معلومات عن الكتاب :
عنوان كتاب : علم الاجتماع : النظرية والمنهج.
المؤلف : ميل تشيرتون وآن براون.
المترجم : هناء الجوهري.
الناشر : المركز القومي للترجمة.
الطبعة : الأولى.
حجم الكتاب : 12.35 ميجا بايت.
صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
مقتطف من الكتاب :
"ما العلم؟
يُعرف قاموس "تشيمبرز" العلم بأنه المعرفة المؤكدة عن طريق الملاحظة والتجربة، والتي يتم اختبارها وتنظيمها على نحو نقدي، وتصاغ في مبادئ عامة". وبتعبير آخر نقول : العلم مجموعة من المعارف المرتبطة بأسلوب معين في البحث، أي أنه مجموعة معارف تتميز باستعمال طرق بحث معينة في ظروف خاصة وتصاغ وفقا لمنطق أساسي. ومع هذا، وعلى الرغم من أن كثيراً من الكتاب. قد كرسوا اهتماماً بالغاً بموضوع طبيعة العلم، فإن عملهم يُبين أن الإجابة على السؤال القائل "ما العلم؟" بعيدة عن أن تكون إجابة مباشرة أو واضحة المعالم.
وفي سعيهم لصياغة صورة عقلية للعلم ركز الكتاب على جوانب كثيرة، من طبيعة العلم قبيل: طبيعة العلم، والمسلمات التي يرتكز عليها، والسمات المتميزة للعلم، ومنهجية البحث العلمي. ولعله واضح أن جميع هذه الجوانب تحتاج لمراجعتها وإعادة النظر فيها للوصول إلى فهم لما هو العلم في الحقيقة.
يفسر لوسون (١٩٨٦) معنى العلم بأنه : "المعرفة"، إلا أنه يعترف بأن هذا اللفظ يستعمل بطريقة دارجة للإشارة إلى العلوم الطبيعية للكيمياء والفيزياء والبيولوجيا. وهذه العلوم يوحدها هدف مشترك : فهي تسعى كلها لفهم وتفسير العالم الطبيعي بأسلوب ممنهج ومنطقي باستعمال تقنيات وإجراءات خاصة.
طبيعة العلم
ويتفق معظم الكتاب الذين يبينون معالم تطور العلم على أنه تم تطويره بغرض تقديم شكل للمعرفة بديل للشكل الذي يتولد من الخبرة والتفكير العقلي. شاهد ذلك أن كوهن Cohen ومانيون (Manion (۱۹۹) يَريان أن العلم كان جذابا لأنه قدم منحى مختلفا بصور جذرية عن أسلوب الخبرة، إذ يتضمن صياغة نظرية يمكن اختبارها إمبيريقياً على محك الواقع، وليست قائمة على المعرفة البديهية (نفس المصدر، ص۲). كما استطاع العلم أن يتجاوز التعليل الاستقرائي والتعليل الاستنباطي، حيث قدم منحى يجمع بين الاستقراء المستمد من فرض مستخلص ومن قدر ضخم من البيانات الخاضعة للملاحظة، إضافة إلى الاختبار المنهجي والدقيق للفروض التي افترضها الباحث قبل ذلك.
كان للظروف التاريخية التي تطور فيها العلم تأثير كبير في تحديد طبيعة هذا الميدان الجديد وعلى الرغم من أن العلم يعود إلى زمن أقدم من حركة التنوير، فإن هذه الفترة هي التي شهدت ازدهار الاهتمام الأكاديمي بفضل ما للعلم من إمكانيات مبشرة بالنجاح. ففي منتصف القرن الثامن عشر أصبح العلم في نظر مفكري حركة التنوير النموذج المثالي للعقل المتنور" (هاميلتون Hamilton ۱۹۹۲). وكما لاحظ هاميلتون فعلا، فقد كان العلم وحركة التنوير بمثابة عربتين نقلتا معا المجتمع البشري إلى درجة أعلى ودفعته إلى الأمام في الاتجاه نحو وضع أكثر تنويراً وتقدمية. وطوال القرن التاسع عشر كان العلم هو المجال الخاص بعلية القوم من الأثرياء والأرستقراطيين الذين كانوا يستطيعون تحمل تكاليف إشباع اهتمامهم بالعالم الطبيعي. وكان هذا النموذج الفكري السائد يرى أن تصنيف وتقسيم العالم الطبيعي إلى رتب وفئات له أهمية كبرى لأن كل شيء في العالم الطبيعي له - من قبل تنميط محدد يمكن بمقتضاه الحكم على ما يجد من إضافات. فهذه هي الطريقة التي ظهر بها للوجود نظامنا الحالي للعلم. ولعله من المثير للاهتمام أن نلاحظ أن العلماء الهواة كانوا هم الأفراد الذين وزنوا أدمغة البشر وقرروا - وبناء على أنَّ أدمغة النساء وزنها أقل من أدمغة الرجال – أن النساء لهذا السبب أقل ذكاء من الرجال. وكان هذا العصر، كذلك، هو العصر الذي حدث فيه تقسيم "الأعراق" السلالات البشرية إلى طبقات مع وضع الأوروبيين البيض في القمة من هذا التدرج الهرمي، والأفريقيين السود في القاع. وإن ما تم بلورته في أيامنا هذه من نظم التصنيف لتبدو بوضوح وجلاء شديدين مرتبطة بقيم واتجاهات المرحلة الكولونيالية، ولو أن النظرة الكولونيالية لم تكن – في ذلك الوقت - جزءاً من تفكير العلماء.
بدأ الناس ينظرون إلى العلم باعتباره محاولة لخلق المعرفة التي يمكن الوثوق بها، والتي من شأنها أن تكون صحيحة في كل الظروف وفي كل الأوقات الوسون، ١٩٨٦). وكانت قيمة هذه المعرفة هائلة، فمن خلال معرفة أمر مؤكد كان يمكن لأفراد معينين (وهم العلماء) أن يتنبؤوا بالمستقبل بشيء من الدقة. ومن هنا، أصبح العلم قوة شديدة التاثير في المجتمع، كما أنه اتخذ مكانة جديدة باعتباره شكلاً راقياً من أشكال المعرفة.
وقد برر العلم هذه المكانة بأن الطبيعة الحقة لهذا المجال هي التي تجعله متفرداً. وقد حظيت وجهة النظر هذه بتأييد الوضعيين، وأعني بهم أولئك الذين يؤمنون بأن العلم والعلم وحده، هو القادر على تقديم المعرفة الموضوعية التي يمكن الاستناد إليها في وضع التعميمات والأحكام العامة. وبذلك أصبح العلم يستمد مبرر وجوده من اضطلاعه بحل المشكلات كما كان هدف الوضعية هو الكشف عن القوانين العلمية المتعلقة بالظواهر الطبيعية والظواهر الاجتماعية، والتي يمكن استعمالها في شرح أسباب تلك الظواهر، وكيف تقوم بعملها، وما نتائجها. وكان بالإمكان الكشف عن تلك القوانين من خلال تطبيق منحى نموذجي يشتمل على:
(1) أسلوب منطقي معين (وهو) المنهج العلمي التقليدي أو المنهج القائم على استخدام الفروض والاستنباط).
(۲) واستعمال تقنيات خاصة (هي التجارب المعملية) و
(۳) تبني موقف فكري مُعين (وهو الموضوعية)."
رابط تحميل الكتاب