لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر - محمد الأمين البزاز pdf

كتاب تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر للمؤلف محمد الأمين البزاز - أونلاين بصيغة إلكترونية online PDF








معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. 


تأليف : الكاتب والمؤرخ المغربي محمد الأمين البزاز.


الناشر : كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط.


عدد الصفحات : 433.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf). 


 



مقتطف من الكتاب :



"الكوليرا بالمغرب


- مصدرها


بقي المغرب بمنجى خلال الموجة العالمية الأولى (1817-1824) التي توقفت عند أبواب أوربا وتخوم سيبريا الغربية، ولم يداهمه الوباء إلا خلال الموجة الثانية التي جاءت بعد زمن يسير من سابقتها (1829-1837). كانت هذه الموجة الثانية رهيبة، أثارت قدرا كبيرا من الرعب في أوربا. وفي أقل من سنتين، انتقل الوباء من ضفاف بحر قزوين إلى ضفاف التاميز. وعلى الرغم من المستوى الاجتماعي الصحي الجيد للسكان والتقدم الحديث المنجز في ميدان الطب خلف الوباء عام 1832، 5.500 ضحية في انجلترة، و100.000 ضحية في فرنسا). إنها الموجة العالمية الأولى التي لم تسلم منها أية قارة. فانطلاقا من أوربا الغربية أصيبت المغارب والأمريكتان.


ولقد قام القناصل الأجانب بطنجة بمحاولات دفاعية متعددة ضد الوباء. فمنذ 1829 و 1831 استصدروا قرارات الطرد والحجر الصحي ضد السفن الموبوءة أو المشكوك في حالتها الصحية لحماية المغرب من الكوليرا التي تفشت في جبل طارق ثم في الجزائر. وفي عام 1834، اتخذوا تدابير صارمة بعد أن اكتسح الوباء السواحل الاسبانية، وبالمناسبة، أصدر مولاي عبد الرحمن أوامره إلى كافة عماله بالمراسي التجارية لتنفيذ هذه التدابير، مما دفع قنصل فرنسا ميشان (Mechain) إلى القول في يوليوز 1834 «إن الأوربيين

يمارسون في المغرب سلطات واسعة في الميدان الصحي».


لكن في 19 نوفمبر 1834 ، توصل القناصل بأخبار مفادها أن عددا كبيرا من الناس يموت بفاس. وفي 27 من هذا الشهر، سجل بعض الأطباء الأجانب بطنجة حدوث وفيات غير عادية بين السكان، ولو أنهم نفوا أن تكون ناجمة عن الكوليرا. أخيرا، وفي فاتح دجنبر ، تم الاعلان رسميا عن وجودها. من أين اذن وجدت طريقها إلى البلاد ؟


ليست لدينا في الواقع معطيات كافية للاجابة لكن كل القرائن تدل على أن عملية العدوى جرت انطلاقا من الجزائر عبر الحدود الشرقية التي لم تكن توجد بها أي حواجز دفاعية. وإنه لذو دلالة في هذا الصدد أن تكون أول إشارة تلقاها القناصل عن ظهورها لم تأت من المراسي، كما رأينا، وإنما من المناطق الداخلية. وقد أشار قنصل فرنسا إلى وجودها بهذه المناطق في مراسلة 30 نوفمبر، مخبرا بأن عدد ضحاياها مرتفع بفاس ومكناس.


ومن حسن الحظ أن مصدرا مغربيا يحدد تاريخ ظهورها بكل دقة بفاس، حيث يقول «وقد ظهر الوباء) من يوم الثلاثاء مهل رجب من السنة (1250هـ)». وهو ما يوافق 3 نوفمبر 1834.


- طبيعتها


تحدثت المصادر المغربية عن هذا الوباء، ونفهم من حديثها هذا أن المعاصرين أحسوا بأنهم أمام مرض جديد، بأعراضه المخيفة، وموته الصاعق. وإذا كان المؤرخ الناصري قد اكتفى باستعمال كلمة «الوباء» لنعت المرض، فان هناك من اجتهد في تقديم مختلف التسميات التي كانت تطلق عليه. يقول صاحب «الابتسام» 


«وهو ريح ما سمعوا به قاتل من حينه، ويسمونه عندنا في المغرب بأسماء الكوليرة والريح الأصفر وبوقليب.. إذا أصاب الرجل تغير لونه واسود جفن عينه ويجعل يقيء من أعلا ويسهل من أسفله، ومن الناس من يشتكي مع ما ذكر رجليه وجع ويموت في الحين».


ويقول المشرفي


فكان موته موت بغتة وفجأة، كم من واحد مات فيه بالحيرة والدهشة حيث يرى الانسان أخاه يمشي صحيحا فيسقط ميتا، وقل من جاوز في تلك المدة أربعة وعشرين ساعة ... وبنفس ما ينقاس به الانسان فيتغير حاله وتشوه خلقته وتقع اللكنة في لسانه فيلجلج مقاله وتزبخر أظفار يدورجليه كأنها صبغت بنيلة. ولما يرى الصحيح تشويه خلقة المريض يحصل له الجزع والفزع ويختل عقله وتكاد النفس منه تفيض.


ويقول ابن عبد الرحمن الفاسي من جهته


«فمنهم من يصيبه وجع بقلبه وتنقطع معه أمعاؤه وتبرد ذاته وتغور عيناه ويطلق بطنه من أعلاه وأسفله ويمكث ساعة أو ساعتين وينقضي نحبه. ومن الناس من يبدءه (كذا) الألم والبرد الموصوف من رأسه، فإذا وصل إلى قلبه مات. ومنهم من يبدؤه الألم من رجله...».

.

هذه الأوصاف هي الأعراض الرئيسية المميزة للكوليرا، وهي لا تختلف كثيرا عما تقدمه لنا اليوم أحدث الدراسات عن هذا الوباء.


- سيرها


انطلاقا من فاس سرت الكوليرا في السنة نفسها (1834) إلى مكناس ووزان، والقصر، وطنجة وتطوان والعرائش ،وسلا والرباط ؛ وفي السنة التالية، إلى الدار البيضاء، وآسفي، والصويرة ومراكش، وحتى إلى الواحات الشرقية التي تفشت فيها في خريف 1835.


وحسب رينو (Raynaud)(14)، فإن الوباء انقطع في جميع الموانىء في غضون أكتوبر 1835، إلا أنه عاد إلى الظهور بطنجة وتطوان في غضون دجنبر. كما ظهر من جديد بفاس حيث استمرت بعض الحالات بها إلى غاية فبراير 1837.


عموما، تميزت الكوليرا بزحفها البطيء ؛ فهي لم تلتحق بالصويرة إلا بعد ظهورها بفاس بحوالي 15 شهرا كما أنها لم تكن تطيل مقامها في عين المكان. ففي الصويرة لم تمكث سوى عشرين يوما، وثلاثة أسابيع فقط في طنجة وتطوان. ولم تبق بفاس سوى مدة وجيزة : ومكث (الوباء) عندنا أياما قلائل ثم عافانا الله منه». 


أما بالنسبة للخسائر التي أحدثتها ، فكانت أقل بكثير من تلك التي سجلت خلال الطواعين السابقة. وقد جاء في إحدى رسائل مولاي عبد الرحمن في هذا الصدد «وعلمنا ظهور الوباء بوزان والقصر والعرائش وأنه مصحوب باللطف». وإذا استنطقنا بعض ما لدينا من أرقام، نجد أن عدد الضحايا الأقصى في اليوم الواحد لم يتجاوز 60 ضحية في اليوم، وقد سجل العدد في الرباط يوم 28 نوفمبر 1834، وفي مراكش يوم 25 يوليوز 1835. كما نجد أن عدد الضحايا في طنجة لم يتجاوز في ذروة الوباء 47 إلى 50 ضحية في اليوم، بينما لم تتجاوز حصيلة خسائرها 560 ضحية، أي حوالي 8 في المائة من مجموع سكانها ما بين 7.500 و 9.000 نسمة)، وهي نسبة تقل بكثير عن تلك التي سجلت خلال طاعون 1818-1820 20 في المائة).


مع ذلك يبدو أن الوباء ضرب بعنف بعض الجهات التي تتميز بكثافة سكانها أو بتدهور المستوى المادي والصحي للسكان ذلك ما ينطبق على مدينة فاس التي يبدو أنها أدت ضريبة فادحة للوباء كما يتضح من هذه العبارة التي استعملها المشرفي ومات به خلق كثير وجم غفير لا يحصى عدده إلا الملك القدير ». ذلك ما يؤكده تقييد محلي من مكناس، إذ يخبر بأن عدد ضحايا فاس بلغ 8 آلاف ومكناس نصفها. كذلك الأمر في الواحات الشرقية التي داهمها الوباء في خريف 1835، اذ يستفاد من تقييد محلي أن عدد الضحايا بقصر المعيز (أحد قصور فكيك بلغ 345، مما يمثل نسبة 23 في المائة من سكان هذا القصر."


بيد أن خطورة الكوليرا لم تكن تكمن في خسائرها البشرية بقدر ما كانت تكمن في دوراتها المتكررة. فبعد الظهور الأول لها هذا في المغرب، فإنها لم تترك له راحة. إذ عادت لتنقض عليه في موجبات متعاقبة، متزامنة مع الأزمات الغذائية التي كانت تجعل عملها ميسورا."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب