لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب المدارس التاريخية الحديثة - الهادي التيمومي PDF

كتاب المدارس التاريخية الحديثة للأستاذ الهادي التيمومي بصيغة الكترونية PDF








معلومات عن الكتاب :


عنوان الكتاب : المدارس التاريخية الحديثة.


المؤلف : د. الهادي التيمومي.


الناشر : دار التنوير للطباعة والنشر.


الطبعة الاولى : 2013.


عدد الصفحات : 229 ص.


حجم الكتاب : 13 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).





مقتطف من الكتاب :


"المؤرخ الإنساوي


إن الفكرة - القوة في عصر "النهضة (LA RENAISSANCE) هي فكرة «الإنسانوية» (HUMANISME) وقد عاش المؤرخ الإنسانوي» في إيطاليا خلال الفترة بين أواسط القرن الخامس عشر (1453) : تاريخ سقوط القسطنطينية ونهاية حرب المائة عام) ونهاية القرن السادس عشر (1598) مرسوم نانت (NANTES)، 1600 : إعدام الكنيسة للفيلسوف جيوردانو برونو (GIORDANO BRUNO). أما القرن السابع عشر، فكان بمثابة الفترة الانتقالية إلى قرن» الأنوار»: القرن الثامن عشر.


لقد كان عصر النهضة بداية عصر الحداثة في أوروبا، والنهضة تحول جذري في الوعي الأوروبي من العصر الوسيط الفيودالي إلى العصر الحديث الرأسمالي، ومن سلطة الكنيسة والتأليه والتجسيم والتشبيه والحقائق المطلقة إلى سلطة العقل والإبداع وكتاب الطبيعة المفتوح، ومن نظام الدويلات والإمبراطوريات متعددة القوميات إلى الدول الوطنية، ومن نظام التعيين بالنص إلى الاختيار.


لقد كان عصر النهضة قطيعة إبستمولوجية تنطوي على نظرة جديدة للمكان والزمان وللآخر. 


ولا يهم إن كان اسم المؤرخ الإنسانوي الذي ظهر في خضم هذا التحول العظيم هو الإيطالي لورانزو فالا (LAURENZO VALLA) (توفي عام 1457) أو الألماني بياتوس رينانوس (BEATUS RHENANAUS (توفي عام (1547) أو الهولندي هوقو قروتيوس (HUGO GROTIUS) (توفي عام (1654 أو الفرنسيون جان بودان (JEAN BODIN) (توفي عام 1596) أو لأبوبولينيار (LA POPELINIERE) (توفي عام 1605).


أو فرانسوا هوتمان (FRANCOIS HOTMAN) (توفي عام 1590) أو جان مابيليون (JEAN MABILLON) (توفي عام 1707) أو إيتيان باسكييه (ETIENNE PASQUIER) (توفي عام 1615). إن المهم هو القاسم المشترك الذي يجمع بين كل هؤلاء المؤرخين من حيث رؤيتهم للتاريخ.


1 - الإنسانوية (L'HUMANISME)


برزت إرهاصات النهضة الأوروبية فى شمال إيطاليا (منطقة الطوسكان وعاصمته فلورنسا) منذ أواخر القرن الرابع عشر، ثم انتشرت مكوناتها تدريجيا إلى بقية بلدان أوروبا الغربية، والطبقة الاجتماعية التي حملت لواء هذه النهضة الجليلة هي طبقة اجتماعية جديدة تشكلت تدريجيا في رحم المجتمع الفيودالي الأوروبي هيا الطبقة البرجوازية. وقد تمثل عطاؤها الرئيسي للإنسانية في الرأسمالية على المستوى الاقتصادي وفي الديمقراطية على المستوى السياسي وفي الدولة القومية - L'Etat) (Nation على مستوى الهوية (Identite). وقد دام تبلور هذه الانجازات الثلاثة الكبرى على امتداد الفترة من أواخر القرن الرابع عشر إلى القرن التاسع عشر.


لقد بدأت البرجوازية مسيرتها بثورة ثقافية في عصر النهضة هي «الإنسانوية» (Humanisme). وقد عاد المثقفون العضويون (Intellectuels organiques) للبرجوازية الناشئة إلى الثقافة الإغريقية - الرومانية القديمة للارتشاف من أحسن ما فيها، وذلك بغية تنمية الذات والنهوض من رقدة العصر الوسيط»، وقد أصبح بإمكانهم هذه المرة الارتباط مباشرة بالتراث اليوناني والإيطالي القديم بفضل العلماء الروم الذين فروا من القسطنطينية التي احتلها العثمانيون عام 1453، بينما كان أسلافهم مجبرين على المرور في القرنين 12 و 13 عبر الواسطة العربية الإسلامية صقلية وخاصة إسبانيا على سبيل المثال الشروح الأرسطية لابن رشد واليوناني أرسطو، وهو أول من وضع أسس المنطق الصوري في التاريخ) . لقد أعاد علماء النهضة الاعتبار إلى التراث الأوروبي القديم خلافا لعلماء العصر الوسيط الذين كانوا ينظرون باحتقار شديد إلى ذلك التراث الوثني». إلا أن التراث الإغريقي الروماني لم يكن بالنسبة إلى مثقفي . الإنسانوية أمرًا يجب تقليده تقليدًا أعمى وليس بالنسبة إليهم مرجعية لا عصر تناقش، وإنما هو مصدر إلهام لا غير. إن هدفهم ليس إعادة إنتاج العالم القديم وإنما التحاور معه، لأن العالم القديم يرمز بالنسبة إليهم إلى حرية التفكير والحكمة التي تنظر إلى الإنسان نظرة لا تفرط في التفاؤل ولا توغل في التشاؤم. وفي السياسة، تعلم مفكرو عصر النهضة من العالم القديم أن الحياة في المدينة شأن إنساني خالص لا دخل فيه لقوى غيبية. أما في الفنّ، فقد جسّد الفنّ القديم بالنسبة إليهم توقا رائعا نحو الكمال. لقد أصبح الإنسان عماد إيديولوجية نخبة عصر النهضة، وكان للميتافيزيقا قبل ذلك التاريخ القول الفصل، وتقوّضت مركزية الله في تفكير الإنسان وعوّضتها مركزية جديدة هي مركزية الإنسان نفسه. لقد غدا الإنسان الآن القيمة الأسمى ومنطلق التأمل وغايته، وهذا لا يعني أن المؤرّخ الإنسانوي تنكّر لوجود الله، وإنما أصبح الشان الإنساني بالنسبة إليه هو قطب الرحى ومركز النقل. إنه يؤمن بالله، لكنه أحيانا يتصوّر أن الله والكون شيء واحد، أو هو يشك في وجوده، لكنه يقول في نفسه مثل الفرنسي باسكال Pascal) (توفي عام (1662 أنا أؤمن بالله لأنّ إمكانية وجوده قائمة، فإذا كان موجودًا، فُرتُ بالآخرة، وإن لم يكون موجودًا سيكون كل ما قد خَسِرْتُه في حياتي تمضية بعض الوقت في أداء الطقوس الدينية البسيطة. ومثقف عصر النهضة معجب في قرارة نفسه بشجاعة برونو (Bruno) الذي أحرقته الكنيسة حيًّا عام 1600 لأنه دافع عن العقل والحرية ورفض مركزية الأرض في الكون، وأحل الله في الوجود ولم يعتبره قوة خارجة عن الكون.


ولا يقتصر دور الإنسان وفق الإيديولوجية الإنسانوية على العيش من أجل الله والآخرة، وإنما يتجاوزه إلى العيش من أجل نفسه. لذا وجب عليه أن يبحث عن السعادة في هذه الحياة الدنيا وكأنه يعيش أبدا، لأن الحياة ليست غرفة انتظار للآخرة. وعليه ألا يكون مسكونًا بفكرة الخطيئة المسيحية التي تعتبره مذنبا. إنه يملك العقا والتوق البروميني» (Prométhéen) للمعالي ولما وراء العرش الإلهي»، وله من الشجاعة والقوة والطموح ما يجعله مالك هذا الكون وخليفة الله في الأرض. إنه مطالب بإخضاع الطبيعة لمشيئته وتغييرها لمصلحته، وذلك باعتماد العلوم الدنيوية وعدم الاكتفاء بالعلوم الدينية كما كانت الحال من قبل.


إن قيمة الإنسان لم تعد في كرم أصوله وأمجاده الحربية، وإنما في نشاطه الخلاق وقدرته على العمل والإنتاج والفيودالية التي تفرض على التجار أتاوات عبور، وتلزم الإنسان بممارسة نفس المهنة طوال حياته الأقنان على سبيل المثال) وتتغنى بقيم الحرب والتبذير والتطرح، واقع مناف لطبيعة الإنسان، والمطلوب الآن هو تطبيق شعار «دَعُه يعمل دعه يَمُرَّ»، وهو الشعار الذي يعبر أحسن تعبير عن الطبيعة الثابة للإنسان لأنه مرادف الحق الطبيعي والعقلانية. وعلى الإنسان أن يكون مستقلاً فكرياً حتى ولو أتى به ذلك إلى الوقوف ضد القناعات التي روجتها الكنيسة قرونا، وعليه أن يكون ريبيا (Sceptique) لأنه من غير المنطقي أن يكون الإنسان متيقنا تيقنا تاما من كل شيء، وعليه أن يؤمن بالنسبية (relativité) وباللايقين على غرار الفرنسي مونتان (MONTAIGNE) (توفي عام (1592 لأنّ حقيقة الإنسان أنه لا يملك حقيقة، ووحدته أنه لا يملك وحدةً، وهويته أنه لا يملك هوية. الم تؤد الاكتشافات الجغرافية الكبرى التي بدأها كولومبوس إلى إثبات وجود أصناف لا تحصى ولا تعد من الشعوب ومن العادات والتقاليد المختلفة على غير ما ألفه الأوروبيون.


وعلى الإنسان كذلك أن يحسن استعمال عقله لأن العقل – وإن كان أعدل الأشياء توزعا بين الناس كما قال الفيلسوف الفرنسي ديكارت DESCARTES) (توفي عام 1650) - فهو غير مستخدم بطريقة جيّدة من قبل أكثر النّاس، فعلى الإنسان أن يتبع في تعامله مع البشر والأشياء منهجية لا يقبل معها إلا ما هو واضح وجلي، ويترك جانبًا ما يصله عن طريق السماع أو العادة، كما عليه أن يُجزئ القضايا إلى مشاكل فرعية، وأن ينطلق مما هو بسيط إلى ما هو معقد، كما عليه أن يجمع كل المعطيات الممكنة قبل اتخاذ أي موقف أو قرار.


وعلى الإنسان أن يقتنع بأن الفردانية (L'individualisme) هي القيمة الحقيقية، لأن الإنسان ليس كائناً اجتماعيًا بطبعه كما قال ذلك الفلاسفة القدامى وإنما كائن أناني تحركه المصلحة الشخصية وحبّ المنفعة والتعلّق بالأمن على بدنه وثروته وعائلته، وهو مستعد للتخلّي عن جزء من حريته الشخصية والخضوع طوعًا للدولة حتى ولو كانت نظاما استبداديا و تنينا (Leviathan) كما قال الإنجليزي هوبز (Hobbes) (توفي عام 1679).


والخضوع للدولة في نظر المؤرّخ الإنسانوي لا علاقة له بالدين لأن الدولة لا تستمد سلطانها إلا من البشر وليس من الله كما كان الناس يعتقدون ذلك من قبل. إن الإنسان المسلّح بهذه النظرة اللائيكية للدولة قادر على نقدها ومساءلتها والثورة عليها إن لزم الأمر.


لقد أصبح المثقف الإنسانوي يؤمن على غرار مكيافيلي (MACHIAVEL) (توفي عام 1527) بضرورة تجريد السياسة من أية قداسة دينية لأن السياسة فعل إنساني خالص. وهي علم الوصول إلى السلطة السياسية والاحتفاظ بها بطرق هي مزيج من اللين والقسوة ومن الكرم والبخل ومن النزاهة والنّفاق، والأميرة العارف بفن السياسة أسد وثعلب في نفس الوقت، لأنّ البشر الذين يسوسهم، كائنات يحركها حبّ الثّروة والمنفعة والمصالح الشخصية وتخشى القوة أكثر مما تهاب اللين والمنطق."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب