لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب مفهوم العقل - عبد الله العروي pdf

 كتاب مفهوم العقل تأليف عبد الله العروي - أونلاين بصيغة إلكترونية online PDF






معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : مفهوم العقل.


تأليف : عبد الله العروي.


الناشر : المركز الثقافي العربي.


عدد الصفحات : 384.


حجم الملف : 10.8 ميجا بايت.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf). 


 



مقتطف من الكتاب :


"العلوم العقلية


نبدأ إذن بالعلوم المرتبطة بالعمران وبالصنائع. يقول: هي العلوم الطبيعية والعقلية وتسمى علوم الفلسفة والحكمة. لذا جاز أن تذكر مرتين، مرة في باب الصنائع ومرة في باب العلوم كما فعل ابن خلدون بالنسبة للطب والفلاحة. يقسمها كسابقيه إلى أربعة أقسام المنطق أولاً، وثانياً الطبيعيات التي تتفرع إلى جسمانية ونفسانية، ثالثاً ما وراء الطبيعة، ورابعاً التعاليم التي تحتوي بدورها إلى أربعة أجزاء: الهندسة، أصول الحساب الموسيقى الهيئة (ص) 888 إلى 923). تقسيم منطقي وتقليدي ورثه المسلمون عن المدرسة الأرسطية كما هذبت في مراكز الشرق الأقصى. ومرة أخرى يجب في مثل هذه الموضوعات المطروقة التنبه للفوارق ولو دقت.


يلاحظ ابن خلدون في البداية أن هذه العلوم: غير مختصة بملة بل يوجد النظر فيها لأهل الملل كلهم يستوون في مداركها ومباحثها وهي موجودة في النوع الإنساني منذ كان العمران» (ص 888). لا تخفی أهمية هذه الملاحظة التمهيدية بالنظر لما سبق ولما يأتي عرضه كما لا يترك أية فرصة تمر دون أن يربط هذه العلوم بالصنائع. يقول مثلاً في شأن الهندسة: «فائدتها تظهر في الصنائع العملية التي موادها الأجسام». (ص 902)، ذلك لأنه يرى بدون شك أنها بمثابة الآلة بالنسبة للصنائع، وسيقول في باب التعليم إن العلوم الآلية لا يجب الإطالة فيها (ص 1036. ثم يعود ليؤكد ما سبق أن أشرنا إليه من تأثيرها، بصفتها كسبية تدريبية على الإنسان: ينشأ عن [تعاطي علوم العدد] عقل مضيء درب على الصواب.. وقد يقال من أخذ نفسه بتعليم الحساب أول أمره يغلب عليه الصدق (ص 897) الاتجاه العام إذن ،واضح، ويمكن لنا من الآن أن نتصور ماذا سيكون حكم ابن خلدون في كل علم علم.


عندما يعرض لعلم المنطق، أصل وزبدة العلوم العقلية يفصل مكونات المسند الأرسطي (ص 908 إلى 915) على الطريقة التي وصفناها في فصل سابق. فلا حاجة لإعادة الكلام سوى الإشارة إلى أن العرض الخلدوني يدل على معرفة دقيقة بالتحريفات التي طرأت عليه عند نقله من اليونانية إلى العربية. مما يدل على أن محاولة ابن رشد الرامية إلى العودة إلى أرسطو الصحيح لم تذهب سدى ولم تدفن معه كما قيل. تسير ملاحظات ابن خلدون في نفس الاتجاه، وهي أن التحريفات المذكورة هي التي أدت إلى عقم المنطق الأرسطي داخل الإطار الإسلامي. يقول: المنطق هو علم يعصم الذهن عن الخطأ في اقتناص المطالب المجهولة من

المذكورة هي الأمور الحاصلة المعلومة وفائدتها تمييز الخطأ من الصواب فيما يلتمسه الناظر ليقف على تحقيق الحق في الكائنات نفيا وثبوتا بمنتهى فكره» (ص 888): تعريف عادي قد يكون من تحرير ابن خلدون أو من إنشاء غيره، إذ يصعب تجديد العبارة في هذا المقام بعد قرون من التهذيب والتدقيق. إلا أن ما يلفت نظرنا، لأنه سيكون مقدمة أحكام لاحقة هو الفقرة التالية: «لقد أحسن أرسطو في ذلك القانون ما شاء لو تكفل له بقصدهم في الإلهيات» (ص 995). إذا كانت هذه الجملة مطابقة تماما لما في المخطوط، فإنها تلخص أحسن وأوفى تلخيص موقف ابن خلدون من كافة العلوم العقلية. إذ ظاهر العبارة يعني أن تلك العلوم لا تكون صحيحة، مطابقة لمسلماتها البديهية إلا إذا تحاشت ميدان الإلهيات ولم تستعمل إلا في غيرها، وهو بالطبع عكس ما يفعله الفلاسفة والمتكلمون الذين لا يدرسون المنطق إلا لكي يستغلوه في الإلهيات. أما لو استعمل في مسائل الطبيعة والعمران في مسائل الكائنات ،والواقعات كما يحدث كثيرا، لكن بالعرض لا بالقصد عند الفلاسفة لكان المنطق أكثر فائدة وأكثر صوابا ولما اعترض عليه عاقل.


ويسير النقد الخلدوني للمنطق الصوري في هذا السياق. يذكر أن بعض الفقهاء مثل ابن الصلاح والنووي حرّموا دراسته، وهو حكم لا يوافقهم عليه. فإذا ما عارضه فمن وجهة أخرى. يعارضه لسبب موضوعي وهو أن المناطقة أنفسهم، بعد قرون من التقرير والتمحيص جعلوا منه صناعة عقيمة. فيسدي النصح للتلميذ قائلاً: «إن وقفت عند المناقشة في الألفاظ والشبهة في الأدلة الصناعية وتمحيص صوابها من خطئها وهذه أمور صناعية وضعية تستوي جهاتها المتعددة وتتشابه لأجل الوضع والاصطلاح، فلا تتميز جهة الحق منها، إذ جهة الحق تستبين إذا كانت بالطبع..» (ص 1035).


ثم يوضح مقصده: اترك الأمر الصناعي جملة واخلص إلى فضاء الفكر الطبيعي الذي فطرت عليه (ص) (1032) قد تبدو هذه الملاحظة مقصورة على الفائدة العملية القريبة، لولا أنها تشير إلى ما هو ثابت في الموقف المعرفي الخلدوني، وهو أن بين الطبيعة المادية والتصورات الذهنية يوجد عالم وسط، عالم الحوادث  الفعلية، أو بعبارة أخرى بين الحس والنظر يوجد العقل التجريبي. بحيث يكون المنطق النافع الصحيح هو ما ينتج ويتمحض عن ذلك العقل التجريبي. يبقى صحيحاً إذا حافظ على الارتباط بذلك الأصل، أما إذا استقل عنه بالكلية، ومال إلى النظر المحض، فإنه يفقد الثقل الذي يضمن توازنه واتزانه. تكلموا فيه من برأسه لا من حيث إنه آلة للعلوم». أما المنطق النافع: «فإنما هو حيث إنه فن واصف لعقل ذلك الفكر التجريبي] فيساوقه لذلك في الأكثر».


يشفع ابن خلدون هذه الملاحظة بأخرى نظرية. يذكر المآخذ التي ذكرناها في الفصل الثالث عن ابن تيمية وينتهي إلى الخلاصة التالية: «لا يبقى إلا القياس الصوري.. ومن التعريفات المساوي في الصادقية على أفراد المحدود.. لا يكون أعم منها فيدخل غيرها ولا أخص فيخرج بعضها، وهو الذي يعبر عنه النحاة بالجمع والمنع والمتكلمون بالطرد والعكس وتنهدم أركان المنطق جملة (ص 915). لا يختلف هنا أيضاً في نهاية التحليل موقف ابن خلدون عن موقف خصوم المنطق اليوناني من فقهاء ونحاة ومحدثين (انظر السيوطي، صون المنطق والكلام عن علم المنطق والكلام)، إلا أنه لا يقف مثلهم عند هذا الحد. لا يكتفي بنقض أصول القياس البرهاني ليبرر اللجوء إلى القياس الفقهي، بل يعمم النقد على الجميع ما ينطبق على البرهان الأرسطي ينطبق بأحرى على القياس، والغلط مصاحب لمن يتعاطى هذا أو ذاك لأنه يسحب الكلي على الخارجيات ولا يرتدع بخصوص مادة ولا شخص ولا جيل ولا أمة ولا صنف من الناس. (ص 1045). العلم الصحيح هو إذن علم الخاص لا علم العام، القياس يقود إليه، لكنه لا يضمنه ولا يتضمنه.


وهكذا نرى أن معارضة ابن خلدون للمنطق الصوري ليست، رغم الظاهر، من نوع معارضة الفقهاء السنيين يميز كعادته مرحلتين في تطور الصناعة: مرحلة أولى حيث كان المنطق مجرد آلة، ومرحلة أصبح فيها هدفاً لنفسه. يدعو بالحاح إلى العودة إلى الحالة الأولى. لماذا؟ لأن المنطق إذا نظر إليه كآلة فقط هذب الفكر وهيأه ليمتلك ذلك العقل التجريبي الذي هو أصل الصنائع.


قلنا إن العقل التجريبي يعكس في ذهن البشر الانتظام الموجود في الطبيعة، ما يسميه ابن خلدون في مواضع كثيرة التناسب انظر الفصل اللاحق). بجانب الملكة التي يكتسبها الصانع من الممارسة المستمرة، توجد ملكة ذهنية تمكن المرء من العثور في وقت قصير على الحد الأوسط في كل مسألة. وهذه الملكة تكتسب بممارسة المنطق، إذا ارتبط الجهد الذهني، البحث عن الحد الأوسط في المنطقيات بالعمل الجسمي في تطبيق ذلك على القوى الطبيعية، وهو ما يحصل عادة في الصنائع. عندئذ يصبح المنطق صناعة بالفعل، لا مجازاً، أي صناعة في خدمة الصنائع الأخرى. واضح أن هذا الاتجاه غير ما كان إليه أساساً ابن تيمية وأمثاله بنقدهم للمناطقة."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب