كتاب "علم التاريخ واتجاهات تفسيره (اقتراب جديد)" للمؤلف أنور محمود زناتي - أونلاين بصيغة إلكترونية online pdf
معلومات عن الكتاب :
العنوان : علم التاريخ واتجاهات تفسيره (اقتراب جديد).
المؤلف : د. أنور محمود زناتي.
الناشر : مكتبة الأنجلو المصرية.
عدد الصفحات : 167 ص.
حجم الكتاب : 2.62 ميجا بايت.
صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
مقتطف من الكتاب :
"الاتجاه المادي المادية الجدلية ويمثلها كارل ماركس (۱۸۱۸-۱۸۸۳)
ظهرت إرهاصات المعرفة المادية عند أرسطو؛ فأرسطو أول من تحدث عن قدم المادة وأزليتها وأسبقيتها على الفكر وجميعهم عرضوا الفكر باعتباره انعكاسا للواقع المادي الذي أفرزه.
وقد سلك أرسطو في تفكيره مسلكاً دقيقاً، واتخذ لنفسه منهجاً علمياً مبطئاً يبدأ بتحديد الموضوع المراد بحثه مستعرضاً لآراء السابقين ومتناولاً إياها بالنقد والتحليل، ثم يستخلص رأيه في ذلك، ورأي العلم يدرس ماهية الأشياء، لذا كانت دراسته تنصب على الصفات العامة الجوهرية التي تتسم بالثبات، فالعلم في نظره يدرس الماهية، أو المعاني الكلية.
حاول أن يكشف العلاقة بين القياس المنطقي، والبرهان الرياضي، وفطن إلى ذلك، فجوهر القياس عنده مأخوذ من التفكير الرياضي، بل إن القياس في مضمونه ليس إلا إحدى مراحل البرهان الرياضي.
وبديهي أن تنعكس تلك المعرفة على المؤرخ اليونانى الأشهر ليكوديديس الذي يعد رائدا في مجال التفسير المادي التاريخ.
كما ان تطور المعرفة في العصور الرومانية بما يجارى الواقع التاريخي نفسه حيث كان الرومان أصحاب حضارة عولت على التجريب والواقعية الأمر الذي انعكس على تصورات الكثيرين من مؤرخي الرومان من أمثال "ديو كاسيوس" على سبيل المثال.
وبرغم ضآلت معلوماتنا عن الحضارات الشرقية (الصينية والهندية خصوصا) نستطيع أن نجزم بوجود تصورات مادية تضع حدا للرؤية المتواترة الخاطئة عن الشرق الفنان والروحى والغرب العقلاني المادى ومن تشكك فيما نقول فعليه بالرجوع إلى كتاب البان ويدجرى عن التاريخ وكيف يفسرونه من كونفوشيوس إلى توينبى في العالم الإسلامي قدمنا محاولة تثبت انطواء بعض الآيات القرآنية على تصور مادى للتاريخ ومن يراجع تلك الآيات يجد مصداقا.
في أوروبا العصور الوسطي Medieval ارتبطت المعرفة عموماً والتاريخ خصوصا بالدين وبله بالخرافة والكرامة والصدفة والمعجزة وفي الغالب ومع ذلك نجد رؤى شمولية عند القديس أوغسطين.
وفي أوروبا العصر الحديث نجد نزعات مادية في فلسفات هوبز ولوك وكوندرسيه وغيرهم قبل كارل ماركس بل نجد الكثيرين من علماء الاجتماع يكتبون في التاريخ من أمثال فولتير ومونتسكيو وكونت وسبنسر وفيبر وماركس نفسه.
وما كان من الممكن لكارل ماركس ان يكتشف نظريته لولا هيجل ونيتشه وشوبنهاور وعلماء الاقتصاد السياسي الإنجليز فضلا عن ديدور لفرنسي ومدرسته المادية المتطورة.
لكن المؤرخين الأوروبيين التقليدين وقفوا في صراع مع أصحاب الرؤية الاجتماعية فاتهموهم بكونهم اصطلاحيين تجريدين يتجاهلون الزمان والمكان يتجلى ذلك في المحاورات الطريفة بين "سينوبوس" المؤرخ وسيميانيد عالم الاجتماع الذي اتهم المؤرخين بأنهم جامعوا حقائق تنقصهم الخبرة.
وقد علق بروديل فيما بعد على هذا الحوار بأنه أشبه ما يكون بحوار الطرشان.
وعند ماكس فيبر على وجه الخصوص نجد تفسيرا ماديا للتاريخ بل للدين نفسه وفق أدوات تحليل أطلق عليها ideal types.
وعلى يد علماء الاجتماع المعاصرين تمت نقلة هامة في مجال سوسيولوجية المعرفة كما تعاظم تأثير أعلام الوضعانية الاجتماعية من أمثال بريل وبلوندال وهاليفاكس وموس وغيرهم فيما يتعلق بارتباط الفكر بالواقع لكن يغلب على هؤلاء رفضهم مصطلح الطبقة واستبداله بمصطلح الوعي الجمعي وعند كارل مانهايم نجده يضع اعتباراً للواقعية الاجتماعية برغم اهداره قيمة التاريخية.
أما المدرسة البنيوية فقد عارضت الكثير من قوانين المادية التاريخية وقال معظم أعلامها بالثبات والسكون والسلام الاجتماعي وان حاول البعض منهم الاعتراف بسوسيولوجية المعرفة بل نجد بنيويا مثل رايت ميلز يعترف صراحة بوجاهة المادية التاريخية اما التوسير فلم يجد مناصا من تطعيم البنيوية بالصراع الطبقي بل ان المؤرخين تقليدين من أمثال وولش وكولنجوود اعترافا باهمية المادية التاريخية.
وفي التاريخ المعاصر وبرغم الصراع الايديولولجي فان مدرسة الحوليات اعترفت بأهمية التاريخ الاجتماعي يظهر ذلك واضحاً فيما الفه لوسيان فيفر ومارك بلوك وانتشرت هذه المدرسة في الشرق والغرب وعول أتباعها على دراسة مفردات التاريخ الاقتصادي والاجتماعي وعند بروديل تجسدت رؤية المادية التاريخ على اعتبار ان الفرد جزء من حقيقة كبرى هي المجتمع هذا برغم اهتمامه أصلا بتاريخ الذهنيات. ومع تقديرنا لاهتمامات هذه المدرسة التي أطلقت على نفسها مدرسة التاريخ الجديد الا انه يؤخذ عليها فقدان الإطار النظري العام الأدوات المفاهيمية السيكيماتا كما ذهب بحق خلدون النقيب.
ونضيف إلى ما ذهب إليه عدم الاهتمام بالتفسير والتنظير وبدونهما تصبح المعرفة معرفة ناقصة على حد تعبير مؤرخ معاصر.
ولعل ذلك كان من اسباب ظهور مدرسة التاريخ الشامل ومن أعلامها ميتلاند وفينوغرادوف وماكلوین و هنرى بيرين ويحسب لها الاعتماد على سائر المناهج المتاحة بما فيها المنهج المادي التاريخي على أساس أن كل منهج يكشف عن جانب مهم من الحقيقة التاريخية الملغزة لنحاول الآن تقويم جهود بعض المؤرخين المحدثين والمعاصرين الذين عولوا على التفسير الاجتماعي.
بالنسبة للماركسية في الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية سابقا نرى أنهم ينقسمون إلى تيارين الأول من المؤرخين الدوجماتيين الذين حاولوا اعتساف التفسير للمجتمعات العربية الإسلامية تحت تأثير الإيديولوجيا الماركسية ومعلوم أن ماركس وانجلز نفسهما لم يتوصلا إلى صيغة علمية محددة حول الوضعية الاقتصادية والاجتماعية لهذه المجتمعات اللهم الا وضع تصورات أولية تتجسد فيما عرف بنمط الإنتاج الإسيوى متاثرين في ذلك بمعلومات تاريخية شحيحة ومشوهة عن العالم الإسلامي الوسيط لذلك جرت مراجعات لهذا التصور أفضت في النهاية إلى القول بان هذا العالم الإسلامي يخضع في صيرورته لنفس القوانين الأساسية للمادية التاريخية وقد عقد ستالين فيعام ۱۹۳۹ مؤتمرا للمؤرخين السوفيت انتهوا فيه إلى القول بإقطاع إسلامى كما جرت نقاشات خصبة فيما بعد بين المؤرخين الماركسيين لم تتوصل للأسف لصيغة معينة تحدد نمط الإنتاج في العالم الإسلامي."
رابط تحميل الكتاب