كتاب الزمن ما يفعله بنا وما نصنعه منه تأليف روديغر سافرانسكي - أونلاين بصيغة إلكترونية online pdf
معلومات عن الكتاب :
اسم الكتاب : الزمن ما يفعله بنا وما نصنعه منه
تأليف : روديغر سافرانسكي.
المترجم : عصام سليمان.
الناشر : فواصل للنشر والتوزيع.
حجم الملف : 2.92 ميجا بايت.
صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
مقتطف من الكتاب :
"زمن الحياة وزمن العالم
زمن حياة محدود وزمن عالم غير محدود الزمن الدوري يقلل التوتر. الهجوم المسيحي على زمن العالم بطلان الزمن زيارة ثانية لأوغسطين فترة زمنية وليس آنات. فينومينولوجيا صغيرة لخبرة الزمن. مواض بلا حاضر. الزمن الحقيقي والزمن المتصور. اللامعقول وتحققات زمن العالم ماديا ومسيحيا، وتقدميًا وتطوريًا.
الإنسان كائن غريب الأطوار يستطيع أن يخرج من مركزه ويراقب نفسه من الخارج ويمعن التفكير بذاته في هذا البعد ، بحيث يساوره الخوف عند النظر إلى الكل الذي يوجد فيه. صاغ نيتشه هذا بعمق في زاوية ما من العالم المليء بأنظمة شمسية لا حصر لها تشع متلألئة كان هناك يومًا جرم سماوي، ابتكرت عليه حيوانات ذكية الإدراك. لقد كانت الدقيقة الأكثر غطرسة وخداعا في "تاريخ العالم"، لكنها لم تكن سوى دقيقة. بعد أن أخذت الطبيعة بضعة أنفاس قليلة تجمد الجرم السماوي، وكان على الحيوانات الذكية أن تموت.
نحن الحيوانات الذكية، الذين ابتكرنا الإدراك، عرفنا الزمن أيضًا ، زمننا وزمن العالم، وعرفنا في المقام الأول الفرق بين الزمنيين. يُرغمنا هذا الفرق على الاعتراف بأننا كما نحن في المكان كذلك في الزمن أيضًا، لسنا سوى ذرة ضئيلة، مجرد ذرة لحظة. نحن كائنات لحظية، غير أننا نستطيع أن نمضي في تفكيرنا إلى فترات زمنية ضخمة. وهذا وحده يعطينا شيئًا من الرفعة ونوعا من الكرامة؛ لأن الكل الضخم لزمن العالم يتوازن، أشبه بهرم مقلوب على قمة ذكاء يُجري حساباته مع اللانهائي، على الرغم من أنه هو نفسه نهائي. فالطبيعة لم تهبه إلا بضعة أنفاس قليلة.
زمن الحياة محدود. لكن كيف تسير الأمور مع زمن العالم هل هو محدود أيضًا؟ هل من المحتمل ألا يكون هو أيضًا سوى شيء ناشئ بدأ ذات يوم، وسوف يتوقف يوما ما ؟ أم هو بلا بداية أو نهاية، مجردة مدة أو فترة مقارنة بالأحداث التي تحدث ولها بداية ونهاية؟ في هذه التساؤلات تورط الفكر سلفا في العصور الإغريقية القديمة.
في الأساطير الإغريقية كان يظن أن الزمن بلا بداية خلافا للآلهة التي لها في قصص نشوئها بداية في الزمن. إنها ليست متحكمة بالزمن أو خالقة له بل هي تخضع له يروي هزيود Hesiod تاريخ بدايتها الصاخب غايا Gaia الأرض) ذات الصدر العريض حملت من إيروس Eros وأنجبت أورانوس Uranos (السماء) الذي تزوج بعد ذلك أمه وأنتج جيل الآلهة التالي، الأورانيد (die Uraniden من بينهم أوقيانوس Okanos وكرونوس Kronos . وهذا أنجب من أخته جيلاً آخر من الآلهة من بينهم زيوس Zeus ( يعادله في الميثولوجيا الرومانية جوبيتر الذي صادفناه في الفصل حول الهموم. إلا أنه خشي من نسله فالتهمه. في التراث تختلط صورة كرونوس Kronos الذي يلتهم أطفاله مع كرونوس Chronos إله الزمن. من هنا كانت الصورة المروعة للزمن الذي يلتهم كل شيء. ينطبق على آلهة اليونان أنها نشأت ذات يوم، لكنها لن تغرب في أي يوم. إنها تستطيع النظر إلى المستقبل؛ فهي تعرف مثلاً أن أخيل سوف يسقط، إلا أنها لا تستطيع منع ذلك من الحدوث. فهي لا تتربع على عرش زمن العالم خالدةً، كما هي، بل تخضع له. الزمن الذي تفعل فيه الآلهة يتخطاها، إنه جزء من الأبيرون جزء من اللانهائي واللامحدود.
لم يكن زمن عالم بلا حدود يحتاج إلى ما يثير القلق، طالما كان متصلاً بالزمن الدوري. يكبح الدوري الفزع المحتمل من خطية لا نهائية يكون فيها كل حدث فريداً لا يتكرر، ويختفي كما لو أنه لم يحصل أبدا . على العكس، يقدم الدوري الشعور بالاستمرارية في الزمن، ويُعد حتى يومنا هذا جزءًا من خبراتنا الأولية: فصول السنة المتكررة، دورات الشمس والقمر - بما فيها "تيارات" المد والجذر التي تنتج منها - ودورات الحياة النباتية. بها استرشد المرء في المجتمعات الزراعية، حيث كانت عمليات الطبيعة تُحدد إيقاع البذار والحصاد والصيد وصيد الأسماك، وتُكون مع الأعراف والطقوس الاجتماعية المتوافقة معها نوعًا من زمن عضوي. يرفع ساكن المدن الراهن في غضون ذلك، على نحو رومانطيقي شأن الزمن العضوي. مع ذلك، فحيثما يعايش المرء هذا الزمن الدوري العضوي - ولو بصورة متخلفة فحسب - يمكنه أن يدعم الوعي الواقع تحت الشدة في مواجهة الزمن الخطي الذي ينقضي بلا رجعة. الأمر بالمناسبة، كما لو أن نشاط الزمن الاجتماعي يبدو في الحال أقرب إلى التململ الهزلي، عندما يظهر المرء ولو لمجرد فترة قصيرة في الزمن العضوي أفق الزمن الدوري يُحرر من المأسوي، ويُهدئ الهيستيريائيين. في كل الأحوال، يمنح الزمن الدوري زمن العالم سمة عضوية، ويلائم تماما تزمين زمن الحياة وزمن العالم ولاسيما أن إيقاع الجسد الخاص منظم دوريًا أيضًا.
ظهر تاريخيًا مع المسيحية فهم جديد كليا لزمن العالم. كان الحديث سابقًا عن إدارته لتاريخ الخلاص، وعن الانتظار، وعن الفكرة الثابتة بأن الزمن يغدو محدوداً مع ما يتصل بذلك من محظورات تضييع الوقت وتبديده. في هذا السياق، يتعلق الأمر بالمسار الذي يكشف عند محاولة إثبات بطلان زمن العالم في أفق الحاضر الإلهي البنية العميقة لتجربة الزمن بوضوح لا نظير لـه من قبل. يحدث هذا في الفصل الحادي عشر من السيرة الذاتية لأوغسطين، هذا النص الأساسي في الفكر الغربي حول الزمن الذي سبق واستشهدنا به مراراً ."
رابط تحميل الكتاب