لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب بدايات فلسفة التاريخ البرجوازية pdf تأليف ماكس هوركهايمر

كتاب بدايات فلسفة التاريخ البرجوازية من تأليف ماكس هوركهايمر - أونلاين بصيغة إلكترونية online PDF







معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : بدايات فلسفة التاريخ البرجوازية.


تأليف : ماكس هوركهايمر.


ترجمة : محمد علي اليوسفي.


الطبعة العربية الأولى 1981م.


الناشر : دار التنوير للطباعة و النشر - بيروت - لبنان.


حجم الكتاب : 2.95.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf). 



 



مقتطف من الكتاب :


"فيكو والميثولوجيا


إن العلم، باعتباره ليس نشاطاً إنسانياً واعياً، لايهتم بأهداف الأحداث بل بأسبابها. لكن عندما يتعلق الأمر بالألم وبالموت الفردي، يصبح للـ «لماذا؟»، وهي سؤال عن الهدف جذور نفسانية من العمق بحيث يستحيل التغاضي عنها. عندما تفشل محاولات إقامة حاضر سعيد للجميع، وعندما لا تتمكن اليوطوبيا، في غياب الصدفة، من أن تتحقق، يتوجب آنئذ أن تولد فلسفة للتاريخ تذهب إلى الإعتقاد بأنها تتعرف وراء حيرة الحياة والموت على غاية خفية وخيّرة تمتلك في داخلها الحقيقة الفردية، التي تبدو غير قابلة للفهم وغير معقولة ظاهرياً، مكاناً وقيمة محددين تماماً، دون أن تتوصل تلك الحقيقة مع ذلك إلى الإنعكاس بنفسها في معرفة. إذا كان صحيحاً أن صياغة مثل ذلك المعنى الخفي يشكل جوهر كل فلسفة تاريخ أصيلة، عندئذ يكون الايطالي جون بابتيسيتا فيكو أول فيلسوف حقيقي للتاريخ في العصر الحديث يحدّد عمله الأساسي هدفه في البرهنة على أن العناية الإلهية تسود التاريخ البشري وأنها تحقق أهدافها من خلال أعمال البشر دون أن يعوا ذلك ودون أن يكون من الضروري وعيها الحقيقة أنّ عظمة فيكو لا تكمن في هذه الصياغة نفسها بل في البحوث التجريبية التي قام بها لهذا الغرض.


ولد فيكو في نابولي عام ١٦٦٨ ومات فيها عام ١٧٤٤. وهذا الرجل الذي ظل مجهولا تماماً في حياته والذي عمل مربياً في البداية ثم استاذاً بائسا للبلاغة في جامعة نابولي وكان كاثوليكيا ورعاً وبرجوازياً صغيراً، هو فعلا أحد أكبر فلاسفة التاريخ وعالم إجتماع وعالم نفس لامع أيضاً. ولقد ساهم فضلا عن ذلك في تجديد فقه اللغة وأسس فلسفة الفن؛ كان يملك مقدرة على تمييز الروابط الثقافية الكبرى وهي مقدرة لانجد لها مثيلاً سواء في عصره أو في القرون اللاحقة إن مثال فيكو يوضح جيداً الخصب الشامل لعمل يتناول التاريخ فلا يقتصر على عرض ظواهر سطحية بل يهدف إلى البحث عن العلاقات والقوانين.


وهذا ما ذهب إليه فيكو نفسه في مناظرته ضد الفلسفة الديكارتية . مات ديكارت عام ١٦٥٠ . وتفتح فلسفته من نواح عدة أبواب المستقبل : وهي لاتجلي الساحة نظريا من أجل دراسة الطبيعة من دون أحكام مسبقة فحسب بل إنها تشكل نقطة انطلاق للنزعات التقدمية في الفلسفة بتأسيسها لنظرية نقدية للمعرفة إن سائر النشاطات الفكرية الخلاقة التي نمت مع تكون وتقدم العلوم الصحيحة ترتبط بالمفكر الفرنسي، مؤسس الهندسة التحليلية أيضاً، وتستخدم منهجه ومصطلحاته. لكنها لا تفعل ذلك وحدها: لقد استولى المذهب الكاثوليكي الذي كان بصدد التجدد، بدوره على وسائل المعرفة الديكارتية لتكييف الدين مع تقدم التطور الثقافي. كانت الديكارتية في عصر فيكو أكبر درجة (موضة) فلسفية، وكان يستحيل عدم مقارنة النفس بها .


لقد كرّس المجتمع الجديد نفسه على نطاق واسع لإقامة العلوم الصحيحة المؤسسة على الرياضيات وتعتبر فلسفة ديكارت نتيجتها الفلسفية. فالحاجات التي يولّدها تطور العلاقات الاقتصــاديـة (Verkehrswirtschoft) و ضرورة السيطرة التقنية على الطبيعة اللاعضوية أدت إلى اعتبار الرياضيات هي الشكل الوحيد المؤكد من أجل المعرفة. إن الكوجيتو Cogito ergo sum (أنا أفكر اذن أنا موجود) الديكارتي والاعتبارات الدقيقة في «تأملات ديكارت لها في مجمل أعماله وظيفة تأسيس الرياضيات على أنها العلم الوحيد الثابت. عندما طرح «الكوجيتو» حصل ديكارت على معياري التميز والوضوح ؛ ولم يجدهما حاصلين بعد ذلك إلا في الرياضيات أساساً، لكنه على ما يبدو كان قد استخرجها من الرياضيات نفسها عندما وجدهما في «الكوجيتو». إن مجادلة ديكارت تعني تحليل ما إذا كانت الرياضيات هي المعرفة الحقيقية الوحيدة، ومن هناك ما إذا كان الفكر الرياضي هو التمظهر الحقيقي لماهية الانسان .


 إن العمل الاساسي لفيكو، العلم الجديد، «مبادىء علم جديد مختص بالطبيعة المشتركة للأمم الذي تعود طبعته الأولى إلى ١٧٢٥، يحمل في مواجهة العنوان رسما رمزياً. ومن بين ما يتضمنه الرسم كرة فوق مذبح؛ وتوجد هذه الكرة التي تقف عليها امرأة مجنحة الرأس، على حافة المذبح دون أن تكون مدعومة سوى من جانب واحد معنى هذه الصورة هو أن الواقع لم يتم النظر اليه حتى الآن إلا من جانب واحد حسب النظام الطبيعي لم يتأمل الفلاسفة بعد الواقع من الجانب الذي هو مع ذلك متعلق بالبشر الذين تمتاز طبيعتهم بهذه الميزة الجوهرية التي هي اجتماعيتهم ) لقد دافع ديكارت عن المعرفة الرياضية باعتبارها الوحيدة الأكيدة والوحيدة الحقيقية، متشبثاً بالحقيقة العامة: لا نعرف جيدا سوى ماقمنا به نحن شخصياً بأنفسنا ـ وهو المبدأ الفلسفي المشترك في عصر كامل يبدأ من بيكون وهوبز وديكارت إلى كانط ،وفيخته مروراً بلايبنتز. وتجدر الملاحظة بأن هذه الـ «نحن» تعني التفكير المجرد للفهم مجمل الجهاز المفكر معزولاً، على غرار المنطق التقليدي يعود فيكو إلى المبدأ القائل : لا يمكن للمرء أن يعرف إلا ما خلقه هو بنفسه، ويجعل منه الخيط الرئيسي في فلسفته، غير أنه يُضفي عليه هيئة غريبة، إن ما خلقه الناس بأنفسهم، وما ينبغي أن يكون إذن موضوع المعرفة السامي، أي الخلق حيث يعبر جوهر الطبيعة البشرية، جوهر «الروح» عن نفسه أدق تعبير ليس هو الانشاءات الوهمية التي للفهم الرياضي، بل هو الواقع التاريخي. ويعلن فيكو بصدد مشروعه الخاص : «هذا العلم يسلك إذن مثل الهندسة التي تخلق بنفسها عالم المقاييس وذلك بانشائه واعتباره وفقا لعناصرها الخاصة ؛ لكنه من الواقعية بمقدار ماهي عليه القوانين المتعلقة بالقضايا البشرية من واقعية تفوق النقاط والخطوط والمساحات والاشكال.

 ‏

لم يبحث مكيافلي في التاريخ إلا عن فن اتخاذ إجراءات سياسية مباشرة، ولم يكف هوبز اثناء انشائه للعقد الاجتماعي، عن تأمل الاحداث الحقيقية؛ وكلاهما فهم العلوم التي في غاية الصحة (لا الرياضيات وعلوم الطبيعة فحسب، بل مذهب الانسان أيضاً على انها منفصلة تماماً ومستقلة عن التاريخ. وإذا صرفنا النظر عن هيغل ومدرسته. نجد ان الفلسفة الحديثة تعتبر التاريخ وصفا لأحداث يمكن استخدامها لغرض عملي أو تثقيفي ما، غير أنها لا تعني شيئا بالنسبة للمعارف النظرية الحاسمة. ينبغي انتظار القرن التاسع عشر لرؤية آراء مناقضة تماما لهذه الميتافيزيقا التي تدعي إمكانية جعل العالم الواقعي سهل المنال وكذلك ماهية البشر، من دون اللجوء إلى أي نوع من الأبحاث التاريخية الأساسية. غير أن فيكو أقر ضد ديكارت الذي كان يكرهه، بأن التفكير المنطلق من الفرد المعتبر مستقلاً - لا يمكن أن يكون إلا محدوداً وسطحياً ومغلوطاً بالضرورة قبل كل شيء. والمعرفة التي يمكن للناس أن يحصلوا عليها حول أنفسهم لا تتأسس إلا على تحليل للسيرورة التاريخية التي ينشط الناس داخلها، وليس على مجرد استبطان كما اعتقدت ذلك المثالية الموضوعية في كل العصور. إن الاقتصاد والدولة والقانون والدين والعلوم والفنون - كلّ نتاجات البشر النوعية صارت في التاريخ، ولا يمكن أن تفهم إلا إذا أخذنا بالاعتبار لا الافراد المعزولين، بلا علاقاتهم، «ميزة اجتماعيتهم» حسب تعبير فيكو.


إذا كان فيكو يدعو العناية الالهية ملكة الشؤون البشرية وإذا كان يتوجب على علمه، كما يقول بوضوح أن يكون برهنة على العناية كواقع تاريخي يبدو حينئذ بأن الدلالة الاساسية لفلسفته تتكون من الإيمان بمعنى إلهي ما وغاية مقدسة للتاريخ. غير أنه عندما يطبق مفهوم العناية تطبيقا محسوساً يتضح بأنه لا يعني بذلك سوى الإلحاح أو القانون الذي يدفع الناس، رغم غرائزهم الفردانية والوحشية والأنانية إلى تكوين مجتمع وثقافة. وما هو جوهري في التاريخي ليس الظواهر السطحية التي يصنف فيكو فمنها بواعث وأعمال الناس الفردانيين؛ إن ما يتحقق هو بالأحرى تعاقب لأشكال اجتماعية تجعل العمل التمديني للبشر ممكناً. ويحدث ذلك من دون علم الافراد وخلف ظهورهم تقريباً.."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب