لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

المؤرخ وثقافة عصره - مفتاح محمد PDF

مقال المؤرخ وثقافة عصره - مفتاح محمد PDF






معلومات عن المقال :


العنوان : المؤرخ وثقافة عصره.


المصدر : مجلة أمل.


الناشر : محمد معروف.


المؤلف : مفتاح محمد.


المجلد / العدد : مج 5 ع 15


التاريخ الميلادي : 1998.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).





مقتطف من المقال :


"المؤرخ وثقافة الحداثة :


لقد سادت في القرن السابع عشر وجهة نظر ترى أن الطبيعة نظام كامل ومتعال. وتأسيسا على وجهة النظر هذه صيغ التشبيه التالي : الكون آلة. وهذا التشبيه يعكس النظرة الميكانيكية للطبيعة، وهي نظرة تقر بأن الطبيعة جامدة وميتة؛ وما دامت حالتها هي هذه فإنه يمكن السيطرة عليها والتحكم فيها وصنع تراتبات منها؛ وهذه النظرة جاءت لدحض النظرة الدينية للطبيعة باعتبارها سقوطا ونقصانا. ولدحض فكرة أن الطبيعة حية فوضوية (وعمائية). إن ما يهمنا تسجيله هنا هو ا أن ذلك التشبيه أدى إلى البحث عن القوانين التي تحكم مظاهر الطبيعة والمجتمع، تلك القوانين التي تؤدي إلى اليقين وإلى التنبؤ (ديكارت 1650-1596)، ونيوتن (1727-1642).. كما أن ما يهمنا هنا هو أن المؤرخ يجب أن يكون مثل العالم الميكانيكي الذي يبحث عن القوانين واليقين والتنبؤ.. والتسليم بأن الظواهر تتطور حسب قوانين خاصة وليس تطورها تحكمه المصادفة.. ومن هذه الخلفيات جاءت نظريات خطية التطور التأريخي وفكرة التقدم.. والحتمية والحقيقة.


إن كل مفهوم من هذه المفاهيم أسال حبرا غزيرا فكتبت فيه أدبيات كثيرة من وجهات نظر مختلفة (علمية وفلسفية ومنطقية واجتماعية)؛ إلا أننا سنكتفي بمفهومين أساسيين يكونان لب الفكر التاريخي؛ أولهما مفهوم الحتمية التاريخية وما تقتضيه من تنبؤ و "توقف " للزمان وتفسيرات نهائية؛ وثانيهما مفهوم الحقيقة.


أ - مفهوم الحتمية والمؤرخ.


لقد أفاض الفلاسفة وفلاسفة العلم والفيزيائيون وعلماء الاجتماع وعلماء الدين في الحديث عن الحتمية. ولعل مقالة كارل بوبر في الكون المفتوح توضح مفهوم الحتمية : يمكن أن تلخص الفكرة الحدسية للحتمية كما يلي : إن العالم بمثابة صور شريط متحرك. الصور التي : تشاهد هي الحاضر، وما تقدم من صور هي الماضي، وما لم يشاهد بعد من صور فهو المستقبل. إن المستقبل مع الماضي في الفيلم، لأن المستقبل هو الماضي لأنه مثبت، ومن ثمة فإن المشاهد وإن كان لا يعلم ما يأتي من أحداث فإن كل حدث في المستقبل سيعلم يقينا كما علمت أحداث الماضي لأن المستقبل له معنى الماضي واتجاهه. ومنتج الشريط ـ خالق العالم يعلم المستقبل» إلا أن مفهوم الحتمية هذا يخص الحتمية العلمية المتعلقة بالأنساق المغلقة المنعدمة الحركة التي سادت لدى الاتجاهات العلمية والمنطقية المجردة، ولدى المذاهب التأريخية التي أبان عن عقمها. إلا أن التمثيل بشريط الصور ليس شاملا للنوعين معا، لأن تتالي الصور يفيد الزمان، والزمان يؤدي إلى نوع من التطور؛ وعليه فإن المثال يختص بالمذهب التاريخي وحده ولا يعني الاتجاهات العلمية التي يمكن أن يمثل لها بالرياضيات وخصوصا نظرية التناسب... 


إن بعض الكيمائيين المعاصرين يرى أن هذا التصور للحتمية هو أسطورة من أساطير القرن السابق، ولب هذه الأسطورة أن العالم مراقب وموحد بقدرة خارقة، وقد تكون هي الله عند المتدينين، أو هي الصراع الطبقي لدى الماركسيين، كما أنه أسطورة من أساطير بعض العلوم المعاصرة مثل الرياضيات التي هي. حتمية ويقينية بما تحتويه من تناظر، وبعض الاتجاهات الفيزيائية... وقد تبنى بعض العلماء الحتمية وما تقتضيه من تنبؤ لإبعاد تدخل القوات الغيبية والمصادفة في آن واحد؛ وبذلك فهي شيء مفيد للبحث العلمي الذي يحاول أن يصبح تفسيره يقينا بل وقدريا (Fate) لقوانين الطبيعة، واكتشافه للشروط الأولية المبدئية أو ذات الحساسية مقبولا.


إلا أن التطورات العلمية التي حدثت في الكيمياء وفي الفيزياء وفي البيولوجيا وفي الرياضيات وفي غيرها جعلت العلماء يَتَخَلُّونَ شيئا فشيئا عن التصورات الحتمية ومقتضياتها؛ ومن بين هؤلاء كارل بوبر الذي قسم الحتمية إلى صنفين : الحتمية العلمية التي سبقت الإشارة إليها، والحتمية الميتافيزيقية التي تقرر : أن الأحداث لا يعلمها كل واحد، وأنها غير متنبإ بها من قبل الوسائل العلمية، وأن المستقبل متغير قليلا عن الماضي) (1956، ص. 8)، وقد ازداد هذا الاتجاه اللايقيني اللاتنبئي عند الكيميائيين والفيزيائيين المعاصرين من أهل العهد الجديد ونظرية العماء..


تلك إشارات عابرة إلى مفهوم الحتمية، ومقتضياتها، وهو مفهوم أخذت به بعض العلوم الاجتماعية؛ وقد أسهمت الدراسات التاريخية بنصيبها في هذا المجال. فكثيرا ما كان يتحدث بعض المؤرخين عن حتمية التاريخ وعن اليقين والتنبؤ؛ وقد صيغت في هذا المناخ طوباويات.. وقد يجد القارئ في بعض الكتابات التاريخية حديثا عن المصادفة واللايقين واللاأدرية؛ وهذا التطور لمفهوم الحتمية كان له تأثير على مفهوم محايث له هو مفهوم الحقيقة.


ب - مفهوم الحقيقة والمؤرخ.


إن من يقول بالحتمية ومقتضياتها يقول بالحقيقة المطابقة؛ وتعني «المطابقة بين الوقائع المحسوسة العالم والطبيعة وبين القول عنها والتفكير فيها. وهذه النظرية المطابقة لها نتائج أنطولوجية - ابستمولوجية؛ وهي أن كل ما في الكون حق لأنه يستمد وجوده من حقيقة أبدية منبثة في مخلوقات الكون تلك المخلوقات التي هي دلائل عليها.. وأن تلك المطابقة لها درجات من مماثلة ومضاهاة ومشابهة... بين الحقيقة المطلقة والمخلوقات التي هي مراسم لفهمها. وهذا الاتجاه المتطابقي مازال موجودا ولكنه يتجلى في مظاهر مختلفة : الطبيعة، أو الإنسان، أو الدماغ.. ومن ثمة، فإن مفهوم الحقيقة مركز اهتمام كثير من الفلاسفة والمناطقة وفلاسفة التاريخ، والعلماء التجربانيين..


وما يهمنا هنا هو أن فلاسفة التاريخ يَتَعَرَّضُون في أبحاثهم إلى إشكال الحقيقة والموضوعية والتاريخ. وهكذا أطلقوا على الحقيقة المطابقية الواقعية الميتافيزيقية التي تعني أن هناك حقيقة مطلقة نتجت عن معرفة للأشياء بطريقة طابقت الوجود الموضوعي الواقعي لاتباع طريقة العلوم الطبيعية التي تتبنى مجموعة قواعد وإجراءات تضمن الحقيقة والموضوعية.


يتبين مما تقدم حول مفهوم الحتمية والمؤرخ ومفهوم الحقيقة والمؤرخ أن المؤرخ استمد تصوراته ومفاهيمه من ثقافة عهود الحداثة : الميكانيكا والفيزياء والرياضيات.... ولكن التطور الثقافي و/أو الثورة الثقافية التي حدثت بعد الحرب العالمية الثانية قضت على بعض المفاهيم وعدلت غيرها أو سربتها إلى مجالات علمية أخرى."


رابط التحميل


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب