لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

صعود الإمبراطوريات وإنهيارها pdf تأليف فرنان بروديل

 تحميل وتصفح مقالة "صعود الإمبراطوريات وإنهيارها" تأليف فرنان بروديل - أونلاين بصيغة إلكترونية online PDF







معلومات عن المقالة :


العنوان :  صعود الإمبراطوريات وإنهيارها.

 ‏

تأليف : فرنان بروديل.


المصدر : مجلة الاجتهاد.


العدد : 26 - 27.


الناشر : دار الاجتهاد للأبحاث والترجمة والنشر.


صيغة المقال : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).


Ebook download PDF 





مقتطف من المقال :


"كان من نتائج الأزمة المدينية الطويلة ولادة إمبراطوريتين اثنتين في جهتي المتوسط : الإمبراطورية الإسبانية والإمبراطورية العثمانية اللتان حف بولادتهما حس صوفي متأجج.


شكل كل من نهوض الحس الديني وعودة فكر الصليبية في إسبانيا القرن الخامس عشر، قاعدة الاندفاع الإمبراطوري لقيام الوحدة الإسبانية. وقد كان الهابسبورغ وقبلهم الملوك الكاثوليك أول من عمل في سبيل تلك الوحدة. فما قام به هؤلاء الملوك، بعد حرب المئة عام كان استجابة لإرادة برجوازيات المدن الباحثة عن استتباب السلام الضروري لازدهار تجارتها. أما اتجاه منطقة كاستيليا الإسبانية إلى التحالف مع أراغون فلم يكن صدفة بقدر ما كان خياراً متوسطياً حال دون الوحدة مع البرتغال وأتاح وحدة شبه الجزيرة الأيبيرية. وكما كانت الصوفية الإمبراطورية في أصل الوحدة الإسبانية، كانت من وجه آخر ضرورية لاحتلال غرناطة في العام 1492، وللتوجه نحو شمال إفريقيا الذي أرجىء واستبدل بالاتجاه نحو إيطاليا قلب المتوسط ومركزه والتي كان الإسلام يهددها هكذا أصبح الملك الكاثوليكي الإسباني بطل الصليبية الجديدة. وبعد أن خلف شارل كنت ملك إسبانيا فرديناند في سنة 1516 غدت إسبانيا موقعاً ثانوياً في الإمبراطورية بسبب اتكاء هذه الأخيرة على إيطاليا وعلى البلاد الواطئة اللتين كانتا تقتسمان الثروة الأميركية المتدفقة وتبحثان عن أسواق جديدة لتوظيفها في الصناعة والتجارة، وذلك عوضاً عن الارتكاز إلى إسبانيا نفسها الواقعة على طرف أوروبا. لذا كانت تبدو الإمبراطورية مع ذلك الملك أوروبية أكثر منها إسبانية. ولو لم تقم إسبانيا بتلك المهمة الإمبراطورية لكانت فرنسا، ربما أقدمت على القيام بها، لأنها، أي فرنسا كانت منذ العام 1494 تتجه نحو هذا القدر الذي أحبطته الظروف، وربما أحبطه تخلف اقتصادها ومميزات حكمها ومزاجها وتعلقها بالقيم المؤكدة فقيام إمبراطورية كان قدراً أوروبياً وليس قدراً إسبانياً فحسب. لذا اتخذت الفكرة الصليبية في عهد شارل كنت معنى ومدى أوروبيين شاملين، ونحت المملكة الإسبانية نحو توحيد المسيحية في مواجهة الأتراك الذين كان سلطانهم سليمان القانوني نظيراً لشارل كنت في الجهة الأخرى من البحر.


لم يستمر هذا الوضع في عهد فيليب الثاني في النصف الثاني من القرن السادس عشر، لأن الامبراطورية راحت في أثناء حكمه تتمركز في إسبانيا ويقل انخراطها في أوروبا، لتتجه نحو المحيط الأطلسي. وقد رجحت الثروة الأميركية خلف المحيط هذا الاتجاه. هكذا تحولت كاستيليا إلى مركز متروبولي، فيما أصبحت إيطاليا والبلاد الواطئة مناطق ثانوية في الامبراطورية، فنتج عن هذا التبدل عداء إيطالي للإسبانيين ثم ما لبثت المواجهة مع الشمال البروتستانتي أن برزت بهدف السيطرة على المحيط الأطلسي الذي برز منذ ثمانينات القرن السادس عشر كمركز للكرة الأرضية في أعقاب ازدياد المعادن الأميركية حجم الثمينة المتدفقة إلى العالم كله. وفي الوقت نفسه الذي كانت تتجه فيه المملكة الإسبانية نحو الغرب، كان العثمانيون في الجهة الأخرى من المتوسط يديرون ظهورهم لهذا الأخير ويتجهون نحو الصراع مع إيران. لقد كانت الامبراطوريتان تبتعدان عن المتوسط بالوتيرة نفسها، فيما كانت تدق في قلب المتوسط ساعة تراجع الامبراطوريات.


في الجهة الأخرى من المتوسط كانت هنالك ثلاثة قرون من الجهد الدؤوب والصدامات الطويلة في أصل العظمة الامبراطورية العثمانية. فسلالة بني عثمان نهضت بین مصادفات المعارك على حدود آسيا الصغرى المتقلبة، حيث كان الدين والحروب لا ينفصلان وفي أعقاب غزو التركمان الصامت والبطيء لآسيا الصغرى أصبحت تركيا بلداً إسلامياً في ظل تحريض ودعاية غريبين لاعتناق الدين الإسلامي، بعدما كان سكانها من الروم الأرثوذكس. أما سهولة فتح العثمانيين لبلاد البلقان فيعود إلى أن شبه الجزيرة البلقانية كان نهباً لانقسامات بين البيزنطيين والصرب والبلغار، الأمر الذي أتاح اندفاع الفتح الجديد وإزاحة كبار الملاكين في طريقه. لكن سيطرة العثمانيين على غرب البلقان الجبلي كانت شديدة البطء وشكلية في وجهها الغالب. وهذا كله لم يتيسر له النجاح بمعزل عن شق الطرق وبناء الحصون وإيكال تنظيم شؤون الغزو للمدن التي أخضعها العثمانيون أو بنوها أو حصنوها.


وإذا كان الفتح - الغزو التركي قد تم على حساب الشعوب التي أخضعت في البداية آلاف الصربيين بيعوا كعبيد في أسواق البلدان المسيحية، بعد معركة كوسوفو)، فإن المنتصر العثماني لم يكن ينقصه الحس السياسي، في أيام محمد الثاني على وجه الخصوص، وهو السلطان الذي قدم تنازلات لليونانيين وفتح بوجههم أبواب القسطنطينية التي افتتحت في العام 1453. لذا اتخذت شعوب شبه جزيرة البلقان مواقع لها إلى جانب المنتصر وأعادت إحياء مآثر الامبراطورية البيزنطية. لكن إعجاب الغرب المسيحي بالامبراطورية العثمانية وانبهاره بها لن يصرفنا عن ملاحظة كره المسيحيين لهؤلاء الكفار». فلا الغزو ولا التوسع العثمانيان كانا في أصل الاكتشافات الكبرى، بل إن هذه الأخيرة هي التي أزاحت أنظار الغرب قليلاً عن الشرق، فاستطاع العثمانيون التقدم غرباً من دون صعوبات كبيرة. ثم إن الحدث الأهم من احتلال القسطنطينية في التاريخ العثماني كان احتلال مصر وسورية اللتين أتاحت سيطرة العثمانيين عليهما، فضلاً عن جنيهم خراجاً مرتفعاً منهما، مشاركتهم في تجارة الذهب الإفريقي وفي تجارة الشرق العالمية. لذا غدت الامبراطورية وسيطاً تجارياً إجبارياً بين الهند والغرب، هذا العلم أن مصر كانت المصدر الأساسي للقمح والأرز والفول. لكن هذه الملاحظات كلها لن تصرفنا عن النظر إلى الامبراطورية من الداخل لفهم نقاط ضعفها وقوتها وترجرجها. لقد كان فن الحكم العثماني يستند إلى أسلوب عيش وإلى تراث معقد يختلط فيه الديني بالاجتماعي، وتاريخ الامبراطورية شمل قروناً وتجارب متلاحقة ومتفاوتة ومتناقضة. إنه ذلك النسق الإقطاعي الذي خلق أرستقراطية عقارية منقسمة ويصارع بعضها البعض الآخر من غير أن يجمع بينها غير السلطان، وذلك وفق وتاثر داخلية شديدة التعقيد.


كان صعود الامبراطوريات في المتوسط يتلخص بصعود العثمانيين في الشرق وصعود الهابسبورغ في الغرب. لكن القرن السابع عشر أظهر على نحو جلي تراجع هاتين الامبراطوريتين. كانت مأساة المتوسط سياسية في الدرجة الأولى، ابتداء من القرن السادس عشر. فليس صحيحاً أن الصدفة كانت وراء اكتشاف أميركا وثورة الأسعار وولادة الامبراطوريات وليس صحيحاً أيضاً أن خيط القوة الوحيد هو التطور التدريجي للرأسمالية على نحو ما يرى J. Schumpeter)، أحد كبار الاقتصاديين. فثورة الأسعار كانت سابقة على التدفق الكثيف للذهب الأميركي، ونمو الدول الإقليمية كان سابقاً على اكتشاف القارة الجديدة. وإذا كانت مناجم العالم الجديد قد دخلت في الحسبان فلأن أوروبا في الأصل كانت تمتلك القدرة على استثمارها. أما إذا افترضنا أن مناجم القارة الجديدة المكتشفة لم تكن سهلة الاستغلال فإن قوة الدفع في الغرب كانت ستجد لنفسها متنفساً في الشرق الأقصى وفي الذهب الإفريقي وفي فضة أوروبا الوسطى. فالدولة مثلها مثل الرأسمالية نتاج تطور متعدد ومتشابك، والظروف الطويلة المدى تحمل في داخل حركتها المرتكزات التي تقوم عليها السياسة."


رابط التحميل


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب