لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب أبحاث في النظرية العامة في العقلانية العمل الاجتماعي والحس المشترك - ريمون بودون PDF

 كتاب أبحاث في النظرية العامة في العقلانية العمل الاجتماعي والحس المشترك للمؤلف ريمون بودون أونلاين بصيغة PDF.




معلومات عن الكتاب:


عنوان الكتاب : أبحاث في النظرية العامة في العقلانية العمل الاجتماعي والحس المشترك.


المؤلف : ريمون بودون.


ترجمة : د. جورج سليمان.


توزيع : مركز دراسات الوحدة العربية.


عدد الصفحات : 402.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).



مقتطف من الكتاب:


"العلوم الاجتماعية والعلوم العصبية


تقودني هذه الملاحظات إلى استحضار العلاقات الملتبسة القائمة بين العلوم الاجتماعية والعلوم العصبية. ولا يسعنا إلا الاعتراف بالتطوّر الذي أصابته العلوم المعرفية المذهلة، منظوراً إليها من زاوية بُعدها العصبي. وإليك مثلين على ذلك :


1 / تستوقفنا حالة ذلك الشخص الذي راقبه أنطونيو داماسيو (1999) Antonio Damasio)، وكيف أنه لا يرى إلا جوانب الحياة الإيجابية ولا يعتريه أي انفعال سلبي، جاهلاً كل شعور بالغضب والخوف. أما السبب فهو ما أظهره الكشف الشعاعي لديه من تكلس على مستوى اللوزة الدماغية.


2 / لقد أظهر باحثون من جامعة زوريخ السويسرية كيف أن ردود الفعل على «العبة الإنذار الأخير تتبدل لدى تعطيلنا قسماً من الدماغ عبر الجمجمة - وتحديداً، اللحاء الجبهي الظهر - جانبي ـ عن طريق الإثارة المغنطيسية (2006 ,Henderson) في لعبة الإنذار الأخير يستطيع الشخص A أن يعرض على الشخص B تقاسم مبلغ محدد من المال، في حين لا يستطيع B أكثر من قبول عرض A أو رفضه. فإن قبل B عرض A تمّت المقاسمة بينهما وفق ما يقرره ، وإن رفض لم يحصل على شيء والملاحظ في هذه الحالة، أن B، عندما يعمل دماغه بصورة طبيعية يرفض عروض A باعتبار أنها مجحفة ـ إذا ما اقترح عليه هذا الأخير، مثلاً، أن يتقاسما معه مبلغ مئة أورو كالآتي : 80 أورو لـ A و 20 أورو فقط لـ B» ـ حتى وإن قضي عليه بسبب رفضه هذا ألا يحصل على شيء البتة، أما عندما يتم تعطيل عمل القسم الدماغي المذكور فإنه يقبل بعرض A، بالرغم من إدراكه ما ينطوي عليه من إجحاف.


هذا النوع من النتائج لا يخلو من فائدة بالنسبة إلى العلوم الاجتماعية، لأن النتيجة التي توصل إليها داماسيو تصلح لتفسير سلوك مسؤول سياسي معين في حين تبدو نتيجة بحاثة زوريخ تحدياً لنظرية الاختيار العقلاني لأن الفاعل B فيها لا يتصرّف بموجب قوانين الإنسان الاقتصادي إلا إذا كان عمل دماغه العادي معطلاً جزئياً. من هنا نفهم أن يبلغ الأمر ببعضهم أحياناً حدّ اقتراح الاستعاضة عن النموذجين الكلاسيكيين : الإنسان الاقتصادي والإنسان السوسيولوجي بنموذج الإنسان العصبي.


غير أن تقدم العلوم العصبية لا يسيء إطلاقاً إلى استقلالية البرنامج المبني على المسلمة القائلة إن البحث عن العلل القصوى لإحدى الظاهرات الاجتماعية يجب أن يتركز على ما يخضع له الفاعلون المسؤولون عن الظاهرة المذكورة من مبررات ودوافع قابلة للفهم مبدئياً، وذلك أن عالم الاجتماع يفترض أن الأشخاص الاجتماعيين الذين يتحدث عنهم يتمتعون بدماغ طبيعي تخلو لوزته الدماغية من كل تكلس ويعمل لحاؤه الجبهي الظهر - جانبي بطريقة سليمة.


من شأن هذه الإيضاحات أن تلطف حدّة النقاشات، التي تعاود ظهورها اليوم على هامش انطلاقة العلوم العصبية، حول مسألة جليلة تتمثل في معرفة ما إذا كان ينبغي تبنّي تصور أحدي أو ثنائي للعلاقة بين النفس والجسد، مما يعود بنا بتعابير عصرية، إلى التساؤل عمّا إذا كان من المشروع قيام برنامج لتفسير السلوك الإنساني يفرض استقلاليته عن العلوم العصبية.


إن أكثر الاتجاهات اليوم رواجاً هي الأحدية (monisme) التي تدعو إلى اتباع الطرق المعتمدة في مجال العلوم العصبية من أجل تفسير أفعال الكائن البشري ومعتقداته ومواقفه، وتغض من إمكان فهمها، أي تفسيرها بالمبرّرات والدوافع بمعزل عما عداها من فئات الأسباب الأخرى.


وقد رافق هذه الموجة الأحدية لدى كل من وليام جيمس وتشارلز بیرس (Peirce) وجون ديوي (Dewey) احتفاء ببعض التيارات الفلسفية كالبراغماتية الأميركية (2006 ,Johnson) ولما كانت الأحدية المذكورة تفرض التعامل مع الفكر الإنساني بصفته انبثاقاً من تفاعلات المتعضي البشري (organisme humain) مع محيطه، فإن الفرضية التي أتقدم بها هنا هي أن جاذبيتها متأتية من تطابقها مع مسلمة المذهب المادي. إن الحس السليم يقضي بأن يستولي علي شعور بالسخط لدى مشاهدتي شاباً قوياً يعتدي على سيدة عجوز وأن يثير هذا الشعور في انفعالاً يتأذى إلى شحوبي المفاجئ. أما في نظر من يذود عن البراغماتية فإن التغييرات التي يحدثها في جسدي المشهد المذكور هي التي تولد في نفسي انفعالاً لا يلبث بدوره أن يبعث في شعوراً بالسخط. أورد ذلك نقلاً عن تحليل لوليام جيمس يعتبر فيه صاحبه أننا نحزن لأننا نبكي وليس العكس. ولعل الاهتمام المولى اليوم إلى هذه النظرية المتناقضة أن يكون بالدرجة الأولى، شاهداً على ما تمارسه مسلمة المادية من تأثير خفي، أي الفكرة التي تعتبر أن العلل المادية وحدها جديرة بالدخول في الخطاب العلمي.


ولكن إذا تأكد أن المسارات الذهنية الواعية أو نصف الواعية توافق سلسلة من الأحداث العصبية، أوالبيولوجية عموماً، فقد صح أيضاً أن في الإمكان تفسير أي ظاهرة اجتماعية أو سياسية بشكل كامل، والإيحاء ببلوغ هذه الظاهرة عللها القصوى انطلاقاً من مبرّرات الأفراد المسؤولين عنها ودوافعهم .. وعليه، فإن رفض الشخص السوي B الذي يقترح عليه A في لعبة الإنذار الأخير الصيغة الآتية: 80 أورو لي و 20 أورو لك» يجد تفسيره، من هذا المنطلق، على أساس أن B لا يقتصر على النظر إلى منفعته المادية، بل يتجاوزها إلى مقولتي العدل والظلم أيضاً. إن أسباب الرفض متوافرة لديه، من دون شك، لكنها ليست تلك التي تأخذ بها نظرية الاختيار العقلاني وبصورة أدق، تبدو الأسباب النفعية هنا خاضعة للأسباب الأخلاقية.


كذلك يقتضي التشديد على نقطتين : الأول يتعلق بالاختلاف الحاسم بين العلوم العصبية من جهة وحركات فكرية كالثقافوية والبنيوية، من جهة ثانية إن العلوم والحركات المذكورة تلتقي كلها عند تفسير السلوك بعلله المادية»، وهي: حالة الدماغ في العلوم العصبية وتأثير البيئة لدى الثقافوية، والبنى الإفتراضية لدى البنيوية. لكن العلوم العصبية ترفض التزاماً منها بالأخلاقية العلمية، أن تعتبر سبب أي تصرف حقيقياً إلا إذا برهنت على وجوده، في حين تكتفي البنيوية وما شاكلها من حركات فكرية بتفسيرات سلوكية مبنية على علل إفتراضية محض، أو بالأحرى، لفظية. لقد تم التحقق من أن تكلساً أصاب لويزة داماسيو الدماغية، كما تأكد بالتجربة وجود علاقة سببية بين تعطيل قسم من دماغه وتبدل تصرفه في لعبة الإنذار الأخير، أما الاستدلال على الأطر والبنى المفهومية والانحيازات المعرفية (biais cognitifs) والعادات وما شاكلها من عوامل موهومة، فإنه يحصل دائريّاً، انطلاقاً من السلوك الذي يدعون تفسيره بها.


أما النقطة الثانية فيمكن صياغتها كالآتي: من الممكن أن تظل بعض المسائل تعتبر تابعة لمجال العلوم الاجتماعية، في الوقت الذي يعجز فيه عن معالجتها بطريقة مقنعة إلا علوم الحياة. ولكن لما لم تكن هذه العلوم مؤهّلة بعد لذلك فإن العلوم الاجتماعية تقوم لها مقام غرفة انتظار ما قبعلمية."


رابط تحميل الكتاب:


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب