجردة، ومعتمدا على الوثائق الصحيحة الموثوق منها ولا يتناولها الشك بحال. من الاحوال والمعترف بها في مختلف الهيئات العلمية، فانه يكون بذلك قد أدى واجبه العلمي الذي يتطلبه علم التاريخ، والوطنية التي يدعو اليها الموطن، وعلى أية حال، فعلى المؤرخ ألا يكون متحيزا، ولا مهاجما أو مدافعا، وانما يذكر الحقائق، كما نصت عليها الوثائق ثم يؤيد ما يتطلبه الواجب الوطني، كما أن على المؤرخ أن يحرر نفسه – جهد الطاقة من الميل أو الاعجاب أو الكراهية، العصر خاص، أو لناحية تاريخية معينة.

-

وهكذا فعلى المؤرخ أن يكون موضوعيا، غير متأثر بالعوامل الذاتية وألا يجعل لآرائه الشخصية أو معتقداته الدينية أو اتجاهاته السياسية دورا في تغيير الحقيقة أو طمس معالمها، كى تخدم آراءه ومعتقداته، وصدق الله العظيم حيث يقول «يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط، ولا يجرمنكم شنتان قوم على ألا تعدلوا، أعدلوا هو أقرب للتقوى، واتقوا الله ان الله خبير ما تعملون»، كما أن على المؤرخ ألا يقوم بدراسة موضوع ما، وقد عقد العزم مقدما ـ وقبل بدء الدراسة - على تحقيق نتائج معينة، بل عليه أن يضع فكره وثقافته وميوله في خدمة البحث العلمى وحده.


ولعل مما تجدر الاشارة اليه أن يعي المؤرخ تماما، أن مهمته ليست إصدار أحكام الزيغ والضلال على الماضى، أو أن يجعل من نفسه واعظا عقائديا، لن يؤدى الا الى أحكام خاطئة، اذا قيست بأحكام العصر الذي يدرسه، ذلك لان كل عصر تاريخي، بل لكل حقبة، كما أن لكل حضارة شخصيتها وقيمها، وليس من شأن المؤرخ أن ينظر إلى الماضي من خلال معايير الحاضر، لان الانسان ليس شكلا ولا طابعا ولا نمطا واحدا، ومن ثم ينبغى التعبير عن كل عصر بتعبيرات خاصة به، لان لكل عصر - كما أن لكل أمة - طابعا فريدا لا يتكرر، فليست الحضارة المصرية القديمة كالحضارة الصينية أو اليونانية أو الرومانية، وانما تشكلت كل منها بطريقة متمايزة منفردة، ومن ثم فقد وجب على المؤرخ أن يتعايش مع العصر الذى يدرسه، وأما تجاوز ظروف الزمان والمكان، واصدار أحكام مطلقة، فهذا أسوأ فهم التاريخ، فمثلا ليس شكسبير هو سوفوكليس، ولا ميلتون هو هوميروس، كما أن المتنبي ليس هو شوقي، ولا سعد زغلول هو جمال عبد الناصر.


وأخيرا على المؤرخ أن يكون صاحب إحساس وذوق وعاطفة وتسامح وخيال وأن يكون بعيدا عن الشهرة أو الظهور، وأن يكون محبا للدرس، جلدا صبورا، فلا تمنعه وعورة البحث أو الصعاب والعقبات عن مواصلة المعمل، ولا توقفه قلة المصادر، ولا يصرفه عن عمله غموض الوقائع والحقائق التاريخية واختلاطها واضطرابها


ب - وأما بالنسبة للقدرات العلمية للمؤرخ : فيجب أن يكون عند المؤرخ قدرات واستعدادات تدريبية في الناحية اللغوية والعلمية تتصل بصفة خاصة بفرع التاريخ الذى يحرسه، وفى المواقع أن هذه الصفات انما هي نقطة أساسية ومكملة لصفات المؤرخ – الانفة الذكر – لان توفر الصفات الخلقية النبيلة فى المؤرخ، ليست وحدها بكافية لاداء عملية التاريخ، وانما تكملها عملية الاستعداد العقلى والمعملي لاداء هذه المهمة، وأول جوانب هذه المهمة هي قدرته اللغوية، وخاصة لغة العصر موضوع دراسته، والتي كتبت بها الوثائق المنتمية لهذا العصر، لان اللغة هي وسيلة التعبير، ومن ثم فصلى المؤرخ أن يحس بمدلولها، وما تريد أن تعبر عنه، وانطلاقا من كل هذا، فعلى دارس التاريخ الفرعوني - مثلا - أن يعرف اللغة المصرية القديمة، وكتاباتها المختلفة (هيروغليفية وهيراطيقية وديموطيقية )، وعلى دارس التاريخ الاسلامي أن يجيد اللغة العربية، وهكذا.


وليس هناك من ريب في أن ملكة النقد، انما هي من الصفات الضرورية للمؤرخ، فلا يجوز له أن يقبل كل كلام، أيا كان قائله من ذوي المشهرة والرنين، وكل واحد من الناس يؤخذ من قوله، ويرد عليه الا سيدنا رسول الله الله فهو وحده المعصوم عن أن يقول الا ما هو حق وهدى، كما أن على المؤرخ الا يصدق كل وثيقة أو مصدر بغير الدرس والفحص والاستقصاء، فيأخذ منه ما يرى أنه الصدق - أو ماهو قريب من الصدق - ويترك ما يتنافى. مع ذلك، حتى اذا كان هذا الصدق يتنافى مع عواطفه الشخصية أو الوطنية، فالحق أحق أن يتبع، وكل وثيقة أو مصدر، يؤخذ منه، ويرد عليه، الا القرآن الكريم كتاب الله الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حمید.


وفى المواقع ان المؤرخ اذا ما أعوزته ملكة النقد سقطت عنه هفته، وأصبح مجرد شخص يحكى كل ما يبلغه، على أنه حقيقة واقعة، ومن ثم فعلى المؤرخ أن يفهم آراء الغير، وأن يكون دقيقا في نقل عباراته، فكثيرا ما يقع بعض الباحثين في أخطاء جسيمة بالنسبة لآراء الآخرين، إما لخطأ في النقل، أو لسوء فهم، كما أن على المؤرخ أن يفتح عينيه وقلبه لما يقرأ، وأن يكون حذرا، فلا يسلم تسليما مطلقا بالاراء التي قررها باحثون من قبله، بل لابد له من أن يفكر فيها، ويمعن المنظر في محتوياتها، وما أكثر الامثلة التاريخية التي خالف فيها اللاحقون السابقين، وانطلاقا من كل هذا، فعلى المؤرخ أن يدرس بنفسه الاحداث والاسباب التي أدت اليها، ثم يقاون النصوص بعضها ببعض، وأن تبرز في كل مراحل البحث شخصيته، بصفة ايجابية مؤثرة، ولكن حذار من المبالغة فى ذلك، فيحاول الباحث بالحق والباطل أن يصل الى ما يريد فهذا ما يجب أن يبعد عنه طالب المعلم، البعد كل البعد."


تحميل الكتاب :


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب