لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب التواصل الصوفي بين مصر والمغرب PDF

 التواصل الصوفي بين المغرب ومصر - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF








معلومات عن الكتاب :


العنوان : التواصل الصوفي بين مصر والمغرب.


تنسيق : عبد الجواد السقاط وأحمد السليماني.


الناشر : كلية الآداب والعلوم الإنسانية.


تاريخ النشر : سنة 2000 م.


عدد الصفحات : 199.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).






مقتطف من الكتاب :


" إن التفكير في الرحلة الصوفية هو تفكير في رحلة السعي نحو الوصول إلى المحطات الروحية الكبرى التي تمكن المتصوف من الاقتراب من الإله والذي يتطلب المرور من محطات،ومحن ولذلك كانت الصوفية سفرا ورحلة، بل هي محنة أو امتحان اجتياز ممتد، باعتبار أن أحواله تتغير بتغير الذات، وأن مراحله تتمدد في الزمن ومحطاته تتعدد في مجال العالم الإسلامي؛ وبهذا فهو يختلف عن محن الاجتياز التي يصفها الانتروبولوجيون.


من الصعب أن نختزل مراحل الرحلة الصوفية في الزمن التاريخي، لا، لأن ذلك الاختزال سيلخص تاريخا طويلا لمختلف الظواهر الصوفية في العالم العربي الإسلامي، و ما يتضمنه هذا التاريخ من ذخيرة من تجارب لأقطاب وأتباع ومريدين، وما خلفوه من تأثير على الأشكال المتعددة للممارسات الدينية، هذه الذخيرة التي تجعل من الصوفية بكل طرقها وتجلياتها ملتقى الطرق بين ما يسميه بعض الباحثين التراث الكبير والصغير، والذي يتجلى في احتوائها لعناصر من السنة الكبرى والتراث الصغير، وهو التأقلم مع المحلي والثقافة المحلية. وبهذا عملت الطرق الصوفية على نسج ذلك الخيط الذي يربط بين المنظومة الإسلامية العامة والخصوصية المحلية الجماعية.


يسعى هذا المقال إلى إبداء بعض التأملات والملاحظات حول ذلك الاقتران الموجود بين الصوفية والتنقل والسفر، وذلك بإبراز التجربة الصوفية كرحلة في اتجاهات ثلاثة : رحلة في أعماق الذات، ورحلة في المجال، ورحلة في المخيال الجماعي للمجتمع. ويمكن تتبع هذه الرحلات انطلاقا من حياة متصوف ازداد في فاس وانتقل إلى مصر ليستقر بها في طانطا وليؤسس بها طريقة، وهو سيدي أحمد البدوي، الذي عاش بين 596 و 675 هجرية، الموافق 1199-1276 ميلادية، والذي يوجد ضريحه في طنطا في دلتا النيل المصري. وقد سافر مع أسرته وهو صغير إلى مكة. وفي سن الثلاثين دخل في تجربة صوفية حولت مجرى حياته بحيث اعتكف و زهد واستولى عليه الخشوع، فدأب على الرحلة إلى ضريح قطبين من الأولياء هما أحمد الرفاعي وعبد القادر الجيلاني اللذان عرفا بإشعاعهما الروحي في مختلف بقاع العالم الإسلامي، ليستقر في نهاية المطاف بطنطا في مصر. فمن خلال تجربته و حیاته کمتن نستشف ملامح واتجاهات رحلة التصوف.


1- رحلة في مسالك الذات


تبتدئ رحلة التصوف برحلة في أعماق الذات و في مسالكها. فالرحلة نحو الصلاح والولاية والمعرفة الإلهية هي رحلة صعود روحي تقطع فيها الذات مراحل أو ما يسمى بالمنازل أو الأحوال والمقامات. رحلة الصلاح هي رحلة التواصل مع الإله، رحلة نحو الانفراد بذلك التواصل، وبالتالي الوصول إلى الصلاح. إن الرحلة في الذات التي تلازم الصوفية هي رحلة الولاية أو الصلاح وفي هذا السياق يمكن أن نطرح ذلك السؤال الذي طرحه جلنير كيف يصبح الولي وليا ؟ أو كيف تتأسس الولاية ؟


إن التساؤل عن الكيفية التي يصبح بها الصالح صالحا، يقتضي تتبعا لسيرورة استحقاق الصلاح وبداية للتأسيس المتميز لتجربة روحية، علما بأن الطرق الصوفية تتعدد بتعدد البدايات المؤسسة لكل طريقة. وإذا كانت هذه البدايات تختلف من حيث العلامات التي تعلن عن التأسيس، فإنها تكون الحلقة الضرورية في سيرورة التجربة الصوفية.


تحضر في تأسيس الطريقة مواصفات تتكرر في كل تأسيس، كالانعزال، والزهد، والنسب، والكرامات والعلم والتفاف الأتباع حول المؤسس. جل هذه العناصر التي تبينها مواصفات المؤسس كانت حاضرة في تأسيس الإسلام و بداية النبوة. وبهذا يكون تأسيس الطريقة هو البداية المتكررة والمستمرة لتأسيس الإسلام، وتكون البداية الصوفية هي تلك العودة الأصل لتمدده وتعيد إنتاجه وترسخ وجوده في الديمومة. ومن تم لا تخرج الصوفية عن المنظومة الإسلامية التي تستقي منها العناصر الضرورية التي تمدد الإسلام في مختلف التركيبات الاجتماعية والثقافية.


تعتبر حياة النبي محمد (ص) النموذج المقتدى في السلوك وفي الأفعال وفي المواقف عبر تطبيق السنة. وغالبا ما ينتقل الاقتداء إلى كل مكونات مرحلة التأسيس. ولذلك نجد جل المكونات التي لازمت بداية الدعوة حاضرة في بدايات الطرق الصوفية. وتحيلنا بداية الدعوة على نموذج من السلوك الذي يتقدم في تفاصيله المتعددة. ولذلك كانت علاقة تأسيس الطريقة الصوفية وبداية تأسيس الإسلام علاقة النموذج والصورة، يسجل النموذج ويوطد عبرها حضوره في الزمن والمكان. تندرج إذن مكونات التأسيس في المنظومة الإسلامية لتأخذ منها المواد الأساسية والضرورية لتجديد التجربة الدينية. ولا يمكن لأي كان أن يصبح شيخا أو يستحق الولاية إلا إذا توافرت فيه شروط الصلاح وأوصاف الاستحقاق، وهي متعددة.


انطلاقا من النموذج ينكب المتصوف على ذاته لكي يخضعها لتحويل ينقلها من حالة لأخرى. وتبين سيرة أحمد البدوي أنه كان في طنطا ينزوي فوق السطوح لمدة أيام وعيناه جاحظتان في الشمس بدون أكل أو شرب. وهذا السلوك يجسم الزهد والتخلي عن ملذات الحياة والترفع عن الماديات، أي الخروج عن المألوف والانفراد بالتمييز الضروري لوضع ذلك الحد الفاصل بين الزاهد وعامة الناس. تبتدئ التجربة الصوفية من النفس لتكون رحلة جهاد النفس ضد النفس، تلك النفس التي وصفها القرآن الكريم بأنها أمارة بالسوء. إنه جهاد صامت محاط بسر الكتمان، على الرغم من المعاناة التي يحدثها ضبط النفس.


يلازم الصمت بداية التجربة الصوفية. وليس من الصدفة أن يلقب أحمد البدوي بالصامت. فالتجربة كما يرى لوي كاردي ليست بتحليل للذات ولا بتفكير فيها. وحتى في الحالات التي يكون فيها ذلك التفكير، فهو يأتي في مرحلة متأخرة بالنسبة للمراحل التي تقطعها التجربة الصوفية. وتبرز كتب المناقب خاصية مشتركة في المسار الذي يقود الشيخ نحو الولاية. ففي بداية التجربة هناك الصمت والتجرد والهجرة والقطيعة مع ما يصاحب الحياة من بحث عن المتعة الدنيوية، وهذا أمر ضروري في السيرورة التي تؤدي إلى تراكم الولاية إن المفهوم الصوفي للسلوك يعبر عن تلك الرحلة وذلك السفر. إنها رحلة الأحوال والمقامات مرورا بالفناء بالله للسعي نحو الاستقرار بالله ولا يمكن الوصول إلى أحد المقامات إلا بعد المرور من عدد من الأحوال والأحوال هي حالات عابرة يعيشها المتصوف في لحظة المكاشفة. إنه سفر للعودة إلى الذات مطهرة. فالزمن الصوفي هو زمن دائري ينطلق من الذات ليعود إليها بعد ما أخضعها العمل الصوفي لفعله، و بعد عبور مراحل تعرف بعدها الذات تحولا أنطولوجيا."


رابط تحميل الكتاب 


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب