لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

التاريخ بين العلم والمنهج - محمد وقيدي pdf





معلومات عن المقال :


عنوان المقالة : التاريخ بين العلم والمنهج.


المؤلف : محمد وقيدي.


رقم العدد : 21.


تاريخ الإصدار :1 أبريل 2000.


صيغة المقال : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).





مقتطف من المقال :


"التساؤل عن قيمة التاريخ بين العلم والمنهج بحث في مكانة العلم التاريخي بين العلوم الإنسانية الأخرى وأشكال علاقاته معها. فالعلوم الإنسانية، في تصورنا متداخلة من حيث موضوعاتها وفروعها ونتائجها ومناهجها. وإذا كان تاريخ تطورها وتبلورها حكم بأن يكون كل واحد منها مستقلا عن الآخر، فإن هذا الاستقلال لا يعني سوى التنظيم العقلاني للمعرفة العلمية المتعلقة بالإنسان بتخصيص علم لكل مستوى من مستويات فعالياته.


من أهم أشكال العلاقات بين العلوم الإنسانية الفوائد المنهجية المتبادلة بينها. ونعني هنا أن المناهج والمفاهيم والتقنيات المؤسسة للبحث داخل كل علم من العلوم الإنسانية تكون قابلة في عدد من الحالات لنقلها إلى علوم أخرى ولاستخدامها في تفسير ظواهر غير التي استمدت منها في الأصل ووضعت من أجل تفسيرها. وفي هذه الحالة، فإن الفائدة المنهجية لتلك المفاهيم والمناهج والتقنيات تصبح ذات مجال واسع، علما بأن القيمة الموضوعية لها ترتبط باتساع مجال تطبيقها. وحيث إن هذه الفوائد متبادلة بين العلوم الإنسانية، فإن كل واحد منها يكون مستقلا بذاته في بعض الحالات ومصدرا لفوائد منهجية في بعض الحالات الأخرى. وغايتنا هنا أن نوضح هذا الأمر بالنسبة لعلم التاريخ.


لعلم التاريخ أهمية بين العلوم الإنسانية والمظهر الأول الذي نريد أن نبدأ بإثباته لهذه الأهمية هو الدور الذي لعبته الدراسات التاريخية في نشأة العلوم الإنسانية وتطورها.


نشأة العلوم الإنسانية حديثة بدأت مع عصر النهضة الأوربي وعرفت أوج تطورها منذ القرن التاسع عشر حيث تعاقب ظهور العلوم الإنسانية المستقلة عن التأمل الفلسفي، وقد كان من اللازم لقيام هذه العلوم تجاوز عدة عوائق إبستمولوجية وتوفر عدد من الشروط التي تسمح لكل علم بإنجاز القطيعة الإبستمولوجية المؤسسة له في الوقت ذاته ليست غايتنا في هذا المقام أن نتعرض لجملة العوائق التي كان ينبغي تجاوزها، ولا لجملة الشروط التي كان من اللازم إنجازها لقيام العلوم الإنسانية. ونكتفي بالقول إن العائق الأساسي كان بقاء الإنسان موضوعا متعاليا على البحث العلمي، فلم تنفذ إليه علوم الإنسان. كما أن هناك شروطا أخرى لم يتم توفرها إلا بصورة تدريجية. ونكتفي هنا من بين تلك الشروط بذكر الأثر الذي مارسه تطور الدراسات التاريخية على نشأة العلوم الإنسانية وتطورها.


كان من بين فروع الدراسات التاريخية التي لعبت دور تقريب الإنسان من أن يكون موضوعا لدراسة علمية، هذا العلم المدعو بالتاريخ الطبيعي، فقد ألــف بوفون Buffon في القرن الثامن عشر كتابا في هذا المجال عنوانه : التاريخ الطبيعي للإنسان . وكان هذا الكتاب خاصا بدراسة الإنسان كحيوان، غير أن برنامجه كان من السعة بحيث أنه جاء على صورة دراسات متعلقة بالإنسان من حيث عاداته وتقاليده أيضا. وتوالت خلال نفس القرن كتابات متعـ ددة في نفس الميدان. وبقدر ما كان هذا الميدان المعرفي يتقدم في القاء الضوء على تاريخ النوع البشري، فإنه كان يمهد لتقدم الدراسات الطبية، من جهة، ولتقدم الوعي بضرورة تأسيس علوم تختص في دراسة الإنسان من جهة أخرى.


 من جهة أخرى، كان لتطور المعرفة التاريخية بصفة عامة أثر على تطور العلوم الإنسانية. فميزة المعرفة التاريخية أكثر من غيرها أنها تقودنا إلى إضفاء النسبية على الظواهر الإنسانية، فتمهد بذلك إلى النظر إلى الحضارة الإنسانية كنتلج للواقع الإنساني المتطور، وتدفع إلى البحث في الماضي لمعرفة أصول الحاضر ولمعرفة دلالة كل مرحلة ضمن سلسلة الوقائع التي يتشكل منها تاريخ جماعة بشرية محددة أو حضارة معينة. وإذا كان الوعي التاريخي يبدو لنا اليوم عنصرا طبيعيا وجوهريا من ثقافتنا، وإذا كان ذلك قد ينسينا أن هذا الوعي حديث النشأة فإن هذا كله لا ينبغي أن ينسينا أن التقدم في هذا الوعي كان من بين العوامل التي ساهمت في العصر الحديث في بداية نشأة العلوم الإنسانية.

 ‏

لم يكن من السهل في الواقع، نشأة الوعي بأهمية التاريخ بالنسبة لدراسة الإنسان، إذ تطور هذا بالتدريج مع الأحداث الكبرى التي عرفها العصر الحديث والتي دفعت إلى اعتبار الزمن بعدا أساسيا من أبعاد الكينونة الإنسانية. ولم يكن لعلم التاريخ، لأجل ذلك، أن يلعب دوره في نشأة العلوم الإنسانية دون أن يتقدم في تحرره من الاعتبارات الميتافيزيقية واللاهوتية التي كان خاضعا لها، ودون أن يتقدم في قلب العلاقة بداخله بين سلطة النص وسلطة العقل . فقد كان على المعرفة التاريخية لكي تلعب دورها في تطور العلوم الإنسانية بصفة عامة أن تسير في الاتجاه الذي يقود فيها نحو تحرر العقل من سلطة النصوص التي كانت تمثل المقدس أو التقليد. لقد كان من اللازم أن تتطور المعرفة التاريخية ذاتها وأن يصبح العقل فيها قادرا على أن يمنح الأولوية للمعطيات الموضوعية. وحيث تطورت المعرفة التاريخية في اتجاه اعتبار الوقائع مصدرا للصلاحية، فإن ذلك ساعد أيضا على تطور العلوم الإنسانية.


 الفائدة المنهجية الأساسية للدراسات التاريخية هي إضفاء النسبية على الظواهر المدروسة من حيث النظر إليها بوصفها نتاجا لتطور. فعبر الدراسات التاريخية تعلم العقل الإنساني كيفية النظر إلى كل الظواهر التي يدرسها، سواء كانت طبيعية أو إنسانية، بوصفها ناتجة عن تطور ينبغي دراسة مراحله ورصد التحولات التي تقع على الظاهرة في كل مرحلة من هذه المراحل.


 هناك، في الواقع فائدة منهجية أخرى للدراسات التاريخية ساهمت في تطوير العلوم الإنسانية وهي ظهور فروع مختصة في دراسة بعض الظواهر التـ تشكل موضوعا لعلوم أخرى. هكذا، فإنه فضلا عن الدراسة التاريخية المتعلقة بأشكال الدولة والسلطة في المجتمع وبتعاقب هذه الأشكال في التاريخ الخاص بكــــــل مجتمع أو في مجموع التاريخ الإنساني، فإن هناك دراسات تاريخية جهوية أصبح كل واحد منها فرعا من فروع العلوم الإنسانية المختلفة : تاريخ الوقائع الاقتصادية وتاريخ الأفكار الاقتصادية، وتاريخ المؤسسات المجتمعية، وتاريخ الأفكار، وتاريخ الفلسفة، وتاريخ الوقائع العلمية ثم تاريخ الأفكار والنظريات العلمية، وتاريخ الفن والتاريخ الذي يرصد الوقائع الدالة على تطورات كل علم والتطورات التي عرفتها نظرياته مثل تاريخ التحليل النفسي أو تاريخ المدرسة السلوكية، بل وهناك تاريخ فرعي لبعض الظواهر الإنسانية مثل تاريخ المرض النفسي وتاريخ السجن والعقاب، ودون أن نختم ذكر هذه الكتابات الفرعية للتاريخ نستطيع أن نذكر تاريخ الكتابة التاريخية ذاتها بوصفها واقعا متطورا تتبدل شروطه مع تطور المناهج والتقنيات المستخدمة في البحث..."


رابط التحميل


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب