لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب الكتابة التاريخية pdf تأليف خالد طحطح

 تحميل وتصفح كتاب الكتابة التاريخية للمؤلف خالد طحطح - أونلاين بصيغة إلكترونية online PDF








معلومات عن الكتاب :


عنوان الكتاب : الكتابة التاريخية.


المؤلف : الاستاذ، خالد طحطح.


الناشر : دار توبقال للنشر.


الطبعة الاولى : 2012.


عدد الصفحات : 186 ص.


حجم الكتاب : 7.00 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).


Ebook download PDF 





مقتطف من الكتاب :


" المؤرخون والحقيقة التاريخية

 ‏

بدأت تُطرح الحدود بين التاريخ والعلوم الحقة بحدة مع بروز هيمنة النموذج العلمي الفيزيائي والرياضي، حتى أن بعض المؤرخين سعوا إلى إعطاء التاريخ معنى علمياً، وطمحوا للوصول إلى فيزياء اجتماعية عبر إقرانه بالعلوم الدقيقة تحت تأثير العلمية الفيزيائية التي سادت في أوربا خلال تلك المرحلة. جميع العلوم الإنسانية والاجتماعية سعت إلى اقتباس هذا النموذج، رغبة في جعل الإنسان والمجتمع بكل أبعاده موضوع دراسة علمية على غرار ما يجري في الظواهر الفيزيائية والرياضية، وقد أدت هذه النزعة إلى ظهور اتجاهات وضعية قوية كما هو الحال في السوسيولوجيا وعلم النفس عرف التاريخ بدوره انتشار هذه النزعة التي كان لها دور كبير في ضبط وتقنين المنهجية التاريخية خاصة مع المدرسة المسماة منهجية أو وضعانية، ابتداءً من المؤرخ الألماني ليوبولد فان رانكي Leopold Von Ranke مرورا بالمؤرخ الفرنسي کابرییل مونود Gabriel Monod ثم فيما بعد شارل لانغلوا Charles Langlois وشارل سينوبوس Charles Seignobos. لقد طمح هذا التاريخ في ثوبه التقليدي إلى إثبات العلاقات (علاقة العلية، أو التحديد الدائري، أو الصراع أو التعبير) التي تربط الوقائع والأحداث في الزمن، فسلسلة الوقائع معطاة، ولا يبقى إلا تحديد العلاقة التي لكل عنصر منها بالعناصر المجاورة له.


أخذ الوضعانيون منهج الطبيعيات كمثال يحتدى، حاولوا تطبيقه حرفيا في التاريخيات بدعوى أنه المسلك الوحيد الذي يضمن موضوعية المعرفة، إنه تاريخ وضعاني أسس أحكامه على الوثيقة الملموسة كما أن عالم الطبيعيات يجري تجاربه على المادة المحسوبة. ولذلك وسمه عبد الله العروي بأنه تاريخ تاريخاني، لأنه لا يعرف أي عامل في ميدان التاريخ سوى المسجل أمامه في الوثيقة.


لقد حدث جدل كبير بين ممتهني التاريخ و الابستمولوجيا حول مسألة مدى علمية التاريخ، فمنهم من ينفي صفة العلمية عنه باعتبار أن العلم يفيد المعرفة اليقينية الدقيقة بحقيقة الشيء. ومنهم من يرى أن التاريخ هو تلك المعرفة العلمية بشؤون الماضي، وأنه بالإمكان نقل مناهج العلوم التجريبية إلى حقل العلوم الاجتماعية والإنسانية، نظرا لأوجه التشابه بين علم التاريخ و علوم الطبيعة، فالمنهج التاريخي هو نفسه المنهج المطبق في العلوم الحقة الأخرى. أما المؤرخون الذين ينفون صفة العلمية عن التاريخ فيرون أن علوم الطبيعة وحدها قابلة للتفسير والتعليل، لأنها تقوم على التجربة والملاحظة والاستقراء و المقارنة، وذلك خلافا للعلوم الإنسانية ومن ضمنها التاريخ، والتي لا تخضع إلا للفهم والتأمل. ويُقصد هنا بالتفسير النهج التحليلي الذي يقوم على إبراز العلاقات السببية بين الظواهر، في حين أن الفهم نهج تركيبي يرتكز على تأويل النوايا البشرية عبر استعمال أساليب التفكير الفلسفي، باعتبار أن الحقيقة البشرية الماضية ليست معطيات واضحة يستطيع المؤرخ الكشف عنها وعرضها بطريقة تامة وكاملة، بل المؤرخ في الواقع يقوم بمساءلة تلك الحقيقة وإعادة ترتيبها وتنظيمها وبنائها من جديد في إطار تسلسل زمني، وربطها بعلاقات منطقية وسببية، فينتهي بذلك إلى تركيب الأحداث التاريخية. 


ثم إن هذا الجدل استمر بين أنصار علمية التاريخ ومناوئيهم، وقد ظهر ذلك جليا في القرن التاسع عشر، حيث منح مؤرخو المدرسة المنهجية للتاريخ صفة العلم، باعتبار أن التاريخ لا يتم إلا بالوثائق، وبما أن الوثيقة هي الشاهد الوحيد على أحداث الماضي فإن التاريخ علم.


 إذا كان الهدف الذي تسعى إليه الكتابة التاريخية هو الوصول إلى الحقيقة التاريخية كما حدثت في الماضي انطلاقا من الوثائق، فإن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة هو عن ماهية هذه الحقيقة. هل الحدث التاريخي الذي يكتبه المؤرخون يعبر حقيقة عن ما حدث بالفعل؟ أم أن الواقعة التاريخية من صنع مخيلة المؤرخ وحد وبالتالي فهي تخضع للاختلاف والتعدد؟. 

 ‏

 ‏اذا كان مؤرخ المدرسة المنهجية ينطلق في أبحاثه من الوثيقة «تحقق أولا من الوقائع ثم قم باستخلاص نتائجك منها فإن المؤرخ الحالي هو الذي يضفي صفة الوثيقة على هذا المصدر أو ذاك. تساؤلاته هي التي تدفعه إلى الاحتفاظ بنوع من الوثائق وترك الأخرى جانبا، فهو لا يحشر نفسه في موقف استقرائي»، بل يقوم بجمع الوثائق، ويعمل على تنظيمها وتوزيعها وترتيبها وفرز الملائم منها، ثم يقوم بطبخها، ومن ثم يقدمها بالأسلوب الذي يروق له.


إن المؤرخ يلجأ إلى انتقاء مصادره ووثائقه، فهو يقوم بعملية اختيار، مما يطرح أسئلة عديدة حول نوعية الوثائق التي اعتمد عليها، عن مدى مصداقيتها، ومن كتبها، وهل هي رسمية أم غير رسمية، ثم يقوم باختيار وثائق معينة على حساب أخرى، ربما فقط لتعزيز نتائجه لكي تتوافق مع فرضياته المطروحة مسبقا.


إن مثل هذه الأسئلة وغيرها تجعلنا على يقين تام من أن المؤرخين لا يقدمون الحقيقة باعتبارها موضوعية، لأنه لا يمكنهم بتاتا أن يكتبوا تاريخا حقيقيا عن ما وقع بالفعل، فثقافة المؤرخين ومنهجيتهم وتوجهاتهم الفكرية والثقافية تلعب دورا كبيرا في صناعة الحدث التاريخي وفق رؤيتهم. يقول البروفيسور أوكسوت «التاريخ هو تجربة المؤرخ، إنه ليس من صنع أحد سوى المؤرخ، وكتابة التاريخ هي الطريقة الوحيدة لصنعه». فالتاريخ لا وجود له إلا في ذهن المؤرخ، لأن الماضي زال وانقضى، وأخباره الموجودة في الكتب هي من صنع المؤرخ فقط، ومن ثم لم تعد الوثيقة تلك المادة الجامدة المقدسة التي يحاول المؤرخ الوصول بفضلها إلى ما تم بالفعل في الماضي، إنه من المستحيل ومن غير الممكن إدراك الماضي كما كان بكل تفاصيله وحيثياته الدقيقة، وإنما كما نتوهم أنه كان، إن القول بإمكانية القدرة على مطابقة الماضي الأصلي أمر خاطئ، فالمؤرخ يقوم بإنتاج وبناء الوقائع التاريخية كما يتصورها، أما الحقيقة التي حدثت في الزمن السابق فلن تتكرر أبدا، لأنه من المستحيل إعادة حقيقة الماضي في الحاضر، لأننا في الكتابة التاريخية نكون أمام الصورة وليس الواقع، فأصحاب العلوم الحقة وحدهم قادرون على تكرار تجاربهم مرة أخرى. وقد عبر درويزن في نهاية إحدى محاضراته التي ألقاها سنة 1882م عن هذا الفرق بين التاريخ والعلوم الطبيعية بقوله نحن لا نستطيع بخلاف العلوم الطبيعية أن نستخدم التجريب، نحن نبحث فقط، وكل ما نستطيع فعله هو أن نبحث. إن المؤرخ يتحدث عما لن يراه المرء مرتين أبدا، فليس بالإمكان لأي شخص أن يسبح في نفس النهر مرتين وفي نفس الماء، وبالتالي فإن المؤرخ يقوم بإعادة بناء الحدث من زاويته، فالتاريخ بهذا المعنى هو نتاج عملية بحث و بناء، الذي يَدْرُسُ التاريخ هو الذي يصنعه، وعليه فإن الحقائق التاريخية لا يمكنها بتاتا أن تصلنا كاملة، فالتاريخ هو رواية للأحداث الماضية، وبما أنه رواية للأحداث فلن يُسْتَطَاعَ بعث الحياة بتفصيلاتها جميعا، ولذلك نجد اختلافا بين الروايات ومضامين الكتب التاريخية من مؤرخ لآخر حول نفس الواقعة التي يعاد اكتشافها واستعادتها باستمرار. إننا هنا أمام وضعية شبيهة برواية الشهود في فيلم المخرج الياباني اكيرا کوروساوا Akira Kurosawa بعنوان راشومون Rashomon. الفيلم يحكي قصة قاطع طريق يعترض ساموراي في بستان ويقيده، ثم يجلب زوجة الساموراي ويغتصبها أمامه، الأحداث شوهدت من قبل الحطاب في البستان. في وقت لاحق وجدَت جثة الساموراي قتيلا، وفي مشهد المحاكمة كل شخص متورط في الحدث يُقَدِّمُ رواية مختلفة لما جرى. يقول قاطع الطريق إنه قتل الساموراي بعد معركة شرسة، وتقول الزوجة إنها قتلت زوجها في نشوة ناجمة عن تحديق زوجها المفعم بالكراهية. ويقول الساموراي متحدثا عبر وسيط أنه انتحر لأنه كسير القلب، ويقول الحطاب إن المعركة بين قاطع الطريق والساموراي كانت مثيرة للشفقة لأن كل واحد منهما كان خائفا من الآخر. يثير الفيلم مشكلة تنطوي على مسألة ماذا يمكننا أن نعرف من الحقيقة. هل يمكننا أن نعرف بالفعل ما حدث في ذلك البستان؟."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب