لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

تاريخ العقليات - جاك روفيل PDF

 تاريخ العقليات لجاك روفيل وترجمة محمد حبيدة بصيغة إلكترونية pdf








معلومات عن المقال :


العنوان : تاريخ العقليات.


المؤلف : جاك روفيل.


ترجمة : محمد حبيدة.


الناشر : مجلة أمل.


العدد : 7.


سنة : 1996.


عدد الصفحات : 9.


صيغة المقال : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).





مقتطف من المقال 


يشكل تاريخ العقليات حقل اهتمام وإحساس عريض نسبيا، وربما متنافر، أكثر منه مادة فرعية داخل البحث التاريخي فعلى عكس المجالات المتجددة للاسطغرافيا المعاصرة، لم يحض هذا التاريخ بتعريف دقيق. لكن، وكما يحصل في غالب الأحيان، فإن الضبابية نفسها لهذا المفهوم هي التي ضمنت له النجاح عبر الإمكانات اللامتناهية للتكيف. ففي فرنسا، حيث نشأ ومورس حصرا لزمن طويل، ثم في الخارج فيما بعد، نصادف سلسلة من الصيغ وبالخصوص من الممارسات ذات القاسم المشترك. إنها تطرح نفس التساؤلات، لكنها تقدم أجوبة متنافرة، عبر انعراجات مختلفة جداً، وأحيانا متناقضة.


في الأصل، مصطلح "عقلية" نفسه لا ينتمي إطلاقا إلى لغة المؤرخين المحترفين. لقد ظهر استعماله في بداية القرن 20 على وجهين في اللسان العامي، حيث حظي بشيء من الرواج (وهو ما يلاحظه بروست Proust مثلا انطبق على السلوكات وأنظمة المواقف الجماعية و«الأشكال الذهنية»، الشيء الذي يوحي، بما فيه الكفاية بالمعني الألماني "تصور معين للعالم" (Wettanschauung. وفي الوقت ذاته ظهر المصطلح في القاموس العلمي : قاموس الاثنولوجيا، حيث بين ليفي برول في الوظائف العقلية في المجتمعات السفلى" (1910)، ثم في "العقلية البدائية" (1922)، هيمنة السلوكات الانفعالية و"ماقبل المنطقية" على السير الثقافي؛ وقاموس علم النفس حيث استعمل بلونديل بدوره عبارة "العقلية البدائية في إحدى كتبه الصادرة سنة 1926، في الوقت الذي قارب فيه فالون العقلية البدائية بعقلية الطفل" في مقال له سنة 1928. ومهما يكن من أمر فقد عمل علم النفس فيما بعد على إقصاء هذا المصطلح من لغته، إذ سرعان ما ظهر بطلانه. وعموما، شاعت الكلمة في الثلث الأول من هذا القرن للإشارة، وبسعة إلى سلوكات ظلت تقليديا مهملة، بل ومحتقرة من طرف التحليل الثقافي، سلوكات "البدائيين"، سلوكات الأطفال، سلوكات المجموعات الاجتماعية، أي السلوكات المتعارضة مع ثقافة التأليف والآثار الأدبية. إن خصوبة مفهوم "العقلية" تترجم اتساع المقاربات في الاتجاه الذي ننعته اليوم بالانثربولوجي. فرغم أن الكلمة ظلت تحمل ولزمن طويل معنى قدحيا، فإنها دعت بنزعة كبيرة إلى الاعتراف بالظواهر المهمشة من طرف الضوابط الحصرية، كمواضيع للثقافة.


لقد كشف المؤرخون عن ذلك في سنوات 1920-1930 : مارك بلوك، جورج لوفيفر وخصوصا لوسيان فيقر. ويفسر هذا المكسب المعرفي بسلسلة مزدوجة من العوامل. إنه يشهد أولا على الأهمية البالغة لعلم النفس في تبصر المؤرخين الفرنسيين عند نهاية القرن 19 وبداية الـ 20. نحن نعطي اليوم اهتماما أكبر للدور الذي لعبته الجغرافية الفيدالية والسوسيولوجيا الدوركايمية في قيام مدرسة الحوليات، لكن قد يكون من غير المنطقي إهمال البعد السيكولوجي. فقد نادى هنري بير ولوسيان فيقر بحيوية مشتركة، إلى اعتبار التطور السيكولوجي في فهم التحولات التاريخية الكبرى. ويعبر هنري بير عن ذلك بوضوح منذ سنة 1911 في "التركيب والتاريخ" : إجمالا التاريخ هو علم النفس ذاته : إنه ميلاد ونمو النفس La psyche. إن تطور البشرية" بالنسبة إليه يقدم موضوعا لعلم السلوكات، مفتاحه. عشر سنوات بعد ذلك ردد فيقر هذه الفكرة بجلاء : في نهاية المطاف، تاريخنا، هو في روحه، مثالي (...) لأن الوقائع الاقتصادية والاجتماعية هي وقائع اعتقاد ورأيه (1920). هذه الاستحواذية السيكولوجية والتي على التاريخ كتابتها، نلمسها في كل المؤلفات الكبرى لفيقر.


ثانيا، يتجدر برنامج تاريخ العقليات في النقد المنسق لتاريخ الأفكار (كما كان يمارس في كليات الآداب. لقد أخذ فيقر مبكرا على هذا التاريخ انغلاقه في نقاشات مجردة ولازمنية وإسقاطه لشبكات القراءة المغلوطة على الماضي، بإصراره بالخصوص على تزييف الواقع السيكولوجي للماضي». ويتمثل سبب ذلك في الاستناد إلى أصناف المدارس العامة مثل النهضة الإنسية، الإصلاح. هكذا لم يتوقف فيفر عن التشهير بـ «أولئك الذين يقومون وبالضبط، بعكس ما ينادي به منهاج المؤرخين وذلك بالتفكير لصالحهم في أنظمة قديمة أحيانا بقرون عديدة دون أدنى اهتمام بعلائقها مع التجليات الأخرى للمرحلة الأم. أولئك الذين، بخلقهم مقولات نابعة من فهم مفصول عن الواقع، ومعزولة عن الزمن والمجال يعقدون سلاسل غريبة ذات حلقات خيالية ومغلقة... إذن، عوض تاريخ يقتصر على الأفكار وحدها وعلى الأعمال الثقافية، تاريخ يكتفي بالتفكير على مستوى الإبداع والانتساب والتأثر، يقترح لوسيان فيقر مشروع تاريخ آخر يعمل على إعادة موضعة الأفكار والأعمال والسلوكات داخل الشروط الاجتماعية التي أفرزتها. لقد طرح فيفر هذا الأسلوب بعيداً عن كل حتمية من شأنها صهر ما هو ثقافي فيما هو اجتماعي فالانشغال المركزي لدى فيقر هو من جهة فهم مجموع الوقائع الثقافية لمرحلة ما كإحدى مكونات شبكة معقدة ومتحركة من الوقائع الاجتماعية المتفاعلة باستمرار؛ ومن جهة أخرى التعامل مع كل ثقافة كنسق من الأدوات والإشارات نسق يجب إدراكه ليس في قربه بل في بعده القطعي : «في الواقع، يقول فيشر، يجب فهم رجل القرن 16 ليس بالعلاقة معنا، ولكن بالعلاقة مع معاصريه.


 يبقى أن نستطيع تحليل هذا التجانس الذي من المفروض أن يجمع، داخل ثقافة ما، بين التأليف الأكثر إعدادا والسلوك الأكثر عامية. هنا بالضبط نلتقي بمفهوم تكميلي : الأدوات الذهنية l'outillage mental الذي يحتل موقعا مركزيا في كل أعمال لوسيان فيفر. إن الأدوات الذهنية لحضارة ما أو مرحلة ما هي في نظره مجموع مقولات الادراك والمفهومية والتعبير والفعل، التي تؤطر التجربة سواء كانت فردية أو جماعية : إنه تعريف تجريبي مفتوح، لكنه، وفي كل الحالات، يذهب إلى أبعد مما نسميه اليوم بنسق التمثلات، مادام ينطوي على اللغة، على المؤثرات أو أيضا التقنيات. فبصعودنا من تجليات ثقافة ما نحو شروط إمكانياتها، نحصل على أدوات فهم وحدتها ( "البنية" كما يقول فيفر في كتابه حول رابلي سنة 1942) وخصوصيتها.


هكذا ندرك المفارقة الظاهرية لإنتاج فيقر كمؤرخ للعقليات : فبعد انطلاقته الأولى في البحث فيما هو اجتماعي وتمثلي في ثقافات الماضي، كرس كل جهده في الثلاثين سنة الأخيرة من حياته للبيوغرافيات الكبرى ومنارات التاريخ الفكري والديني في القرن 16 : لوثر، رابلي ومارغاريت نافاريا. لكن هذه البيوغرافيات هي بـ بالضبط من نوع مميز. فهي لا تماثل أبدا موضوعها بمسار مصير استثنائي، حامل للتجديدات الخارقة. بالعكس، هي تبحث عن إرجاع هذا المسار إلى الشروط العامة التي ينخرط فيها، والتي تحدد في مجموعها الإمكانيات والاتجاه. هكذا يفهم مصير مارتن لوثر في تردداته ، في تناقضاته الجلية وفي قواطعه، كحوار مستمر کسلسلة من الاعترافات والتقاربات بين كاهن فيتنبرغ وألمانيا المضطربة في النصف الأول من القرن 16 : داخل هذا المركب من الوقائع والأفكار والأحاسيس، أين هي الحصة القادمة من ألمانيا إلى لوثر، أو بالعكس من لوثر إلى ألمانيا؟». وعلى نفس النهج، يتحول التنقيب في "ديانة رابلي " إلى تساؤل حول "مسألة الإلحاد في القرن 16" (1942). فمن خلال تحليل تحكمي لنتاج أدبي كبير، نصعد إذن إلى الأدوات الذهنية لمجتمعات النهضة للتحقيق في إمكان الإلحاد من الوجهة الفكرية والانفعالية. وأخيراً نلحظ أيضا تلاشي المفارقات الظاهرية المارغاريت نافاريا وبيئتها بين "حب مقدس" و "حب مدنس" أمام من يحاول ترميم العلائق الحقيقية بين الدين والأخلاقية في القرن 16". لهذا الغرض، يقول فيفر، يجب السعي إلى تاريخ لم يكتب بعد - بل أدهى من ذلك، تاريخ لم يقم أحد بعد بتصوره : تاريخ العلاقات الفعلية بين ديانة الأغلبية الساحقة لأعضاء المجتمع من جهة، وتصورات ومؤسسات نفس هؤلاء الأعضاء وممارساتهم الأخلاقية من جهة أخرى، وذلك ضمن مرحلة معينة وداخل مجتمع معين ومعروف». هكذا يتمثل الموضوع الرئيسي للبيوغرافيا في المعطى النمطي وليس الاستثنائي.


لحد الآن قمنا بتفضيل مقترحات وأعمال لوسيان فيقر في التعريف ببرنامج تاريخ العقليات. فقد كان بالفعل، في جيله، المؤرخ الأكثر إصرارا وغزارة في محاولاته للتعريف بدوائره، وأيضا المؤرخ الذي أثر ، وعلى نحو فوري، في الجيلين اللاحقين من المؤرخين. لكن قد يكون من الحيف إهمال حصة المؤسس الآخر للحوليات، مارك بلوك، في مقاربة هذا الحقل الاسطغرافي الجديد، وذلك لسببين : أولا، في المجال الذي يهمنا، بلوك هو صاحب مؤلفين كبيرين (الملوك مدعو المعجزات 1924 ؛ المجتمع الفيودالي (1939)، لهما اليوم، على الرغم من تأثيرهما المتأخر أهمية أكبر من تلك التي خلفها فيقر؛ ثانيا، يبدو أن الاختلافات بين المؤرخين كانت قوية بخصوص المحتوى نفسه لمفهوم العقليات. ففي الوقت الذي جر فيه فيقر هذا المفهوم نحو ما هو سيكولوجي، فضل بلوك ما هو سوسيولوجي وظل، بالتالي، أقرب إلى تعاليم دوركايم. إن الرحيل المبكر لبلوك يحرمنا من قياس ما كان سيترتب على هذا الاختلاف الخفي في الرؤية، والذي نلمسه في العروض المتحفظة التي خصصها فيقر لكتاب "المجتمع الفيودالي" في مجلة الحوليات عام 1940 - 1941 لكننا نقيس في هذا العمل، حينما يتطرق بلوك لـ "أشكال الاحساس والتفكير"، إلى أي مدى انخرط هذا المؤرخ في مسلك التاريخ الانثربولوجي، في وقت ظل فيه أكثر انتباها إلى التمايز الاجتماعي للسلوكات الثقافية.."


رابط التحميل


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب