لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب تاريخ ابن خلدون العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر - عبد الرحمن بن خلدون ج6 - PDF

 كتاب تاريخ ابن خلدون العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر للمؤلف عبد الرحمن بن خلدون الجزء السادس أونلاين بصيغة PDF.







معلومات عن الكتاب :


عنوان الكتاب : تاريخ ابن خلدون العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر.


الجزء : السادس.


المؤلف : عبد الرحمن بن خلدون (٧٣٢ - ٨٠٨ هـ).


ضبط المتن ووضع الحواشي والفهارس : أ. خليل شحادة.


مراجعة : د. سهيل زكار.


الناشر : دار الفكر، بيروت.


الطبعة : الأولى، ١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م.


عدد الصفحات : 632.


حجم الكتاب : 12.19 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).



مقتطف من الكتاب :


" * ( الخبر عن بيعة سجلماسة وانتقاضها ) *


كان عبدالله بن زكريا الهزرجي من مشيخة الموحدين والياً بسجلماسة لبني عبد المؤمن. ولما هلك الرشيد وبويع أخوه السعيد سنة أربعين وستمائة ونميت إليه عن الهزرجي عظيمة من القول خشن بها صدره وبعث إليه مستعتباً فلم يعتبه ومزق كتابه فخشيه الهَزْرَجِي على نفسه واتصل به ما كان من استيلاء الأمير أبي زكريا على تلمسان ونواحيها، فخاطبه بطاعته وأوفد عليه بيعته فعقد له الأمير أبو زكريا على سجلماسة وأنحائها وفوض إليه في أمرها ووعده بالمدد من المال والعسكر لحمايتها. وخطب له عبد الله بسجلماسة، وفر إليه من مراكش أبو زيد الكدميوي بن واكاك، وأبو سعيد العود الرطب، فلحق بتونس وأقام أبو زيد معه بسجلماسة. وزحف إليه السعيد سنة إحدى وأربعين وستمائة، وقيل سنة أربعين ومن معسكره كان مفر أولئك المشيخة. وخاطب السعيد اهل سجلماسة وداخلهم أبو زيد الكدميوي فغدروا بالهزرجي وثاروا به فخرج من سجلماسة وأسلمها وقام بأمرها أبو زيد الكدميوي وطير بالخبر إلى السعيد فشكر له فعلته وغفر له سالفته. وتقبض على عبدالله الهزرجي بعض الأعراب، وأمكن منه السعيد فقتله وبعث برأسه إلى سجلماسة فنصب بها، ورجع من طريقه إلى مراكش وأقامت سجلماسة على دعوة عبد المؤمن إلى أن كان من خبرها ما نذكره في موضعه.


* ( الخبر عن بيعة مكناسة وما تقدمها من طاعة بني

مرين ) *


كان بين بني عبد الواد وبين بني مرين منذ أوليتهم وتقلبهم في القفار فتن وحروب، ولكل منهما أحلاف في المناصرة وأشياع فلما التاثت دولة بني عبد المؤمن غلب كل منهما على موطنه، وكانت السابقة في ذلك لبني عبد الواد ليعدهم عن حضرة مراكش حيث محشر العساكر ويعسوب القبائل. ولما استبد الأمير أبو زكريا بأمر أفريقية، ودوّخ المغرب الأوسط وافتتح تلمسان، وأطاعه بنو عبد الواد، حذر بنو مرين حينئذ غائلتهم وخافوا أن يظاهرهم الأمير أبو زكريا عليهم ، فالانوا له في القول ولاطفوه على البعد بالطاعة، وخاطبوه بالتمويل، وأوجبوا له حق الخلافة، ووعدوه أن يكونوا أنصاراً لدعوته وأعواناً في أمره، ومقدمة في عسكره إلى مراكش وزحفه وحملوا من تحت أيديهم من قبائل المغرب وأمصاره على طاعتهم، والاعتصام ببيعتهم ولم تزل المخاطبات بينهم وبين الأمير أبي زكريا في ذلك من أميرهم عثمان بن عبد الحق وأخيه محمد من بعده  ورسلهم تفد عليه بذلك مرة بعد أخرى إلى أن هلك الرشيد وقد استولى الأمير أبو زكريا على تلمسان ودخل في دعوته قبائل زناتة بالمغرب الأوسط واستشرف أهل الأمصار من العدوتين إلى إيالته وكان أهل مكناسة قد اعتصموا بوصلة الأمير أبي يحيى بن عبد الحق، وجاءهم وال من مراكش وأساء فيهم السيرة فتوبوا به وقتلوه وبعثوا إلى الأمير أبي يحيى بن عبد الحق فحملهم على بيعة الأمير أبي زكريا فأنفذوها من إنشاء قاضيهم أبي المطرف بن عميرة سنة ثلاث وأربعين وستمائة. وضمن أبو يحيى بن عبد الحق حمايتهم خلال ما يأتيهم أمر السلطان من تونس ومدده وبلغ الخبر إلى السعيد فأرهف حده واعتزم على النهوض إليهم فخامهم الرعب، وراجعوا طاعته وأوفدوا صلحاءهم وعلماءهم في الإقالة واغتفار الجريرة، فتقبل ذلك إلى أن كان من حركته بعد ذلك ومهلكه ما هو معروف.


* ( الخبر عن مهلك الأمير أبي يحيى زكريا ولي العهد بمكان

امارته من بجاية وتصيير العهد الى أخيه محمد ) *


كان الأمير أبو زكريا قد عقد لابنه أبي يحيى زكريا على ثغر بجاية قاعدة ملك بني حماد، وجعل إليه النظر في سائر أعمالها من الجزائر وقسنطينة وبُونَة والزاب سنة ثلاث وثلاثين وستمائة كما ذكرناه، فاستقل بذلك، وكان بمكان من الترشيح للخلافة بنفسه وجلاله، وانتظامه في سلك أهل العلم والدين وإيناس العدل. فولاه الأمير أبو زكريا عهده سنة ثمان وثلاثين وستمائة، وأحضر الملأ لذلك وأشهدهم في كتابه، وأوعز بذكره في الخطبة على المنابر مع ذكره. وكتب إليه بالوصية التي تداولها الناس من كلامه ونصها :


أعلم سدَّدك الله وأرشدك، وهداك لما يرضيه وأسعدك، وجعلك محمود السيرة، مأمون السريرة. إن أول ما يجب على من استرعاه الله في خلقه، وجعله مسؤولاً عن رعيته في جُل أمرهم ودقه، أن يقدّم رضى الله عز وجل في كل أمر يحاوله، وأن يكل أمره وحوله وقوته الله، ويكون عمله وسعيه وذبَّه عن المسلمين وحربه وجهاده للمؤمنين، بعد التوكل عليه، والبراءة من الحول والقوة إليه. ومتى فاجأك أمر مقلق، أو ورد عليك نبأ مرهق، فريض لبَّك، وسكن جأشك، وارع عواقب أمر تأتيه، وحاوله قبل أن ترد عليه وتغشيه. ولا تُقدم إقدام الجاهل، ولا تحجم إحجام الأخرق المتكاسل. وأعلم أن الأمر اذا ضاق محاله وقصر عن مقاومته رجاله، فمفتاحه الصبر والحزامة والأخذ مع عقلاء الجيش ورؤسائهم، وذي التجارب من نبهائهم ثم الإقدام عليه، والتوكل على الله فيما لديه، والإحسان لكبير جيشك وصغيره الكثير على قدره، والصغير على قدره ولا تلحق الحقير بالكبير فتجري الحقير على نفسك، وتغلطه في نفسه وتفسد نيّة الكبير وتؤثره عليك، فيكون إحسانك إليه مفسدة في كلا الوجهين، ويضيع إحسانك وتشتت نفوس من معك.


واتخذ كبيرهم أباً وصغيرهم إبناً، واخفض لهم جناح الذل من الرحمة، وشاورهم في الأمر، فاذا عزمت فتوكل على الله، إِنَّ الله يُحِبُّ المتوكلين. واتخذ نفسك صغيرة، وذاتك حقيرة، وحقر أمورك، ولا تستمع أقوال الغالطين المغلطين، بأنك أعظم الناس قدراً، وأكثرهم بذلاً، وأحسنهم سيرة وأجملهم صبراً، فذاك غرور و بهتان وزور.


واعلم أنَّ من تواضع لله رفعه الله وعليك بتفقد أحوال رعيتك والبحث عن عمالهم والسؤال عن سير قضاتهم فيهم ، ولا تنم عن مصالحهم، ولا تسامح أحداً فيهم ومها دعيت لكشف مُلِمَّةٍ فاكشفها عنهم، ولا تراع فيهم كبيراً ولا صغيراً اذا عدل عن الحق ولا تراع في فاجر ولا متصرف إلا ولا ذِمَّةٌ، ولا تقتصر على شخص واحد في رفع مسائل الرعيّة والمتظلمين ولا تقف عند مراده في أحوالهم.


واتخذ لنفسك ثقاة صادقين مصدقين لهم في جانب الله أوفر نصيب وفي مسائل خلقه، اليك أسرع مجيب. وليكن سؤالك لهم افذاذ، فأنك متى اقتصرت على شخص واحد في نقله ونصحه حمله الهوى على الميل، ودعته الحمية إلى تجنب الحق وترك قول الصدق واذا رفع إليك أحد مظلمة، وأنت على طريق فأدعه إليك وسله حتى يوضح قصته لك وجاوبه جواب مشفق مصغ إلى قوله، مصيخ إلى نازلته ونقله، ففي إصاختك له وحنوك عليه أكبر تأنيس، وللسياسة والرئاسة في نفوس الخاصة والعامة ، والجمهور أعظم تأسيس.


وأعلم أن دماء المسلمين وأموالهم حرام على كل مؤمن بالله واليوم الآخر إلا في حق أوجبه الكتاب والسنة وعضّدته أقاويل الشرعية والحجة، أو في مفسد عاثت في طرقات المسلمين واموالهم جار على غيه في فساد صلاحهم وأحوالهم، فليس إلا السيف فإن أثره عفاء ووقعه لداء الأدمغة الفاسدة دواء، ولا تقل عثرة حسود على النعم، عاجز عن السعي، فإن إقالته تحمله على القول، والقول يحمله على الفعل، ووبال عمله عائد عليك. فاحسم داءه قبل انتشاره وتدارك أمره قبل إظهاره واجعل الموت نصب عينيك ولا تغتر بالدنيا وان كانت في يديك لا تنقلب إلى ربك إلا بما قدمته من عمل صالح ومتجر في مرضاته رابح.


واعلم أن الإيثار أربح المكاسب وانجح المطالب، والقناعة مال لا ينفد. وقد قال بعض المفسرين في قوله عزّ من قائل : وتَرَكْنا عَلَيْهِ في الآخرين» إنه النبأ الحسن في الدنيا على ما خلد فيها من الأعمال المشكورة، والفعلات الصالحة المذكورة.


فليكفك من دنياك ثوب تَلْبِسُه وفرس تدب به عن عباده. وأرجو بك متى جعلت وصيتي هذه نصب عينيك، لم تعدم من ربك فتحاً يُيسره على يديك، وتأييداً ملازماً لا يبرح عنك إلا إليك، بمنّ الله وحوله وطوله. والله يجعلك ممن سمع فوعى ولتى داعي الرشد إذ دعا، إنه على كل شيء قدير، وبالاجابة جدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.


تمت الوصية المباركة، فعظم ترشيح الأمير أبي يحيى لذلك، وعلا في الدولة كعبه، وقوي عند الكافة تأميله، وهو بحالة من النظر في العلم والجنوح للدين، إلى أن هلك سنة ست وأربعين وستمائة، فأسى له السلطان واحتفل الشعراء في رثائه وتأبينه، فكانوا يثيرون بذلك شجو السلطان، ويبعثون حزنه، وعقد العهد من بعده لأخيه الأمير أبي عبدالله محمد، بحضور الملأ، وإيداع الخاصة كتابهم بذلك في السجل، إلى أن كان من خلافته ما نذكره بعده."


تحميل الكتاب :


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب