لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب السجن والسجناء: نماذج من تاريخ المغرب الوسيط pdf تأليف د. مصطفى نشاط

كتاب السجن والسجناء: نماذج من تاريخ المغرب الوسيط تأليف د. مصطفى نشاط - أونلاين بصيغة إلكترونية online pdf









معلومات عن الكتاب :


العنوان : السجن والسجناء: نماذج من تاريخ المغرب الوسيط.

 

المؤلف : مصطفى نشاط.


الناشر: المجلس الوطني لحقوق الإنسان.


عدد الصفحات : 131 ص.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf). 


 



مقتطف من الكتاب :


"السجن من الداخل


يصعب على المهتم بالعمارة المغربية في العصر الوسيط أن يظفر بمعطيات كافية عن مكونات السجون، من حيث أبعادها ومواد بنائها وهندستها، وذلك على عكس بعض أنواع العمارة الأخرى، كالعمارة الدينية أو العسكرية. مما يطرح أكثر من علامة استفهام عن اجتناب الخوض في عمارة السجن، وهي أسئلة سبقت إثارتها في المدخل - فهل لبؤس مشهده وما يثيره من تقزز؟ أم لأن ذكره مما لا يدخل في باب المكارم والمناقب لأنه قد يكون وصمة عار على السجانين ومن كان ورائهم؟ أو إنه من الأسرار التي وجب إخفاؤها حفاظا على مصداقية السلطة التي أوجدته؟ أو بكل بساطة لأن السجناء من المغضوب عليهم ، وممن يعيشون على هامش المجتمع، والذين لا يجب الحديث عنهم؟


 كل ما نملكه – في ظل المصادر المطلع عليها - أن سجن مراكش كان عبارة عن أطباق مسقفة ويبقى الوزان من أهم من قدم معطيات مهمة عن مكونات السجن. فقد كان موجودا بقصبة فاس ومبنيا على شكل كهف سقفه معقود على أعمدة عديدة، وهو فسيح جدا، إذ يمكن أن يسع ثلاثة آلاف شخص، ليس فيه أية حجرة مفصولة، لأنه ليس من العادة بفاس أن يوضع أحد في زنزانة.


إن الإشارات المتوافرة عن سجن مراكش وفاس همت المسجونين بجرائم "غير سياسية"، كالتزوير والقتل والاعتداء والسرقة، وليس المسجونين الذين كانت تعتبرهم السلطة خارجين عنها، فهؤلاء كانوا يودعون بسجون انفرادية، وليست جماعية، وكانت هذه السجون عبارة عن دور محروسة، ومن أقدم ما توافر لدينا عنها في تاريخ المغرب الوسيط يرتبط بالدارين اللتين اتخذهما الأمير المدراري بسجلماسة حبسا لعبيد الله المهدي وابنه القاسم لما اكتشف وجودهما بعاصمته، ويصف صاحب البيان المغرب أحد سجون العصر الموحدي من خلال حالة ابن وانودين وأبي زكرياء ابن مزاحم وأبي زكرياء ابن عطوش الذين ثاروا على السعيد الموحدي، فسجنهم بدويرة بأزمور "كل واحد منهم في بيته"، وكان هذا البيت من الضيق بحيث لم يكن بإمكان السجين أن يتزحزح فيه من مكانه . ويستفاد من بعض النصوص أن السلطة كانت تلجأ إلى فرض "الإقامة الجبرية" على بعض السجناء بأن فرضت عليهم المكوث بدورهم ، وهذا حال سليمان بن داود الذي اعتقله قائد النصارى بالدولة المرينية غرسية بمنزله، كما تم اعتقال الوزير ابن ماساي بداره ، وكان هذا الوزير قد اعتقل الثائر عامر بن محمد بداره من جبل هنتاتة. ولا حاجة إلى التذكير بأن المرتزقة النصارى العاملين بالدولة المرينية ساهموا بشكل كبير في صنع أحداثها السياسية. وأحيانا كانت السلطة تلجأ إلى تكبيل السجناء بدورهم، مثل القاضي محمد بن أحمد بن وشون الإمام بجامع الأندلس بفاس الذي رفض عرض والي المدينة لتبوء منصب القضاء بها فأمر بسجنه وتكبيله وأن يكون سجنه في داره "


ولم يقتصر سجن الخارجين عن الحكم بالمغرب الوسيط على الدور ، بل استعملت الحفر لأداء الوظيفة ذاتها. فالمتصوف أبو ابراهيم الرجراجي تكلم يوم جمعة بحضور العامل المرابطي على أكوز من بلد رجراجة بكلام خاف منه الناس على أنفسهم ، وبعد الانتهاء من أداة الصلاة، أمر العامل



بتقييده وحمله إلى السجن، و جعل على رجله كبلين ودلاه بالحبل في حفرة وجعل عليها لوحا وأمر رجالا أن يجلسوا عليه " ، وكانت تلك الحفرة عبارة عن "مطمورة عميقة " . وتفيد الرواية المناقبية أن العامل أمر الكاتب بأن يكتب في هذا الأمر كتابا إلى الأمير المرابطي غير أنه في بعض الحالات كانت للعامل صلاحية شبه كاملة في سجن الناس ولا يعود في ذلك إلى الحاكم . ويمثل سجن المتصوف أبي إبراهيم الرجراجي حالة وحيدة عن استعمال المطمورة في السجن بالمغرب الوسيط - حسب المادة المطلع عليها - بينما شاع أسلوب تدلية السجناء تحت الأرض ببلدان أخرى، كما كان الأمر بسجن القلعة بمصر المملوكية الذي شيد سنة 681هـ، وكان السجناء به "يربطون ويدلون فيه، بل طعامهم وشرابهم القليل كان يدلى فيه كذلك . وفي حالة اكتظاظ السجون، كانت مخازن الحبوب تستغل لإيواء السجناء. كما أن الفنادق حولت إلى سجون في بعض الحالات. فقد سيق مجموعة من السجناء من جزيرة منرقة " وهم مئون، فأخليت لهم فنادق وسدت أبوابها دون الناس، وتركوا يموتون جوعا ، ولولا تدخل المتصوف أبي الحسين ابن الصائغ (توفي 600هـ)، لقضوا بداخل الفنادق / السجون.


ولم تسعفنا المادة المصدرية في الوقوف على سير الحراسة بالسجون، وكل ما نعلمه أن سجن الثلاثي ابن وانودين وابن مزاحم وابن عطوش الثائر على السعيد الموحدي بأحد دويرات أزمور، قام به عشرة من رجال الخليفة. كما أن حراسة المعتمد وبعض قطاع الطرق بسجن أغمات، كان يقوم بها سجان. وهنا وجبت الإشارة إلى أن السجن نفسه، آوى سجينا من فئة الخاصة باعتباره أميرا، وسجناء يحسبون على فئة العامة. كما يفهم من الإشارة المصدرية أن المعتمد كان مسجونا ببيت من السجن، وباقي السجناء ببيت آخر منه، وأن الاتصال بين السجناء كان ممكنا إذا ما غض السجان الطرف عنهم.


ويصعب - في ظل المادة المصدرية التي توافرت لدينا – الوقوف بما يكفي عند "فئة" السجانين. غير أنه من البديهي أن تختار السلطة القائمة سجانيها من العناصر المخلصة لها، والقادرة على تنفيذ أوامرها. وقد كانت السلطة في بعض مراحل تاريخ العرب تختار سجانيها من "أهل الدعارة"، وممن عرفوا بجرائمهم. بل أصبح بعضهم متخصصا في التعذيب، حتى إن بعضهم اختص بوظيفة "صاحب العذاب"، وكان يشترط فيه أن يكون خلوا من كل وازع ديني وخلقي، وعلى درجة كبيرة من الفضاضة. ويفهم من خلال ما أورده ابن عبدون أن هذه المواصفات كانت متوافرة في بعض السجانين في عصره، فهم" في الغالب من شرار الناس... والشر أحب إليهم من الخير، فمنه يأكلون، ويلبسون السحت . غير أنه وجب عدم تعميم الانطباع السلبي عن السجانين، فهم إن كانوا مطالبين بتنفيذ ما يومرون به، فإن الوازع الإنساني لم يغب عن ممارسات بعضهم. ونستحضر هنا موقف السجان الذي أغمض عينيه عن اجتماع المعتمد بجماعة من فاس كانوا محبوسين بسجن أغمات، بل إن أحد السجانين صفي لتعاطفه مع السجناء، وإن كانت الحالة المعبرة عن ذلك من فضاء آخر. ذلك بأن السلطان النصري رمى ببعض السجناء في مطبق وأعطى أوامره بعدم تقديم القوت إليهم، "فمكثوا أياما وصارت أصواتهم تعلو بشكوى الجوع، حتى خفتت ضعفا بعد أن اقتات آخرهم موتا من لحم من سبقه" ، فرأف أحد الحراس لحالهم، وقدم لهم "خبزا يسيرا"، ووصل الخبر إلى السلطان، فذبح الحارس ومهما يكن من أمر، فإن وظيفة السجانين الأولى، إن لم تكن تعذيب السجناء، فهي حراستهم ومنعهم من الفرار."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب