لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب فلسفة التاريخ عند فيكو pdf تأليف عطيات أبو السعود

كتاب فلسفة التاريخ عند فيكو تأليف عطيات أبو السعود - أونلاين بصيغة إلكترونية online PDF







معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : فلسفة التاريخ عند فيكو.


تأليف : عطيات أبو السعود.


الناشر : مؤسسة هنداوي.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).







مقتطف من الكتاب :


"قانون تطور الأم


يتناول هذا الفصل قانون تطور الأمم الذي توج به فيكو كتابه الضخم «العلم الجديد» الذي صدرت الطبعة الأولى منه عام ۱۷۲٥م ، ولكن بداية ظهور هذا القانون ترجع إلى ما قبل العلم الجديد بسنوات طويلة؛ فقد ظهر للمرة الأولى في الخطبة الافتتاحية التي ألقاها فيكو عام ۱۷۰۸م ونُشرت في كتاب عام ۱۷۰۹م تحت عنوان «مناهج الدراسة في عصرنا». وفي هذا الكتاب يعرض فيكو آراءه عن التربية، فيقول بوجود قانون للتطور النفسي يرتقي بفضله الفرد خلال سلسلة من المراحل تحدّدها الطبيعة بصورة ثابتة هذه المراحل توازي سلسلة أخرى ثابتة من المراحل الحضارية اجتازها الجنس البشري خلال تطوره من الطفولة إلى الشباب ومن الحياة البدائية إلى حياة التمدن. ومعنى هذا أن الفرد الواحد يلخص في صورة مصغرة عملية تطور النوع بأكمله. ويعتقد فيكو أن التربية ينبغي أن تقوم على هذا النظام الطبيعي للمراحل، ويدافع – قبل روسو – عن ضرورة أن تكون التربية مطابقة للطبيعة. والواقع أن أهمية هذه الفكرة لا تقتصر على سبقها لفكرة التربية الطبيعية كما عرضها روسو في كتابه المعروف «إميل أو التربية»، وإنما تعود أهميتها إلى أن فيكو لم يقصرها على مجال التربية وحده وإنما تجاوزها إلى رؤيته الفلسفية للتاريخ، وهي الرؤية التي تفتحت زهورها واتت ثمارها في العلم الجديد. وبغض النظر عن آرائه التربوية التي تعتمد على إدراك نفسية الطفل (وتعد كما يقول بعض الباحثين رائدة علم نفس الطفل الذي أصبح علمًا مستقلا منذ النصف الثاني من القرن الثامن عشر) فإن هذه الآراء تُلقي الضوء على نظريته في المعرفة التي تلخصها هذه العبارة اللاتينية Verum ipsum factum الحق) هو العمل نفسه وهو المعيار المعرفي الذي وضعه فيكو عن قصد في مقابل المعيار الديكارتي المعروف عن الحقيقة، وهي الأفكار الواضحة المتميزة.


ولعل هذه العبارة، كما يقول ،كروتشه تحتوي على بذور نظريته المتكاملة في المعرفة، فنحن لا نحصل على المعرفة الحقة إلا إذا قام نفس الشخص بالتفكير والفعل معا، والإنسان صانع تاريخه يمكنه أن يعرفه، كما أنه لا يعرفه إلا لأنه صانعه. وغني عن الذكر أن هذه الفكرة المحورية ترتكز عليها النزعة التاريخية Historicism التي يُعد فيكو أحد روادها، كما تعد العبارة - التي أشرنا إليها - بداية دفاع فيكو عن المنهج التأليفي أو البنائي وبداية هجومه على المنهج التحليلي الرياضي عند ديكارت وأتباعه وعلى الأفكار الفطرية الديكارتية التي انتقدها وذهب إلى أنها لا تكون معرفتنا الحقيقية مهما كانت واضحة ومتميزة، كما أشرنا في الفصل الأول من الباب الأول من هذا البحث. وتوضح هذه العبارة أيضًا أننا لا نفهم فكرة إلا إذا صنعناها بأنفسنا؛ ومن ثم لا يفهم البشر تاريخهم إلا لأنهم هم صانعوه أما الطبيعة فيعرفها الله وحده معرفة كاملة لأنه هو الذي خلقها. 


من هنا نشأت فكرة قانون التطوُّر الذي كان في البداية قانونا للتطور النفسي في العملية التربوية، ثم اختمر في ذهن فيكو فأصبح قانونا لتطور الأمم بعد أن نمت هذه البذور الأولى وتفتحت في شكل نظرية متكاملة للمعرفة قدَّمها في كتابه «الحكمة الإيطالية القديمة» عام ۱۷۱۰م، وأشار لها في الفصلين الأول والثالث من هذا الكتاب الذي عبر فيه عن نزعته الإنسانية. ولا عجب في هذا فهو فيلسوف التاريخ الإنساني الذي لم يصنعه الإنسان بعقله وحده بل بقلبه وحسه وعاطفته وعمله وواقعه البشري المتفرد المعقد. وقد ظهرت فكرة العلم الجديد لأول مرة في أحد فصول مؤلف فيكو «القانون العالمي» تحت اسم «محاولة عن العلم الجديد وهو الذي صدر الجزء الأول منه عام ١٧٢٠م كما أشرنا من قبل في الفصل الأول من الباب الأول لهذا البحث، وأخيرًا ظهر العلم الجديد في طبعته الأولى ۱۷۲٥م وأفرد فيكو الكتاب الرابع منه لقانون التطور وهو ما سنعرض له الآن. اعتمد فيكو في هذا الجزء على القانون الروماني اعتمادًا كبيرًا وكتب باستفاضة في هذا الشأن فقد كان يشغل منصب أستاذ للقانون الروماني بجامعة نابولي كما أشرنا من قبل)، ووصل اهتمامه بالقانون إلى حد القول بأن الفلسفة نشأت عن القانون بصفة عامة، على نحو ما سنرى في سياق هذا الفصل الذي سيكشف لنا أيضًا كيف سبق فيكو بعض فلاسفة التاريخ وعلماء الاجتماع في القرنين السابع عشر والثامن عشر، ومنهم على سبيل المثال أوجست كونت في قانونه المعروف عن تطوُّر الشعوب (قانون الأحوال الثلاثة) وكيف مهد له.


انتهى فيكو من دراسته للحضارات القديمة - وخاصة اليونانية والرومانية وبعض الحضارات الشرقية - إلى قانون يحكم تطور الشعوب؛ فالأمم في تطورها تتقدم وترتقي من الهمجية إلى الأديان ثم تنتقل إلى الخضوع للقوانين والحكومات، حتى تصل إلى مرحلة التعامل الإنساني في حياة اجتماعية منظمة. وكل الشعوب تمر بالتاريخ المثالي الأبدي في نشأتها وتطورها ونضجها ثم تدهورها وسقوطها.


 هذه الدورة التاريخية التي تمر بها كل أمة تتعاقب في مراحل ثلاث، وهذه المراحل الثلاث هي القانون الذي انتهى إليه فيكو واستقاه من التاريخ المصري القديم كما اعترف بذلك في أكثر من موضع؛ بل إنه اعتبر هذا القانون - الذي وضعه المصريون لشرح تاريخ العالم قبلهم - بديهية من بديهيات العقل التي يجب التسليم بها منذ البداية، فكانت المسلمة رقم ۲۸ ومجمل هذه المسلَّمة أن تاريخ البشرية يمر بثلاث مراحل رئيسية هي المرحلة الإلهية، والمرحلة البطولية ثم المرحلة البشرية. 

 ‏

 ‏فالمرحلة الإلهية تتصف بالتأليه واعتبار كل ما في العالم ملكا للآلهة، والحكومة نفسها إلهية لها إرادة آمرة ناهية، وهي تختار من يمثلها على الأرض وكان الحكم الاستبدادي فيها بيد الكهنة الذين يمثلون رجال الدين ويدعون أنهم يحكمون بمقتضى قوانين إلهية يتلقونها عن طريق النبوءات والتكهنات، وفي هذا العصر الإلهي سيطرت الخرافة والأساطير على الفكر، وساد الخوف الذي كان الدافع الأول للإنسان لتصوره للآلهة عن طريق المخيلة، وكانت اللغة في هذا العصر لغةً رمزيةً سرية كاللغة الهيروغليفية. أما المرحلة البطولية فهي مرحلة أنصاف الآلهة من البشر الذين يزعمون أنهم ينحدرون من أصل إلهي ليُنظر إليهم نظرة التقديس والتأليه. وقد سمي عصرهم بعصر الأبطال، وكان هؤلاء الأبطال هم آباء الأسر الذين لهم الحق المطلق على أفراد أسرهم كحق الحياة والموت وحق البيع والشراء. وقد خَطَت البشرية في هذا العصر البطولي خطوة إلى الأمام فتحرَّرت من استعباد الآلهة وانتقلت إلى استعباد الإنسان لغيره من بني جنسه. أما اللغة فكانت لغةً شعرية تتغنى بالبطولة والشجاعة التي اتسم بها العصر كله. 

 ‏

 ‏وأخيرًا تأتي المرحلة البشرية فنجد المساواة في الحقوق أمام القانون وحصول كل إنسان على حقوقه الطبيعية المشروعة في ظل حكومات ديمقراطية شعبية حققت المساواة بين طبقة النبلاء وطبقة العامة واعترفَتْ بحق هذه الطبقة الأخيرة في المشاركة في نظام الحكم، وكانت اللغة في هذا العصر الأخير لغةً شعبيةً غلب عليها النثر.


 ذلك باختصار هو قانون تطور الأمم. ولقد قام فيكو بالتدليل على صدقه في كل ما يتعلق بحياة الشعوب والطبائع الثلاث التي تسودها وما يتبعها من عادات ثلاث، وبفضل هذه العادات تلاحظ ثلاثة أنواع مختلفة من القانون الطبيعي للأمم وما يتبع هذا القانون من تنظيم المراحل المدنية فكانت الحكومات الثلاث وما يقابلها من لغات ثلاث، وتشكلت ثلاثة أنواع من الرموز، كما كانت هناك ثلاثة أنواع من التشريع والسلطة والعقل والأحكام."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب