لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب فلسفة العلم المعاصرة ومفهومها للواقع pdf سالم يفوت

 تحميل وتصفح كتاب فلسفة العلم المعاصرة ومفهومها للواقع لسالم يفوت - أونلاين بصيغة إلكترونية online pdf








معلومات عن الكتاب : 


إسم الكتاب : فلسفة العلم المعاصرة ومفهومها للواقع


تأليف : سالم يفوت


الناشر : دار الطليعة للطباعة والنشر - بيروت - لبنان.


عدد الصفحات : 278.


حجم الكتاب : 5.21 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf). 


Ebook download PDF 


 



مقتطف من الكتاب :


"التصورات الوضعية للواقع


حاولنا في الفصل السابق تقديم عرض مفصل ومسهب لتطور الفكر العلمي، مع الفيزياء الكوانطية، وما تبع ذلك من تصور جديد للواقع دون أن نهمل التغيرات العميقة التي طرأت، من جراء ذلك على المفاهيم وميلاد الكائنات العلمية الجديدة والمشاكل الابستملوجية التي طرحتها الاشكالية الجديدة للفيزياء الكوانطية. ثم قمنا بعرض مقتضب لاشكالية باشلار حيث اعطينا الخطوط الرئيسية لفهم هذا الأخير للفكر العلمي الجديد. أما في هذا الفصل، فسنحاول القيام باستعراض مفصل لمختلف الاتجاهات الوضعية مركزين أساساً على نقط التقائها، والتي هي نقط التقاء تعكس وحدة الاشكالية التي تجمع بينها کاتجاهات دون أن نهمل مع ذلك خصوصيات كل اتجاه وفرديته لا سيما وان عزل الاتجاهات الوضعية عن ظرفها التاريخي قد يؤدي إلى أن تفقد دلالتها التاريخية وبالتالي معناها الحقيقي، خصوصاً منها تلك التي ظهرت في أوج (أزمة الفيزياء كالإسمية والمواضعاتية وبعض الجوانب من الماخية. وسأولي في ذلك اهتماماً أكثر لبعض الاتجاهات دون غيرها، ومن الاتجاهات التي سوف يشملها عرضي الخاص في هذا الفصل بتصورات الواقع لدى الوضعيين : الوضعية الماخية، ثم المواضعاتية بألوانها، وأخيراً الاختبارية المنطقية


١ - للماخية علاقة بالترحاب الكبير الذي لاقته النزعة الميكانيكية لدى مفكري وعلماء القرن التاسع عشر، وبما يترتب عن ذلك من آراء نظرية وقضايا فلسفية صادفت موافقة البعض ومناوءة البعض الآخر. فبعد ظهور النظرية الحركية للغازات، والتي هي نظرية ترتكز أساساً على مبادىء العلم الميكانيكي النيوتوني وتحاول تطبيقها على الجسيمات الذرية الغازية، صار بادياً للعيان أن طبيعة الحرارة قابلة لأن تدرس انطلاقاً من معايير واعتبارت ميكانيكية، لا سيما وانه ثبت أن الحرارة مظهر من مظاهر الحركة : أي أن حرارة الجسم هي نتيجة حركة جزيئاته. فالحرارة التي تحدث الحركة هي نفسها ناتجة عن الحركة. وهذا ما أكده كارنو (١٧٩٦ - ۱٨٣٢) في قانونه المتعلق بتكافؤ الحرارة والشغل والذي يستفاد منه أن الحرارة طاقة كالطاقة الميكانيكية بل نوع منها ينتج عن حركة الجسيمات وان حرارة الغاز مظهر لحركة تلك الجسيمات، وارتفاع الحرارة يرجع إلى تزايد سرعة الجسيمات. وفي هذا الرأي تعميم للتفسير الميكانيكي حتى على الظواهر الصغرى وإثبات على أن كل الظواهر تقبل الاندراج في التصور الميكانيكي العام للكون وتخضع لقوانينه. ومن النتائج الابستملوجية والفلسفية التي ترتبت عن ذلك أن ظهرت تيارات متطرفة، جميعها تنطلق من نفس المعطيات الجديدة التي جاءت بها النظرية الحركية للغازات، لكنها تتعارض في تأويلها وتفسير مدلولها الفلسفي : فمن جهة ظهرت نزعة ميكانيكية مع العالم هيلمهسولتز ( ١٨٢١ - ١٨٩٤ ) تعتقد أن الميكانيكا النظرية تبحث عن الأسباب المتحكمة في الظواهر. أي أن هدف العلم في الأخير، هو البحث عن الأسباب الثابتة اللامتغيرة التي تكمن خلف الظواهر. وبالتالي أن العلم ينظر إلى أشياء العالم الخارجي من زاويتين : بوصفها موجودة فقط بغض النظر عن تأثيراتها فيما بينها. وفي هذه الحالة يطلق عليها اسم مادة. ومعنى ذلك أن المادة كوجود لا تقوم بأي فعل أو تأثير، ولا نعرف عنها إلا أنها امتداد وكم، وتلك خاصية لها ثابتة. أو بوصفها تختلف عن بعضها بعض بشيء واحد هو تأثيرها أي قوتها، أما الفروق الكيفية، فهي لا تدخل في صميم المادة. فالتغير الوحيد الذي يصيب المادة هو تحولها في المكان أي حركتها. وكل ما يوجد في الطبيعة يؤثر ويتأثر، بل أن معرفتنا بالأشياء نفسها لا تنتج إلا من جراء تأثيرها فينا، فننتقل من الأثر إلى المؤثر أي سبب التأثير ومصدره وهو الأشياء. لذا فكل ما هو موجود ينحل في الأخير إلى مادة وتأثير، أي مادة وقوة. وهما واقعان متلاحمان مرتبطان ارتباطاً عضوياً وثيقاً. فإذا وجدت المادة بدون قوة، فإنها لن تؤثر على حواسنا، أي اننا لن نعرفها ولن يكون بوسعنا تصور وجودها. فالمعرفة والتصور مصدرهما تأثير المادة فينا أو بعبارة أفضل نتن لا نعرف إلا المادة والحركة، أو المادة والقوة. وجميع الظواهر الطبيعية ترتد في نهاية التحليل إلى حركات المادة. والحركة تعديل للعلاقات الميكانيكية والقوة هي ميل كتلتين إلى تعديل موقعيهما. وذلك بتغيير اتجاههما : فأما تتقاربا أو تتجاذبا، واما تتباعدا وتتنافرا. فالقوة اما جاذبة أو نابذة، ومهمة العلم الفيزيائي هي ارجاع كل الظواهر الى قوى الجبن والنبذ.


ومن جهة أخرى، ظهرت نزعة أخرى مناوئة للنزعة الميكانيكية المتطرفة، نشأت هي الأخرى بتأثير من النظرية الحركية للغازات، وقد تزعمها رانكين (۱۸۲۰ - ۱۸۷۲) وسميت بمذهب أو نظرية الطاقة. وهي تعتقد أن قانون تكافؤ الحرارة والشغل الذي تبني عليه الميكانيكية المتطرفة كل اعتباراتها لا يؤدي ضرورة إلى القول بأن الحرارة طاقة حركية وانها في الأخير طاقة ميكانيكية وإلا أصبحنا نفضل طاقة على أخرى وبذا لا نعود نلتزم حدود العلمية والوضعية التي يفرضها علينا التفكير العلمي. ان ما يمكن إقراره هو وجود طاقات متنوعة : ميكانيكية وحرارية وكهربائية... ولا يوجد أي سند علمي يلزمنا بإرجاع احداها إلى الأخرى. بل أن قانون (جول) المتعلق بتحول الطاقة يعتبر أن هذه الأخيرة تتغير من صورة إلى أخرى ومن شكل إلى آخر. وانها في تحولاتها وتغيراتها تحافظ على كميتها التي تبقى ثابتة، دون أن يعتبر احداها أهم من الأخرى، لذا فلا توجد سوى الطاقة : انها واقعة قائمة بذاتها ولا يمكن ردها إلى غيرها : وعلى الفيزياء ان تنظر إليها كذلك : كواقعة أساسية لأن المادة بكاملها تنحل في الأخير إلى حركة، وهذه الأخيرة إلى تأثير وتأثر أي طاقة. لذا فالنظرية الفيزيائية يجب أن تتجنب كل فرضية وكل محاولة لتفسير الطبيعة وان تقتصر، بالتالي، على إقامة نوع من التناظر بين المعادلات الجبرية ومجموع القوانين التجريبية.


قد لاقت هذه النظرية الطاقوية إعجاباً كبيراً من طرف العلماء والفلاسفة، إذ تشيع لها في ألمانيا ماخ واستفالد، وفي فرنسا دوهيم. وانطلاقاً منها اعتقد ماخ أن ضمان علمية النظريات الفيزيائية يقتضي تخليصها من الفروض التفسيرية، لأن هذه الأخيرة ستدخلنا من جديد إلى الميتافيزيقا وتجعلنا نتخبط في أشباه المشاكل، والسبيل الوحيد أمامنا هو الاقرار بالحقيقة التالية : اعتبار الوجود إدراكاً واعتبار الواقع الطبيعي هو نفسه الواقع الحسي.


هكذا نلاحظ أن (الأزمة) الفلسفية التي عرفتها الفيزياء لعبت دوراً أساسياً في تحديد مسار الفكر الماخي، وقد تصور ماخ أن حل الأزمة) يمكن في الرجوع إلى كانط وبركلي. لذا فإن الكانطية والبركلية تعتبران مصدراً فلسفياً استقي منه لا سيما وانهما فلسفتان تلتقيان التقاء غير مقصود ومتعمد مع ما تقول به الطاقوية. وسنشرع الآن في عرض الخطوط الرئيسية لذلك.


أول ما ينبغي ذكره بهذا الصدد، هو أن وضعية ماخ سليلة المثالية الكانطية، وقد ظهرت بالفعل في فترة كان الرجوع والعودة فيها إلى كانط موضة شائعة في أوساط الجامعيين الألمان. لهذا نجد أن ماخ وافناريوس مؤسسي الوضعية الجديدة ينطلقان في تفكيرهما الفلسفي من كانط. فمثالية هذا الأخير كانت المنطلق الأساسي الذي أقام عليه ماخ بناءه الفلسفي، وهو يعترف بذلك صراحة عندما يقول : يجب ان اعترف بأعظم الامتنان بأن مثالية كانط النقدية هي التي كانت منطلق تفكيري النقدي بأكمله». ومن أهم ما تأثر به ماخ من كانط هو تمييز هذا الأخير بين ما يمكن للإنسان معرفته، وما لا يمكن له معرفته، وبالتالي تمييزه بين الظاهرة وبين الشيء في ذاته، ثم إلحاحه على أن المعرفة هي معرفة مرتبطة بالظواهر وانها تصدر في جانب رئيسي منها من التجربة، وإبعاده إمكانية قيام معرفة بالأشياء في ذاتها لا سيما وان الشيء في ذاته بطبيعته، لا يعطى لحواسنا وبالتالي يستحيل أن نتأثر به وندركه. أعجب ماخ بالشق الأول من الأطروحة الكانطية واحتفظ به، وفي نفس الوقت لم يعجب بالشق الثاني، لذا رفضه. فقد صعب عليه أن يبقى وفياً للكانطية التي تركت اثراً قوياً في نفسه، لذا بدأ ينفصل تدريجياً عنها، وقد بدأ الانفصال بالتخلي عن كل ما هو ميتافيزيقي فيها لا يمكن للعقل أن يقبله مثل (الشيء في ذاته و تصورات الفهم (القبلية التي اعتقد كانط أنها شروط سابقة على التجربة وتسمح بقيامها. فالماخية إذن كفلسفة مناهضة للمثالية بدأت تتبلور كاتجاه يرمي إلى تطهير الكانطية نفسها، تطهيرها من كل ما علق بها من عناصر ميتافيزيقية طفيلية مثل فرضية الشيء في ذاته والتصورات القبلية التي - مثلما. يريد كانط - هي تصورات لا تعطى في التجربة الفعلية، بل تدخل في تكوين الفكر نفسه. وقد كان مقصد (التطهير) ذلك، نابعاً من شعوره بأن الملامح المميزة للعلم والتي تميزه من الميتافيزيقا مثلاً هو رفضه لأي مفهوم أو تصور لا يمكن تعريفه بحدود تشير إلى عناصر يمكن تمييزها من عناصر التجربة الحسية. وان العلم الفيزيائي أصبح يستعمل بصورة متزايدة مفاهيم لا يمكن ردها إلى مثل تلك الأصول الحسية خصوصاً وان الفلسفات، والكانطية أهمها، بدأت تشيع القول بأن القضايا العلمية قضايا تركيبية قبلية لها من الكلية والضرورة ما يلزمنا بعدم القول بأنها قضايا تستمد من التجربة وحدها وباعتبار وجود عنصر غير تجريبي أهم فيها، وقد تصور ماخ انه أمام هذا الوضع، ليس أمامنا سوى وسيلة وحيدة لرد الاعتبار إلى العلم وتفنيد المزاعم الميتافيزيقية التي تريد التشكيك في أساسه التجريبي المحض، ألا وهي تطهير العلم نفسه من الشوائب الدخيلة، وعدم استعمال الحدود والنظريات التي ليس لها علاقة يمكن استنتاجها من وقائع التجربة، أي إنكار كل ما هو خارج عن (حدود التجربة أي كل ما لا يمكن أن ننسب إليه وجوداً واقعياً. وقد وجد ماخ ضالته في هيوم وبركلي. وفي هذا الصدد يصرح: لم يكن باستطاعتي أن أظل وفياً لمثالية كانط. وسرعان ما تحولت عنها إلى أفكار بركلي (...) ثم توصلت إلى مفاهيم قريبة من مفاهيم هيوم.. وحتى اليوم لا زلت اعتبر بركلي وهيوم مفكرين أكثر منطقية من كانط..."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب