لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب علم النفس الاجتماعي والتاريخ - بور شنيف pdf

 كتاب علم النفس الاجتماعي والتاريخ - بور شنيف - أونلاين pdf








معلومات عن الكتاب :


العنوان : علم النفس الاجتماعي والتاريخ.


تأليف : ب. بور شنيف.


ترجمة : هشام الدجاني - عبد الكريم ناصيف.


عدد الصفحات : 288.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf). 





مقتطف من الكتاب :


" التاريخ والتواريخ


الجنس البشري هو الجماعة التي ما يزال علينا أن نمعن النظر بها.


هذه هي المقولة الفاصلة أو الفكرة الحدية في التفكير السوسيولوجي كله. ولن تكون هنالك خلاصة كاملة لعلم النفس الاجتماعي إن لم يتناول بالبحث هذه الجماعة الكبرى الشاملة لكل الجماعات. فالناس ميالون للنظر إلى الـ «نحن » الخاصة بهم باعتبارها عنصراً يتشكل منه الكل الشامل، الجنس البشري لكل الناس الذين يعيشون على الأرض. إن الأممية تنبع من الوعي بالروابط التي تربط حركات الطبقة العاملة والتحرر الوطني والاشتراكية في بلد من البلدان بالحركات المشابهة في كل أرجاء العالم، مقروناً بالاعتقاد أن تبادل المساعدة على النطاق العالمي أمر ضروري.


إن للمفهوم القائل بأن الجنس البشري كل واحد، تأثيراً قوياً على الأفكار السياسية والأخلاقية وكذلك على الأفكار العلمية والمنطقية وما يمت لها من مشاعر.


وقد كانت فكرة العالمية جزءاً من التفكير السياسي منذ العصور القديمة، إنما أخفقت كافة المحاولات لإقامة أمبراطوريات عالمية. وظل كثير من القبائل والشعوب خارج متناول فاتحين مثل الاسكندر الكبير، غير أن الناس، بدءاً بالرواقيين تقريباً، وانتهاء بالأشخاص السياسيين والإيديولوجيين والطوباويين الكثر في العصور الوسطى والحديثة، كانوا يتوقون لوحدة أو توحيد الجنس البشري.


 إن علم الأخلاق، لكونه جزءاً من الفلسفة، يتكلم عن الإنسان بصورة عامة » لا كفرد في مجموعة «نحن » تقابل مجموعة «هم». ولعل بإمكاننا القول، بالواقع، إن فكرة الأخلاق الفلسفية تدين بوجودها لفكرة الجنس البشري. وحين ينفصل علم الأخلاق عن تلك الفكرة، فإنه يتقلص جوهرياً ليرتد إلى مجرد العادات.

 

 وفكرة الجنس البشري ماثلة بقوة في حقيقة العلم، وفي كل برهنة وفعل من أفعال المنطق. فالحقائق التي لا نزاع فيها تُشكل منذ ديكارت الأساس لأعمق حركات إمكانية ـ البرهنة الفكرية العلمية والاعتراف بالضرورة والالزام المنطقيين، وهذه الحقائق إنما تدل على الإنسان، أي كل امرى باستثناء الأطفال ومرضى العقول وما من علم يمكن فهمه بدون افتراض طبيعة عامة للفكر موجودة لدى كل الشعوب والأفراد، بغض النظر عن الفوارق في السمات الثقافية والتاريخية وما أن يتم إغفال هذا، حتى تتوقف الحقيقة عن أن تكون حقيقة، بل تصبح مجرد عادة تقليد لا يلزم الجميع وبالتالي ليس له صفة شمولية. وهكذا، فإن مفهوم الجنس البشري ككل واحد هو شرط مُسبق من شروط العلم، بل الأكثر من ذلك أن مفهوم العلم، أيضاً، يتطلب العقل البشري ككل لكي يمعن النظر بمفهوم الجنس البشري.


من جهة أخرى، ورغم أنه بفضل بعض الجوانب الأساسية لجوهرنا ترجع أنفسنا إلى هذه الجماعة الواسعة العريضة، هذه النحن » الهائلة، فإنه لا يمكننا القول ما إذا كانت موجودة على صعيد الواقع أم غير موجودة، لأن التاريخ بمجمله هو مجموع تواريخ البلدان، الشعوب والحضارات. إذ تستخدم كلمة «تاريخ» بالمفرد إلا أنها تفهم بالجمع. وتواريخ العالم التي تقدم لنا بين الفينة والفينة ليست، من حيث الجوهر، تاريخاً واحداً. بل هي تواريخ كثيرة، تواريخ، شأنها شأن الخيوط تتشابك أحياناً وأحياناً أخرى تتوازى.


إن هدف المؤرخ، تقليدياً، هو أن يكتشف تاريخ بلاد من البلدان ولكي يكون متأكداً فإنه قد يُدون تاريخ موضوع أكثر خصوصية نازلاً حتى تدوين تاريخ فرد من الأفراد. لكن الجميع يتفقون على أن موضوع البحث في هذه الحالات إنما يقرره الجو المحيط. وبالمقابل، ينظر إلى بلاد بعينها باعتبار أنها جزيء أولي ) من السيرورة التاريخية. فكلمة «بلاد » تعني الآن جماعة سكانية اقتصادية، شعباً أو أمة، أي جماعة اثنية واحدة إنما على الأغلب دولة أو إقليماً له حدود خاصة حسب مفهوم المدرسة الألمانية للدولة التاريخية والأكثر من ذاك أنه يتم إظهار أرض الدولة المعاصرة على خلفية من حقب تاريخية بعيدة حين لم تكن البلاد موجودة بعد، سواء بالمعنى الطبيعي أو بالمعنى الإداري، وحين كانت أرضها محتلة من قبل الإمارات [ التي لم تكن أراضيها بالضرورة تتطابق بحدودها مع الحدود قيد المناقشة ] أو القبائل التي كانت تعيش هناك أو الجموع المهاجرة.


وعلى وجه الإجمال، فإن مشكلة تاريخ العالم تعود بنا إلى العلاقات بين مجموعة الـ « نحن » والـ « هم » التي تُشكل نسيجها الصميمي بالذات.


فلكل مرحلة من تطور الجنس البشري وسيلتها الخاصة البارزة من وسائل التبادل الشامل.


إنما وحدها مرحلة الرأسمالية هي التي طورت صلات مباشرة تشمل العالم كله كالسوق العالمية مثلاً، الروابط والعلاقات الاقتصادية الكونية، شبكات النقل والمواصلات والإعلام على مستوى الكرة الأرضية. مع ذلك، فقد أدى هذا إلى تناحرات عالمية أيضاً. فعمال العالم يقفون وجهاً لوجه أمام البرجوازية العالمية والعهد الرأسمالي، بدءاً من يوم ظهوره، كان سبباً لظهور التناقض بين بعض البلدان الرأسمالية والعالم اللارأسمالي، الذي تحول معظمه إلى مستعمرات لتلك البلدان. كذلك أدت الرأسمالية إلى حدوث صدامات ليس فقط من أجل التقسيم بل أيضاً من أجل إعادة تقسيم كوكبنا بين الدول الرأسمالية. فالرأسمالية هي السبب في حروب العالم. لقد انفجرت تناقضاتها الداخلية في خصام عالمي وقع بين نظامين اجتماعيين - اقتصاديين. وينبغي أن نتذكر أنه حين كتب لينين في مقالته « هو شعار من أجل دولة أوروبية متحدة »، أنه يمكن أن تنتصر الاشتراكية أولاً في بضع دول أو حتى في دولة رأسمالية بمفردها، فإنه لم يكن يعني عزل تلك الدولة بل عداءها وتناقضها مع النظام الرأسمالي العالمي. لقد كتب لينين: بعد تجريد الرأسماليين من ممتلكاتهم وتنظيم إنتاجهم الاشتراكي سوف تنهض البروليتاريا المنتصرة في تلك البلاد ضد بقية العالم - أي العالم الرأسمالي - لكي تستقطب حول قضيتها، الطبقات المضطهدة في البلدان الأخرى... » وهذا يصلح تماماً وينطبق أيضاً على العصر الذي يكون فيه نظام اشتراكي كامل - لا بلد واحد ـ في مواجهة النظام العالي الرأسمالي الاحتكاري.


لم تكن العلاقات الدولية في عهود ما قبل الرأسمالية بمثل حالة الصراع التي جعلتها عليها الرأسمالية. وبسرعة خاطفة، لكن هذا لا يعني أن فكرة تاريخ العالم غير قابلة للتطبيق على الحقب ما قبل الرأسمالية، وإن يكن ذلك بمعنى مغاير كثيراً، فالعلاقات الشائعة في التاريخ القديم والوسيط إنما كانت العلاقات السلسلية، أي الارتباط المباشر بين بلد ما وبضعة بلدان مجاورة له، تشكل بدورها، روابط مع بلدان أخرى. وهناك قلما كان يستطيع المرء رؤية الطبيعة العالمية - النطاق للتاريخ إلا أنها كانت موجودة، نظراً لأنه ما من بلد ولا حتى أصغر وأكثر شعوب العالم عزلة كان يقع خارج هذه العلاقة السلسلية.


وأخيراً، وحتى في أقدم العصور، لم تكن العلاقات التاريخية العالمية النطاق تعني النفاذ أو التفاعل المتبادل والموضوعي مع البلدان المجاورة سواء كان ذلك اقتصادياً أو سكانياً أو سياسياً أو ثقافياً، بل علاقة سلبية أي الصد والانعزال.


وبوسعنا القول إن الجنس البشري ظهر في البداية كنسيج ناعم، خيوطه، أي الحدود ونقاط الاتصال، تحمل في الغالب شحنة سلبية لم تلغ، بالواقع، إمكانية الانتشار والتمازج، وفي مرحلة لاحقة، بدأ التفاعل الإقليمي يجد موطئ قدم له بصورة تدريجية، إنما كان، لدى التحليل النهائي، مجرد جزء من النظام السلسلي العالمي الذي كانت عناصره غير مدركة له. إذا كان الانعزال هو العامل السائد، إنما كان في ذلك الحين انعزالاً سياسياً، ولهذا السبب فقد كان يتخذ شكل التهديد المسلح للجيران والدفاع ضدهم. فيما بعد، باتت العلاقات العالمية تحمل شحنة إيجابية، غازية الانفصالية والانعزالية والركود، محولة التاريخ إلى تاريخ ذي صفة عالمية واضحة، ومؤدية أيضاً إلى إحداث تناقضات وخصومات عالمية.


هذه هي بعض السمات الديالكتيكية لتطور الظاهرة الذاتية والموضوعية - التاريخية - الاجتماعية التي افترضناها كأساس لعلم النفس الاجتماعي وحددناها بصيغة «نحن » و « هم ». فتاريخ الإنسان لم يصبح بعد، تاريخ « نحن واحدة لا يقابلها أحد، حيث ظاهرة الـ « هم تنخفض إلى مجرد التنافس بوصفه تعبيراً ليس عن الانعزال أو العداء بل عن المساعدة والتعاون المتبادل. تلك هي نظرتنا للمستقبل الشيوعي للجنس البشري، رغم أن هذا المطمح بتحقيق نحن » عالمية شاملة تعرقلها القوى المعادية للشيوعية.


لقد كان التاريخ دائماً أكثر من مجرد مجموع تواريخ كثيرة. واليوم ما يزال علم التاريخ بحاجة لمنهج لا تُدرس من خلاله تواريخ البلدان وحسب بل التاريخ ككل، كما يعطى مكان هام فيه لعلم النفس الاجتماعي."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب