تحميل وتصفح كتاب فكرة التاريخ عند العرب من الكتاب إلى المقدمة للكاتب طريف الخالدي - أونلاين بصيغة إلكترونية online PDF
معلومات عن الكتاب :
إسم الكتاب : فكرة التاريخ عند العرب من الكتاب إلى المقدمة.
المؤلف : طريف الخالدي.
الناشر : دار النهار للنشر.
تاريخ النشر : 01/01/1992.
حجم الملف : 9.06 ميجا بايت.
صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).
Ebook download PDF
مقتطف من الكتاب :
"التاريخ القبلي: علم الأنساب
يبدو أن العناية بالنَّسب لم تزل شائعة عند العرب منذ أقدم العصور. فالأنساب تشكّل جزءاً كبيراً من المنقوشات الصفائية التي ترقى إلى قرابة القرن الأوّل قبل الميلاد والتي عثر عليها في شمال الأردن. ومن أدل هذه المنقوشات على ذلك ما يلي :
لهانئ بن ظنئيل بن أحلام بن منثيل بن شمق بن ربن بن حمية بن صب بن دهمل بن جميل بن طهرة بن ها - ياسر بن بحيش بن ضيف.
والأرجح أن هذه الأنساب كانت موضع اهتمام بالغ وكان الخالف يتوارثها بعناية عن السالف. وهي تنتمي إلى العالم نفسه الذي أنتج بعد مدة غير مديدة نسباً كالذي نجده في مستهل إنجيل متى، كما أنها تردد، ولا شك صدى اهتمام قديم جداً في الشرق الأدنى. غير أن النسب لم يكن مجرَّد اهتمام قبلي أو مجتمعي، لأنه كان يمتد إلى الخيل موحياً بفروسية تداعيات الموضوع. والأولى، إجمالاً، أن ينظر إلى النسب باعتباره مبدأ تنظيمياً، أو أداة معرفية تروي التاريخ بترتيبه في بنية تشبه شجرة العائلة. ثانياً يبرز النسب الفحول من الناس والخيل، علماً بأن من معاني الفحولة إنتاج النسل». وهكذا نجد أن النسب، بما هو مبدأ تنظيمي، لا يبتعد كثيراً عن الطبقات ما خلا أمرين وهما أن الطبقات تتعلق كلياً بالمسلمين والبشر بينما النسب لا يختص بذلك وللطبقات بنية دينية وموضوعية من حيث السابقة والموطن بينما النسب غابة من أشجار العائلة المصفوفة تبعاً للقبيلة.
ويعرض القرآن في الآية ۱۰۱ من سورة المؤمنون، الصورة التالية لأهوال يوم الحشر :
فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون.
قد لا يوجد صورة أبلغ من هذه لتطبع في أذهان جمهور العرب القبلي فكرة انحلال العلاقات الاجتماعية انحلالاً تاماً. كان لتلك الأنساب شأن خطير في السياسة القبلية بحيث إن فقدان الاهتمام بالنسب كان يعني نهاية الحياة السياسية وكل تفاعل اجتماعي هذه الصورة لتلاشيء كل روابط النسب وكل اهتمام بها تكمل غيرها من صور اليوم الآخر الذي لا بيع فيه ولا خلال المقصود بها الإعراب عن توقف كل الأنشطة . وسواء أكان محمد نفسه قد نهى عن الإفراط في تحري النسب أم لا، ومن شأن سيرته أن توحي بنفوره من المفاخرة القبلية، فإن علم الأنساب لم يحتل موقعاً مريحاً داخل العلوم
التاريخية في الإسلام. ولذلك أسباب منها أن هذا العلم لا معنى له
عند الموالي من غير العرب ولا في بيئة حضرية باطراد. ومن أسباب ذلك أيضاً أن الأرستقراطية القبلية العربية التي شكلت أهم أبطال النسب ورعاته، فقدت معظم نفوذها السياسي والعسكري في أوائل الخلافة العباسية والواقع أنه في تلك الفترة بلغ علم الأنساب، من حيث هو من العلوم التاريخية، درجة رفيعة من التطور، حتى غدا كأنه توكيد للهوية العربية في إمبراطورية تتزايد فيها القوميات تنوعاً. ومع ذلك فقد كان النبي عربياً من الأقحاح وقد تم التوصل إلى صيغة تسوية : لا بدَّ من الإلمام بشيء من النسب من أجل معرفة نسب محمد ومن أجل غايات الزواج والمواريث ولكن أكبر كتب النسب ظهرت تحديداً عندما لم يعد للأرستقراطية العربية يد في حكم الإمبراطورية الإسلامية. وربما جاز للمتأمل أن يعتبر تلك الكتب بمثابة نقش على ضريح عرب الجاهلية والإسلام على حد سواء.
أول تنظيم منهجي للنسب كان في أرجح الظن من عمل فريق كلبي النسب كوفي الدار مكوّن من أب وابن متحدرين من عائلة أرستقراطية امتدت من الجاهلية إلى الإسلام والابن هشام بن محمد (توفي سنة ٢٠٤ أو ۸۱۹/۲۰٦ أو (۸۲۱) المعروف بابن الكلبي، هو، فيما يبدو، الذي وضع على نحو مسهب ضعيف الترتيب كتلة المواد التي كان أخذها عن والده وشيوخه. ولا يُعرف إلا القليل عن حياة هشام الذي سرعان ما غدا المرجع الذي يرجع إليه في أنساب العرب ويقتبس منه في المصادر. وقد مال علماء الحديث إلى اطراحه واعتباره مجرد صاحب نوادر أو أسوأ. ولا يبعد أن يكون لما رمي به من ميل إلى التشيع يد في إهماله من قبل أصحاب مؤسسة الحديث السني الهائلة والمتزايدة الشأن ولكن من الجائز أيضاً أن تكون الكوفة في أوائل خلافة بني العباس قد حافظت على تقاليد الفخر بالنسب العربي التي باتت تعد تافهة أو حتى تخريبية في نظر الدولة الجديدة ذات الطموحات الإسلامية الجامعة. لقد أضحت الكوفة معقل القضايا الخاسرة وفي طليعة تلك القضايا قضية التشيع لعلي وقضية النسب العربي."
رابط تحميل الكتاب
