كتاب أحاديث هيرودوت عن الليبيين (الأمازيغ) ترجمة د. مصطفى أعشي - أونلاين بصيغة إلكترونية online pdf
معلومات عن الكتاب :
إسم الكتاب : أحاديث هيرودوت عن الليبيين (الأمازيغ).
ترجمة وتعليق : مصطفى أعشي.
دار النشر : المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
سنة الإصدار : 2008.
صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
مقتطف من الكتاب :
"فقرة 172: وإذا ما اتجه الإنسان غرب الأوسخيس يصادف الناسمونيين الكثيري العدد. جرت العادة أنهم في الصيف يتركون قطعانهم ترعى عند ساحل البحر ويتجهون هم إلى الداخل نحو منطقة تدعى أو جيله لجني الثمور. تنمو في هذه المنطقة بكثرة أشجار النخيل الضخمة والكثيرة الثمر. يقوم الناسمونيون باصطياد الجراد وتجفيفه تحت أشعة الشمس ثم يطحنونه طحنا دقيقاً ويصبونه في الحليب، ويتغذون من هذا المزيج. ومن عادات رجال الناسمونيين أن يتخذ كل واحد منهم عدداً كثيراً من الزوجات. وفي مجال العلاقات الجنسية، فالمرأة مشاعة عندهم مثل ما هو موجود لدى الماساجيت Massagites. وإذا أراد أحد منهم معاشرة ،امرأة، فإنه يغرس عموداً أمام المكان الذي يوجد فيه، إشارة إلى رغبته في امرأة تشاركه الفراش. وعندما يتزوج شخص من الناسمونيين لأول مرة، فمن عادات القوم إقامة حفل خاص بذلك يتعاقب خلاله الضيوف واحداً تلو الآخر على العروس. وبعد مضاجعتها يقدمون لها هدايا أتوا بها من دورهم. أما طريقتهم في القسم واستطلاع الغيب فإنهم يقسمون بالرجال المنتمين إلى عشيرتهم والذين كانوا أكثر عدلاً وطيبي الذكر، وذلك بوضع أيديهم على قبورهم. وفيما يتعلق باستطلاع الغيب، فتتمثل طريقتهم في أن الراغبين في ذلك يتوجهون إلى قبور أسلافهم ثم يصلون وينامون على القبور، ويعتبرون كل أحلامهم وحياً يجب اتباعه.
أما المواثيق، فيعقدونها بتبادل الشرب من أيدي بعضهم بعضا، وإذا لم يجدوا شرابا سائلا فإنهم يلتقطون بعض التراب من الأرض ويلعقونه.
فقرة 173: ويسكن بجوار الناسمونيين البسيل (أو) الفسيل) (Psylles) الذين انقرضوا وضاع أثرهم بسبب الرياح الجنوبية التي هبت على مواطنهم ذات مرة، فجفت مياه الخزانات ولم يبق لهم ما يشربونه في بلدهم الواقع داخل السيرت. وبعد أن تشاوروا فيما بينهم فيما ينبغي القيام به، قرروا إعلان الحرب ضد هذه الرياح الجنوبية ( أنا انقل القصة كما رواها الليبيون ) فخرجوا إلى الصحراء ووصلوا إلى الرمال فهبت عليهم عاصفة رملية ردمتهم جميعا، فانقرض الفسيل، ويستوطن أراضيهم الآن النسامونيون.
فقرة 174: وفوق هؤلاء من جهة رياح الجنوب، يقطن الكامفانت في منطقة الوحوش البرية. ويتحاشون لقاء الناس وصحبتهم ولا يملكون أي سلاح كما لا يعرفون كيف يدافعون عن أنفسهم.
فقرة 175: ويجاور الناسامونيون إلى الداخل على الساحل غرباء المكاي (الماكيون) (Maces) الذين يجعلون شعر رؤوسهم على شكل عرف الفرس؛ إذ يقومون بحلق طرفي الرأس تاركين عرف في وسط الرأس. وعند الحرب يحمون أنفسهم بدروع مصنوعة من جلد النعام. ويجري في بلادهم نهر يحمل اسم كينيبس (cingps) الذي ينبع من منطقة مرتفعة تسمى تل النعم (Colline des Graces ثم يصب في البحر. ويبعد هذا التل عن البحر بمائتي ستاد وهو عامر بالأحراش عكس الحال في باقي ليبيا التي تحدثت عنها إلى الآن فهي جرداء.
فقرة 176: ويجاور المكاي، الكندان (Gindanes) الذين تزين نساؤهم كواحلهن بحلقات من الجلد. تضع المرأة حلقة من الجلد حول الكاحل عن كل رجل عاشرها ، وكلما ازداد عدد حلقات الجلد حول كاحلها ، ذاع صيتها وازدادت جاذبيتها ، لأن كثرة الحلقات تعني كثرة المعجبين بها من رجال الكندان.
فقرة 177: ويبرز في مواطن الكندان رأس يمتد من البر إلى البحر يقطن فيه اللوطوفاجيون (Lotophage) الذين يعيشون ويقتاتون على ثمرة اللوتس فقط. وهي فاكهة في حجم التوت البري (توت المصطكي baie de lentisque) ولها مذاق حلاوته تذكر بحلاوة الثمر. ولا يكتفي اللوطافاجيون بأكل اللوتس بل يصنعون منه نبيذا.
فقرة 178: ويجاور اللوطوفاجيون من جهة البحر الماكلييس (Machlyes) الذين يستعملون بدورهم زهرة اللوتس ولكن على نطاق أضيق بالمقارنة مع اللوطوفاج وتمتد مواطن الماكلييس حتى نهر كبير يحمل إسم تريطوني (Tritoni)، الذي يصب في بحيرة تسمى تريطونيس (Tritonis) وهي بحيرة كبيرة توجد بها جزيرة تحمل اسم فلا (Phla). ويقال إن وحيا دعا اللاكيد مونيون Les Lacédemoniens) إلى استيطان الجزيرة.
فقرة 179: وهذا ما تحكيه إحدى الروايات يقال إنه بعد بناء السفينة اركو (Argo) عند سفح جبل بيليون Pelion، وضع فيها جاسون (Jason) قرابين ومنضدة ثلاثية القوائم Tried darain) ، ثم أقلع بالسفينة فدار حول البيلوبونيز قاصداً معبد دلف (Delphies. ولما بلغ موقعا قريباً من رأس ماليا ( Cap Male )فاجأته ريح شمالية، فألقت به في ليبيا. وقبل أن يكتشف معالم الأرض كانت السفينة قد وقعت في مياه بحيرة تريطونيس الضحلة وأخذ يفكر جاسون في طريقة للخروج من هذا المأزق، فظهر له الرب تريطون (Triton)، الذي دعا جاسون أن يهديه المنضدة الثلاثية القوائم، مقابل إرشاد البحارة إلى المخرج بأمان ؛ فنفذ جاسون ما طلب منه . وبالمقابل دلهم الرب تريطون على طريقة الخروج من البحيرة الضحلة، وقبل أن يضع المنضدة الثلاثية القوائم في المعبد الخاص بالرب تريطون، أخبر رفاق جاسون بما يمكن أن يحدث قائلا : إنه إذا أفلح أحد من سلالة الذين كانوا بالسفينة أركو من استعادة المنضدة الثلاثية القوائم، فهذا يعني أن مائة مدينة إغريقية ستنشأ حوالي بحيرة تريطونيس. ويذكر أن الليبيين حين بلغهم خبر هذه النبوءة عمدوا إلى اخفاء المنضدة الثلاثية القوائم عن الأنظار.
فقرة 180: ويستوطن الأوسيس (uses) بجوار الماكلييس، إذ يقيمان معا على ضفاف بحيرة تريطونيس، ويفصل بينهما نهر تريطون . ومن عادات الماكلييس أن يطيلوا الشعر خلف الرأس، بينما الأوسيس يطيلون شعر مقدمة الرأس. وفي حفل سنوي يقام على شرف الربة أثينا تتوزع فيه الفتيات إلى مجموعتين تتصارعان بالحجارة والعصي، ويقولون إنهم ورثوا هذه الممارسات التي أسسها أجدادهم، تكريما للربة التي ولدت في بلدهم، والتي نسميها نحن الإغريق أثينا. وإذا حدث أن إحدى الفتيات ماتت متأثرة بجراحها خلال الصراع، فإن ذلك دليل على أنها عذراء مزيفة . وقبل انتهاء الصراع يقومون بما يلي من جهة يزينون أجمل فتياتهم ويلبسونهن خوذة كورينثية ودرعا إغريقيا كاملا؛ ثم يركبونها عربة ويطوفون بها حول البحيرة. أما بماذا كانت هؤلاء الفتيات يتزين قبل نزول الإغريق بجوارهم، فأمر لا أستطيع الحسم فيه. ولكن أظن أنهن كن يرتدين الدروع المصرية لأني واثق من أن الإغريق أدخلوا من مصر الدرع الدائري الشكل والخوذة. وفيما يخص أثينا، فإن هؤلاء الليبيين يقولون إنها بنت بوصيدون وبحيرة التريطونيس، وأنها افترقت عن أبيها فالتجأت إلى زيوس الذي تبناها؛ هذا ما يقوله الليبيون نساء الأوسيس مشاعات بين رجالهم، فالرجال لا يتزوجونهن إذ أنهم يعاشرونهن كما تفعل السوائم. فإذا ازداد طفل فإنهم ينتظرون إلى أن يشب عن الطوق، ثم يعقد الرجال ،مجلسا ، وهو مجلس يعقد دوريا كل ثلاثة أشهر، ويدعون إليه الفتى فيقررون أنه إبن الرجل الأكثر شبها به.
فقرة 181: لقد استعرضت الليبيين الرحل الذي يسكنون على طول ساحل البحر. أما جنوبا، وفي داخل الأراضي فتوجد ليبيا الحيوانات البرية وخلف هذه المنطقة يوجد طوق رملي يمتد من طيبة بمصر إلى أعمدة هرقل. تنتصب على امتداد كل مرحلة من عشرة أيام من المشي تلال ضخمة من الملح. وعند قمة كل تل ينبع وسط الملح عين ماء بارد عذب يعيش حوله الناس. وهؤلاء الناس هم الأخيرون الذين نلتقي بهم من جهة الصحراء خلف أرض الحيوانات البرية.
وأول تلك الأقوام التي يلقاها الإنسان القادم من طيبة على بعد عشرة أيام من السير، هم الأمونيون (Ammoniens الذين لهم معبد مأخوذ عن معبد زيوس طيبة؛ لأنه، كما قلنا سابقا لتمثال زيوس في طيبة رأس الكبش. ولدى الامونيين نبع آخر يصدر الماء الدافئ عند الصباح الباكر، ثم يبرد عند افتتاح السوق، ويصبح اشد برودة عند منتصف النهار . وفي هذا الوقت بالضبط يتم ري البساتين. وكلما تقدم النهار يبدأ الماء في فقدان برودته بالتدريج. وانطلاقا من بعد غروب الشمس يأخذ الماء في الدفء، وترتفع درجة حرارته لتبلغ درجة الغليان عند منتصف الليل. وبعد منتصف الليل تشرع درجة حرارة الماء في التراجع تدريجيا حتى الفجر. يسمى هذا النبع نبع الشمس."
رابط تحميل الكتاب