كتاب الرحلة المغربية من تأليف محمد العبدري البلنسي - أونلاين بصيغة إلكترونية online PDF
معلومات عن الكتاب :
إسم كتاب : الرحلة المغربية.
تأليف : محمد العبدري البلنسي.
تقديم : سعد بوفلاقة.
الناشر : مطبعة المعارف، مؤسسة بونة للبحوث والدّراسات – عنابة - الجزائر.
الطبعة: الأولى 2007م.
صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
مقتطف من الكتاب :
"ثم وصلنا إلى مدينة فاس ذات المخبر الخبيث والمحيا العابس هواء وخيم ولوم طبع رخيم. وتضييع المصليات والمساجد وقلة اعتناء بكل راكع وساجد مغانيهم إلى النجوم عالية ومعانيهم أسفل التخوم هاوية إلى عفونات تخبو لقربها المصابيح وتنحو بالخول كل تفسد الألوان والاذهان وتضرم للمزاج المعتدل نار وجه صبيح. الحرب العوان. تنصب على مجانيق الطوى فتقذفه بجلاميد الخوى وترميه بسهام الروائح المنكرة عن قسي الأهوية المغيرة بأكف الأبخرة المكدرة. فما تلبث أن تحط علاه وتهيج للأقسام حماه. تنصب حواليه أنهار تشتعل بها في حشي الظمئان نار. ودارت به غابة من نخيل قد طلمست ثمرتها بكف كل بخيل. فلو أتاها جبلة بن الأيهم أو حل حماها إبراهيم بن أدهم لم تنل إلا برقية الدينار والدرهم.
على أن الهواء العفن قد منعها الجفوف فليس لها على الخزيز والقثاء شفوف لأنها إذا أفردت عن أشجارها القطوف بدت العفونة بها تطوف. وأما العلم عندهم فقد ركدت ريحه. والجعل لديهم لا يوسى جريحه. علم لا يتطرف إليه الخصوص و ظافر جاء على وفق النصوص وهذا حكم استفدته من العيان ونتيجة الاختبار لهم والامتحان نعم بها آحاد الفضلاء والصلحاء كالشعرة البيضاء في اللمة السوداء. يستمطر بهم المزن إذا لم يسبل سبله. والنادر لا حكم له . وقد حضرت بجامعها شيخاً يشار إليه ويعول في وازل المسائل عليه. وحواليه جماعة من أعيانها وأهل الخطط من سكانها. فقرئى عليه في المرابحة من التلقين باب استبهم عليه فيه وجه الصواب. فخبطوا فيه خبط عشواء وأتوا أثناءه بكل شوهاء وشنعاء. فمما جرى في مسألة الغلط في الثمن بالزيادة أو النقص أن اعتبار القيمة فيها لتختبر صحة قول البائع أو المشتري. وهذ كلام لا يتحصل في الذهن فضلاً عن صحته وفساده. وقالوا إن القيمة لما اعتبرت بالثمن كان المعتبر إذا هو الثمن. ثم نقضوا هذا الهواء بأن القيمة يضرب
عليها الربح . وقالوا إن الثمن يعتبر دون ربح. وهذا هذيان أشد من الأول وما كفاهم ذلك حتى أخذوا في تحقيق ذلك أخذوا في تحقيق ذلك من ألفاظ الكتاب بتتريلها على وجوه الاعراب. وبعد مجاراة طويلة ومماراة ليست بقبليلة وقفتهم على ما أملوا من تلك القبائح التي لم يغد بمثلها غاد ولا راح رائح. واستبان لهم لما لاح في ليل خطبهم نهار أن بنيانهم كان على شفا جرف هار. ولولا ما أتوقع من جدال المهالك لم أشن وجوه الأوراق بهذه المضاحك . ولم أخلد لها ذكراً في كتاب بل أطويها كطي السجل للكتاب. ثم قطعنا برية المراحل الحمر وهي بيداء تغري بالرواحل الضمر على أنها أقل البراري غرراً وأخفها مؤنة وضرراً ماؤها مورود قل ما يغب الورود. ولكن معالمها دوارس ومسالكها طوامس للرمال المنهالة والرياح الروامس. ومنها إلى قريتي زواره وزواغة ذوي الأنفس الخبيثة والقلوب الزواغة معتقدات شنيعة وأعمال كسراب بقية ومذاهب سوء ردئة وضمائر شر عمر منهم كل طوية. إن استنام اليهم حلج لم يوقضه إلا برد ماء التقديس ودوي أصوات النواقيس أو استأمن إليهم حاج لم يرعه إلا تلفيق المعاذير عن إساءة رعي الخنازير لأنهم يبيعونها من النصارى بأبخس الثمن. ويعتقدون كل ذلك حقاً تنتفي عنه الظنن. قطع الله دابرهم وخضد أصاغرهم وأكابرهم ولا أخلاهم من قارعة تجتاحهم قرعاً وتسحتهم أصلاً وفرعاً. ثم خطرنا على قرية زنزور ولم أخبرها فلم أحدث عنها بزور. إلا أن منظرها معجب مؤنق وشجرها مخصب مورق. ولا أدري هل مخبرها موافق أو هي ذات وجهين كالمنافق ثم وصلنا إلى مدينة طرابلس . للجهل مأتم وما للعلم بها غرس. أقفرت ظاهرا وباطنا وذمها الخبير بها سائرا وقاطنا تلمع لقصائدها لمعان البرق الخلب وتريه ظاهرا مشرقا والباطن قد قطب. اكتنفها البحر والقفر. واستولى عليها من عربان البر ونصارى البحر النفاق والكفر. وتفرقت عنها الفضائل تفرق الحجيج يوم النفر. لا ترى بها شجرا ولا ثمرا ولا تخوض في أرجائها حوضا ولا نهرا. ولا تجتلي روضا يحوي نورا ولا زهرا بل هي أقفر من جوف حمار وأهلها سواسية كأسنان الحمار. ليس على ناشيء منهم فضل لذي شيبة. ولا لذي الفضل بينهم هيبة. ترى أجساما حاضرة والعقول في عقل غيابات الغيبة. وملابس يلبسها ليلبس بها من ملأ من العيوب الغيبة. إلى بخل لو مازج ماء البحر جمد وخالط الهواء سكن في أذار وركد. وخلق يضيق به متسع الفضاء ونزق يحق له في ذمهم كشف الغطاء. وأذهان أربت في الضيق على الخاتم سواء لديها من حارب ومن سالم. كأنهم من ضيق أفهامهم لم يخرجوا بعد إلى العالم. فسبحان من خلقهم."
رابط تحميل الكتاب
